للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القاضى، عن أبى يوسف القاضى، أنه قال: ليس التوحيد بالقياس، ألم تسمع إلى قول الله عز وجل فى الآيات التى يصف بها نفسه إنه عالم قادر قول (مالك) ولم (إنى) قادر عالم لعلّة كذا أقدر، وبحسب كذا أعلم، وهذا المعنى أملك (١)، فلذلك لا يحق القياس فى التوحيد، ولا يعرف إلا بأسماءه، ولا يوصف إلا بصفاته، وهو قد قال فى كتابه: {يا أَيُّهَا النّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ٢١] الآية، وقال: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ} [الأعراف: ١٨٥]، وقال: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النّاسَ} [البقرة: ١٦٤] الآية قالَأبو يوسف: لم يقل الله عز وجل انظر كيف أَنا العالم، وكيف أنا القادرِ، وكيف أنا الخالق، ولكن قال: انظر كيف خلقت، ثم قال: {وَاللهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفّاكُمْ} [النحل: ٧٠]، وقال: {وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: ٢١] إنما تعلم أن هذه الأشياء لها رب يقلبها ويبديها ويعيدها، وأن مكون ذلك من كونك، وإنما دل الله عز وجل خلقه بخلقه ليعرفوا أن لهم ربا يعبدوه، ويطيعوه ويوحدوه، وليعلموا أنه مكونهم لا هم كانوا، ثم سمى فقال أنا الرحمن الرحيم، وأنا الخالق، وأنا القادر، وأنا الملك، أى: هذا الذى كونكم يسمى الملك القادر الله الرحمن الرحيم بها يوصف، ثم قال أبو يوسف: يعرف الله بآياته، وبخلقه، ويوصف بصفاته، ويسمى بأسمائه، كما وصف كتابه، وبما أدى إلى الخلق رسوله، ثم قال أبو يوسف: إن الله عز وجل خلقك وجعل فيك آلات وجوارح (عجز) بعض جوارحك (عن) بعض، وهو ينقلك عز وجل إلى حال لتعرف أن لك ربا (كونك) وجعل فيك نفسك حجة بمعرفته يتصرف فى خلقه، ثم وصف نفسه فقال: (أنا الرب)، وأنا الرحمن، وأنا الله، وأنا القادر، وأنا الملك، فهو يوصف بصفاته، ويسمى (بأسمائه) قال الله تعالى: {قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى} [الاسراء: ١١٠]، {وَلِلّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ} [الأعراف: ١٨٠]، وقَال: {لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: ٢٤]، فقد أمرنا الله أن نوحده، وليس التوحيد بالقياس (لأن القياس) (٢) فى شئ له شبه ومثل، تعالى وتقدّس لا شبه له، ولا مثل


(١) هكذا فى الأصل والكلام يبدو غير مستقيم.
(٢) التصحيح الذى بين الأقواس من «الحجة فى بيان المحجة».

<<  <   >  >>