أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يَصْدُقَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا، وَقَوْلُهُ (وَلَهَا الْوَسَطُ حَالًّا) رَاجِعٌ لِلْمَسَائِلِ الْأَرْبَعِ وَهِيَ الشُّورَةُ وَمَا بَعْدَهَا فَإِنْ كَانَتْ حَضَرِيَّةً فَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ شُورَةِ مِثْلِهَا فِي الْحَاضِرَةِ أَوْ بَدَوِيَّةً فَالْوَسَطُ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ وَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَسَطِ إلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ بِاعْتِبَارِ الرَّغْبَةِ فِي الْأَوْصَافِ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي صَدَاقِ الْمِثْلِ مِنْ الْجَمَالِ وَالْحَسَبِ.
(ص) وَفِي شَرْطِ ذِكْرِ جِنْسِ الرَّقِيقِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى عَدَدٍ مِنْ الرَّقِيقِ فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَذْكُرَ صِنْفَهُ تَقْلِيلًا لِلْغَرَرِ كَبَرْبَرِيٍّ مَثَلًا، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ ذَلِكَ فُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِصَدَاقِ الْمِثْلِ، وَقِيلَ بِالْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ أَوْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الصِّنْفِ مِنْ الرَّقِيقِ وَتُعْطَى مِنْ الْوَسَطِ الْأَغْلَبِ إنْ كَانَ ثَمَّ أَغْلَبُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَغْلَبُ وَثَمَّ صِنْفَانِ أُعْطِيت مِنْ وَسَطِ كُلِّ صِنْفٍ نِصْفَهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْأَصْنَافُ ثَلَاثَةً أُعْطِيت مِنْ وَسَطِ كُلِّ صِنْفٍ ثُلُثَهُ وَهَكَذَا فَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ كَمَا مَرَّ لَا حَقِيقَةُ الْجِنْسِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْجِنْسَ عَيْنٌ؛ لِأَنَّهُ قَالَ أَوْ عَدَدٌ مِنْ كَإِبِلٍ فَتَعْيِينُ الْجِنْسِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (ص) وَالْإِنَاثُ مِنْهُ إنْ أَطْلَقَ (ش) عَطْفٌ عَلَى الْوَسَطِ أَيْ وَلِلْمَرْأَةِ الْإِنَاثُ خَاصَّةً مِنْ جِنْسِ الرَّقِيقِ إنْ أَطْلَقَ فِيهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِذُكُورٍ أَوْ إنَاثٍ قَالَ مَالِكٌ هُوَ شَأْنُ النَّاسِ فَالضَّمِيرُ فِي مِنْهُ لِلرَّقِيقِ فَلَا يُقْضَى بِالْإِنَاثِ مِنْ غَيْرِهِ حَيْثُ الْإِطْلَاقُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلرَّقِيقِ وَلِغَيْرِهِ.
(ص) وَلَا عُهْدَةَ (ش) أَيْ لَيْسَ لِلْمَرْأَةِ عَلَى الزَّوْجِ عُهْدَةٌ فِي رَقِيقِ النِّكَاحِ ثَلَاثَةً وَلَا سَنَةً كَمَا يَأْتِي مَعَ نَظَائِرَ فِي بَابِ الْخِيَارِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا عُهْدَةَ
ــ
[حاشية العدوي]
السَّلَمِ فِي الْمُعَيَّنِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مُحْرِزٍ غَيْرَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مِلْكِهِ وَوُصِفَ يَكُونُ جَائِزًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّجَرَ إذَا وُصِفَ كَذَلِكَ
. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَتْ حَضَرِيَّةً فَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ شُورَةِ مِثْلِهَا) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى جِهَازِ بَيْتٍ وَكَانَتْ حَضَرِيَّةً فَيُجَهِّزُهَا جِهَازَ وَسَطٍ مِنْ جِهَازِ الْحَاضِرَةِ فَإِذَا كَانَ جِهَازُ الْحَاضِرَةِ مَعْرُوفًا عَلَى أَوْصَافٍ ثَلَاثَةٍ فَيَلْزَمُهُ الْوَسَطُ مِنْ تِلْكَ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ فَإِذَا كَانَ عَلَى وَجْهٍ وَاحِدٍ فَاللَّازِمُ ذَلِكَ الْوَجْهُ الْوَاحِدُ فَإِذَا كَانَ عَلَى وَجْهَيْنِ فَلَمْ يَكُنْ وَسَطٌ فَالْغَالِبُ وَإِذَا لَمْ يَكُنْ غَالِبٌ فَالظَّاهِرُ نِصْفُ كُلٍّ. (قَوْلُهُ: وَلَهَا الْوَسَطُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ) قِيلَ وَسَطُ مَا يَتَنَاكَحُ بِهِ النَّاسُ وَلَا يُنْظَرُ إلَى كَسْبِ الْبَلَدِ وَقِيلَ وَسَطٌ مِنْ الْأَسْنَانِ مِنْ كَسْبِ الْبَلَدِ وَرَجَّحَهُ ج د ع ج ثُمَّ وَسَطُ الْأَسْنَانِ يَكُونُ مِنْهُ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ وَالْمُتَوَسِّطُ فَيُرَاعَى الْوَسَطُ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ لَهَا وَسَطُ الْوَسَطِ مِنْ الْأَسْنَانِ لَا أَعْلَى الْوَسَطِ وَلَا أَدْنَاهُ وَيُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْقِيمَةِ وَتُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ يَوْمَ الْعَقْدِ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ.
وَسَكَتَ الشَّارِحُ عَنْ الْوَسَطِ مِنْ الرَّقِيقِ وَالْمُرَادُ أَيْضًا الْوَسَطُ مِنْ السِّنِّ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ يَكُونُ مِنْهُ الْجَيِّدُ وَالرَّدِيءُ وَالْمُتَوَسِّطُ فَيُعْتَبَرُ الْمُتَوَسِّطُ فَإِذَا كَانَ فِي الْبَلَدِ بِيضٌ وَحَبَشٌ وَسُودٌ يُؤْخَذُ مِنْ الْأَغْلَبِ ثُمَّ يُعْتَبَرُ الْوَسَطُ فِي السِّنِّ وَفِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَغْلَبَ فَيُؤْخَذُ مِنْ جَمِيعِهَا بِالسَّوِيَّةِ وَيُعْتَبَرُ السِّنُّ وَالْجَوْدَةُ وَالرَّدَاءَةُ فَيُؤْخَذُ وَسَطُ الْوَسَطِ وَالْإِبِلِ إنْ كَانَتْ نَوْعًا وَاحِدًا فِي الْمَوْضِعِ كَبُخْتٍ أَوْ عِرَابٍ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ وَإِنْ كَانَتْ نَوْعَيْنِ كَبُخْتٍ وَعِرَابٍ فَيَجْرِي فِيهِمَا مَا جَرَى فِي الرَّقِيقِ إذَا كَانَ مِنْ نَوْعَيْنِ فَيُؤْخَذُ الْأَغْلَبُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَمِنْ كُلٍّ وَيُعْتَبَرُ الْوَسَطُ فِي السِّنِّ وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ عَلَى مَا تَبَيَّنَ. (قَوْلُهُ: إلَى صَدَاقِ الْمِثْلِ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِصَدَاقِ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارٍ) أَيْ كَائِنٍ بِاعْتِبَارٍ. (قَوْلُهُ: بِاعْتِبَارِ الرَّغْبَةِ فِي الْأَوْصَافِ الَّتِي تُعْتَبَرُ فِي صَدَاقِ الْمِثْلِ إلَخْ) . (قَوْلُهُ: مِنْ الْجَمَالِ وَالْحَسَبِ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ النَّسَبَ بِمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَامَتْ بِهِ تِلْكَ الْأَوْصَافُ وَيَرْغَبُ فِيهَا بِاعْتِبَارِهَا تَارَةً يَصْدُقُ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَتَارَةً بِتِسْعِينَ وَتَارَةً بِثَمَانِينَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ لَهَا تِسْعِينَ
. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) أَيْ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَأَمَّا غَيْرُهُ مِنْ إبِلٍ وَبَقَرٍ وَغَنَمٍ فَفِيهِ قَوْلَانِ أَيْضًا لَكِنَّ الْمُعْتَمَدَ مِنْهُمَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ بِكَثْرَةِ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ آحَادِ الرَّقِيقِ وَأَصْنَافِهِ بِخِلَافِ أَصْنَافِ غَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَقِيلَ بِالْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ) أَيْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ يُفْسَخُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَيَثْبُتُ بَعْدَهُ بِالْوَسَطِ مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ وَهَذَا الْقَوْلُ لِابْنِ عَرَفَةَ وَظَاهِرُ بَعْضِ الشُّرَّاحِ اعْتِمَادُهُ. (قَوْلُهُ: مِنْ ذَلِكَ الصِّنْفِ) الْأَوْلَى مِنْ ذَلِكَ الْجِنْسِ أَيْ جِنْسِ الرَّقِيقِ مَثَلًا وَالرَّقِيقُ يَنْقَسِمُ إلَى بَرْبَرِيٍّ وَحَبَشِيٍّ وَتُرْكِيٍّ فَالْوَسَطُ الْحَبَشِيُّ ثُمَّ يُعْتَبَرُ الْوَسَطُ فِي السِّنِّ وَفِي الْجَوْدَةِ فَيَكُونُ لَهَا وَسَطُ الْوَسَطِ.
