للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ الطَّلَاقِ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِسْقَاطِ عَدَمُ الْمَصْلَحَةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَلْ يَجُوزُ إذَا كَانَ لِمَصْلَحَةٍ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي أَفْعَالِ الْأَبِ لَهَا حَمْلُهَا عَلَى الْمَصْلَحَةِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ كَوْنُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِقَوْلِ مَالِكٍ أَوْ وِفَاقًا قَوْلَانِ لِشُيُوخِنَا فَمَنْ قَالَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا اكْتَفَى بِظَاهِرِ اللَّفْظِ، وَمَنْ قَالَ هُوَ وِفَاقٌ يَقُولُ مَحَلُّ قَوْلِ مَالِكٍ إذَا كَانَ لِغَيْرِ مَصْلَحَةٍ وَاعْلَمْ أَنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ حَيْثُ عُلِمَتْ الْمَصْلَحَةُ أَوْ عُلِمَ عَدَمُهَا وَيَخْتَلِفَانِ عِنْدَ جَهْلِ الْحَالِ بِالْمَصْلَحَةِ وَعَدَمِهَا فِي ذَلِكَ فَقَوْلُ الْإِمَامِ أَنَّ عَفْوَهُ حِينَئِذٍ غَيْرُ جَائِزٍ حَمْلٌ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِسْقَاطِ عَدَمُ الْمَصْلَحَةِ وَابْنُ الْقَاسِمِ يُجِيزُهُ حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي أَفْعَالِ الْأَبِ فِي حَقِّ ابْنَتِهِ الْبِكْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَصْلَحَةِ حَتَّى يَظْهَرَ خِلَافُهَا قَالَهُ الشَّارِحُ وَهَذَا عَلَى الْخِلَافِ، وَأَمَّا عَلَى الْوِفَاقِ فَكُلٌّ يَقُولُ إنَّ عَفْوَهُ حَالَ الْجَهْلِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَصْلَحَةِ وَيُحْمَلُ قَوْلُ الْإِمَامِ لَا يَجُوزُ عَفْوُهُ قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى مَا إذَا تَحَقَّقَ عَدَمُ الْمَصْلَحَةِ فَقَوْلُهُ وَقَبِلَهُ لِمَصْلَحَةٍ أَيْ مَصْلَحَةٍ غَيْرِ مُحَقَّقَةٍ لِمَا عَلِمْت أَنَّ الْعَفْوَ عِنْدَ تَحَقُّقِ

الْمَصْلَحَةِ

مُتَّفَقٌ عَلَى جَوَازِهِ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ الْعَفْوُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا صَارَتْ ثَيِّبًا صَارَ لَهَا الْكَلَامُ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ رَشِيدَةً وَإِلَّا فَالْكَلَامُ لِلْأَبِ وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ لَهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ بَعْضِ الصَّدَاقِ

لِمَصْلَحَةٍ

كَمَا يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا فِي الْمُفَوَّضِ لَهَا بِدُونِ صَدَاقِ الْمِثْلِ بَعْدَ الدُّخُولِ اُنْظُرْ الشَّرْحَ الْكَبِيرَ

