للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصَّوَابُ الْعَكْسُ وَلَوْلَا مَا بَعْدَهُ لَكَانَ وَجْهُ الْكَلَامِ لَا بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ فِي صُورَةِ حَلِفِهِ لَا بَاعَهُ فَأَعْتَقَ شَرِيكُهُ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ أَوْ فِي صُورَةِ حَلِفِهِ لَا اشْتَرَاهُ فَأَعْتَقَ هُوَ نَصِيبَهُ فَقُوِّمَ عَلَيْهِ فَيَحْنَثُ.

(تَنْبِيهٌ) : الْإِكْرَاهُ الشَّرْعِيُّ بِمَنْزِلَةِ الطَّوْعِ كَانَتْ الْيَمِينُ عَلَى بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ أَمَّا غَيْرُ الشَّرْعِيِّ فَهُوَ فِي صِيغَةِ الْحِنْثِ كَالشَّرْعِيِّ وَأَمَّا فِي صِيغَةِ الْبِرِّ فَلَا يُوجِبُ حِنْثًا سَمِعَ عِيسَى بْنُ الْقَاسِمِ مَنْ حَلَفَ لَا خَرَجَتْ امْرَأَتُهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ إلَى رَأْسِ الْحَوْلِ فَأَخْرَجَهَا مَا لَا بُدَّ مِنْهُ كَرَبِّ الدَّارِ أَوْ سَيْلٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ خَوْفٍ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَيَمِينُهُ حَيْثُ انْتَقَلَتْ بَاقِيَةٌ ابْنُ رُشْدٍ اتِّفَاقًا.

(ص) أَوْ فِي فِعْلٍ (ش) عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ أُكْرِهَ أَيْ أُكْرِهَ فِي قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ فَكَمَا لَا يَصِحُّ طَلَاقُ الْمُكْرَهِ فِي الْقَوْلِ كَذَلِكَ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ فِي الْفِعْلِ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ أَوْ لَا أَكَلَ الشَّيْءَ الْفُلَانِيَّ فَأُكْرِهَ عَلَى دُخُولِ الدَّارِ أَوْ عَلَى أَكْلِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مِنْهُ.

(ص) إلَّا أَنْ يَتْرُكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ أُكْرِهَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْقَوْلِ إذْ الْفِعْلُ لَا تُمْكِنُ فِيهِ التَّوْرِيَةُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمُكْرَهَ لَا يَصِحُّ طَلَاقُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ فِيهِ شَيْءٌ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَكُونَ الْحَالِفُ قَدْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهَا وَعَدَمِ دَهْشَتِهِ بِالْإِكْرَاهِ وَأَمَّا إنْ تَرَكَ الْحَالِفُ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهِ لَهَا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ وَالتَّوْرِيَةُ أَنْ يَأْتِيَ الْحَالِفُ بِلَفْظٍ فِيهِ إيهَامٌ عَلَى السَّامِعِ لَهُ مَعْنَيَانِ قَرِيبٌ وَبَعِيدٌ وَيُرِيدُ الْبَعِيدَ كَقَوْلِهِ هِيَ طَالِقٌ وَيُرِيدُ مِنْ وِثَاقٍ أَوْ يُرِيدُ وَجَعَهَا بِالطَّلْقِ وَهُوَ الْمَخَاضُ وَمَعْنَى طَالِقٍ الْقَرِيبُ إبَانَةُ الْعِصْمَةِ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ تَبِعَ فِيهِ اللَّخْمِيَّ لِأَنَّهُ قَالَ فِي تَوْضِيحِهِ.

وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ (ص) بِخَوْفٍ مُؤْلِمٍ (ش) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أُكْرِهَ وَلَمْ يَقُلْ بِتَحَقُّقِ أَوْ وُقُوعِ مُؤْلِمٍ لِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ثُمَّ بَيَّنَ أَنْوَاعَ الْخَوْفِ الْمُؤْلِمِ بِقَوْلِهِ (ص) مِنْ قَتْلٍ أَوْ ضَرْبٍ (ش) وَلَوْ قَلَّ (ص) أَوْ سَجْنٍ أَوْ قَيْدٍ (ش) ظَاهِرُهُ فِيهِمَا أَيْضًا وَلَوْ قَلَّ.

(ص) أَوْ صَفْعٍ (ش) فِي الْقَفَا (لِذِي مُرُوءَةٍ بِمَلَإٍ) أَيْ بِجَمْعٍ فَإِنْ فُعِلَ بِهِ فِي الْخَلَاءِ فَلَيْسَ إكْرَاهًا لَا فِي ذِي الْمُرُوءَةِ وَلَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَقَيَّدَهُ ابْنُ عَرَفَةَ بِالْيَسِيرِ وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَإِكْرَاهٌ وَلَوْ فِي الْخَلَاءِ وَبِعِبَارَةٍ: الْمَلَأُ يُطْلَقُ عَلَى الْأَشْرَافِ خَاصَّةً وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْجَمَاعَةِ مُطْلَقًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الثَّانِي كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا، وَاحْتَرَزَ بِهِ مِمَّا لَوْ فُعِلَ ذَلِكَ مَعَهُ فِي الْخَلَاءِ وَالصَّفْعُ هُوَ الضَّرْبُ بِالْكَفِّ فِي الْقَفَا ابْنُ عَرَفَةَ يُرِيدُ يَسِيرَهُ وَأَمَّا كَثِيرُهُ فَإِكْرَاهٌ مُطْلَقًا انْتَهَى وَالْمُرَادُ التَّخْوِيفُ بِذَلِكَ لَا حُصُولُهُ وَالْمُرَادُ بِالْكَثِيرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّهْدِيدِ بِهِ الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ وَغَيْرِهِ - فِي الْمَلَإِ وَالْخَلَاءِ -، وَالْيَسِيرِ مَا يَحْصُلُ مِنْ التَّهْدِيدِ بِهِ الْخَوْفُ لِذِي الْمُرُوءَةِ فِي الْمَلَأِ وَيَظْهَرُ مِنْ قُوَّةِ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْإِكْرَاهِ كَوْنُ الْمَخُوفِ بِهِ يَقَعُ نَاجِزًا وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك فَعَلْت كَذَا بِك بَعْدَ شَهْرٍ وَحَصَلَ الْخَوْفُ بِذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

يَنْفَعُهُ عَلَى مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَنْفَعُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ: وَلَوْلَا مَا بَعْدَهُ إلَخْ) أَيْ لِأَنَّ الَّذِي بَعْدَهُ لَا يَحْنَثُ فِيهِ غَيْرَ أَنَّ الشَّارِحَ يُجِيبُ عَنْ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ.

(قَوْلُهُ: عَلَى التَّصْوِيبِ الْمُتَقَدِّمِ) وَعَلَى عَدَمِهِ يَكُونُ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ بِكَتَقْوِيمِ جُزْءِ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ) مِنْ كُلِّ فِعْلٍ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ مَخْلُوقٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَسُجُودٍ لِصَنَمٍ وَزِنًا بِطَائِعَةٍ غَيْرِ ذَاتِ زَوْجٍ وَلَا سَيِّدٍ وَبِقَيْدِ بِمَا إذَا كَانَتْ صِيغَتُهُ صِيغَةَ بِرٍّ كَمَا مَثَّلْنَا فَإِنْ كَانَتْ صِيغَةَ حِنْثٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْيَمِينِ حَيْثُ قَالَ: وَوَجَبَتْ بِهِ إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ، وَمُقَيَّدٌ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْآمِرُ بِالْإِكْرَاهِ هُوَ الْحَالِفَ وَبِمَا إذَا لَمْ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيُكْرَهُ وَبِمَا إذَا لَمْ يَقُلْ فِي يَمِينِهِ: لَا أَدْخُلُهُ طَائِعًا وَلَا مُكْرَهًا.

(قَوْلُهُ: وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) أَيْ مِنْ مُطْلِقِ الطَّلَاقِ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ فَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَبْلَهُ (قَوْلُهُ: وَالتَّوْرِيَةُ إلَخْ) وَالْأَحْسَنُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هُنَا الْمَخْلَصُ سَوَاءٌ كَانَ بِالْمَعْنَى الْمَعْرُوفِ عِنْدَهُمْ وَهُوَ إرَادَةُ الْمَعْنَى الْبَعِيدِ دُونَ الْقَرِيبِ أَوْ غَيْرِهِ كَجَوْزَتِي طَالِقٌ يُرِيدُ جَوْزَةَ حَلْقِهِ لَيْسَ فِيهَا لُقْمَةٌ مَثَلًا بَلْ سَالِكَةٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ الْإِكْرَاهِ الْقَوْلِيِّ لَا مِنْ الْفِعْلِيِّ فَلَوْ قَدَّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ فِي فِعْلٍ كَانَ أَحْسَنَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمَخَاضُ) هُوَ وَجَعُ الْوِلَادَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ تَقْيِيدٌ) وَالْمُعْتَمَدُ لَا حِنْثَ وَلَوْ تَرَكَ التَّوْرِيَةَ مَعَ مَعْرِفَتِهَا (قَوْلُهُ: مُؤْلِمٍ) صِفَةٌ لِخَوْفٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ ثُمَّ بَيَّنَ أَنْوَاعَ الْخَوْفِ الْمُؤْلِمِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ الْقَتْلَ وَمَا بَعْدَهُ أَنْوَاعٌ لِلْمَخُوفِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّارِحُ أَرَادَ بِالْخَوْفِ الْمَخُوفَ وَفِي شَرْحِ شب مَا يَقْتَضِي قِرَاءَتَهُ بِالْإِضَافَةِ لِأَنَّهُ قَالَ لِخَوْفِ وُقُوعِ مُؤْلِمٍ بِهِ وَهَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ وَهُوَ الْمَذْهَبُ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ الْيَقِينِ الَّذِي لَا شَكَّ فِيهِ كَمَا فِي سَمَاعِ عِيسَى؟ خِلَافٌ، وَالْمُرَادُ مُؤْلِمٌ حَالًا أَوْ مَآلًا فَالْخَوْفُ حَالًا وَالْمُتَخَوَّفُ مِنْ وُقُوعِهِ حَالًا أَوْ مَآلًا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ شَامِلٌ لِمَا إذَا هُدِّدَ أَوْ لَا وَطُلِبَ فِيهِمَا مِنْهُ الْحَلِفُ مَعَ التَّخْوِيفِ فَإِنْ بَادَرَ بِالْحَلِفِ قَبْلَ الطَّلَبِ وَالتَّهْدِيدِ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ إكْرَاهٌ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُبَادِرْ هُدِّدَ وَإِلَّا فَلَا وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ غَيْرُ إكْرَاهٍ مُطْلَقًا فَإِنْ قَيَّدَ كَلَامَهُ بِاللَّخْمِيِّ وَافَقَهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ سَجْنٍ) عَلَى تَفْصِيلٍ كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ إنَّهُ إكْرَاهٌ لِذَوِي الْأَقْدَارِ وَلَيْسَ إكْرَاهًا لِغَيْرِهِمْ إلَّا أَنْ يُهَدَّدَ بِطُولِ الْمُقَامِ فِيهِ (قَوْلُهُ: مُرُوءَةٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ - وَهُوَ الْأَفْصَحُ -، وَضَمِّهَا كَمَا فِي شَرْحِ شب (قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ هُنَا الثَّانِي) بَلْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِي الْمَلَأِ أَوْ الْخَلَاءِ لِذِي مُرُوءَةٍ وَغَيْرِهِ كَمَا فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ: وَحَصَلَ الْخَوْفُ بِذَلِكَ) فَإِنَّهُ يَكُونُ إكْرَاهًا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ مِنْ أَنَّهُ هَلْ يَكْفِي فِيهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ أَوْ لَا بُدَّ مِنْ التَّيَقُّنِ بِذَلِكَ وَلَوْ خُوِّفَ الْمَدِينُ الْمُعْسِرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ الَّذِي لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ بِالسَّجْنِ فَهُوَ إكْرَاهٌ كَمَا اسْتَظْهَرَهُ عج أَيْ بِحَسَبِ نَفْسِ الْأَمْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>