(قَوْلُهُ: وَتُعْطَى مِنْ الْوَسَطِ الْأَغْلَبِ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَتُعْطَى مِنْ وَسَطِ الْأَغْلَبِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَسَطٌ فَمِنْ الْغَالِبِ.
(تَنْبِيهٌ) : اعْلَمْ أَنَّ إضَافَةَ الْمُصَنِّفِ الْجِنْسَ لِلرَّقِيقِ تُشْعِرُ بِجَوَازِهِ بِثَوْبِ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ أَوْ حَرِيرٍ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ صِفَتَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ اخْتِلَافًا مِنْ جِنْسِ الرَّقِيقِ وَلَهَا الْوَسَطُ مِمَّا أُضِيفَ لَهُ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْأَغْلَبُ.
(قَوْلُهُ: فَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ الصِّنْفُ إلَخْ) قَضِيَّتُهُ أَنْ يَقُولَ فَالْمُرَادُ بِالْجِنْسِ النَّوْعُ؛ لِأَنَّ النَّوْعَ أَقْرَبُ لِلْجِنْسِ مِنْ الصِّنْفِ؛ لِأَنَّ الْجِنْسَ يَتَنَوَّعُ إلَى أَنْوَاعٍ وَالنَّوْعُ يُصَنَّفُ إلَى أَصْنَافٍ وَبَعْدُ فَهَذَا كُلُّهُ لَيْسَ جَارِيًا عَلَى اصْطِلَاحِ الْمَنَاطِقَةِ لِأَنَّ الْجِنْسَ هُوَ الْحَيَوَانُ وَالْإِنْسَانُ وَالْفَرَسُ وَنَحْوُهُمَا أَنْوَاعٌ وَالرَّقِيقُ صِنْفٌ مِنْ النَّوْعِ الَّذِي هُوَ الْإِنْسَانُ. (قَوْلُهُ: إذَا أَطْلَقَ فِيهِ وَلَمْ يُقَيِّدْ) وَأَمَّا لَوْ قَيَّدَ فَالْأَمْرُ ظَاهِرٌ. (قَوْلُهُ: هُوَ شَأْنُ النَّاسِ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ كَوْنِ الْمَرْأَةِ لَهَا الْإِنَاثُ شَأْنُ النَّاسِ.
(قَوْلُهُ: إنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلرَّقِيقِ وَلِغَيْرِهِ) وَذَكَرَ مُحَشِّي تت أَنَّ الرِّوَايَةَ فِي الرَّقِيقِ وَبَنَى ذَلِكَ عَلَى الْعُرْفِ فَيُعْمَلُ بِالْعُرْفِ فِي غَيْرِ الرَّقِيقِ أَيْضًا وَنَصُّ الرِّوَايَةِ سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ مَنْ نَكَحَتْ بِأَرْؤُسٍ اشْتَرَى لَهَا الْإِمَاءَ لَا الْعَبِيدَ وَلَيْسَ فِيهِ سُنَّةٌ إلَّا مَا جَرَى بِهِ عَمَلُ النَّاسِ اهـ، وَذَلِكَ لِأَنَّ النِّكَاحَ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُكَارَمَةِ..