الأَنْصَاريّ، أنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت، أنا أبو الحسن عليّ بن عبد الملك بن شبابة، أنا أبو العبَّاس أحمد بن محمد بن إسحاق الرَّازِيّ، ثنا أحمد بن محمد بن مهدي، نزيل قَزْوِين بالري، ثنا الحسين بن عمرو المَرْوَزِيّ ببغداد، ثنا مُقَاتِل بن صالح الخُرَاسَانِي بمكة قال: دخلت على حَمَّاد بن سَلَمَة فإذا ليس في البيت إلَّا حصير، وهو جالس عليه، ومصحف يقرأ فيه، وجرابٌ فيه علمه، ومطهرة يتوضأ فيها.
فبينا أنا عنده جالس إذ دقّ داق البابَ فقال: يا صَبِيَّة، اخرجي، فانظري من هذا. قالت: هذا رسول محمد بن سُلَيْمَان. قال: قولي له يدخل وَحْده. فدخل فسلَّم وناوله كتابه، فقال: اقرأه. فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد بن سُلَيْمَان، إلى حَمَّاد بن سَلَمَة، أمَّا بعد .. فصبحك الله بما صبّح به أولياءه، وأهل طاعته، وقعت مسألة، فائْتِينَا نسألك عنها. قال: يا صبية، هَلُمّي الدواة. ثمَّ قال لي: اقلب الكتاب، اكتب: أمَّا بعد: وأنت فصبحك الله بما صبح به أولياءه من أهل طاعته، إنا أدركنا العلماء وهم لا يأتون أحدًا، فإن وقعت مسألة فَأْتِنَا فَسَلْنا عما بدا لك، وإن أتيتني فلا تأتني إلَّا وحدك، ولا تأتني بخيلك ورجلك، فلا أنصحك، ولا أنصح نفسي، والسلام.
فبينا أنا عنده جالس إذ دق داق الباب، فقال: يا صَبِيَّة، اخرجي، فانظري من هذا، قالت: هذا محمد بن سُلَيْمَان. قال: قولي له: ادخل. فدخل وحده، فسلم ثمَّ جلس بين يديه، فقال: ما لي إذا نظرت إليك امتلأتُ رُعْبًا؟ ! فقال حمَّاد: سمعت ثابتًا يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:"إن العالم إذا أراد بعلمه وجه الله هابه كل شيء، وإذا أراد أن يكنز به الكنوز هَاب من كل شيء". فقال: