للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا يَعْلَمُ صِدْقَهَا مِنْ كَذِبِهَا وَهَلْ مَحَلُّ الْأَمْرِ مَعَ عَدَمِ الْجَبْرِ سَوَاءٌ أَجَابَتْ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ كَمَا إذَا قَالَتْ لَهُ فِي جَوَابِ قَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ كُنْت تُحِبِّينِي نَعَمْ أُحِبُّك أَمْ لَا بِأَنْ قَالَتْ: لَا أُحِبُّك نَظَرًا إلَى مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُطَابِقًا أَوْ غَيْرَ مُطَابِقٍ أَوْ مَحَلُّ عَدَمِ الْجَبْرِ إذَا أَجَابَتْهُ بِمَا لَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ وَأَمَّا إنْ أَجَابَتْهُ بِمَا يَقْتَضِي الْحِنْثَ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ أَيْ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ جَبْرًا؟ تَأْوِيلَانِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ لَهُمَا وَالْمَذْهَبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ أَوَّلًا.

(ص) وَبِالْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِ " أُمِرَ " عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أُمِرَ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا مِنْ غَيْرِ قَضَاءٍ فَمَنْ لَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيَعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِ مَالِهِ وَيَمْشِ إلَى مَكَّةَ وَتَقْرِيرُ الشَّارِحِ هُنَا مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ (ص) وَلَا يُؤْمَرُ إنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ شَكَّ هَلْ صَدَرَ مِنْهُ طَلَاقٌ أَمْ لَا فَإِنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الطَّلَاقِ بَلْ وَلَا يُؤْمَرُ بِهِ فَضْلًا عَنْ جَبْرِهِ بِخِلَافِ لَوْ شَكَّ هَلْ أَعْتَقَ أَمْ لَا فَإِنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْحُرِّيَّةِ، وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ إنْ شَكَّ أَنَّ الظَّنَّ لَيْسَ كَذَلِكَ فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ طَلَّقَ فَهُوَ كَمَنْ تَيَقَّنَ ذَلِكَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَالشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ حَيْثُ أُلْغِيَ فِي الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ هُوَ أَنَّ الشَّكَّ فِي الْحَدَثِ رَاجِعٌ إلَى اسْتِيفَاءِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ شَغْلُ الذِّمَّةِ بِالصَّلَاةِ فَلَا يَبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ وَفِي الطَّلَاقِ رَاجِعٌ إلَى رَفْعِ حُكْمِ الْأَصْلِ فَإِنَّ الْأَصْلَ فِي الزَّوْجَةِ النِّكَاحُ الْمُبِيحُ لِلْوَطْءِ وَهُوَ لَا يَرْتَفِعُ بِالشَّكِّ.

(ص) إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ - وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ - كَرُؤْيَةِ شَخْصٍ دَاخِلًا شَكَّ فِي كَوْنِهِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَهَلْ يُجْبَرُ؟ تَأْوِيلَانِ (ش) صُورَتُهَا شَخْصٌ حَلَفَ وَشَكَّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا كَمَنْ حَلَفَ مَثَلًا أَنْ لَا يَدْخُلَ عَمْرٌو دَارَ زَيْدٍ ثُمَّ رَأَى شَخْصًا دَاخِلًا الدَّارَ أَوْ خَارِجًا مِنْهَا وَشَكَّ الْحَالِفُ - وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ مِنْ الْوَسْوَسَةِ - هَلْ هُوَ عَمْرٌو الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَوْ غَيْرُهُ وَخَفِيَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ وَتَعَذَّرَ التَّحْقِيقُ فَهَذَا يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ وَهَلْ يُجْبَرُ عَلَيْهِ إذَا أَبَى وَيُنَجَّزُ عَلَيْهِ أَوْ يُؤْمَرُ مِنْ غَيْرِ جَبْرٍ؟ تَأْوِيلَانِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ " مِنْ غَيْرِهِ كَالْمُوَسْوَسِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِالْمُوَسْوِسِ مَنْ اسْتَنْكَحَهُ الشَّكُّ وَهُوَ الظَّاهِرُ الْمُوَافِقُ لِمَا ذَكَرَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَالشَّكِّ فِي الْحَدَثِ وَنَحْوِهِ أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ.

