الْعِيدِ لِأَنَّ صَوْمَهُ لَا يَكْفِي وَيَقْضِيهِ وَيَبْنِي لِأَنَّ الْجَهْلَ عُذْرٌ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ وَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ وَهَلْ إنْ صَامَهُ وَإِلَّا اسْتَأْنَفَ لِأَنَّهُ هُنَا يَصُومُهُ عَنْ فَرْضِهِ قَطْعًا أَمَّا لَوْ عَلِمَهُ لَمْ يَجْزِهِ سَوَاءٌ صَامَهُ عَنْ ظِهَارِهِ أَوْ شَرِكَ فِيهِ فَرْضَهُ وَظِهَارَهُ.
(ص) وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَصِلْ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ بِصِيَامِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ قَاطِعًا لِتَتَابُعِهِ وَسَوَاءٌ فَصَلَهُ عَامِدًا أَوْ نَاسِيًا وَيَبْتَدِئُ الصَّوْمَ مِنْ أَوَّلِهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَلَمْ يَعْذُرُوهُ بِالنِّسْيَانِ الثَّانِي كَمَا مَرَّ فِيمَنْ نَسِيَ شَيْئًا مِنْ فُرُوضِ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ ثُمَّ تَذَكَّرَهُ فَلَمْ يَغْسِلْهُ حِينَ ذَكَرَهُ فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الطَّهَارَةَ نَسِيَ ذَلِكَ أَوْ تَعَمَّدَهُ بِخِلَافِ نَاسِي النَّجَاسَةِ ثُمَّ رَآهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ ثُمَّ نَسِيَ غَسْلَهَا حَتَّى دَخَلَ فِيهَا فَلَمْ يَذْكُرْهَا حَتَّى صَلَّى أَجْزَأَتْهُ صَلَاتُهُ لِخِفَّةِ إزَالَةِ النَّجَاسَةِ إذْ قِيلَ بِاسْتِحْبَابِ إزَالَتِهَا بِخِلَافِ الْمُوَالَاةِ وَتَقَدَّمَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ اغْتِفَارُ النِّسْيَانِ الثَّانِي فِي الْمُوَالَاةِ أَيْضًا فِيمَنْ صَلَّى الْخَمْسَ كُلًّا بِوُضُوءٍ ثُمَّ ذَكَرَ مِنْ وُضُوءٍ مِنْهَا شَيْئًا وَقَوْلُهُ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ أَيْ بِمَا يَجُوزُ أَدَاءُ الصَّوْمِ فِيهِ وَأَفْطَرَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَأَمَّا إذَا فَصَلَ بِمَا لَا يَجُوزُ الْأَدَاءُ فِيهِ وَأَفْطَرَهُ عَمْدًا فَإِنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ كَيَوْمِ الْعِيدِ (ص) وَشُهِّرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ (ش) تَقَدَّمَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ النِّسْيَانَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ " وَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمُؤَلِّفُ هُنَاكَ وَأَمَّا الَّذِي ذَكَرَهُ هُنَا قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُقَدَّمٌ عَلَى قَوْلِهِ فِي غَيْرِهَا فَمَا شَهَّرَهُ ابْنُ رُشْدٍ هُوَ قَوْلٌ مُقَابِلٌ لِلْمَشْهُورِ وَلَيْسَ هَذَا مِثْلَ قَوْلِهِ فِيمَا مَرَّ فِي الذَّبَائِحِ وَشَهَّرَ أَيْضًا الِاكْتِفَاءَ بِنِصْفِ الْحُلْقُومِ وَالْوَدَجَيْنِ.
