للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ذلك فلطم وجه اليهودى، فذهب اليهودى إلى النبى صلّى الله عليه وسلم، فأخبره ما كان من أمره، وأمر المسلم، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم: «لا تخيرونى على موسى عليه السلام فأن الناس يصعقون (١) يوم القيامة فأكون فى أول من يفيق فإذا موسى عليه السلام باطش (٢) بجانب العرش فلا أدرى أكان فيمن صعق فأفاق قبلى، أم كان مما استثنى الله عز وجل». رواه عبدان بن الفضل، عن الأعرج.

(٣ - ٩١٠) أخبرنا أبو محمد، ثنا محمد بن يحيى بن إبراهيم، ثنا أبى نحوه.


= كونه أكرم البشر وأفضل الأنبياء، فما معنى الأحاديث الواردة بنهيه عن التفضيل؟ كقوله لا تفضلوا بين الأنبياء، وفى رواية لا تخيرونى على موسى.
فاعلم أن العلماء فى هذه الأحاديث تأويلات:
أحدها: أن نهيه التفضيل كان قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم فنهى عن التفضيل إذ يحتاج إلى توقيف، وأن من فضل بلا علم فقد كذب ..
الوجه الثانى: أنه قال صلّى الله عليه وسلم على طريق التواضع، ونفى التكبر والعجب، وهذا لا يسلم من الاعتراض ..
الوجه الثالث: ألا يفضل بينهم تفضيلاً يؤدى إلى تنقص بعضهم أو الغض منه.
الوجه الرابع: منع التفضيل فى حق النبوة والرسالة فإن الأنبياء فيها على حد واحد إذ هى شئ واحد لا يتفاضل وإنما التفاضل فى زيادة الأحوال والخصوص والكرامات والرتب والألطاف «الشفا للقاضى عياض» (٣٠٦/ ١ - ٣٠٨).
وزاد غيره وجها خامساً: أن التفضيل إذا كان على وجه الحمية والعصبية، وهوى النفس كان مذموماً ... فعلم أن المذموم إنما هو التفضيل على وجه الفخر «شرح الطحاوية» (ص ١٧٠).
«ووجوه أخرى ذكرها ابن حجر منها: إنما نهى عن ذلك من يقول برأيه لا من يقول بدليل أو من يقول بحيث يؤدى إلى تنقيص المفضول، أو يؤدى إلى الخصومه فضيلة فالإمام مثلاً إذا قلنا أنه أفضل من المؤذن لايستلزم نقص فضيلة المؤذن بالنسبة إلى الأذان.
راجع تفصيل الأقوال فى المرجع المذكور، وكذا راجع «تفسير القرطبى» (٢٦٢/ ٣)، «وتفسير ابن كثير» (٣٠٤/ ١)، «تأويل مختلف الحديث» (٧٩).
(١) يصعقون: الصعق: أن يغشى على الإنسان من صوت شديديسمعه، وربمامات منه، ثم استعمل فى الموت كثيراً. «النهاية» (٣٢/ ٣).
(٢) باطش: أى: متعلق به بقوة. «النهاية» (١٣٥/ ١).

<<  <   >  >>