للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ إكْرَاهًا.

(ص) أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ لِمَالِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الظَّالِمَ إذَا خَوَّفَ شَخْصًا بِقَتْلِ وَلَدِهِ أَوْ بِإِتْلَافِ مَالِهِ بِأَنْ قَالَ لَهُ: إنْ لَمْ تُطَلِّقْ زَوْجَتَك وَإِلَّا قَتَلْت وَلَدَك أَوْ أَخَذْت مَالَكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ إكْرَاهًا وَلَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَفِي تَخْوِيفِهِ بِعُقُوبَةِ وَلَدِهِ خِلَافٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَلَدِ هُنَا وَإِنْ سَفَلَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَشْمَلُ وَلَدَ الْبِنْتِ لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الضَّرْبِ فَقَوْلُهُ " أَوْ قَتْلِ " مَعْطُوفٌ عَلَى " خَوْفٍ " وَقَوْلُهُ " أَوْ لِمَالِهِ " مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ مَعْطُوفٍ عَلَى أُكْرِهَ أَيْ أَوْ فَعَلَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ لِأَجْلِ أَخْذِ مَالِهِ أَيْ مَالِ الْمُكْرَهِ نَفْسِهِ وَأَمَّا مَالُ غَيْرِهِ فَلَا عَلَى مَا يَأْتِي.

(ص) وَهَلْ إنْ كَثُرَ؟ تَرَدُّدٌ (ش) اعْلَمْ أَنَّهُ جَرَى فِي خَوْفِ الْمَالِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ قِيلَ إكْرَاهٌ وَقِيلَ لَيْسَ بِإِكْرَاهٍ وَقِيلَ إنْ كَثُرَ فَإِكْرَاهٌ وَإِلَّا فَلَا وَهَلْ الثَّالِثُ تَفْسِيرٌ لِلْقَوْلَيْنِ وَعَلَيْهِ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ وَهُوَ طَرِيقَةٌ لِبَعْضِهِمْ أَوْ لَا وَعَلَيْهِ فَالْأَقْوَالُ ثَلَاثَةٌ عَلَى ظَاهِرِهَا وَهُوَ طَرِيقَةُ بَعْضِهِمْ وَإِلَى الطَّرِيقَتَيْنِ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ لِتَرَدُّدِهِمْ فِي النَّقْلِ.

(ص) لَا أَجْنَبِيٍّ (ش) بِالْجَرِّ عَطْفٌ عَلَى وَلَدِهِ أَيْ لَا خَوْفِ قَتْلِ أَجْنَبِيٍّ فَإِذَا قَالَ ظَالِمٍ لِشَخْصٍ: إنْ لَمْ تَأْتِنِي بِفُلَانٍ أَقْتُلُهُ وَهُوَ عِنْدَك وَتَعْلَمُ مَكَانَهُ وَأَنْتَ قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ وَإِلَّا قَتَلْتُ زَيْدًا مَثَلًا فَقَالَ ذَلِكَ الشَّخْصُ: فُلَانٌ لَيْسَ عِنْدِي وَلَا أَعْلَمُ مَكَانَهُ وَلَا أَنَا قَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ فَأَحْلَفَهُ الظَّالِمُ بِالطَّلَاقِ عَلَى ذَلِكَ وَالْحَالُ أَنَّ الْحَالِفَ يَعْلَمُ مَكَانَ فُلَانٍ وَقَادِرٌ عَلَى الْإِتْيَانِ بِهِ لِذَلِكَ الظَّالِمِ فَإِنَّ الْحَالِفَ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ تَحَقَّقَ الْحَالِفُ حُصُولَ مَا يَنْزِلُ بِزَيْدٍ فَإِنَّهُ لَا يُعْذَرُ بِذَلِكَ وَيَحْنَثُ وَلَكِنْ يُثَابُ الْحَالِفُ عَلَى ذَلِكَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَأُمِرَ بِالْحَلِفِ لِيَسْلَمَ) أَيْ وَأُمِرَ نَدْبًا بِالْحَلِفِ كَاذِبًا لِأَجْلِ سَلَامَةِ الْأَجْنَبِيِّ أَوْ مَالِهِ وَفَائِدَةُ الْحَلِفِ مَعَ كَوْنِهِ يَحْنَثُ وَيُكَفِّرُ عَنْهَا أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَمُوسًا بَلْ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا.

