للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَمْ يَعْطِفْهُ بِالْوَاوِ عَلَى حَرَامٍ لِيُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ الْحُرْمَةَ فِي الْمُشَبَّهِ لَيْسَتْ بِاتِّفَاقٍ بِخِلَافِ الْمُشَبَّهِ بِهِ فَإِنَّهَا بِاتِّفَاقٍ.

(ص) وَخُرُوجِهَا مِنْ مَسْكَنِهَا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لِلزَّوْجِ أَنْ يُخَالِعَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ تَخْرُجَ مِنْ مَسْكَنِهَا الَّذِي طَلُقَتْ فِيهِ لِأَنَّ سُكْنَاهَا فِيهِ إلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ حَقٌّ لِلَّهِ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إسْقَاطُهُ لَا بِعِوَضٍ وَلَا غَيْرِهِ وَبَانَتْ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا لِلزَّوْجِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ أَنَّهَا تَتَحَمَّلُ بِأُجْرَةِ الْمَسْكَنِ زَمَنَ الْعِدَّةِ مِنْ مَالِهَا فَيَجُوزَ.

(ص) وَتَعْجِيلِهِ لَهَا مَا لَا يَجِبُ قَبُولُهُ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُخَالِعَهَا عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ لَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا قَبُولُهُ كَالْعُرُوضِ وَالطَّعَامِ مِنْ سَلَمٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ مَعَ خَوْفِ الطَّرِيقِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى " حُطَّ الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ " فَالزَّوْجَةُ قَدْ حَطَّتْ عَنْهُ الضَّمَانَ وَزَادَهَا الْعِصْمَةَ فَإِذَا وَقَعَ الْخُلْعُ نَفَذَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ وَيَرُدُّ الْمَالَ إلَى أَجَلِهِ وَيَأْخُذُ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ " وَتَعْجِيلِهِ " مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَقَوْلُهُ لَهَا مَفْعُولُهُ الْأَوَّلُ تَعَدَّى لَهُ بِحَرْفِ الْجَرِّ وَقَوْلُهُ مَا مَفْعُولُهُ الثَّانِي تَعَدَّى لَهُ بِنَفْسِهِ.

(ص) وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ وَجَبَ أَوْ لَا؟ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشُّيُوخَ اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَالٌ مُؤَجَّلٌ فَتَخَالَعَا عَلَى تَعْجِيلِهِ قَبْلَ مَحِلِّهِ جَازَ الْخُلْعُ وَرُدَ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ اهـ فَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهَا عَلَى إطْلَاقِهَا وَقَالَ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَغَيْرِهِ كَالْعَيْنِ وَالْعَرَضِ وَالطَّعَامِ مِنْ قَرْضٍ فَيُرَدُّ لِأَجَلِهِ لِأَنَّهُ عَجَّلَ لِيُسْقِطَ عَنْهُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ وَقِيلَ لِيُسْقِطَ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الْخُصُومَاتِ وَسُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَهُوَ سَلَفٌ جَرّ نَفْعًا وَيَكُونُ الطَّلَاقُ بَائِنًا وَحَمَلَهَا بَعْضٌ عَلَى خِلَافِهِ وَفَصَّلَ فَقَالَ الدَّيْنُ الَّذِي لَا يَجِبُ قَبُولُهُ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ بِهِ كَمَا مَرَّ وَمَا يَجِبُ قَبُولُهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ عَلَى تَعْجِيلِهِ لَهَا ذَلِكَ وَلَا يُرَدُّ الدَّيْنُ إلَى أَجَلِهِ وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا وَلَا يَدْخُلُ هَهُنَا سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَخْلَعَهَا بِلَا مَالٍ بِأَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ لِتَسْقُطَ عَنْهُ نَفَقَةُ الْعِدَّةِ فَلَمْ تَكُنْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِهِ.

(ص) وَبَانَتْ (ش) أَيْ وَحَيْثُ وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَى عِوَضٍ وَلَوْ صُورَةً بَانَتْ الْمَرْأَةُ تَمَّ الْعِوَضُ لِلزَّوْجِ أَمْ لَا فِي جَمِيعِ مَا مَرَّ وَمَا يَأْتِي إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ قَالَهَا فِي الْجَوَاهِرِ وَهِيَ لَوْ قَالَ لَهَا إنْ أَعْطَيْتنِي هَذَا وَأَشَارَ لِحُرٍّ وَهُوَ يَعْلَمُ بِأَنَّهُ حُرٌّ فَأَعْطَتْهُ فَإِنَّ الطَّلَاقَ رَجْعِيٌّ وَيُسْتَثْنَى هَذَا مِنْ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ وَالْحَرَامَ. .

(ص) وَلَوْ بِلَا عِوَضٍ نَصَّ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ حُكْمَ طَلَاقِ الْخُلْعِ الْبَيْنُونَةُ وَلَوْ وَقَعَ بِغَيْرِ عِوَضٍ يُرِيدُ إذَا صَرَّحَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ أَوْ الْإِبْرَاءِ أَوْ الِافْتِدَاءِ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ) إلَى أَنَّهُ إذَا نَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعَ الْعِوَضِ بِأَنْ أَعْطَتْهُ شَيْئًا وَقَالَتْ لَهُ طَلِّقْنِي طَلْقَةً رَجْعِيَّةً فَأَخَذَ مِنْهَا وَطَلَّقَهَا فَإِنَّهُ يَقَعُ بَائِنًا لِأَنَّ حُكْمَ الطَّلَاقِ مَعَ الْعِوَضِ الْبَيْنُونَةُ فَلَا يُخْرِجُهُ عَنْهَا النَّصُّ عَلَى الرَّجْعَةِ، وَمِثْلُ نَصِّهِ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعَ الْعِوَضِ نَصُّهُ عَلَيْهَا مَعَ لَفْظِ الْخُلْعِ.

(ص) كَإِعْطَاءِ مَالٍ فِي الْعِدَّةِ عَلَى نَفْيِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ثُمَّ إنَّهَا دَفَعَتْ لَهُ شَيْئًا فِي الْعِدَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُرَاجِعُهَا فَقَبِلَ ذَلِكَ مِنْهَا عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَقَعُ طَلْقَةً ثَانِيَةً بَائِنَةً عِنْدَ مَالِكٍ لِأَنَّ عَدَمَ الِارْتِجَاعِ مَلْزُومٌ لِلطَّلَاقِ الْبَائِنِ فَمَا أَنْشَأَهُ الْآنَ غَيْرُ مَا مَرَّ وَعِنْدَ ابْنِ وَهْبٍ تَبِينُ بِالْأُولَى وَعِنْدَ أَشْهَبَ لَهُ الرَّجْعَةُ وَيَرُدُّ لَهَا مَالَهَا وَمَا قَرَّرْنَاهُ بِهِ نَحْوُهُ لِلشَّارِحِ وَحَمَلَهُ الْمَوَّاقُ عَلَى كَلَامِ

ــ

[حاشية العدوي]

الطَّلَاقُ فِي الْمَسَائِلِ لَازِمٌ بَائِنٌ وَلَا يَلْزَمُ تَأْخِيرُهُ وَلَا الْخُرُوجُ وَلَا تَعْجِيلُ الدَّيْنِ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهَا بِاتِّفَاقٍ) اعْلَمْ أَنَّ الْمُشَبَّهَ مَا كَانَ بَعْدَ الْكَافِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ إلَّا أَنَّ الْإِشَارَةَ خَفِيَّةٌ وَأَمَّا عَكْسُ الْمُصَنِّفِ وَهُوَ طَلَاقُهُ مَعَ تَأْخِيرِهِ دَيْنًا لَهُ عَلَيْهَا فَرَجْعِيٌّ لِأَنَّهُ طَلَّقَ وَأَعْطَى وَيَجُوزُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ نَفْعٌ فِي التَّأْخِيرِ وَإِلَّا مُنِعَ وَبَانَتْ.

(قَوْلُهُ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُرِيدَ) وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُخَالَعَةَ عَلَى الْخُرُوجِ مِنْ الْمَسْكَنِ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ إسْقَاطُهُ وَالْمُخَالَعَةُ عَلَى كِرَاءِ الْمِثْلِ حَقُّ آدَمِيٍّ.

