الْمَذْهَبِ إنَّمَا هُوَ تَخْرِيجُ ابْنِ الْمَوَّازِ نِيَّةَ الرَّجْعَةِ بِالْقَلْبِ لَا تَنْفَعُ إلَّا مَعَ فِعْلٍ مِثْلُ جَسَّةٍ لِشَهْوَةٍ أَوْ نَظَرِ فَرْجٍ وَمَا قَارَبَهَا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ تَنْفَعْهُ النِّيَّةُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ نَوَى ثُمَّ أَصَابَ فَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ وَإِنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ بِيَسِيرٍ فَقَوْلَانِ.
وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ كَوْنِ الرَّجْعَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فِيمَا إذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ وَعَاشَرَهَا مُعَاشَرَةَ الْأَزْوَاجِ وَرُفِعَ لِلْقَاضِي بِسَبَبِ ذَلِكَ فَأَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِهِ أَنَّهُ رَاجَعَهَا قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالنِّيَّةِ فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا وَإِنْ مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ فِيهَا بِالنِّيَّةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إرْثُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا رُفِعَ لِلْقَاضِي فَإِنَّهُ يَمْنَعُهُ مِنْهُ.
(ص) أَوْ بِقَوْلٍ وَلَوْ هَزْلًا فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ (ش) الْمَشْهُورُ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْقَوْلَ الصَّرِيحَ الْمُجَرَّدَ عَنْ النِّيَّةِ يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَلَوْ كَانَ هَازِلًا فِيهِ لِأَنَّ هَزْلَهُ جِدٌّ وَيَنْفَعُهُ ذَلِكَ فِي ظَاهِرِ الْحَالِ وَلَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ عَدَمِ النِّيَّةِ فَيُؤْخَذُ بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْأَحْكَامِ لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ فَقَوْلُهُ أَوْ بِقَوْلٍ أَيْ صَرِيحٍ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ كَارْتَجَعْتُهَا وَالْوَاوُ فِي قَوْلِهِ وَلَوْ هَزْلًا يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ لِلْحَالِ لَا لِلْمُبَالَغَةِ وَإِلَّا تَكَرَّرَ مَا قَبْلَهَا مَعَ قَوْلِهِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ.
(ص) لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ بِلَا نِيَّةٍ كَأَعَدْت الْحِلَّ أَوْ رَفَعْتُ التَّحْرِيمَ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْقَوْلَ الصَّرِيحَ الْعَارِيَ عَنْ النِّيَّةِ يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ وَأَشَارَ هُنَا إلَى أَنَّ الْقَوْلَ الْمُحْتَمِلَ الْعَارِي عَنْ النِّيَّةِ وَعَنْ الدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ لَا يَكُونُ كَافِيًا فِي صِحَّةِ الرَّجْعَةِ كَقَوْلِهِ أَعَدْتُ الْحِلَّ أَوْ رَفَعْتُ التَّحْرِيمَ فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلرَّجْعَةِ وَلِغَيْرِهَا وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى عَمَلِ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ شَرَعَ فِي فِعْلِ الْجَوَارِحِ فَقَالَ.