(ص) وَكَذَا الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ وَالْإِقْرَارُ وَالْيَمِينُ وَنَحْوُهُ (ش) أَيْ وَمِثْلُ الْإِكْرَاهِ عَلَى الطَّلَاقِ الْإِكْرَاهُ عَلَى عِتْقِ رَقِيقِهِ وَإِنْكَاحِ بَنَاتِهِ وَالْإِقْرَارُ بِأَنَّ فِي ذِمَّتِهِ كَذَا، وَالْيَمِينُ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ وَالْبَيْعُ وَالشِّرَاءُ وَغَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا مَرَّ مِنْ قَتْلٍ وَضَرْبٍ وَصَفْعٍ لِذِي مُرُوءَةٍ.

(ص) وَأَمَّا الْكُفْرُ وَسَبُّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَقَذْفُ الْمُسْلِمِ فَإِنَّمَا يَجُوزُ لِلْقَتْلِ (ش) الْمَسَائِلُ الْمُتَقَدِّمَةُ يَتَحَقَّقُ فِيهَا الْإِكْرَاهُ بِالتَّخْوِيفِ بِالْقَتْلِ وَمَا مَعَهُ وَأَمَّا هَذِهِ الْمَسَائِلُ فَإِنَّهُ لَا يَتَحَقَّقُ فِيهَا إلَّا بِالتَّخْوِيفِ مَعَ مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَإِنْ أُكْرِهَ عَلَى أَنْ يَكْفُرَ بِاَللَّهِ أَوْ عَلَى أَنْ يَسُبَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ عَلَى أَنْ يَقْذِفَ الْمُسْلِمَ فَإِنَّهُ لَا يُقْدِمُ عَلَى ذَلِكَ إلَّا مَعَ مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ فَقَطْ، وَعَطْفُ السَّبِّ عَلَى الْكُفْرِ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَلَمَّا كَانَ أَشَدَّ مِنْ الْكُفْرِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَدْرٍ زَائِدٍ عَلَيْهِ وَهُوَ الْقَتْلُ وَلَا تُقْبَلُ تَوْبَتُهُ أَتَى بِهِ وَمِثْلُ قَذْفِ الْمُسْلِمِ سَبُّ الصَّحَابَةِ بِغَيْرِ الْقَذْفِ بِخِلَافِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الصَّحَابِيِّ فَيَجُوزُ بِغَيْرِ الْقَتْلِ وَأَمَّا قَذْفُ غَيْرِ الْمُسْلِمِ فَيَجُوزُ لِغَيْرِ الْقَتْلِ.

(ص) كَالْمَرْأَةِ لَا تَجِدُ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا، وَصَبْرُهُ أَجْمَلُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا لَمْ تَجِدْ مِنْ الْقُوتِ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: أَوْ قَتْلِ وَلَدِهِ) وَلَوْ عَاقًّا (قَوْلُهُ: أَوْ إتْلَافِهِ) أَيْ أَوْ بِأَخْذِهِ (قَوْلُهُ: وَفِي تَخْوِيفِهِ بِعُقُوبَةِ وَلَدِهِ خِلَافٌ) ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ بَارًّا أَوْ عَاقًّا وَفِي عب مُشَبِّهًا فِي كَوْنِهِ إكْرَاهًا وَكَذَا بِعُقُوبَةِ الْبَارِّ إنْ تَأَلَّمَ بِهَا كَمَا بِنَفْسِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْهُ لَا إنْ لَمْ يَتَأَلَّمْ بِهِ كَذَا اسْتَظْهَرَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَا بِعُقُوبَةِ عَاقٍّ مِثَالُهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: احْلِفْ لِي عَلَى كَذَا وَإِلَّا عَاقَبْت وَلَدَك فَحَلَفَ لَهُ كَاذِبًا (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الضَّرْبِ) أَيْ لِأَنَّ الْقَتْلَ أَشَدُّ مِنْ خَوْفِ الضَّرْبِ وَيُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ فِي خَوْفِ الضَّرْبِ لَا يَكُونُ إكْرَاهًا فِي وَلَدِ الْبِنْتِ دُونَ غَيْرِهِ وَانْظُرْهُ.

(قَوْلُهُ: أَوْ فَعَلَ الْمُكْرَهَ عَلَيْهِ) وَهُوَ الْحَلِفُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَوْ أُكْرِهَ عَلَى الْحَلِفِ بِتَخْوِيفِهِ بِالْأَخْذِ لِمَالِهِ (قَوْلُهُ: وَهَلْ إنْ كَثُرَ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِرَبِّ الْمَالِ كَمَا قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَرْجَحِيَّةِ ذَلِكَ الْقَوْلِ (قَوْلُهُ: لِتَرَدُّدِهِمْ فِي النَّقْلِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَيْسَ تَرَدُّدًا فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ إنَّمَا ذَلِكَ طَرِيقَتَانِ فِي رُجُوعِ الْخِلَافِ إلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ أَوْ إبْقَائِهَا عَلَى كَوْنِهَا أَقْوَالًا مُتَبَايِنَةً وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ تَرَدَّدُوا فِي النَّقْلِ عَنْهُمْ كَأَنَّ وَاحِدًا يَقُولُ: إنَّ الْمُتَقَدِّمِينَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ، وَوَاحِدًا يَقُولُ: إنَّهُمْ عَلَى أَقْوَالٍ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَهَلْ إنْ كَثُرَ إشَارَةً لِتَأْوِيلِ الْوِفَاقِ وَحَذْفِ تَأْوِيلِ الْخِلَافِ وَهُوَ أَوْ مُطْلَقًا أَيْ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا أَيْ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ لِكَوْنِهِ مُعْتَمَدًا وَطَرْحِ مَا عَدَاهُ.

(قَوْلُهُ: لَا أَجْنَبِيٍّ) وَهُوَ مَا عَدَا النَّفْسَ وَالْوَلَدَ وَلَوْ أَخًا أَوْ أَبًا (قَوْلُهُ: وَأُمِرَ نَدْبًا إلَخْ) فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ وَقُتِلَ الْمَطْلُوبُ فَهَلْ يَضْمَنُ الْمَأْمُورُ بِالْحَلِفِ لِقُدْرَتِهِ عَلَى خَلَاصِهِ وَلَمْ يَفْعَلْ أَمْ لَا وَهُوَ الظَّاهِرُ لِأَنَّ أَمْرَ الْيَمِينِ شَدِيدٌ وَحَرِجٌ فَلَا يُقَاسُ عَلَى مَسْأَلَةِ تَرْكِ الشَّهَادَةِ وَنَحْوِهَا نَعَمْ إنْ دَلَّ الظَّالِمَ ضَمِنَ.

وَقَالَ اللَّقَانِيِّ يَنْبَغِي الْوُجُوبُ عَمَلًا بِالْقَاعِدَةِ الْأُصُولِيَّةِ وَهِيَ ارْتِكَابُ أَخَفِّ الضَّرَرَيْنِ لِأَنَّ طَلَاقَ الزَّوْجَةِ أَخَفُّ مِنْ الْقَتْلِ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا غُرْمُ الْمَالِ وَهُوَ الصَّدَاقُ وَيَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ قَوْلُهُ: فِيمَا تَقَدَّمَ فِي الذَّبْحِ: أَوْ تَرْكَ تَخْلِيصِ مُسْتَهْلَكٍ.

(قَوْلُهُ: أَنَّهُ لَا يَكُونُ غَمُوسًا) أَيْ غَمُوسًا حَرَامًا بَلْ هِيَ غَمُوسٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا فَحِينَئِذٍ يُعَايَا بِهَا فَيُقَالُ: لَنَا غَمُوسٌ يُؤْجَرُ عَلَيْهَا وَإِذَا كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ يُقَالُ لَنَا غَمُوسٌ أُجِرَ عَلَيْهَا وَكُفِّرَتْ أَيْ فَإِذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ يُنْدَبُ حَلِفُهُ أَنْ لَا يَعْلَمَ مَوْضِعَهُ، وَيُكَفِّرُ.

(قَوْلُهُ: وَالْيَمِينُ بِعِتْقٍ إلَخْ) وَمَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ إكْرَاهٌ فِي الْيَمِينِ بِالطَّلَاقِ أَوْ فِي تَعْلِيقِهِ فَلَا تَكْرَارَ.

(قَوْلُهُ: وَسَبُّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -) وَكَذَا كُلُّ نَبِيٍّ مُجْمَعٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكٍ مُجْمَعٍ عَلَى مَلَكِيَّتِهِ وَكَذَا الْحُورُ الْعِينُ لِمَا يَأْتِي فِي الرِّدَّةِ مِنْ قَتْلِ سَابِّهِمْ وَعَدَمِ قَبُولِ تَوْبَتِهِ وَأَمَّا الْمُخْتَلَفُ فِي نُبُوَّتِهِ أَوْ مَلَكِيَّتِهِ فَيُشَدَّدُ عَلَى سَابِّهِمْ فَقَطْ فَالْإِكْرَاهُ عَلَى سَبِّهِمْ دُونَ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا) أَيْ حَيَاتَهَا أَيْ إلَّا مَا يُقِيمُ حَيَاتَهَا (قَوْلُهُ: إلَّا لِمَنْ يَزْنِي بِهَا) فَيُبَاحُ لَهَا وَتَتَنَاوَلُ مَا يُشْبِعُهَا لَا قَدْرَ مَا يَسُدُّ رَمَقَهَا فَقَطْ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>