أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب أبي العباس أحمد بن يحيى، قال إبراهيم الحربي لما صَنَّف أبو داود هذا الكتاب -يعني كتاب "السُّنن"-: أُلِيْن لأبي داود الحديث كما أُلِيْن لداود الحديد.
أخبرنا أبو طاهر السِّلَفي، أنبأ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي بهمدان، أنبأ أبو عمرو بن مَنْدَه قال: قال أبي أبو عبد الله بن مَنْدَه: الذين أخرجوا وميَّزوا الثابت من المَعْلُول، والخطأ من الصواب أربعة: أبو عبد الله البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجَّاج، وبعدهما أبو داود السجستاني، وأبو عبد الرحمن النَّسائي.
أخبرنا أبو طاهر السِّلَفي، أنبأ أبو الفضل المقدسي، أنبأ أبو بكر أحمد ابن علي الشيرازي، أنبأ أبو عبد الله الحاكم في كتابه قال: سمعت الزبير ابن عبد الله بن موسى يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن مَخْلَد يقول: كان أبو داود يفي بمذاكرة مئة ألف حديث، ولما صَنَّف كتاب "السنن" وقرأه عليه الناس؛ صار كتابه لأصحاب الحديث، كالمُصْحَف يَتَّبِعُونهُ ولا يُخَالِفُونه، وأقرَّ له أهل زمانه بالحِفْظ والتَّقدُّم فيه.
وقال محمد بن صالح الهاشمي: ثنا سليمان بن الأشعث قال: أقمت بطرسوس عشرين سنة أَكْتُبُ المسند، فكتبت أربعة آلاف، ثم نظرت فإذا مدار الأربعة الآلاف على أربعة أحاديث لمن وفقه الله تعالى، فأولها: حديث النُّعمان: "الحلال بيِّن والحرام بيِّن"، وثانيها: حديث عمر: "إنما الأعمال بالنيات"، وثالثها: حديث أبي هريرة: "إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا"، ورابعها: حديث أبي هريرة: "من حُسْنِ إسلام المرء تركهـ ما لا يعنيه".