للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ وَهْبٍ لَكِنَّ الَّذِي قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الظَّاهِرُ حَيْثُ وَقَعَ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِغَيْرِهِ فَمُشْكِلٌ بِأَنَّهُ كَيْفَ يَقَعُ الطَّلَاقُ بِغَيْرِ لَفْظٍ وَيُجَابُ بِأَنَّ مَا يَقُومُ مَقَامَ اللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْقَبُولِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَتَهُ.

(ص) كَبَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا وَالْمُخْتَارُ نَفْيُ اللُّزُومِ فِيهِمَا (ش) هَذَا مِنْ بَابِ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِمَفْعُولِهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا بَاعَ زَوْجَتَهُ أَوْ زَوَّجَ زَوْجَتَهُ طَلُقَتْ طَلْقَةً وَاحِدَةً بَائِنَةً، وَسَوَاءٌ فَعَلَ ذَلِكَ فِي مَجَاعَةٍ أَمْ لَا هَازِلًا أَوْ جَادًّا، وَيُنَكَّلُ نَكَالًا شَدِيدًا وَلَا يَتَزَوَّجُهَا وَلَا غَيْرَهَا حَتَّى تُعْرَفَ تَوْبَتُهُ وَصَلَاحُهُ مَخَافَةَ بَيْعِهَا ثَانِيَةً قَالَهُ فِي الْبَيْعِ وَمِثْلُهُ فِي تَزْوِيجِهِ لَهَا وَاخْتَارَ اللَّخْمِيُّ مِنْ الْخِلَافِ عَدَمَ لُزُومِ الطَّلَاقِ فِي الْبَيْعِ وَالتَّزْوِيجِ وَإِلَيْهِمَا يَعُودُ ضَمِيرُ التَّثْنِيَةِ مِنْ قَوْلِهِ وَالْمُخْتَارُ عَدَمُ لُزُومِهِ فِيهِمَا وَالْمَذْهَبُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ.

(ص) وَطَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ إلَّا لِإِيلَاءٍ وَعُسْرٍ بِنَفَقَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ حَكَمَ الْحَاكِمُ أَوْ نَائِبُهُ بِإِنْشَائِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا إلَّا الطَّلَاقَ عَلَى الْمُولِي وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ فَإِنَّ الطَّلَاقَ عَلَيْهِمَا رَجْعِيٌّ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَتَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ وَإِلَّا لَغَتْ وَفِي قَوْلِهِ وَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِمِثْلِهَا وَقَوْلُنَا حُكِمَ بِإِنْشَائِهِ أَيْ لِكَعَيْبٍ أَوْ اضْطِرَارٍ أَوْ نُشُوزٍ أَوْ فَقْدٍ أَوْ إسْلَامٍ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا حُكِمَ بِصِحَّتِهِ أَوْ بِلُزُومِهِ فَإِنَّهُ يَبْقَى عَلَى أَصْلِهِ مِنْ بَائِنٍ أَوْ رَجْعِيٍّ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى أَسْبَابِ الْبَيْنُونَةِ أَخْرَجَ مِنْهَا قَوْلَهُ (لَا إنْ شُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ) أَيْ لَا إنْ طَلَّقَ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَشُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ (بِلَا عِوَضٍ) وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْبَيْنُونَةِ السَّابِقَةِ فَلَا يُعْتَبَرُ شَرْطُهُ وَهُوَ رَجْعِيٌّ. وَ " شُرِطَ " مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ لِيَشْمَلَ شَرْطَهُ وَشَرْطَهَا.

(ص) أَوْ طَلَّقَ وَأَعْطَى (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ وَأَعْطَاهَا مِائَةً مَثَلًا فَإِنَّهُ يَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا.

(ص) أَوْ صَالَحَ وَأَعْطَى (ش) صُورَتُهَا أَنَّ لَهَا عَشَرَةً مَثَلًا فَأَخَذَتْ مِنْهُ خَمْسَةً وَتَرَكَتْ لَهُ خَمْسَةً هِبَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا فَإِنَّهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ يَقَعُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا لِأَنَّ مَا تَرَكَتْهُ مِنْ دَيْنِهَا لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَمَا أَخَذَتْهُ فَهُوَ صُلْحٌ عَنْ بَعْضِ دَيْنِهَا وَقِيلَ بَائِنٌ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ نَظَرًا إلَى أَنَّ الْمَتْرُوكَ فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ وَفَرَّقَ ابْنُ الْمَوَّازِ فِي كُلٍّ مِنْ مَسْأَلَةِ طَلَّقَ وَأَعْطَى، وَصَالَحَ وَأَعْطَى فَقَالَ: إنْ أَعْطَى عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ وَقَصَدَ الْمُتَارَكَةَ أَوْ جَرَى بَيْنَهُمَا مَا يَقْتَضِي ذَلِكَ فَبَائِنَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ ذَلِكَ بَيْنَهُمَا فَرَجْعِيَّةٌ وَتَأَوَّلَ ابْنُ الْكَاتِبِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ الْخُلْعَ تَأْوِيلَانِ

ــ

[حاشية العدوي]

إذَا نَصَّ عَلَى الرَّجْعَةِ مَعَ لَفْظِ الْمُخَالَعَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ بَائِنًا وَلَيْسَ مَعْطُوفًا عَلَى ضَمِيرِ عَلَيْهِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ الْخُلُوِّ وَلَا يَصِحُّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَا إذَا تَلَفَّظَ بِلَفْظِ الْخُلْعِ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّ الَّذِي إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: حَيْثُ وَقَعَ الْقَبُولُ بِاللَّفْظِ) بِأَنْ تَلَفَّظَ بِقَوْلِهِ قَبِلْت ذَلِكَ وَقَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بِغَيْرِهِ أَيْ كَأَنْ يَتَكَلَّمَ بِقَلْبِهِ.

(قَوْلُهُ: كَبَيْعِهَا أَوْ تَزْوِيجِهَا) وَكَذَا إنْ بِيعَتْ أَوْ زُوِّجَتْ بِحَضْرَتِهِ وَسَكَتَ وَسَوَاءٌ فِي الْجَمِيعِ كَانَ هَازِلًا أَوْ جَادًّا إلَّا إنْ أَنْكَرَ بَعْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ أَوْ الْبَيْعِ فَلَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَانْظُرْ إذَا عَلِمَ بِالْعَقْدِ وَسَكَتَ وَلَمْ يَحْضُرْهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ طَلَاقًا فَإِنْ ادَّعَى بَعْدَمَا بَاعَهَا أَوْ زَوَّجَهَا أَنَّهُ غَيْرُ عَالِمٍ بِأَنَّهَا زَوْجَتُهُ وَلَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تُكَذِّبُهُ فَالظَّاهِرُ تَصْدِيقُهُ إذْ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْ الْمَسَائِلِ الَّتِي لَا يُعْذَرُ فِيهَا بِالْجَهْلِ.

(قَوْلُهُ: وَطَلَاقٍ حُكِمَ بِهِ) أَوْقَعَتْهُ الزَّوْجَةُ أَوْ الْحَاكِمُ (قَوْلُهُ: وَعُسْرٍ بِنَفَقَةٍ) كَلَامُ الْمَوَّاقِ وَالشَّارِحِ يُفِيدُ أَنَّ الْغَائِبَ الْمَلِيءَ إذَا طُلِّقَ عَلَيْهِ لِعَدَمِ مَالٍ حَاضِرٍ يُفْرَضُ لِزَوْجَتِهِ فِيهِ أَنَّهُ كَذَلِكَ فَلَوْ عَبَّرَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ عَدَمِ نَفَقَةٍ لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَحْسَنَ اعْلَمْ أَنَّ مَنْ وَجَدَتْ مَنْ يُدَايِنُ الْغَائِبَ وَيَتْبَعُ بِهِ ذِمَّةَ الْغَائِبِ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهَا أَنْ تَتَدَايَنَ وَيَكُونُ الدَّيْنُ فِي ذِمَّتِهَا بَلْ وَلَوْ كَانَتْ غَنِيَّةً لَا يَلْزَمُهَا أَنْ تُنْفِقَ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا وَلَهَا أَنْ تَطْلُقَ عَلَيْهِ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: أَوْ إسْلَامٍ مِنْ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ) أَيْ بَعْدَ ارْتِدَادِهِ وَفِي الْحَقِيقَةِ الْمُوجِبُ لِلْفَسْخِ إنَّمَا هُوَ الِارْتِدَادُ وَلَكِنْ لَمَّا لَمْ تَظْهَرْ ثَمَرَةٌ إلَّا عِنْدَ الْإِسْلَامِ نُظِرَ إلَيْهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْكَلَامَ فِي طَلَاقٍ أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ، وَالطَّلَاقُ يَقَعُ بِمُجَرَّدِ الرِّدَّةِ فَلَا يُحْتَاجُ لِإِنْشَائِهِ مِنْ حَاكِمٍ.

(قَوْلُهُ: لَا أَنْ شُرِطَ نَفْيُ الرَّجْعَةِ) يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً لَا رَجْعَةَ فِيهَا لِأَنَّهُ ثَبَتَ الرَّجْعَةُ بِأَوَّلِ لَفْظِهِ فَلَا يَسْقُطُ مَا وَجَبَ بِقَوْلِهِ لَا رَجْعَةَ فِيهَا وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً تَمْلِكِينَ بِهَا نَفْسَكِ فَإِنَّهَا رَجْعِيَّةٌ وَقِيلَ بَائِنَةٌ وَقِيلَ ثَلَاثٌ وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ وَرَجَّحَ اللَّقَانِيِّ أَنَّهَا بَائِنَةٌ وَهُوَ مَا عَلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَالْقَوْلُ بِأَنَّهَا ثَلَاثٌ ضَعِيفٌ وَمَحَلُّ ذَلِكَ مَا لَمْ يَقُلْ طَلَاقٌ تَمْلِكِينَ بِهِ نَفْسَكِ وَإِلَّا فَهُوَ ثَلَاثٌ بِاتِّفَاقٍ فَلَوْ زَادَ عَلَى تَمْلِكِينَ إلَخْ: وَلَا رَجْعَةَ عَلَيْك فَهُوَ بَائِنٌ كَمَا لِلْمِعْيَارِ ذَكَرَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا

(قَوْلُهُ: وَلَا غَيْرِهِ مِنْ أَسْبَابِ الْبَيْنُونَةِ) أَيْ كَلَفْظِ الْخُلْعِ وَالْإِبْرَاءِ وَالِافْتِدَاءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ

(وَقَوْلُهُ: وَتَرَكَتْ لَهُ خَمْسَةً هِبَةً) أَيْ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَأَعْطَى أَيْ وَأَعْطَى مَا وَقَعَ الصُّلْحُ بِهِ وَهُوَ الْخَمْسَةُ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ الصُّلْحِ وَعَلَى بَعْضِهِ هِبَةً وَقَوْلُهُ: وَقِيلَ بَائِنٌ وَهُوَ ظَاهِرٌ كَمَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُونَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: لَا فِي مُقَابَلَةِ الْعِصْمَةِ فَلَا يُسَلَّمُ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ التَّأْوِيلَانِ ضَعِيفَيْنِ مَعَ أَنَّ الرَّاجِحَ أَنَّهُ رَجْعِيٌّ مُطْلَقًا كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا يَظْهَرُ هَذَا الْحَلُّ وَفِي عب أَنَّ الْمَعْنَى أَوْ صَالَحَ زَوْجَةً عَلَى مَا لَهَا عَلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مُقِرًّا أَوْ مُنْكِرًا وَأَعْطَاهَا شَيْئًا آخَرَ مِنْ مَالِهِ وَهَذَا الْكَلَامُ يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ فَلَا حَاجَةَ لِلْإِطَالَةِ بِذِكْرِهِ وَلِلَّقَانِيِّ كَلَامٌ آخَرُ حَيْثُ قَالَ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ لَهَا دَيْنًا عَلَيْهِ فَصَالَحَهَا عَلَى إسْقَاطِ بَعْضِهِ لِأَنَّ الَّذِي صَالَحَهَا بِهِ فِي نَظِيرِ الْعِصْمَةِ فَهُوَ بَائِنٌ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا صُلْحٌ عَلَى وَجْهٍ مَا كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ عَلَيْهَا أَوْ كَانَ لَهَا عَلَيْهِ قِصَاصًا اهـ وَالظَّرْفُ الْأَوَّلُ مِنْ كَلَامِهِ لَا يَظْهَرُ وَالثَّانِي قَرِيبٌ (قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ) أَيْ فَصَلَ (قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ) الْإِضَافَةُ لِلْبَيَانِ وَقَوْلُهُ " وَقَصَدَ الْمُتَارَكَةَ " عَطْفُ تَفْسِيرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>