وَالتَّمَاسُكِ وَيَفْتَرِقَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ فِي أَنَّهُ فِي الْبَيْعِ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ أَوْ بَعْضِهِ وَفِي النِّكَاحِ تَرْجِعُ بِالْقِيمَةِ أَوْ بَعْضِهَا هَذَا حُكْمُ الْجُزْءِ الشَّائِعِ أَمَّا اسْتِحْقَاقُ الْمُعَيَّنِ فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا أَيْ فَوْقَ النِّصْفِ وَجَبَ رَدُّ الْبَاقِي فِي الْبَيْعِ وَخُيِّرَتْ الْمَرْأَةُ فِي النِّكَاحِ فِي رَدِّ الْبَاقِي وَتَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْجَمِيعِ أَوْ التَّمَاسُكِ بِهِ وَتَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ وَيَفْتَرِقُ النِّكَاحُ مِنْ الْبَيْعِ فِيمَنْ تَزَوَّجَ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ أَوْ عَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ فَاسْتُحِقَّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ وَفِي بَيْعِ السِّلْعَةِ بِالسِّلْعَةِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ إحْدَاهُمَا أَوْ رُدَّتْ بِعَيْبٍ وَلَمْ تَفُتْ الْأُخْرَى فَإِنَّ الْبَيْعَ يَنْفَسِخُ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ (كَالْبَيْعِ) خَبَرٌ عَنْ قَوْلِهِ وَضَمَانُهُ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ عَلَى تَسَامُحٍ فِي بَعْضِهَا كَمَا مَرَّ ذَلِكَ.
(ص) وَإِنْ وَقَعَ بِقُلَّةِ خَلٍّ فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ فَمِثْلُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ إذَا وَقَعَ بِقُلَّةِ خَلٍّ بِعَيْنِهَا حَاضِرَةٍ مُطَيَّنَةٍ فَإِذَا هِيَ خَمْرٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى لِلزَّوْجَةِ بِمِثْلِ خَلِّهَا لَا بِقِيمَتِهِ، وَالنِّكَاحُ ثَابِتٌ كَمَنْ تَزَوَّجَتْ بِمَهْرٍ فَوَجَدَتْ بِهِ عَيْبًا فَمِثْلُهُ إنْ وُجِدَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَفِي الْبَيْعِ يُفْسَخُ، وَعَكْسُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لَوْ تَزَوَّجَ بِقُلَّةِ خَمْرٍ فَإِذَا هِيَ خَلٌّ ثَبَتَ النِّكَاحُ إنْ رَضِيَاهُ أَيْ بِالْخَلِّ كَنَاكِحٍ عَلَى أَنَّهَا فِي الْعِدَّةِ فَظَهَرَ انْقِضَاؤُهَا ثَبَتَ النِّكَاحُ وَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ هِيَ الْعَيْنُ الْمُشْتَرَاةُ، وَإِنَّمَا ظَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ اللَّهِ بِهَا فَبَانَ خِلَافُهُ وَفِي الْأُولَى هِيَ تَقُولُ لَمْ أَشْتَرِ مِنْك خَلًّا إنْ كَرِهَتْ وَهُوَ يَقُولُ لَمْ أَبِعْك خَلًّا إنْ كَرِهَ فَفُرِّقَ بَيْنَ الْعَقْدِ عَلَى مَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّهُ حَرَامٌ لِعَيْنِهِ وَبَيْنَ مَا يَعْتَقِدَانِ أَنْ حُرْمَتَهُ لِأَمْرٍ عَارِضٍ لَهُ
(ص) وَجَازَ بِشُورَةٍ (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ كَالْمُسْتَثْنَى مِنْ قَوْلِهِ الصَّدَاقُ كَالثَّمَنِ إذْ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ ثَمَنًا وَأَوْسَعُ مِنْ بَابِ النِّكَاحِ فِي الْغَرَرِ بَابُ الرَّهْنِ إذْ فِيهِ جَوَازُ رَهْنِ الْعَبْدِ الْآبِقِ وَلَا يَجُوزُ رَهْنُ الْجَنِينِ وَأَوْسَعُ مِنْ بَابِ الرَّهْنِ فِي الْغَرَرِ بَابُ الْخُلْعِ وَبَابُ الْهِبَةِ؛ إذْ يَجُوزُ فِيهِمَا هِبَةُ الْجَنِينِ وَأَنْ تُخَالِعَهُ عَلَى الْجَنِينِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ عَلَى الشُّورَةِ أَيْ عَلَى شُورَةِ بَيْتٍ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ
(ص) أَوْ عَدَدٍ مِنْ كَإِبِلٍ أَوْ رَقِيقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّكَاحَ يَجُوزُ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الْإِبِلِ فِي الذِّمَّةِ غَيْرِ مَوْصُوفٍ أَوْ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الْبَقَرِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الْغَنَمِ كَذَلِكَ أَوْ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الرَّقِيقِ كَذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ النِّكَاحُ عَلَى عَدَدٍ مِنْ الشَّجَرِ فِي الذِّمَّةِ، وَلَوْ وُصِفَتْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَاشِيَةِ وَالشَّجَرِ أَنَّ الشَّجَرَ فِي الذِّمَّةِ يَقْتَضِي وَصْفَهَا نَصًّا أَوْ عُرْفًا وَوَصْفُهَا يَسْتَدْعِي وَصْفَ مَكَانِهَا فَيُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ كَمَا ذَكَرُوهُ فِي مَنْعِ الصَّدَاقِ عَلَى بَيْتٍ يَبْنِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى وَصْفِ الْبِنَاءِ وَالْمَوْضِعِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ.
(ص) أَوْ صَدَاقِ مِثْلٍ (ش) يَعْنِي
ــ
[حاشية العدوي]
أَيْ وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ وَقَوْلُهُ أَوْ مَا فِيهِ ضَرَرٌ أَيْ وَهُوَ الثُّلُثُ فَدُونَ الَّذِي فِيهِ ضَرَرٌ وَقَوْلُهُ فَيَلْزَمُ الْبَاقِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ هَذَا فِي الْبَيْعِ، وَأَمَّا فِي الصَّدَاقِ فَيَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ مِنْ أَنَّ الثُّلُثَ مِنْ حَيِّزِ الْكَثِيرِ وَسَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ فِي الدَّارِ فَإِنْ كَانَ الثُّلُثَ فَأَكْثَرَ فَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي بَيْنَ الرَّدِّ وَأَخْذِ جَمِيعِ ثَمَنِهِ وَالتَّمَسُّكِ بِالْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ فِي الْكَثِيرِ كَالثُّلُثِ فَأَكْثَرَ مُطْلَقًا انْقَسَمَ أَمْ لَا اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ أَمْ لَا كَأَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ إنْ لَمْ يَنْقَسِمْ وَلَمْ يُتَّخَذْ لِلْغَلَّةِ فَإِنْ انْقَسَمَ أَوْ اُتُّخِذَ لِلْغَلَّةِ فَيَلْزَمُهُ الْبَاقِي بِمَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ.
(قَوْلُهُ: وَيَفْتَرِقَانِ فِي كَيْفِيَّةِ الرُّجُوعِ) رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ الْمُشَارِ لَهُمَا بِقَوْلِهِ فَمَتَى اُسْتُحِقَّ وَقَوْلُهُ وَيَسْتَوِيَانِ أَيْضًا. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا اسْتِحْقَاقُ الْمُعَيَّنِ) كَمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مُتَعَدِّدًا وَاسْتُحِقَّ بَعْضُهَا الْمُعَيَّنُ. (قَوْلُهُ: أَيْ فَوْقَ النِّصْفِ) وَأَمَّا النِّصْفُ فَيُخَيَّرُ فَإِنْ كَانَ الْبَاقِي أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ لَزِمَ الْبَاقِي بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. (قَوْلُهُ: وَخُيِّرَتْ الْمَرْأَةُ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا كَانَ النِّصْفُ فَأَقَلَّ يَتَعَيَّنُ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْمُسْتَحَقِّ.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَرْضٍ) أَيْ مُعَيَّنٍ أَوْ مَوْصُوفٍ وَقَوْلُهُ فَلَا يَنْفَسِخُ النِّكَاحُ بَلْ تَرْجِعُ بِمِثْلِ الْمِثْلِيِّ وَمِثْلِ الْمُقَوَّمِ الْمَوْصُوفِ وَقِيمَةِ الْمُقَوَّمِ الْمُعَيَّنِ وَقَوْلُهُ وَغَيْرِهِ إشَارَةٌ لِلْمَعْدُودِ، وَالْمَكِيلُ وَالْمَوْزُونُ وَالْمَعْدُودُ أَقْسَامُ الْمِثْلِيِّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمِثْلِيَّ مَا حَصَرَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ أَوْ عَدَدٌ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُسْتَحَقَّ كُلُّ الْمِثْلِيِّ أَوْ بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ: وَفِي بَيْعِ السِّلْعَةِ بِالسِّلْعَةِ) أَيْ الْمُقَوَّمَتَانِ الْمُعَيَّنَتَانِ.