(ص) وَإِنْ شَكَّ أَهِنْدُ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا (ش) أَيْ وَإِنْ أَوْقَعَ الطَّلَاقَ عَلَى زَوْجَةٍ مُعَيَّنَةٍ مِنْ زَوْجَتَيْنِ فَأَكْثَرَ ثُمَّ شَكَّ فِي الْمُوقَعِ عَلَيْهَا أَهِنْدُ هِيَ أَمْ غَيْرُهَا أَوْ حَلَفَ بِطَلَاقِ وَاحِدَةٍ فَحَنِثَ وَلَمْ يَدْرِ مَنْ هِيَ مِنْهُمَا أَوْ مِنْهُنَّ لَزِمَهُ طَلَاقُ مَنْ شَكَّ فِي طَلَاقِهَا نَاجِزًا وَإِذَا ذَكَرَ فِي الْعِدَّةِ يَنْبَغِي أَنْ يُصَدَّقَ قِيَاسًا عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْآتِيَةِ (ص) أَوْ قَالَ إحْدَاكُمَا طَالِقٌ (ش) أَيْ أَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إحْدَاكُمَا طَالِقٌ، أَوْ امْرَأَتُهُ طَالِقٌ، وَلَهُ امْرَأَتَانِ، أَوْ لِزَوْجَاتِهِ، إحْدَاكُنَّ طَالِقٌ وَلَمْ يَنْوِ مُعَيَّنَةً فِي الْجَمِيعِ أَوْ نَوَى وَاحِدَةً وَنَسِيَهَا طَلَقَتَا أَوْ طَلَقْنَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا يَخْتَارُ عِنْدَ الْمِصْرِيِّينَ بِخِلَافِ الْعِتْقِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَسَوَّى الْمَدَنِيُّونَ فِي الِاخْتِيَارِ وَالْفَرْقُ لِلْمَشْهُورِ خِفَّةُ الْعِتْقِ لِجَوَازِ

ــ

[حاشية العدوي]

وَسَوَاءٌ فِيهِمَا رَجَعَتْ لِتَصْدِيقِهِ أَوْ تَكْذِيبِهِ أَوْ لَمْ تَرْجِعْ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَحَبَّةَ لَمَّا كَانَتْ قَلْبِيَّةً وَكَذَا بُغْضُهَا وَلَا يُتَوَصَّلُ فِيهِمَا إلَّا بِتَكْذِيبِهَا افْتَرَقَ حُكْمُهَا مِنْ مَسْأَلَةِ الدُّخُولِ لِاحْتِمَالِ التَّوَصُّلِ فِيهَا إلَى الْوَاقِعِ مِنْ غَيْرِهَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَالَتْ لَا أُحِبُّك) أَيْ أَوْ قَالَتْ لَا أُحِبُّك وَلَا أَبْغَضُك أَوْ سَكَتَتْ (قَوْلُهُ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ) أَيْ وَهُوَ الِاحْتِمَالُ.

(قَوْلُهُ: أُمِرَ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا) ذَكَرَ الْحَطَّابُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ بِالنَّدْبِ وَالْوُجُوبِ وَاخْتَارَ كَوْنَهُ وَاجِبًا (قَوْلُهُ: مُخَالِفٌ لِلنَّقْلِ) لِأَنَّهُ قَالَ كَحَلِفِهِ بِطَلَاقِهَا لَا كَلَّمَ زَيْدًا ثُمَّ شَكَّ هَلْ كَلَّمَهُ أَمْ لَا انْتَهَى، وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا هُوَ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنْ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا لِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِالتَّعْلِيقِ أَوْ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ بِالشَّكِّ مَا اسْتَوَى طَرَفَاهُ لَا مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَالْوَهْمُ لَا يُؤَثِّرُ وَصُحِّحَ كَلَامُ الشَّارِحِ وَهُوَ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ وَشَكَّ هَلْ حَنِثَ أَمْ لَا فَيُطَلَّقُ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَقِيلَ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْفِرَاقُ وَظَهَرَ بِهَذَا أَنَّهُ فُرِّقَ فِي الْحُكْمِ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ مَعَ شَكِّهِ فِي الْحِنْثِ فِي أَنَّهُ يَقَعُ وَبَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ مَعَ شَكِّهِ فِي فِعْلِهِ فِي أَنَّهُ لَا يَقَعُ وَانْظُرْ الْفَرْقَ، هَذَا مَا فِي شَرْحِ عب وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمُسْتَفَادِ مِنْ بَهْرَامَ فَإِنَّ مُفَادَ بَهْرَامَ أَنَّ التَّصْوِيرَ وَاحِدٌ وَالْمُخَالَفَةَ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُ حُكْمٌ بِالتَّنْجِيزِ، وَنَصُّهُ يَعْنِي وَكَذَلِكَ يُنَجَّزُ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ بِالْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ أُمِرَ بِإِنْفَاذِ الْأَيْمَانِ الْمَشْكُوكِ فِيهَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامُ الشَّارِحِ لَيْسَ بِوَاضِحٍ وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ لَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ بِمَشْيٍ أَوْ نَذْرٍ أَوْ صَدَقَةٍ فَلْيُطَلِّقْ نِسَاءَهُ وَيَعْتِقْ رَقِيقَهُ وَيَتَصَدَّقْ بِثُلُثِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: هَلْ صَدَرَ مِنْهُ طَلَاقٌ أَوْ لَا) بِأَنْ شَكَّ هَلْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ لَمْ يَقُلْ أَوْ شَكَّ هَلْ حَلَفَ وَحَنِثَ أَوْ لَمْ يَفْعَلْ وَلَمْ يَحْنَثْ وَشَكُّهُ فِي حَلِفِهِ عَلَى فِعْلِ غَيْرِهِ هَلْ فَعَلَ أَمْ لَا إلَّا أَنْ يَسْتَنِدَ وَهُوَ سَالِمُ الْخَاطِرِ إلَخْ (قَوْلُهُ: رَاجِعٌ إلَى اسْتِيفَاءِ حُكْمِ الْأَصْلِ) أَيْ حُكْمٍ هُوَ الْأَصْلُ أَيْ تَحْصِيلُ الْأَصْلِ وَهُوَ شَغْلُ الذِّمَّةِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ هُوَ إنَّ الشَّكَّ رَاجِعٌ إلَى تَحْقِيقِ شَغْلِ الذِّمَّةِ بِالطَّلَاقِ لِأَنَّ الْحَدَثَ يَشْغَلُ الذِّمَّةَ بِالصَّلَاةِ فَالشَّكُّ فِيهِ كَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا يُبْرَأُ مِنْهَا إلَّا بِيَقِينٍ إلَّا أَنَّهُ لِمَانِعٍ أَنْ يَمْنَعَ ذَلِكَ وَيَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِتَحْقِيقِ شَغْلِ الذِّمَّةِ بِأَنْ يُقَالَ هَذَا شَكٌّ فِي الْمَانِعِ وَهُوَ لَا يَضُرُّ وَالْحَاصِلُ أَنَّ بَعْضَهُمْ فَرَّقَ بِأَنَّ الطَّلَاقَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِهِ لِكَوْنِهِ شَكًّا فِي الْمَانِعِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ فَإِنَّمَا هُوَ شَكٌّ فِي الشَّرْطِ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ شَكٌّ حَقِيقَةً فِي الْمَانِعِ وَالْأَحْسَنُ الْجَوَابُ بِعِظَمِ الْمَشَقَّةِ فِي الطَّلَاقِ لَوْ أُمِرَ بِهِ فَهُوَ حَرَجٌ وَيَسَارَةِ الْوُضُوءِ.

(قَوْلُهُ: وَنَسِيَهَا) وَأَمَّا لَوْ نَوَى مُعَيَّنَةً وَلَمْ يَنْسَهَا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ فِي الْفَتْوَى بِغَيْرِ يَمِينٍ مُطْلَقًا وَكَذَا فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>