(ص) وَقَبَضَهُ مُجْبِرٌ وَوَصِيٌّ (ش) الْمُرَادُ بِالْمُجْبِرِ الْأَبُ فِي الْبِكْرِ وَإِنْ عَنَّسَتْ وَفِي الثَّيِّبِ إنْ صَغُرَتْ وَالسَّيِّدُ فِي أَمَتِهِ ثِيبَتْ أَمْ لَا بَلَغَتْ أَمْ لَا وَأَيْضًا لِلْوَصِيِّ قَبْضُ الصَّدَاقِ، وَلَوْ لَمْ يُجْبِرْ لَكِنَّ عَطْفَهُ عَلَى الْمُجْبِرِ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُجْبِرٍ (ص) وَصُدِّقَا وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ إذَا ادَّعَى تَلَفَهُ أَوْ ضَيَاعَهُ مِنْ غَيْرِ تَفْرِيطٍ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ سَوَاءٌ كَانَ مَا ادَّعَى تَلَفَهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِمَا ادَّعَى تَلَفَهُ، وَكَذَا تُصَدَّقُ الزَّوْجَةُ أَيْضًا إذَا قَبَضَتْهُ غَيْرَ أَنَّ الْأَبَ وَالْوَصِيَّ يُصَدَّقَانِ مُطْلَقًا وَأَمَّا هِيَ فَتُصَدَّقُ بِالنَّظَرِ لِعَدَمِ لُزُومِهَا التَّجْهِيزَ بِهِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِرُجُوعِ الزَّوْجِ عَلَيْهَا بِنِصْفِهِ فِي الطَّلَاقِ فَلَا تُصَدَّقُ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَضَمَانُهُ إنْ هَلَكَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ كَانَ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْهُمَا وَإِلَّا فَمِنْ الَّذِي فِي يَدِهِ ثُمَّ إنَّ هَذَا كُلَّهُ فِيمَا تَضَمَّنَهُ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ وَمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إذَا ظَهَرَ كَذِبُهَا (ص) وَحَلَفَا (ش) يَعْنِي وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّهُمَا يُصَدَّقَانِ فِي التَّلَفِ وَالضَّيَاعِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِمَا، وَسَوَاءٌ عُرِفَا بِالصَّلَاحِ أَمْ لَا وَلَا يُقَالُ فِيهِ تَحْلِيفُ الْوَلَدِ وَالِدَهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِلزَّوْجِ وَهُوَ الْجِهَازُ بِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ السَّيِّدَ يَحْلِفُ وَهُوَ ظَاهِرٌ حَيْثُ يَلْزَمُهُ التَّجْهِيزُ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ (ص) وَرَجَعَ إنْ طَلَّقَهَا فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ (ش) يَعْنِي إذَا قُلْنَا يُصَدَّقُ مَنْ لَهُ قَبْضُ الصَّدَاقِ فِي التَّلَفِ أَوْ الضَّيَاعِ فَإِنَّ مُصِيبَتَهُ مِنْ الزَّوْجَةِ فَإِذَا طَلَّقَهَا الزَّوْجُ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِنِصْفِ الصَّدَاقِ وَيَأْخُذُهُ مِنْ مَالِهَا بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الزَّوْجَةُ مُوسِرَةً يَوْمَ دَفْعِ الزَّوْجِ الصَّدَاقَ إلَى الْوَلِيِّ فَإِنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ مُعْسِرَةً يَوْمَ الدَّفْعِ فَإِنَّ الزَّوْجَ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِشَيْءٍ وَمُصِيبَتُهُ مِنْ الزَّوْجِ وَلَوْ أَيْسَرَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ عَلَيْهَا عُقُوبَتَانِ ضَيَاعُ مَالِهَا مَعَ مَا حَصَلَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: حَمْلًا عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْإِسْقَاطِ) لَا شَكَّ أَنَّ الْإِسْقَاطَ مِنْ جُمْلَةِ الْأَفْعَالِ الْمَقُولِ فِيهَا إنَّ أَفْعَالَ الْأَبِ مَحْمُولَةٌ عَلَى

الْمَصْلَحَةِ

. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُ: وَقَبِلَهُ لِمَصْلَحَةٍ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ بَلْ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ قَوْلَ الْإِمَامِ لَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لِيَكُونَ قَابِلًا لِلْخِلَافِ وَالْوِفَاقِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَيْسَ لِلْأَبِ الْعَفْوُ بَعْدَهُ) وَجَّهَهُ الْقَرَافِيُّ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الصَّدَاقِ إلَّا بِالْمَسِيسِ فَضَعُفَ أَمْرُهُ قَبْلَهُ أَمَّا بَعْدَهُ فَقَدْ مَلَكَتْهُ فَقَوِيَتْ جِهَتُهَا عَلَى جِهَةِ الْأَبِ اهـ وَكَذَا لَا يَجُوزُ عَفْوُ الْأَبِ عَنْ صَدَاقِ الْبِكْرِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَقَبْلَ الْبِنَاءِ نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ مُحَشِّي تت.

