فما تقول -يرحمك الله- في رجل له ابنان، وهو عن أحدهما أرضى، فأراد أن يجعل له في حياته ثلثي ماله؟ فقال: لا تفعل، رحمك الله، فإني سمعت ثابتًا البناني يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: سمعتُ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول:"إنَّ الله عزَّ وجلَّ إذا أراد أن يعذب عبدًا بماله وفقه عند موته لوصية جائرة". قال: فحاجة إليك. قال: هات، ما لم يكن رَزِيَّة في دين. قال: أربعين ألف درهم تأخذها، وتستعين بها على ما أنت عليه. قال: ارددها على من ظَلَمْته بها. قال: واللهُ ما أعطيك إلَّا ما ورثته قال: لا حاجة لي فيها، ازْوِهَا عني، زَوَي الله عنك أوزارك.
قال: فغير هذا؟ قال: هات، ما لم يكن رزية في دين. قال: تأخذها فتقسمها. قال: فلعلي إن عدلت في قسمتها أن يقول بعض من لم يرزق منها إنَّه لم يعدل في قسمتها، فيأثم، ازوها عني زوي الله عنك أوزارك.
وقال يحيى بن مَعِين: حديث حَمَّاد بن سَلَمَة في أول أمره وأخر أمره واحد.
أخبرنا محمد بن عبد الباقي، أنا أبو الحسن عليّ بن محمد الخطيب، أنا أبو الحسين عليّ بن محمد بن بِشْران، أنا الحسين بن صفوان، ثنا عبد الله بن محمد، حدَّثني أبو عبد الله التَّمِيمي، عن أبيه قال: رأيت حَمَّاد بن سَلَمَة في النوم فقلت: ما فَعَل بِك رَبُّك؟ قال: خيرًا. قلت: ماذا؟ قال: قيل لي: طالما كَدَدت نفسك، فاليوم أطيل راحتك، وراحة المتعوبين في الدُّنْيَا، بخٍ بخٍ، ماذا أعددتُ لهم؟ !
قال البُخَاري: قال سُلَيْمَان بن حرب: مات سنة سبع وستين ومئة.