(قَوْلُهُ: مِنْ سَلَمٍ أَوْ مِنْ بَيْعٍ) لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ: مِنْ بَيْعٍ أَيْ بِدُونِ سَلَمٍ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ: أَوْ الْمَالِ الْمُؤَجَّلِ إلَخْ) الْأَحْسَنُ " الْمُعَجَّلِ ".

(قَوْلُهُ: وَهَلْ كَذَلِكَ إنْ وَجَبَ إلَخْ) أَيْ وَجَبَ عَلَيْهَا قَبُولُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ كَذَا فِي شَرْحِ شب وَعَبَ، وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ صَادِقَةٌ بِكَوْنِ الدَّيْنِ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِ وَالْمُنَاسِبُ لِلْمَقَامِ كَوْنُ الدَّيْنِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا كَانَ لِأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ إلَخْ) الْكَلَامُ الْآتِي إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ لَهَا عَلَيْهِ دَيْنٌ (قَوْلُهُ: كَالْعَيْنِ وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ مِنْ قَرْضٍ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ " مِنْ قَرْضٍ " رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَالْعَرْضِ وَالطَّعَامِ " وَأَمَّا الْعَيْنُ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهَا مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ وَهُوَ مِثَالٌ لِمَا يَجِبُ قَبُولُهُ وَأَمَّا الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ مِنْ بَيْعٍ فَالْحَقُّ لَهُمَا فَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ (قَوْلُهُ: لِيُسْقِطَ عَنْهُ نَفَقَةَ الْعِدَّةِ) لِكَوْنِ الطَّلَاقِ حِينَئِذٍ بَائِنًا وَالْمَرْأَةُ فِي الْبَائِنِ لَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ وَقَوْلُهُ: سُوءَ الْخُصُومَاتِ أَيْ الْخُصُومَاتِ السَّيِّئَةَ الَّتِي قَدْ تَتَرَتَّبُ عَلَى التَّأْخِيرِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا) وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ طَلَّقَ وَأَعْطَى (قَوْلُهُ: فَلَمْ تَكُنْ أَسْقَطَتْ) كَأَنَّ فِي الْعِبَارَةِ حَذْفًا وَالتَّقْدِيرُ فَلَمْ يَحْصُلْ لَهُ نَفْعٌ مِنْ جِهَتِهَا لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ أَسْقَطَتْ عَنْهُ مَا لَا يَقْدِرُ عَلَى إسْقَاطِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ أَوَّلًا فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا أَيْ جَرَّ لَهُ نَفْعًا مِنْ جِهَتِهَا وَهُوَ سُقُوطُ نَفَقَةِ الْعِدَّةِ أَوْ سُقُوطُ سُوءِ الِاقْتِضَاءَاتِ وَمِنْ كَوْنِهِ قَادِرًا عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا بِلَفْظِ الْخُلْعِ انْتَفَى السَّلَفُ الَّذِي جَرَّ نَفْعًا بِاعْتِبَارِهِ وَنُفِيَ بِاعْتِبَارِ إسْقَاطِهِ عَنْ نَفْسِهِ سُوءَ الِاقْتِضَاءَاتِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: نَصَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى لَفْظِ الْخُلْعِ (قَوْلُهُ: مِنْ لَفْظِ الصُّلْحِ إلَخْ) أَيْ كَأَنْ يَقُولَ أَنْتِ مُصَالِحَةٌ لِي أَوْ مُبَرِّئَةٌ لِي أَوْ مُفْتَدِيَةٌ مِنِّي وَانْظُرْ قَوْلَ الشَّارِحِ إنَّهَا فِي مَعْنَى الْخُلْعِ مَعَ أَنَّ الْمَعْنَى يَخْتَلِفُ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّهَا بِمَعْنَاهُ اسْتِعْمَالًا فِي الْبَيْنُونَةِ فَيَكُونُ خُلَاصَتُهُ أَنَّهَا أَلْفَاظٌ تُعُورِفَتْ فِي الْبَيْنُونَةِ (قَوْلُهُ: مَعَ الْعِوَضِ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعْطُوفٌ عَلَى بِلَا عِوَضٍ وَالتَّقْدِيرُ أَوْ بِعِوَضٍ نَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ وَتَفُوتُهُ مَسْأَلَةٌ عَلَى أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>