(قَوْلُهُ: وَقَبَضَهُ مُجْبِرٌ وَوَصِيٌّ) وَكَذَا وَلِيُّ السَّفِيهَةِ غَيْرُ الْمُجْبِرِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْمُجْبِرِ مِنْ أَبٍ وَوَصِيٍّ يَقْبِضُ مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ كَأَنْ يَكُونَ الْأَبُ أَوْ الْوَصِيُّ سَفِيهًا فَيَقْبِضُ وَلِيُّهُ الْمَالَ. (قَوْلُهُ: وَوَصِيٌّ) أَيْ وَصِيُّ الْمَالِ وَيُقَدَّمُ عَلَى وَصِيِّ النِّكَاحِ وَلَوْ مُجْبِرًا وَكَذَا يَقْبِضُهُ وَلِيُّ السَّفِيهَةِ غَيْرُ الْمُجْبِرِ. (قَوْلُهُ: وَصُدِّقَا) وَمُصِيبَتُهُ مِنْ الزَّوْجَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ لِبَرَاءَتِهِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) مَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ لَا يُتَوَهَّمُ فَالْأَوْلَى جَعْلُ الْوَاوِ لِلْحَالِ. (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنَّ هَذَا) أَيْ قَوْلُهُ: فَلَا تُصَدَّقُ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ كُلِّهِ بَلْ حَذْفُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا قُلْنَا بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ لَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ بِذَلِكَ وَتَرْجِعُ عَلَيْهِ الِابْنَةُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْأَبِ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَأَصْبَغَ الثَّانِي تَصْدِيقُ الْأَبِ دُونَ الْوَصِيِّ إلَخْ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ عَلِمْت أَنَّ الْبَيِّنَةَ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَيْ عَلَى الْقَبْضِ مِنْ الزَّوْجِ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت خِلَافًا لِقَوْلِ الشَّارِحِ بَيِّنَةٌ تَشْهَدُ بِتَلَفِهِ وَالْمُبَالَغَةُ لَيْسَتْ رَاجِعَةً لِنَفْسِ التَّصْدِيقِ بَلْ لِبَرَاءَةِ الزَّوْجِ أَيْ صُدِّقَا وَبَرِئَ الزَّوْجُ وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ خِلَافًا لِأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَمَنْ مَعَهُمَا فِي عَدَمِ بَرَاءَةِ الزَّوْجِ مِنْهُ وَيَغْرَمُهُ ثَانِيَةً وَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَبِ وَالْوَصِيِّ عَلَى كِلَا الْقَوْلَيْنِ فَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ إجْحَافٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ ابْنُ الْحَاجِبِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ) حَيْثُ نَظَرَ فَقَالَ وَانْظُرْ هَلْ يَحْلِفُ السَّيِّدُ لِحَقِّ الزَّوْجِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ لَهُ.

(قَوْلُهُ: وَرَجَعَ إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يُجْعَلْ قَابِضُهُ هَذَا كَالْأَمِينِ فِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَى أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إذَا ادَّعَى الْأَمِينُ تَلَفَهُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ هُنَا بِغَيْرِ الْأَمَانَةِ بَلْ بِجَعْلِ الشَّرْعِ لَهُ قَبْضَهُ. (قَوْلُهُ: ضَيَاعُ مَالِهَا) أَيْ الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ النِّصْفِ الَّذِي يَخُصُّهَا وَقَوْلُهُ وَاتِّبَاعُ ذِمَّتِهَا عَطْفٌ عَلَى ضَيَاعُ مَالِهَا أَيْ اتِّبَاعُ ذِمَّتِهَا بِنِصْفِ الزَّوْجِ هَذِهِ الْعِلَّةُ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ إيسَارِهَا يَوْمَ الدَّفْعِ وَعُسْرِهَا بَعْدَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>