للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَيِّدُهُ وَالصَّوْمُ أَحَبُّ إلَيَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلْ الصَّوْمُ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ وَلَا يُطْعِمُ مَنْ قَدَرَ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ حَمَلَ جَوَابَ مَالِكٍ عَلَى الْوَهْمِ لِقَوْلِهِ مَا أَدْرِي مَا هَذَا وَلَا أَرَى جَوَابَ مَالِكٍ فِيهَا إلَّا وَهْمًا أَيْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ ظَنَّ أَنَّ السَّائِلَ سَأَلَهُ عَنْ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَأَجَابَ بِيَنْبَغِي لَا بِيَجِبُ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّهُ لِلصَّوْمِ أَيْ لِأَنَّ الصَّوْمَ هُوَ الْوَاجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الْمُظَاهِرِ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ أَوْ أَنَّ " أَحَبُّ " مَحْمُولٌ عَلَى الْوُجُوبِ وَلِلْقَاضِي إسْمَاعِيلَ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلسَّيِّدِ أَيْ إنَّ إذْنَ السَّيِّدِ لَهُ فِي الصَّوْمِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ إذْنِهِ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ حَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ كَلَامٌ فِي مَنْعِهِ مِنْ الصَّوْمِ بِأَنْ أَضَرَّ بِهِ فِي خِدْمَتِهِ أَوْ خَرَاجِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ وَلِلْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلْعَبْدِ أَيْ يُنْدَبُ لِلْعَبْدِ إذَا أَذِنَ لَهُ السَّيِّدُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَنْ يَصْبِرَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهَذَا أَيْضًا حَيْثُ كَانَ لِلسَّيِّدِ كَلَامٌ وَإِلَّا فَيَجِبُ عَلَى الْعَبْدِ الصَّوْمُ وَلِلْأَبْهَرِيِّ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ عَلَى بَابِهَا وَهِيَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْعَبْدِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ الْآنَ لِكَمَرَضٍ يَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ مُسْتَطِيعًا لِلصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ وَإِلَّا فَلَا يُؤَخِّرُ ابْنُ بَشِيرٍ وَبَنَى ابْنُ مُحْرِزٍ اعْتِرَاضَهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إنَّ الْقَادِرَ عَلَى الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ يَلْزَمُهُ التَّأْخِيرُ أَمَّا عَلَى قَوْلِ غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ فَيَصِحُّ الِاعْتِذَارُ بِذَلِكَ وَإِلَى الْأَفْهَامِ الْخَمْسَةِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ تَأْوِيلَاتٌ وَلِابْنِ عَرَفَةَ فِيهَا بَحْثٌ وَتَحْرِيرٌ فِي عَزْوِهَا.

(ص) وَفِيهَا إنْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُطْعِمَ فِي الْيَمِينِ أَجْزَأَهُ وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ (ش) أَيْ ثِقَلٌ وَالصَّوْمُ أَبْيَنُ عِنْدِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَكَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ إثْرَ الَّتِي قَبْلَهَا كَالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِ مَنْ حَمَلَ الْأَوَّلَ عَلَى مَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصِّيَامِ لِأَنَّهُ لَا شَكَّ أَنَّ الشَّيْءَ الَّذِي فِي قَلْبِ الْإِمَامِ مِنْ جِهَةِ الْإِطْعَامِ إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَوْ الشَّكُّ فِي ذَلِكَ.

(ص) وَلَا يُجْزِئُ تَشْرِيكُ كَفَّارَتَيْنِ فِي مِسْكِينٍ (ش) بِأَنْ يُطْعِمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ نَاوِيًا تَشْرِيَكَ الْكَفَّارَتَيْنِ فِيمَا يَدْفَعُهُ لِكُلِّ مِسْكِينٍ إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَعْيَانَ الْمَسَاكِينِ فَيُكَمِّلَ لِكُلِّ مَنْ وَجَدَهُ مُدًّا وَهَلْ يُشْتَرَطُ بَقَاءُ ذَلِكَ بِيَدِهِ أَمْ لَا عَلَى مَا مَرَّ فَقَوْلُهُ " تَشْرِيكُ " أَيْ بِأَنْ يَجْعَلَ حَظَّ كُلِّ مِسْكِينٍ مَأْخُوذًا عَنْ كَفَّارَتَيْنِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ التَّشْرِيكَ وَقَعَ فِي الْإِطْعَامِ، وَالصِّيَامُ أَوْلَى بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهِ شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ، وَظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ التَّشْرِيكَ وَقَعَ فِي جَمِيعِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَةِ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ وَكَذَا حَمَلَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَأَمَّا لَوْ وَقَعَ التَّشْرِيكُ فِي بَعْضِ أَمْدَادِ الْكَفَّارَتَيْنِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَقَالَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ فَأَجَابَ بِيَنْبَغِي حِكَايَةٌ بِالْمَعْنَى لَا بِاللَّفْظِ وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ حِكَايَةٌ بِاللَّفْظِ (قَوْلُهُ: أَيْ لِكَوْنِ الْإِمَامِ ظَنَّ أَنَّ السَّائِلَ سَأَلَهُ إلَخْ) هَذَا يُفِيدُ قِرَاءَةَ " وَهْمٌ " بِالسُّكُونِ وَأَمَّا بِالْفَتْحِ فَهُوَ الْغَلَطُ اللِّسَانِيُّ وَهُوَ اللَّائِقُ بِالْأَدَبِ لِأَنَّ الْغَلَطَ اللِّسَانِيَّ أَخَفُّ مِنْ الْغَلَطِ الْقَلْبِيِّ.

