للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا هُنَا أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ سَفَرًا وَحَضَرًا فَلَا يُقْضَى بِهَا وَقِيلَ وَاجِبَةٌ يُقْضَى بِهَا وَهُوَ مَا صَحَّحَهُ الْمُؤَلِّفُ سَابِقًا وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَكَوْنُ النَّدْبِ مُنَصَّبًا عَلَى كَوْنِهِ بَعْدَ الْبِنَاءِ مُخَالِفٌ لِكَلَامِهِمْ فَالْحَمْلُ عَلَيْهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَقَوْلُهُ (بَعْدَ الْبِنَاءِ يَوْمًا) هُوَ ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ أَيْ وَقْتُهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ كَمَا عَبَّرَ بِهِ ابْنُ الْحَاجِبِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا تَكْفِي لِكَوْنِهَا وَقَعَتْ قَبْلَ وَقْتِهَا، وَعَلَيْهِ أَيْضًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ إذَا دُعِيَ لَهَا وَإِنْ جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عُرْفٌ فَاسِدٌ وَفِي كَلَامِ الْأَبِيِّ مَا يُفِيدُ أَنَّ كَوْنَهَا بَعْدَ الْبِنَاءِ مُسْتَحَبٌّ فَفِعْلُهَا فِي غَيْرِهِ فِعْلٌ لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ اسْتِحْبَابُ الْوَلِيمَةِ وَلَوْ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ أَوْ طَلُقَتْ وَقَوْلُهُ (تَجِبُ إجَابَةُ مَنْ عَيَّنَ) لِخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - قَالَ «شَرُّ الطَّعَامِ طَعَامُ الْوَلِيمَةِ يُمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا وَيُدْعَى إلَيْهَا مَنْ يَأْبَاهَا وَمَنْ لَمْ يُجِبْ الدَّعْوَةَ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَالتَّعْيِينُ بِأَنْ يَقُولَ صَاحِبُ الْعُرْسِ تَأْتِي عِنْدَنَا وَقْتَ كَذَا أَوْ قَالَ لِشَخْصٍ اُدْعُ لِي فُلَانًا بِعَيْنِهِ لَا إنْ قَالَ اُدْعُ مَنْ لَقِيتَ.

(ص) وَإِنْ صَائِمًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الدَّعْوَةَ إلَى الْوَلِيمَةِ وَاجِبَةٌ عَلَى مَنْ عَيَّنَهُ صَاحِبُ الْوَلِيمَةِ بِنَفْسِهِ أَوْ مَنْدُوبُهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَدْعُوُّ صَائِمًا أَوْ غَيْرَ صَائِمٍ وَسَوَاءٌ أَكَلَ الْمُفْطِرُ أَوْ لَمْ يَأْكُلْ (ص) إنْ لَمْ يَحْضُرْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ عَلَى مَنْ عُيِّنَ أَنْ لَا يَحْضُرَ مَنْ يَتَأَذَّى بِحُضُورِهِ مَعَهُ وَإِلَّا فَلَا؛ لِأَنَّ حُضُورَ السَّفَلَةِ لَا يَأْمَنُ الْمَرْءُ مَعَهُمْ عَلَى دِينِهِ وَيُفْهَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ تَأَذِّيهِ لِمُخَاطَبَتِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ لِحَظِّ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ لِذَلِكَ، وَمِنْ شُرُوطِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَسْبِقَ الدَّاعِي غَيْرَهُ فَإِنْ تَعَدَّدَ الدَّاعِي أَجَابَ الْأَسْبَقَ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَذُو الرَّحِمِ فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُهُمَا رَحِمًا فَإِنْ اسْتَوَيَا فَأَقْرَبُهُمَا دَارًا فَإِنْ اسْتَوَيَا أَقْرَعَ.

(ص) وَمُنْكَرٌ كَفَرْشِ حَرِيرٍ (ش) أَيْ وَمِنْ شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ مُنْكَرٌ فَإِنْ كَانَ سَقَطَتْ كَفَرْشِ حَرِيرٍ يَجْلِسُ هُوَ عَلَيْهِ أَوْ يَجْلِسُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ بِحَضْرَتِهِ وَلَوْ مِنْ فَوْقِ حَائِلٍ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ الْحُرْمَةِ التَّرَفُّهُ بِلِينِ الْفِرَاشِ وَهُوَ مَوْجُودٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمَازِرِيُّ وَعِيَاضٌ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الِاسْتِنَادَ إلَيْهِ وَنَحْوَهُ، وَأَمَّا تَغْطِيَةُ الْجُدَرَانِ بِالْحَرِيرِ مِنْ غَيْرِ اسْتِنَادٍ إلَيْهِ فَلَيْسَ بِمُمْتَنِعٍ وَلَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ وَمِمَّا يُسْقِطُ الْإِجَابَةَ أَنَّهُ يَكُونُ قَوْمٌ يَأْكُلُونَ وَعَلَى رُءُوسِهِمْ قَوْمٌ يَنْظُرُونَ إلَيْهِمْ كَمَا قَالَهُ الْأَقْفَهْسِيُّ وَمِمَّا يُسْقِطُ الْإِجَابَةَ أَنْ يُخَصَّ بِهَا الْأَغْنِيَاءُ.

