وقال عبد الله بن علي بن المديني: وجَدْتُ في كتاب أبي بخَطِّ أبي: صالح بن بشير بن وداع بن أبي الأقعس، من الأقاعسة من ولد عامر بن حنيفة، وأعتَقَت صالح المري امرأة من بني حنيفة بن حارثة بن مُرَّة، وأم صالح مَيْمونة امرأة خراسانية، وإنما صار صالح بن بشير؛ لأنه كان في كُتَّاب رجل من كندة، وكانت أم صالح ميمونة أمة للمرأة المُرِّية، تزوجها بشير بن وداع وهو عربي حنفي، فولدت له صالحًا، فكان مملوكًا لهذه المرأة، فقاتل صالحٌ وهو صبيٌّ، وهو في كتاب له ذؤابة صبيًّا، فجاء أبو الصبي يتفقده، وقال لصالح: يا عبد يا خبيث، فمد ذؤابته حتي أدماها، فذهب وهو يبكي فأخبر مولاته فقالت: اذهب وأنت وأخوك حُرَّيْن لوجه الله، وصار ولاؤه للمرأة المُرّية، فقدم أبوه بشير فاشتد عليه حين صار ابنه مولى للمرأة المُرّية، وطلب ميمونة، أُراه قال: اشتريها، فأتت المرأة وقالت: لا يملكها أحد غيري، فأعتقتها، فصالحٌ مولى المرأة المُرّية وأبوه بشير عربي.
مات سنة سبع وسبعين ومئة.
وقال محمد بن سعد: قال عبد الرحمن: كنت أذكر صالح المري لسفيان الثَّوْريّ فيقول: القصيص، فكأنه يكرهه وكان إذا كانت له حاجة بَكَّر فيها، قال فبكَّر يومًا وبكَّرت معه، فجعلت طريقنا على مسجد صالح المري، فقلت: يا أبا عبد الله، ندخل فنصلي في هذا المسجد، فدخل فصلينا وكان يوم مجلس صالح، ورأيت سفيان يبكي بكاءً شديدًا، فلما فرغ وقام، قلت: يا أبا عبد الله، كيف رأيت هذا الرجل؟ قال: ليس هذا بقاص، هذا نذير قوم.