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصِّيَامِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ يَقُولُ إنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ ذَكَرَ هَذِهِ عَقِبَ الَّتِي قَبْلَهَا كَالدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ تَأْوِيلِ الْقَاضِي عِيَاضٍ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلْعَبْدِ أَيْ إنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَصْبِرَ لِيَصُومَ وَيُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّيْخِ سَالِمٍ فِي حَلِّ التَّأْوِيلِ الرَّابِعِ مَا نَصُّهُ أَوْ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّ الْأَحَبِّيَّةَ تَرْجِعُ لِلْعَبْدِ فَالْأَحَبُّ لَهُ أَنْ لَا يُطْعِمَ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ بَلْ يَصْبِرُ لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمَ الْآنَ لَعَلَّهُ يَأْذَنُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي الْإِطْعَامِ وَمَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ أَجْزَأَهُ وَالْأَصْوَبُ أَنْ يُكَفِّرَ بِالصَّوْمِ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ فِي الْيَمِينِ إذَا أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ أَوْ الْكِسْوَةِ أَجْزَأَهُ، وَفِي قَلْبِي مِنْهُ شَيْءٌ وَالصِّيَامُ أَبْيَنُ عِنْدِي فَلَمْ يَرَ مِلْكَهُ لِلْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ مِلْكًا مُتَقَرِّرًا انْتَهَى وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ أَيْ الَّتِي ذَكَرَهَا شَارِحُنَا وَفِيهَا إنْ أَذِنَ عِبَارَةُ الشَّيْخِ سَالِمٍ بِالْحَرْفِ وَفِيهَا " مَنْ حَمَلَ الْأُولَى " وَهِيَ أَوْضَحُ مِنْ " إنْ حَمَلَ الْأَوَّلَ " (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا شَكَّ إلَخْ) أَيْ وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَةِ الظِّهَارِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يُقَالُ حَمْلُ الْأَحَبِّيَّةِ عَلَى مَا إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهُ إذَا مَنَعَهُ مِنْ الصَّوْمِ صَارَ الصَّوْمُ غَيْرَ مَطْلُوبٍ مِنْهُ أَصْلًا فَكَيْفَ تَصِحُّ الْأَحَبِّيَّةُ حِينَئِذٍ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ الصَّوْمَ إنَّمَا اُسْتُحِبَّ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ أَوْ يُشَكُّ فِي مِلْكِهِ وَقَوْلُهُ: عَلَى حَقِّهِ أَيْ عَلَى كَوْنِهِ فِي نَفْسِهِ صَحِيحًا إلَّا أَنَّ الْمُرَادَ فَسَادُ غَيْرِهِ مِنْ التَّأْوِيلَاتِ (أَقُولُ) بَلْ وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ الثَّالِثِ وَالْخَامِسِ قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ عَدَمُ صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَيْ إمَّا لِلْجَزْمِ لِعَدَمِ صِحَّةِ مِلْكِ الْعَبْدِ أَوْ لِلشَّكِّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ كَيْفَ يَتَأَتَّى جَزْمٌ وَشَكٌّ فِي ذَلِكَ فِي آنٍ وَاحِدٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ أَيْ لِلْجَزْمِ عَلَى قَوْلٍ أَوْ الشَّكِّ عَلَى قَوْلٍ بِمَعْنَى أَنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ جَزَمَ وَبَعْضَهُمْ تَرَدَّدَ وَلَمْ يَجْزِمْ بِشَيْءٍ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ قَوْلٌ بِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَعَ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَقَدْ يُقَالُ هَذَا التَّرَدُّدُ رُبَّمَا يُنْتِجُ وُجُوبَ الصَّوْمِ لَا أَحَبِّيَّتَهُ فَتَدَبَّرْ وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت مُحَشِّيَ تت نَقَلَ كَلَامَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَلَّلَ بِقَوْلِهِ إنَّمَا اُسْتُحْسِنَ الصَّوْمُ وَإِنْ كَانَ الْإِطْعَامُ بِإِذْنِهِ بِعَدَمِ تَقَرُّرِ مِلْكِ الْعَبْدِ حَقِيقَةً وَعِبَارَةُ عب وَلَا يُخَالِفُ قَوْلُهُ " هُنَا أَجْزَأَهُ " قَوْلَهُ فِي الَّتِي قَبْلَهَا: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ بِنَاءً عَلَى أَحَدِ التَّأْوِيلَيْنِ أَنَّهُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّ إجْزَاءَ الْإِطْعَامِ مَعَ إذْنِهِ لَهُ فِيهِ لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ الصَّوْمُ أَحَبَّ إلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: فَيُكَمِّلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا) أَيْ يُكَمِّلُ لِلسِّتِّينَ كُلِّ وَاحِدٍ مُدًّا وَيَنْتَزِعُ مِنْ الْبَاقِي بِالْقُرْعَةِ فَيُعْطِي نِصْفَ مُدٍّ تَمَامَ كَفَّارَةٍ وَالنِّصْفَ الثَّانِيَ تَمَامَ الْكَفَّارَةِ الثَّانِيَةِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّتَابُعَ فِيهِ شَرْطٌ مُعْتَبَرٌ) فِيهِ أَنَّ التَّتَابُعَ مَوْجُودٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>