(ص) فَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ أَرْبَعَةٍ عَنْ ظِهَارَيْنِ مَوْضِعَ يَوْمَيْنِ صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ (ش) هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّسْيَانَ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا صَامَ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عَنْ كَفَّارَتَيْ ظِهَارٍ ثُمَّ تَذَكَّرَ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ أَفْطَرَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ يَوْمَيْنِ نَاسِيًا وَلَمْ يَدْرِ مَوْضِعَهُمَا هَلْ هُمَا مِنْ الْأُولَى أَوْ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ أَحَدُهُمَا مِنْ آخِرِ الْأُولَى وَالْآخَرُ مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ مَعَ عِلْمِهِ بِاجْتِمَاعِهِمَا فَإِنَّهُ يَصُومُهُمَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ عَنْهَا مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى إكْمَالِهَا وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا قَضَاءُ شَهْرَيْنِ لِاحْتِمَالِ كَوْنِ الْيَوْمَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ مِنْ الْأُولَى أَوْ مُفْتَرِقَيْنِ (ص) وَإِنْ لَمْ يَدْرِ اجْتِمَاعَهُمَا صَامَهُمَا وَالْأَرْبَعَةَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَدْرِ بَعْدَ صَوْمِ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ اجْتِمَاعَ الْيَوْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَفْطَرَهُمَا فِي أَثْنَاءِ صَوْمِهِ الْمَذْكُورِ مِنْ افْتِرَاقِهِمَا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ صَوْمُهُمَا الْآنَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا حَتَّى يُكْمِلَهَا لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى ذَلِكَ وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا صَوْمُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ لِاحْتِمَالِ افْتِرَاقِ الْيَوْمَيْنِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ: فِيمَنْ صَلَّى الْخَمْسَ إلَخْ) وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى الْخَمْسَ كُلًّا بِوُضُوءٍ ثُمَّ نَسِيَ مَسْحَ رَأْسِهِ مِنْ وَاحِدٍ فَذَهَبَ يَمْسَحُ الرَّأْسَ فَنَسِيَ وَصَلَّى الْخَمْسَ ثَانِيًا ثُمَّ تَذَكَّرَ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ الرَّأْسَ فَقَطْ وَيُصَلِّي الْعِشَاءَ وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْخَلَلُ فِي وَاحِدٍ مِنْ وُضُوآتِ غَيْرِ الْعِشَاءِ، وَوُضُوءُ الْعِشَاءِ صَحِيحٌ فَقَدْ صَلَّاهَا ثَانِيًا بِوُضُوءِ الْعِشَاءِ الصَّحِيحِ وَإِنْ كَانَ الْخَلَلُ فِي وُضُوءِ الْعِشَاءِ فَقَدْ مَسَحَ الرَّأْسَ فِيهِ وَصَلَّاهُ فَظَهَرَ اغْتِفَارُ النِّسْيَانِ الثَّانِي بِالنَّظَرِ لِلْعِشَاءِ وَلَوْ لَمْ يُغْتَفَرْ لَمَا سَاغَ لَهُ أَنْ يَذْهَبَ لِمَسْحِ رَأْسِهِ فَقَطْ وَيُصَلِّيَ الْعِشَاءَ بَلْ يَتَوَضَّأُ وَيُصَلِّي الْجَمِيعَ (قَوْلُهُ: تَقَدَّمَ إلَخْ) أُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ " وَشُهِّرَ أَيْضًا " مُتَّصِلٌ بِمَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى مَحْذُوفٍ قَبْلَهُ تَقْدِيرُهُ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ غَيْرَ نِسْيَانٍ وَشُهِّرَ أَيْضًا الْقَطْعُ بِالنِّسْيَانِ وَيَكُونُ أَيْضًا مُتَعَلِّقًا بِالْقَطْعِ لَا بِفَصْلِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ هُنَا قَوْلًا شُهِّرَ بِأَنَّ فَصْلَ الْقَضَاءِ نَاسِيًا لَا يَقْطَعُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ هَذَا إلَخْ) بَلْ مِثْلُهُ فِي أَنَّ التَّشْهِيرَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَالتَّشْهِيرَ الثَّانِيَ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: صَامَهُمَا وَقَضَى شَهْرَيْنِ) لَعَلَّ هَذَا فِيمَا يَنْوِي كُلَّ لَيْلَةٍ وَإِلَّا صَامَ الْأَرْبَعَةَ الْأَشْهُرَ لِأَنَّ تَتَابُعَهُ انْقَطَعَ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ وَقَدْ ذَكَرَ جَدُّ عج عِنْدَ قَوْلِهِ لَا إنْ انْقَطَعَ تَتَابُعُهُ بِكَمَرَضٍ أَنَّ نِسْيَانَهُ أَيْ التَّتَابُعِ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ هَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ النِّسْيَانَ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ لَا عَلَى أَنَّهُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَذَلِكَ لِأَنَّ صِيَامَ الْيَوْمَيْنِ إنَّمَا هُوَ لِتَتْمِيمِ الثَّانِيَةِ قَطْعًا وَظَاهِرُهُ بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ احْتَمَلَ كَوْنَ الْيَوْمَيْنِ مِنْ أَوَّلِهَا أَوْ آخِرِهَا أَوْ أَثْنَائِهَا وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ فَحِينَئِذٍ لَا يَكُونُ قَضَاءُ الشَّهْرَيْنِ إلَّا عَنْ الْأَوَّلِ عَلَى احْتِمَالِ أَنْ لَا يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ الثَّانِيَةِ بَلْ مِنْ الْأُولَى وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْيَوْمَانِ لِتَتْمِيمِ الثَّانِيَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ لَا يَكُونُ صَوْمُ الشَّهْرَيْنِ إنَّمَا هُوَ عَنْ الْأُولَى لَا غَيْرُ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى أَنْ لَا يَقْطَعَ التَّتَابُعَ لَا عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْيَوْمَانِ مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ أَوْ آخِرِهَا لَا يَكْفِي الْيَوْمَانِ أَنْ يَكُونَا مُتَمِّمَيْنِ لِلثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ كَوْنِهِمَا مِنْ أَوَّلِ الثَّانِيَةِ) أَيْ أَوْ مِنْ أَثْنَائِهَا أَوْ آخِرِهَا لِمَا قُلْنَا مِنْ أَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْأَوَّلِ وَهُوَ عَدَمُ الْقَطْعِ بِالْفِطْرِ نَاسِيًا ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت عب يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَا حَيْثُ قَالَ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فَرَّعَهَا الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِهِ وَفِيهَا: وَنِسْيَانٍ أَيْ الْفِطْرُ فِيهِ نَاسِيًا لَا يُبْطِلُهُ فَلِذَا صَامَ الْيَوْمَيْنِ وَعَلَى قَوْلِهِ وَبِفَصْلِ الْقَضَاءِ فَلِذَا قَضَى الشَّهْرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَيَصُومُ شَهْرَيْنِ) أَيْ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَبْطُلُ بِفَصْلِ الْقَضَاءِ وَلَوْ نَاسِيًا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَا مِنْ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ) أَيْ مِنْ أَوَّلِهَا (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ افْتِرَاقِ الْيَوْمَيْنِ) أَيْ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا مِنْ أَثْنَاءِ الْأُولَى أَوْ آخِرِهَا وَالثَّانِي مِنْ أَثْنَاءِ الثَّانِيَةِ أَوْ آخِرِهَا فَظَهَرَ أَنَّ صِيَامَ الْأَرْبَعَةِ إنَّمَا يَظْهَرُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْفِطْرَ نَاسِيًا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ إلَّا أَنَّهُ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّهُ لَا حَاجَةَ لِصَوْمِ الْيَوْمَيْنِ مَعَ كَوْنِهِ يَصُومُ الْأَرْبَعَةَ فَظَهَرَتْ الرَّكَّةُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ حَيْثُ إنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ لَمْ يَدْرِ إلَخْ إنَّمَا يَتَفَرَّعُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute