للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُرُوطِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ أَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ كَلْبٌ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ أَوْ صُوَرٌ مُجَسَّدَةٌ عَلَى الْجِدَارِ كَصُوَرِ السِّبَاعِ الَّتِي لَهَا ظِلٌّ وَلَوْ لَمْ يَدُمْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ التِّمْثَالُ إذَا كَانَ لِغَيْرِ حَيَوَانٍ كَالشَّجَرِ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ لِحَيَوَانٍ فَمَا لَهُ ظِلٌّ وَيُقِيمُ فَهُوَ حَرَامٌ بِإِجْمَاعٍ، وَكَذَا يَحْرُمُ إنْ لَمْ يُقِمْ كَالْعَجِينِ خِلَافًا لِأَصْبَغَ لِمَا ثَبَتَ أَنَّ «الْمُصَوِّرِينَ يُعَذَّبُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيُقَالُ لَهُمْ أَحْيُوا مَا كُنْتُمْ تُصَوِّرُونَ» وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ إنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَهَنٍ فَهُوَ مَكْرُوهٌ وَإِنْ كَانَ مُمْتَهَنًا فَتَرْكُهُ أَوْلَى انْتَهَى وَهَذَا فِي الصُّورَةِ الْكَامِلَةِ، وَأَمَّا نَاقِصُ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ فَيُبَاحُ النَّظَرُ إلَيْهِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ صُورَةٌ عَلَى كَجِدَارٍ عَنْ صُوَرِ الثِّيَابِ.

(ص) لَا مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ وَلَوْ فِي ذِي هَيْئَةٍ عَلَى الْأَصَحِّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ السِّيَاقُ أَيْ تُتْرَكُ الْإِجَابَةُ مَعَ مُنْكَرٍ لَا مَعَ لَعِبٍ مُبَاحٍ كَضَرْبِ الْغِرْبَالِ وَالْغِنَاءِ الْخَفِيفِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمَدْعُوُّ مِنْ ذَوِي الْهَيْئَاتِ أَمْ لَا فَإِنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - حَضَرَ ضَرْبَ الدُّفِّ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ ذُو الْهَيْئَةِ أَعْلَمَ وَأَهْيَبَ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ وَالْحَقُّ الْجَوَازُ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ لَا يَنْبَغِي لِذِي هَيْئَةٍ أَنْ يَحْضُرَ مَوْضِعًا فِيهِ لَهْوٌ وَاحْتُرِزَ بِالْمُبَاحِ مِنْ غَيْرِ الْمُبَاحِ كَالْمَشْيِ عَلَى الْحَبْلِ وَجَعْلِ خَشَبَةٍ عَلَى جَبْهَةِ إنْسَانِ وَيَرْكَبُهَا آخَرُ فَإِنَّهُ يُبِيحُ التَّخَلُّفَ قَالَهُ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ.

(ص) وَكَثْرَةُ زِحَامٍ (ش) عَطْفٌ عَلَى فَاعِلِ يَحْضُرُ مُضَمَّنًا مَعْنَى يُوجَدُ أَيْ إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَتَأَذَّى بِهِ وَكَثْرَةُ زِحَامٍ أَوْ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى يَحْضُرُ أَيْ وَلَمْ يَكُنْ كَثْرَةُ زِحَامٍ عَلَى طَرِيقَةِ عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا فَإِنَّ فِيهِ الْوَجْهَيْنِ وَهُمَا إمَّا تَضْمِينُ عَلَفْتُهَا مَعْنَى أَنَلْتُهَا أَوْ جَعَلَ الْعَامِلَ فِي " مَاءً " مُقَدَّرًا أَيْ وَسَقَيْتُهَا.

(ص) وَإِغْلَاقُ بَابٍ دُونَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ يُغْلَقُ الْبَابُ عِنْدَ حُضُورِهِ وَلَوْ لِأَجْلِ الْمُشَاوَرَةِ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ يُبَاحُ لَهُ التَّخَلُّفُ، وَأَمَّا مَا يُفْعَلُ مِنْ إغْلَاقِ الْبَابِ لِخَوْفِ الطُّفَيْلِيَّةِ وَنَحْوِهِمْ فَإِنَّهُ لَا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ؛ لِأَنَّهُ لِضَرُورَةٍ

(ص) وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دُعِيَ إلَى الْوَلِيمَةِ وَهُوَ مُفْطِرٌ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا أَوْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْأَكْلُ بَلْ يُسْتَحَبُّ تَرَدُّدٌ لِلْبَاجِيِّ قَالَ لَمْ أَرَ لِأَصْحَابِنَا فِيهِ نَصًّا جَلِيًّا وَفِي الْمُذْهَبِ مَسَائِلُ تَقْتَضِي الْقَوْلَيْنِ أَيْ لِلْعُلَمَاءِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِرِوَايَةِ مُحَمَّدٍ يُجِيبُ وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْ وَبِقَوْلِ الرِّسَالَةِ وَأَنْتَ فِي الْأَكْلِ بِالْخِيَارِ ابْنُ رُشْدٍ الْأَكْلُ مُسْتَحَبٌّ لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا فَلْيَأْكُلْ وَإِنْ كَانَ صَائِمًا فَلْيُصَلِّ» أَيْ فَلْيَدْعُ فَحَمَلَ مَالِكٌ الْأَمْرَ عَلَى النَّدْبِ لِحَدِيثِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَكَذَا إذَا كَانَ صَائِمًا بِالْفِعْلِ وَأَخْبَرَ أَنَّهُ صَائِمٌ وَعِبَارَةُ عج وَمِمَّا يُبِيحُ التَّخَلُّفَ أَيْضًا أَنْ يُخْبِرَ بِأَنَّهُ صَائِمٌ إلَخْ فَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ صَائِمًا أَيْ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ لِلدَّاعِي وَقْتَ الدَّعْوَةِ أَنَّهُ صَائِمٌ بِالْفِعْلِ وَكَانَ الِاجْتِمَاعُ وَالِانْصِرَافُ قَبْلَ الْغُرُوبِ فَلَا تَجِبُ الْإِجَابَةُ وَكَذَا إذَا فَعَلَ طَعَامَ الْوَلِيمَةِ لِقَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ لَا لِلْأَكْلِ فَإِنْ حَضَرَهُ فَلَا يَأْكُلُ إلَّا قَدْرَ مَا يَطِيبُ بِهِ خَاطِرُ صَاحِبِهِ عَلَى الْعَادَةِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَلَمْ تَحْرُمْ الدَّعْوَةُ عِنْدَ قَصْدِ الْمُبَاهَاةِ وَالْمُفَاخَرَةِ نَظِيرُ مَا قِيلَ فِي الضَّحِيَّةِ وَكَذَا إذَا كَانَ الدَّاعِي امْرَأَةً غَيْرَ مَحْرَمٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخُنْثَى كَذَلِكَ وَكَذَا إنْ كَانَ هُنَاكَ كَلْبٌ لَا يَحِلُّ اقْتِنَاؤُهُ وَمِثْلُهُ آنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ الْمَدْعُوُّ أَمْرَدَ يَخَافُ رِيبَةً أَوْ تُهْمَةً أَوْ قَالَةً وَيَظْهَرُ أَيْ يَكُونُ الدَّاعِي كَذَلِكَ وَكَذَا إنْ كَانَ عَلَى الْمَدْعُوِّ دَيْنٌ لَا يَرْجُو لَهُ وَفَاءً.

وَكَذَا إذَا كَانَ النِّسَاءُ بِسَطْحِ الدَّارِ وَمَرَافِقِهَا يَنْظُرْنَ لِلرِّجَالِ أَوْ يَخْتَلِطْنَ بِهِمْ وَكَذَا يُبِيحُهُ مَرَضٌ أَوْ حِفْظُ مَالٍ أَوْ خَوْفُ عَدُوٍّ وَلِلشَّافِعِيَّةِ مِمَّا يُبِيحُهُ شِدَّةُ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ وَلَوْ كَانَ الدَّاخِلُ أَعْمَى أَوْ فِي ظُلْمَةٍ وَكَذَا إنْ بَعُدَ مَكَانُهُ جِدًّا بِحَيْثُ يَشُقُّ عَلَيْهِ الْحُضُورُ وَكَذَا إذَا كَانَ فِي الطَّعَامِ شُبْهَةٌ أَوْ تَلْحَقُ الْآكِلَ مِنْهُ بَلْ لَا يَجُوزُ الْحُضُورُ وَلَا الْأَكْلُ قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَنَقَلَهُ الْحَطَّابُ وَالْمُرَادُ شُبْهَةٌ تُوجِبُ تَحْرِيمَ الْأَكْلِ مِنْهُ وَيَأْتِي فِي الْقِرَاضِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَنْ كَانَ غَالِبُ مَالِهِ حَرَامًا تُكْرَهُ مُعَامَلَتُهُ وَنَحْوُ ذَلِكَ كَالْأَكْلِ مِنْ طَعَامِهِ وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الشُّبْهَةَ الْمُبِيحَةَ لِلتَّخَلُّفِ كَوْنُ الطَّعَامِ كُلِّهِ مِنْ حَرَامٍ وَمِنْ شُرُوطِهَا أَنْ تَكُونَ الْوَلِيمَةُ لِمُسْلِمٍ فَلَا تَجِبُ لِكَافِرٍ بَلْ لَا تَجُوزُ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الدَّاعِي لَهُ مُسْلِمًا.

(قَوْلُهُ: وَيُقِيمُ) أَيْ يَدُومُ. (قَوْلُهُ: كَالْعَجِينِ) أَيْ وَكَقِشْرِ الْبِطِّيخِ فَإِنَّ لَهُ ظِلًّا مَا دَامَ طَرِيًّا. (قَوْلُهُ: وَمَا لَا ظِلَّ لَهُ) كَاَلَّذِي فِي الْبُسُطِ وَالْحِيطَانِ. (قَوْلُهُ: إنْ كَانَ غَيْرَ مُمْتَهَنٍ) أَيْ كَاَلَّذِي فِي الْحَائِطِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ مُمْتَهَنًا أَيْ كَاَلَّذِي فِي الْبُسُطِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا نَاقِصُ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ) أَيْ وَالْمُنْخَرِقَةُ بَطْنُهُ وَانْظُرْ لَوْ غُطِّيَ عُضْوٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ الظَّاهِرَةِ. (قَوْلُهُ: عَنْ صُوَرِ الثِّيَابِ) أَيْ فِي الثِّيَابِ أَيْ صُوَرِ الْحَيَوَانِ فَلَا يَحْرُمُ بَلْ يُكْرَهُ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: لَا مَعَ ذِي هَيْئَةٍ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ فِي بِمَعْنَى مَعَ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ فِي بَاقِيَةً عَلَى مَعْنَاهَا أَيْ وَلَوْ كَانَ وَاقِعًا فِي حَضْرَةِ ذِي هَيْئَةٍ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ) تَفْسِيرٌ لِلْأَصَحِّ لَيْسَ الْمُرَادُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ كَمَا أَفْصَحَ بِذَلِكَ بَهْرَامُ وَقَوْلُهُ رِوَايَةُ ابْنِ وَهْبٍ خَبَرُ مُقَابِلُ.

(قَوْلُهُ: وَالْمَشْيُ عَلَى الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ) وَرَخَّصَ ابْنُ رُشْدٍ فِي اللَّعِبِ عَلَى الْحَبْلِ وَنَحْوِهِ وَعَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ مُبِيحًا لِلتَّخَلُّفِ نَعَمْ لَا تَرْخِيصَ فِي غَيْرِ الْعُرْسِ وَيُكْرَهُ لِأَهْلِ الْفَضْلِ حُضُورُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَثْرَةُ زِحَامٍ) الظَّاهِرُ فِي دُخُولٍ أَوْ جُلُوسٍ أَوْ أَكْلٍ كَذَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ

(قَوْلُهُ: وَإِغْلَاقُ بَابٍ دُونَهُ) أَيْ لِلِازْدِرَاءِ بِهِ

. (قَوْلُهُ: وَفِي وُجُوبِ أَكْلِ الْمُفْطِرِ) أَيْ قَدْرًا يُطَيِّبُ خَاطِرَ رَبِّ الْوَلِيمَةِ فِيمَا يَظْهَرُ وَرُبَّمَا أَشْعَرَ قَوْلُهُ: أَكْلِ الْمُفْطِرِ عَدَمَ سُقُوطِهَا بِحُضُورِهِ وَشُرْبِ نَحْوِ قَهْوَةٍ وَقِيَامِهِ قَبْلَ وَقْتِ الطَّعَامِ لِغَيْرِ مَانِعٍ. (قَوْلُهُ: وَفِي الْمُذْهَبِ) هَذِهِ الْعِبَارَةُ لِبَهْرَامَ وَضُبِطَ بِضَمِّ الْمِيمِ كِتَابٌ لِابْنِ رُشْدٍ. (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ) أَيْ اعْتَرَضَ كَلَامَ الْبَاجِيِّ.

(قَوْلُهُ: فَلْيَدْعُ) أَيْ بِأَنَّ اللَّهَ يُتِمُّ مَا هُمْ فِيهِ بِخَيْرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>