(ص) وَصُوَرٌ عَلَى كَجِدَارٍ (ش) أَيْ وَمِنْ

ــ

[حاشية العدوي]

حِينَ يَبْلُغُ الْحُلُمَ. (قَوْلُهُ: أَنَّهَا مَنْدُوبَةٌ سَفَرًا وَحَضَرًا) وَيَحْصُلُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَطْعَمَهُ وَلَوْ بِمُدَّيْنِ مِنْ شَعِيرٍ وَنَقَلَ عِيَاضٌ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهُ لَا حَدَّ لِأَقَلِّهَا وَأَنَّهُ بِأَيِّ شَيْءٍ أَوْلَمَ حَصَلَ الْمَنْدُوبُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يُقْضَى بِهَا) أَيْ عَلَى الزَّوْجِ لِلزَّوْجَةِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ: يَوْمًا) أَيْ قِطْعَةَ زَمَنٍ يَقَعُ الِاجْتِمَاعُ فِيهَا لِأَكْلَةٍ وَاحِدَةٍ لَا يَوْمًا بِتَمَامِهِ يَتَوَقَّفُ النَّدْبُ عَلَيْهِ وَيُكْرَهُ تَكَرُّرُهَا؛ لِأَنَّهُ سَرَفٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ ثَانِيًا غَيْرَ الْمَدْعُوِّ قَبْلَ ذَلِكَ لَا تَكْرَارَ الطَّعَامِ بَعْدَهَا لَا بِقَصْدِهَا فَلَا يُكْرَهُ قَالَ الْبَدْرُ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ غَايَتَهَا لِلسَّابِعِ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ إنْ أَخَّرَ لِلسَّابِعِ كَانَتْ الْإِجَابَةُ مَنْدُوبَةً لَا وَاجِبَةً، وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَنْ دُعِيَ أَوَّلًا وَأَجَابَ ثُمَّ دُعِيَ ثَانِيًا فِي ثَانِي يَوْمٍ مَثَلًا فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ خِلَافًا لِمَا فِي بَعْضِ التَّقَارِيرِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ بَعْدَ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ لَيْسَتْ بِوَلِيمَةٍ قَطْعًا كَذَا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ.

(قَوْلُهُ: ظَرْفٌ لِمُقَدَّرٍ) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ وَقْتَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ ظَرْفٌ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَوَقْتُهَا كَائِنٌ بَعْدَ الْبِنَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ وَتَكُونُ بَعْدَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا فَلَوْ وَقَعَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ) هَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا ذَكَرَهُ الْأَبِيُّ. (قَوْلُهُ: فَفَعَلَهَا فِي غَيْرِهِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَتَجِبُ الْإِجَابَةُ إذَا دُعِيَ قَبْلَ الْبِنَاءِ. (قَوْلُهُ: يَمْنَعُهَا مَنْ يَأْتِيهَا) فِي قُوَّةِ التَّعْلِيلِ لِقَوْلِهِ شَرُّ الطَّعَامَ أَيْ أَنَّ مَنْ يَرْغَبُ فِي الْإِتْيَانِ لَهَا لِاحْتِيَاجِهِ لِلتَّنَاوُلِ مِنْهَا يُمْنَعُ مِنْهَا وَلَا يُدْعَى إلَيْهَا وَقَوْلُهُ وَيُدْعَى إلَيْهَا إلَخْ أَيْ أَنَّ مَنْ يَأْبَاهَا وَلَا يُرِيدُ الذَّهَابَ إلَيْهَا لِاسْتِغْنَائِهِ عَنْهَا يُدْعَى إلَيْهَا وَكَانَ الْمُنَاسِبُ الْعَكْسَ. (قَوْلُهُ: لَا إنْ قَالَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْجَمَاعَةَ الْمَحْصُورِينَ يَتَعَارَضُ فِيهَا قَوْلُهُ: وَالتَّعْيِينُ بِأَنْ يَقُولَ إلَخْ وَقَوْلُهُ لَا إنْ قَالَ اُدْعُ مَنْ شِئْتَ فَإِنَّ مَفْهُومَ الْأَوَّلِ عَدَمُ الْإِجَابَةِ فِيهَا وَفِي الثَّانِي وُجُوبُ الْإِجَابَةِ وَهُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ فَحِينَئِذٍ تَجِبُ الْإِجَابَةُ لَوْ قَالَ اُدْعُ أَهْلَ مَحَلَّةِ كَذَا وَهُمْ مَحْصُورُونَ لِأَنَّهُمْ مُعَيَّنُونَ حُكْمًا وَأَمَّا غَيْرُ الْمَحْصُورِ كَادْعُ مَنْ لَقِيتَ أَوْ الْعُلَمَاءَ أَوْ الْمُدَرِّسِينَ وَهُمْ غَيْرُ مَحْصُورِينَ فَلَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُخَاطِبُ الْمَدْعُوَّ أَوْ يُرْسِلَ كِتَابًا لَهُ أَوْ رَسُولًا ثِقَةً وَلَوْ مُمَيِّزًا غَيْرَ مُجَرَّبٍ فِي كَذِبٍ وَإِذَا تَنَازَعَ الرَّسُولُ وَالْمَدْعُوُّ فِي التَّعْيِينِ بِالشَّخْصِ وَغَيْرِهِ صُدِّقَ الرَّسُولُ بِيَمِينِهِ مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ عَلَى الْكَذِبِ وَلَا يُشْتَرَطُ قَرِينَةٌ عَلَى الصِّدْقِ فِيمَا يَظْهَرُ خِلَافًا لعب بَلْ لَا يُحْتَاجُ لِلْيَمِينِ إلَّا فِي الْمُتَّهَمِ فِيمَا يَظْهَرُ

. (قَوْلُهُ: يَعْنِي أَنَّ الدَّعْوَةَ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ يَعْنِي أَنَّ الْإِجَابَةَ. (قَوْلُهُ: أَوْ مَنْدُوبُهُ) أَيْ رَسُولُهُ الْمُمَيِّزُ الْغَيْرُ الْمُجَرَّبِ فِي الْكَذِبِ. (قَوْلُهُ: لِمُخَاطَبَتِهِ) أَيْ لِأَجْلِ مُخَاطَبَتِهِ أَيْ مُخَاطَبَةِ ذَلِكَ الرَّجُلِ لَهُ وَقَوْلُهُ أَوْ رُؤْيَتِهِ أَيْ كَوْنِهِ يَرَى ذَلِكَ الرَّجُلَ وَقَوْلُهُ لِحَظِّ نَفْسِهِ أَيْ أَنَّهُ يَتَأَذَّى مِنْ الْمُخَاطَبَةِ أَوْ الرُّؤْيَةِ لَا لِضَرَرٍ يَحْصُلُ بِذَلِكَ بَلْ لِحَظِّ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ لِذَلِكَ) إلَّا أَنْ يُخْشَى بِمُجَالَسَتِهِ أَوْ خِطَابِهِ أَوْ رُؤْيَتِهِ بِهِ أَوْ أَذِيَّتِهِ اغْتِيَابُهُ أَوْ أَذِيَّتُهُ ك.

(قَوْلُهُ: كَفَرْشِ حَرِيرٍ) يَصِحُّ قِرَاءَتُهُ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَسُكُونِ الرَّاءِ يَدُلُّ عَلَيْهِ الشَّرْحُ وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الِاسْتِنَادَ إلَيْهِ وَيَصِحُّ مُرَادًا مِنْهُ الْمَفْرُوشُ وَيَصِحُّ قِرَاءَتُهُ جَمْعًا أَيْ هَذَا الْجِنْسَ. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا تَغْطِيَةُ الْجُدْرَانِ إلَخْ) وَانْظُرْ بِالذَّهَبِ وَقَدْ رَأَيْت مَا نَصُّهُ وَيَجُوزُ الْجُلُوسُ تَحْتَ السَّتَائِرِ الَّتِي عَلَى الْجُدْرَانِ وَكَذَا تَحْتَ السُّقُوفِ الْمُذَهَّبَةِ وَمِمَّا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ أَكْلُ مَا لَهُ رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ تُبِيحُ التَّخَلُّفَ عَنْ الْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ.

(قَوْلُهُ: يُخَصُّ بِهَا الْأَغْنِيَاءُ) أَيْ فَإِنْ خُصَّ الْأَغْنِيَاءُ سَقَطَ الْوُجُوبُ وَظَاهِرُهُ يَسْقُطُ عَنْ الْأَغْنِيَاءِ وَغَيْرِهِمْ وَحُكْمُ اخْتِصَاصِ الدَّعْوَةِ بِالْأَغْنِيَاءِ الْكَرَاهَةُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقُرْطُبِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>