(ص) وَلَا يَفْعَلُ دُونَهَا كَوَطْءٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّجْعَةَ لَا تَحْصُلُ بِفِعْلٍ مُجَرَّدٍ عَنْ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ وَلَوْ بِأَقْوَى الْأَفْعَالِ كَوَطْءٍ وَأَحْرَى قُبْلَةٌ وَلَمْسٌ، وَالدُّخُولُ عَلَيْهَا مِنْ الْفِعْلِ فَإِذَا نَوَى بِهِ الرَّجْعَةَ كَفَى قَالَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ وَيَسْتَبْرِئُهَا مِنْ الْوَطْءِ، وَلَا يَرْتَجِعُهَا فِي زَمَنِ الِاسْتِبْرَاءِ بِالْوَطْءِ بَلْ بِغَيْرِهِ وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ رَجْعَةً حَتَّى يَنْوِيَهَا بِهِ وَكَانَ وَطْءُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: ابْنِ الْمَوَّازِ إلَخْ) أَقُولُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُخَرَّجَ عَلَيْهِ وَلَعَلَّهُ لُزُومُ الطَّلَاقِ بِهِ أَجَابَ الْبَدْرُ بِأَنَّ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْأَصَحُّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْصُوصٌ أَيْ فَيَكُونُ قَوِيًّا فَيَنْبَغِي اعْتِمَادُهُ خُصُوصًا وَقَدْ قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَعَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ وَعَادَةُ الْمُصَنِّفِ إذَا قَدَّمَ قَوْلًا ثُمَّ قَالَ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ يَكُونُ الْأَوَّلُ أَقْوَى عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَالظَّاهِرُ اعْتِمَادُهُ وَتَضْعِيفُ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ نَظَرِ فَرْجٍ) وَالظَّاهِرُ بِشَهْوَةٍ (قَوْلُهُ: وَمَا قَارَبَهَا) عِبَارَةُ ابْنِ الْمَوَّازِ وَلَوْ نَوَى الرَّجْعَةَ بِقَلْبِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ إلَّا مَعَ فِعْلٍ مِثْلُ جَسَّةٍ لِشَهْوَةٍ أَوْ ضَمَّةٍ أَوْ نَظَرٍ إلَى فَرْجِهَا وَمَا قَارَبَهَا فَإِذَا عَلِمْتَ ذَلِكَ فَالْأَوْلَى لِشَارِحِنَا أَنْ يَزِيدَ " أَوْ ضَمَّةٍ " لِأَجْلِ أَنْ يُظْهِرَ أَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَارَبَهَا لِلْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ نَوَى) أَيْ قَصَدَ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ تَقَدَّمَتْ النِّيَّةُ بِيَسِيرٍ أَيْ الْقَصْدُ: وَإِنْ كَانَ الْكَلَامُ أَوَّلًا فِي النِّيَّةِ بِمَعْنَى الْكَلَامِ النَّفْسِيِّ فَلَمْ يَأْتِ الْكَلَامُ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ بِرَجْعَةٍ) أَيْ لَا بَاطِنًا وَلَا ظَاهِرًا.
(قَوْلُهُ: وَتَظْهَرُ فَائِدَةُ إلَخْ) أَيْ عَلَى الْقَوْلِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ " أَوْ نِيَّةٍ " عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْقَاضِيَ يَمْنَعُهُ مِنْهَا) أَيْ لِمَا قُلْنَا أَنَّهَا رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ) أَيْ وَحُكْمِ الْقَاضِي بِالْفِرَاقِ (قَوْلُهُ: وَإِذَا مَاتَتْ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَأَقَامَ بَيِّنَةً بِرَجْعَتِهِ فِيهَا بِالْبَيِّنَةِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا إنَّمَا هِيَ رَجْعَةٌ فِي الْبَاطِنِ لَا الظَّاهِرِ بَلْ نَقُولُ يَحِلُّ إرْثُهَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ وَإِنْ لَمْ تُقِمْ بَيِّنَةً (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَحِلُّ لَهُ إرْثُهَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ) أَيْ إنْ أَمِنَ فِتْنَةً وَرَذِيلَةً كَمَا ذَكَرُوا نَظِيرَهُ فِيمَا سَيَأْتِي وَهَذَا وَإِنْ لَمْ أَرَهُ فَهُوَ إنْ شَاءَ اللَّهُ ظَاهِرٌ أَيْ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُرْفَعْ لِلْقَاضِي بِسَبَبِ ذَلِكَ وَاسْتَمَرَّ مَعَهَا ثُمَّ مَاتَتْ فَذَلِكَ إرْثٌ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (قَوْلُهُ: وَلَوْ هَزْلًا) الْمُرَادُ بِالْهَزْلِ الْعَارِي عَنْ نِيَّةِ الرَّجْعَةِ (قَوْلُهُ: فِي الظَّاهِرِ) رَاجِعٌ لِلْمُبَالَغِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: لَا الْبَاطِنِ وَفَائِدَةُ كَوْنِ الْهَزْلِ رَجْعَةً فِي الظَّاهِرِ لَا الْبَاطِنِ لُزُومُ الْكِسْوَةِ وَغَيْرِهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَيَحِلُّ بَاطِنًا وَظَاهِرًا مَعَ الْهَزْلِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِاشْتِرَاطِ النِّيَّةِ بِخِلَافِ الرَّجْعَةِ فَقَدْ قِيلَ بِهَا فِي الْجُمْلَةِ مُلَخَّصُ مَا فِي عب (قَوْلُهُ: وَإِلَّا تَكَرَّرَ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَوْلِ فِي قَوْلِهِ بِقَوْلٍ مَعَ نِيَّةٍ الْقَوْلُ الْمُحْتَمِلُ (قَوْلُهُ: لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ) عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ بِقَوْلٍ هَزْلًا غَيْرَ مُحْتَمِلٍ لَا بِقَوْلٍ مُحْتَمِلٍ وَأَمَّا بِقَوْلٍ غَيْرِ مُحْتَمِلٍ مَعَ نِيَّةٍ كَاسْقِنِي الْمَاءَ نَاوِيًا بِهِ الرَّجْعَةَ فَهَلْ تَحْصُلُ بِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ ابْنِ رُشْدٍ بِالْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ النِّيَّةُ وَحْدَهَا كَافِيَةٌ أَوْ لَا وَرُبَّمَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ الظَّاهِرُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الطَّلَاقَ يُحَرِّمُ وَالرَّجْعَةَ تُحَلِّلُ.
(قَوْلُهُ: الْعَارِيَ عَنْ النِّيَّةِ) وَصْفٌ مُخَصِّصٌ وَأَمَّا قَوْلُهُ " وَعَنْ الدَّلَالَةِ الظَّاهِرَةِ " وَصْفٌ كَاشِفٌ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلرَّجْعَةِ وَلِغَيْرِهَا) إذْ " أَعَدْتُ الْحِلَّ " يَحْتَمِلُ لِي وَلِلنَّاسِ وَقَوْلُهُ " وَرَفَعْتُ التَّحْرِيمَ " عَنِّي أَوْ عَنْ النَّاسِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ رَجْعَةٌ حَيْثُ لَا نِيَّةَ وَلَا دَلَالَةَ ظَاهِرَةٌ بِخِلَافِ أَعَدْتُ حِلَّهَا أَوْ رَفَعْتُ تَحْرِيمَهَا فَرَجْعَةٌ لِأَنَّ فِيهِ دَلَالَةً ظَاهِرَةً عَلَى الرَّجْعَةِ وَإِنْ كَانَ يَحْتَمِلُ أَنَّ الْمَعْنَى أَعَدْتُ حِلَّهَا لِلنَّاسِ بِسَبَبِ الطَّلَاقِ وَرَفَعْتُ تَحْرِيمَهَا عَنْ النَّاسِ لَكِنَّ هَذَا الِاحْتِمَالَ دَلَالَتُهُ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ بِخِلَافِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فَإِنَّهُ مُحْتَمِلٌ لِلْوَجْهَيْنِ الْمُتَقَدِّمَيْنِ عَلَى السَّوَاءِ (قَوْلُهُ: كَوَطْءٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ صَحِبَهُ قَوْلٌ بِلَا نِيَّةٍ مُحْتَمِلٌ أَوْ غَيْرُ مُحْتَمِلٍ (قَوْلُهُ: وَيَسْتَبْرِئُهَا إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الْوَطْءَ حَرَامٌ (قَوْلُهُ: بَلْ بِغَيْرِهِ) لَكِنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَجْعَةٌ إلَّا فِي بَقِيَّةِ الْأُولَى فَإِذَا انْقَضَتْ الْعِدَّةُ الْأُولَى فَلَا يَنْكِحُهَا هُوَ أَوْ غَيْرُهُ حَتَّى يَنْقَضِيَ الِاسْتِبْرَاءُ فَإِذَا عَقَدَ عَلَيْهَا قَبْلَ انْقِضَائِهِ فُسِخَ وَلَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ تَأْبِيدًا فَلَيْسَ الِاسْتِبْرَاءُ مِنْ هَذِهِ كَالْعِدَّةِ