فاعلم أن العلماء فى هذه الأحاديث تأويلات: أحدها: أن نهيه التفضيل كان قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم فنهى عن التفضيل إذ يحتاج إلى توقيف، وأن من فضل بلا علم فقد كذب .. الوجه الثانى: أنه قال صلّى الله عليه وسلم على طريق التواضع، ونفى التكبر والعجب، وهذا لا يسلم من الاعتراض .. الوجه الثالث: ألا يفضل بينهم تفضيلاً يؤدى إلى تنقص بعضهم أو الغض منه. الوجه الرابع: منع التفضيل فى حق النبوة والرسالة فإن الأنبياء فيها على حد واحد إذ هى شئ واحد لا يتفاضل وإنما التفاضل فى زيادة الأحوال والخصوص والكرامات والرتب والألطاف «الشفا للقاضى عياض» (٣٠٦/ ١ - ٣٠٨). وزاد غيره وجها خامساً: أن التفضيل إذا كان على وجه الحمية والعصبية، وهوى النفس كان مذموماً ... فعلم أن المذموم إنما هو التفضيل على وجه الفخر «شرح الطحاوية» (ص ١٧٠). «ووجوه أخرى ذكرها ابن حجر منها: إنما نهى عن ذلك من يقول برأيه لا من يقول بدليل أو من يقول بحيث يؤدى إلى تنقيص المفضول، أو يؤدى إلى الخصومه فضيلة فالإمام مثلاً إذا قلنا أنه أفضل من المؤذن لايستلزم نقص فضيلة المؤذن بالنسبة إلى الأذان. راجع تفصيل الأقوال فى المرجع المذكور، وكذا راجع «تفسير القرطبى» (٢٦٢/ ٣)، «وتفسير ابن كثير» (٣٠٤/ ١)، «تأويل مختلف الحديث» (٧٩). (١) يصعقون: الصعق: أن يغشى على الإنسان من صوت شديديسمعه، وربمامات منه، ثم استعمل فى الموت كثيراً. «النهاية» (٣٢/ ٣). (٢) باطش: أى: متعلق به بقوة. «النهاية» (١٣٥/ ١).