وَأَمَّا الْمِثْلِيَّانِ الْمُعَيَّنَانِ إذَا اُسْتُحِقَّ أَحَدُهُمَا أَوْ وُجِدَ مَعِيبًا فَهَلْ الْبَيْعُ يَنْفَسِخُ فَحِينَئِذٍ يُرَادُ بِالسِّلْعَةِ مَا يَشْمَلُ الْمُقَوَّمَ وَالْمِثْلِيَّ أَوْ غَيْرُهُ يَقُومُ مَقَامَهُ
(قَوْلُهُ: وَفِي الْبَيْعِ يُفْسَخُ) أَيْ حَيْثُ وَقَعَ عَلَى عَيْنِهِ وَقَدْ تَحَيَّرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي تَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ فَتَحَهَا فَلَا الْتِبَاسَ وَإِنْ لَمْ يَفْتَحْهَا فَهُوَ فَاسِدٌ وَكَأَنَّهُ مَا وَقَفَ عَلَى مَا فِي السَّمَاعِ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ قِلَالِ الْخَلِّ إذَا كَانَ فَتْحُهَا يُفْسِدُهَا أَوْ رَأَيَاهَا فَظَنَّاهَا خَلًّا وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُخَالِفُ الْبَيْعَ فَإِنَّهُ سَيَأْتِي وَعَدَمُ حُرْمَةٍ وَلَوْ لِبَعْضِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ رَضِيَاهُ) وَأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ رِضًا فَيُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا. (قَوْلُهُ: كَنَاكِحٍ) تَشْبِيهٌ فِي مُطْلَقِ الثُّبُوتِ وَإِنْ اخْتَلَفَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ فِي الْمُشَبَّهِ لَا يَكُونُ إلَّا بِرِضَاهُمَا بِالْخَلِّ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فِي الْعِدَّةِ فَيَثْبُتُ بِدُونِ الرِّضَا. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ) أَيْ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُعْتَدَّةَ كَالذَّاتِ الْمُشْتَرَاةِ بِالصَّدَاقِ أَوْ عِصْمَتِهَا وَقَوْلُهُ وَفِي الْأُولَى هِيَ مَا إذَا دَخَلَا عَلَى أَنَّهُ خَمْرٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ خَلٌّ.
(قَوْلُهُ: بِشُورَةٍ) بِفَتْحِ الشِّينِ وَضَمِّهَا جِهَازُ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: شُورَةِ بَيْتٍ) أَيْ جِهَازِ بَيْتٍ إنْ كَانَ مَعْرُوفًا أَيْ إنْ كَانَ مَا يُشَاوَرُ بِهِ مَعْرُوفًا فَلَيْسَ الْمُرَادُ بَيْتًا مُعَيَّنًا
. (قَوْلُهُ: يَقْتَضِي وَصْفُهَا نَصًّا أَوْ عُرْفًا) أَمَّا النَّصُّ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْعُرْفُ بِأَنْ اُعْتِيدَ عِنْدَهُمْ أَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى شَجَرٍ يُغْرَسُ لَهَا فِي الْمَوْضِعِ الْفُلَانِيِّ بِصِفَةِ كَذَا وَكَذَا. (قَوْلُهُ: فَيُؤَدِّي إلَى السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ) أَيْ وَهُوَ لَا يَجُوزُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى بَيْتٍ يَبْنِيهِ) ظَاهِرُهُ كَانَ فِي مِلْكِهِ أَوْ مِلْكِ الْغَيْرِ وُصِفَ أَوْ لَا وَهُوَ مُقْتَضَى التَّعْلِيلِ بِكَوْنِهِ يُؤَدِّي إلَى