للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّجْعَةُ إذَا وَضَعَتْ أَحَدَ التَّوْأَمَيْنِ قَبْلَ وَضْعِ الْآخَرِ وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ إذَا خَرَجَ بَعْضُ الْوَلَدِ قَبْلَ خُرُوجِ بَعْضِهِ الْآخَرِ وَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ.

(ص) طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ (ش) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ الْمُرْتَجَعَةُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ " طَالِقًا " مِنْ الزَّوَاجِ ابْتِدَاءً فَلَا يُقَالُ فِيهِ رَجْعَةٌ وَبِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ مِنْ الطَّلَاقِ الْبَائِنِ بِخُلْعٍ أَوْ بِطَلَاقٍ بَلَغَ الْغَايَةَ وَقَوْلُهُ " طَالِقًا " مَفْعُولُ " يَرْتَجِعُ " وَ (فِي عِدَّةِ صَحِيحٍ) مُتَعَلِّقٌ بِيَرْتَجِعُ أَيْ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ حَلَّ وَطْؤُهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي عِدَّةِ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ إلَيْهِ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ وَقَوْلُهُ " صَحِيحٍ " صِفَةٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْفَاسِدِ يُرِيدُ الَّذِي لَا يُقَرُّ بِالدُّخُولِ وَسَوَاءٌ فَسَخَ أَوْ طَلَّقَ فِيهِ بَعْدَ الدُّخُولِ كَخَامِسَةٍ فَإِنَّهُ لَا رَجْعَةَ لَهُ (ص) حَلَّ وَطْؤُهُ (ش) الْمُرَادُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ الْعِدَّةُ مِنْ وَطْءٍ وَأَنْ يَكُونَ حَلَالًا لَا يُقَالُ الْعِدَّةُ تَسْتَلْزِمُ الْوَطْءَ لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ حَلَّ وَطْؤُهُ مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ أَوْ بَعْدَ وَطْءٍ فَاسِدٍ كَفِي صَوْمٍ وَنَحْوِهِ فَلَا رَجْعَةَ لَهُ كَمَا لَا يَقَعُ بِهِ إحْلَالٌ وَلَا إحْصَانٌ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ الْمَعْدُومَ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا.

وَأَشَارَ إلَى الْبَحْثِ الثَّالِثِ وَهُوَ سَبَبُ الرَّجْعَةِ بِقَوْلِهِ: (ص) بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا (ش) هَذَا مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ " يَرْتَجِعُ " وَالْمَعْنَى أَنَّ الرَّجْعَةَ تَكُونُ مَعَ النِّيَّةِ الْمُقَارِنَةِ لِلْقَوْلِ الْمُحْتَمِلِ نَحْوُ أَمْسَكْتُهَا وَرَجَعْتُهَا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَجَعْتُ عَنْ مَحَبَّتِهَا وَأَمْسَكْتُهَا تَعْذِيبًا لَهَا فَقَوْلُهُ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ أَيْ بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ كَمَا مَثَّلَ لَهُ وَأَمَّا الْقَوْلُ الصَّرِيحُ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَارْتَجَعْتُ وَرَاجَعْتُهَا وَرَدَدْتُهَا لِنِكَاحِي ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ عَدَمُ افْتِقَارِ الصَّرِيحِ لِنِيَّةٍ.

وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (أَوْ نِيَّةٍ عَلَى الْأَظْهَرِ) لِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الرَّجْعَةَ تَصِحُّ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ لِأَنَّ اللَّفْظَ عِبَارَةٌ عَمَّا فِي النَّفْسِ فَإِذَا نَوَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ قَدْ رَاجَعَهَا وَاعْتَقَدَ ذَلِكَ فِي ضَمِيرِهِ صَحَّتْ رَجْعَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَعِزُّ وُجُودُ هَذَا الْقَوْلِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَكُلُّ هَذَا دَاخِلٌ فِي كَلَامِهِ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ بَعْدَ قَوْلِهِ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ لِأَنَّ الدُّخُولَ إنَّمَا هُوَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ طَالِقًا إلَخْ) لَيْسَ قَصْدُهُ الِاحْتِرَازَ فَالْأَحْسَنُ قَوْلُ الْفِيشِيِّ قَوْلُهُ: طَالِقًا لَا مُحْتَرَزَ لَهُ لِأَنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ إلَّا طَالِقًا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ تَوْطِئَةً لِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ وَلَوْ أَسْقَطَهُ لَكَانَ أَخْصَرَ، وَقَوْلُهُ: طَالِقٌ أَيْ طَلْقَةً وَالْمُعْتَبَرُ تَحَقُّقُ الطَّلَاقِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا فِي اعْتِقَادِ الْمُرْتَجِعِ فَمَنْ ارْتَجَعَ زَوْجَتَهُ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ شَكَّ هَلْ طَلَّقَ أَمْ لَا فَإِنَّ رَجْعَتَهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهَا وَإِذَا تَبَيَّنَ لَهُ بَعْدَ الرَّجْعَةِ وُقُوعُ الطَّلَاقِ لَا بُدَّ مِنْ رَجْعَةٍ غَيْرِ الرَّجْعَةِ الَّتِي وَقَعَتْ مِنْهُ لِأَنَّهَا مُسْتَنِدَةٌ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّهُ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ بِالشَّكِّ وَهُوَ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ وَلَيْسَتْ مُسْتَنِدَةً لِلطَّلَاقِ الَّذِي يَتَبَيَّنُ أَنَّهُ وَقَعَ مِنْهُ هَكَذَا يَنْبَغِي كَمَا فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ: وَبِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ) أَيْ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ مِنْ الطَّلَاقِ إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَرْتَجِعُ الْبَائِنُ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ " طَالِقًا " مَفْعُولُ " يَرْتَجِعُ ") أَيْ يَرْتَجِعُ امْرَأَةً مُطَلَّقَةً (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَازِمًا) كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حِلُّ وَطْئِهِ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَبْدَ أَوْ السَّفِيهَ إذَا تَزَوَّجَ كُلٌّ مِنْهُمَا بِغَيْرِ إذْنِ السَّيِّدِ وَطَلَّقَ كُلٌّ مِنْهُمَا امْرَأَتَهُ وَرَاجَعَهَا فَإِنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَصِحُّ وَالظَّاهِرُ صِحَّتُهَا نَعَمْ هِيَ مُتَوَقِّفَةٌ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ فِي عِدَّةِ مَنْ انْقَضَتْ عِدَّتُهَا) قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ: لَا يُغْنِي عَنْهُ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ لِأَنَّ مَنْ طَلُقَتْ طَلَاقًا رَجْعِيًّا وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا لَا يُقَالُ فِيهَا: إنَّهَا مُطَلَّقَةٌ طَلَاقًا بَائِنًا بَلْ غَيْرَ بَائِنٍ فَلِذَا ذَكَرَ هَذَا الْقَيْدَ وَقَوْلُهُ: صَحِيحٌ إلَخْ يَقْتَضِي أَنَّ الْخَامِسَةَ إذَا طَلُقَتْ يَكُونُ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا مَعَ أَنَّ الطَّلَاقَ بَائِنٌ فَيَخْرُجُ بِقَوْلِهِ غَيْرَ بَائِنٍ فَلَا يَتِمُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالرَّجْعِيِّ فِي جَانِبِ الْخَامِسَةِ أَنَّهُ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ لَيْسَتْ فِي خُلْعٍ أَيْ صُورَتُهُ صُورَةُ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ فِي حَدِّ ذَاتِهِ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ الْمَحَلِّ وَإِلَّا فَهُوَ فَسْخٌ بِدُونِ طَلَاقٍ فَإِذَا وَقَعَ مِنْهُ طَلَاقٌ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ حَقِيقَةً (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَقُولُ لَيْسَ كَذَلِكَ) أَيْ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَرْأَةَ الَّتِي مَاتَ زَوْجُهَا تَعْتَدُّ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا (قَوْلُهُ: مَنْ طَلُقَتْ قَبْلَ الْوَطْءِ) يُغْنِي عَنْ هَذِهِ قَوْلُهُ طَالِقًا غَيْرَ بَائِنٍ (قَوْلُهُ: كَفِي صَوْمٍ وَنَحْوِهِ إلَخْ) سَوَاءٌ كَانَ يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ كَرَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمُعَيَّنِ أَوْ لَا يَجِبُ فِيهِ الْإِمْسَاكُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ وَالنَّذْرِ الْمَضْمُونِ وَقَوْلُهُ وَنَحْوِهِ كَأَنْ كَانَ فِي إحْرَامٍ أَوْ حَيْضٍ (قَوْلُهُ: كَمَا لَا يَقَعُ بِهِ إحْلَالٌ وَلَا إحْصَانٌ عَلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَنَّ الْوَطْءَ الْحَرَامَ يُحِلُّ وَيُحْصِنُ اللَّخْمِيُّ فَعَلَى هَذَا يَمْلِكُ فِيهِ الرَّجْعَةَ، وَفِي الْفِيشِيِّ اُنْظُرْ هَلْ الطَّلَاقُ بَعْدَ الْوَطْءِ الْحَرَامِ بَائِنٌ أَوْ رَجْعِيٌّ لَا رَجْعَةَ فِيهِ فَفِيهِ النَّفَقَةُ وَالْإِرْثُ.

(قَوْلُهُ: مَعَ نِيَّةٍ) أَيْ قَصْدٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ نِيَّةٍ أَيْ الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَالنِّيَّةُ الثَّانِيَةُ غَيْرُ الْأُولَى (قَوْلُهُ: كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ: وَمَثَّلَ بِقَوْلِهِ كَرَجَعْتُ وَأَمْسَكْتُهَا لِأَنَّهُمَا صِيغَتَانِ غَيْرُ صَرِيحَتَيْنِ خِلَافًا لِلتَّتَّائِيِّ لِأَنَّ الصَّرِيحَ ارْتَجَعْتُ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَرَجَعْت لَيْسَ صَرِيحًا لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ رَجَعْتُ لِمَحَبَّتِهَا أَوْ مَوَدَّتِهَا لَا لِعِصْمَتِهَا وَالْأَوْلَى حَمْلُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ اهـ (قَوْلُهُ: كَارْتَجَعْتُ إلَخْ) هَذِهِ ثَلَاثُ صِيَغٍ (قَوْلُهُ: الْأَظْهَرُ عَدَمُ افْتِقَارِ الصَّرِيحِ لِنِيَّةٍ) قَالَ بَهْرَامُ: وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ الْقَوْلُ بِمُجَرَّدِهِ كَافِيًا فِي حُصُولِ الرَّجْعَةِ أَمْ لَا وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ كَافٍ فِي ذَلِكَ خِلَافًا لِأَشْهَبَ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَيْهِ بِالْوَضْعِ (قَوْلُهُ: بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ) قَالَ عج وَالْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ الْكَلَامُ النَّفْسِيُّ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) الْعِبَارَةُ فِيهَا تَغْيِيرٌ وَعِبَارَةُ بَهْرَامَ مُصَرِّحَةٌ بِالْمَقْصُودِ وَنَصُّهُ أَشَارَ بَعْضُ الشُّيُوخِ إلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ تَخْرِيجُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْأَقْرَبُ لِصُعُوبَةِ وُجُودِهِ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ فِي الْمَذْهَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>