للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ابْنُ حَبِيبٍ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَا يُخَالِفُ فِي هَذَا ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ شَاءَ اللَّهُ (ص) وَلَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا أَطْعَمَ السِّتِّينَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ غَدَاءً وَعَشَاءً فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ مُدًّا بِالْهَاشِمِيِّ وَأَفَادَ بِقَوْلِهِ (كَفِدْيَةِ الْأَذَى) بِخِلَافِ الْيَمِينِ أَنْ " لَا أُحِبُّ " مَعْنَاهُ لَا يُجْزِئُ كَقَوْلِهِ فِيهَا وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءً وَعَشَاءً إنْ لَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمَعْنَى " لَا أُحِبُّ " لَا يُجْزِئُ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْإِمَامِ لِأَنِّي لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا بِالْهَاشِمِيِّ.

(ص) وَهَلْ لَا يَنْتَقِلُ إلَّا إنْ أَيِسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصِّيَامِ أَوْ إنْ شَكَّ قَوْلَانِ فِيهَا وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَشْيَاخَ الْمَذْهَبِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ الْمُظَاهِرِ إذَا أَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْ ظِهَارِهِ بِالْإِطْعَامِ هَلْ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ أَنْ لَا يُطْعِمَ حَتَّى يَيْأَسَ مِنْ قُدْرَتِهِ عَلَى الصَّوْمِ حِينَ الْعَوْدَةِ الَّتِي تُوجِبُ الْكَفَّارَةَ بِأَنْ كَانَ الْمُظَاهِرُ حِينَئِذٍ مَرِيضًا مَثَلًا وَغَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى الصِّيَامِ الْآنَ وَلَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ مُجَرَّدُ الشَّكِّ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ يَكْفِي فِي الِانْتِقَالِ مِنْ الصَّوْمِ إلَى الْإِطْعَامِ مُجَرَّدُ الشَّكِّ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِيَاسُ وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا وَذَهَبَ ابْنُ شَبْلُونَ إلَى بَقَاءِ كُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ وَلَا تَوْفِيقٍ بَيْنَهُمَا وَذَهَبَ الْقَرَوِيُّونَ إلَى رَدِّ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ وَالتَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا وَهُوَ أَنَّ الَّذِي أَيِسَ مِنْ الصَّوْمِ قَدْ دَخَلَ فِي الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ وَتَلَبَّسَ بِالْعَمَلِ وَأَنَّ الثَّانِيَ وَهُوَ الَّذِي يَكْتَفِي بِالشَّكِّ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْكَفَّارَةِ بِالصَّوْمِ وَلَا تَلَبَّسَ بِهَا وَحِينَئِذٍ فَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ شَكَّ أَيْ أَوْ يَنْتَقِلُ إنْ شَكَّ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ.

(ص) وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ فَكَالْيَمِينِ (ش) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الْعَدَدَ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ مُعْتَبَرٌ فِي الشَّرْعِ وَهُوَ سِتُّونَ مِسْكِينًا لِكُلٍّ مُدٌّ وَثُلُثَانِ كَمَا مَرَّ فَإِذَا أَطْعَمَ طَعَامَ السِّتِّينَ لِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ مِسْكِينًا بِأَنْ أَعْطَى لِكُلِّ وَاحِدٍ نِصْفَ الْوَاجِبِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ لِسِتِّينَ مِنْهُمْ وَيَنْتَزِعَ مِنْ الْبَاقِينَ بِالْقُرْعَةِ إنْ بَيَّنَ لَهُمْ أَنَّ الْمَدْفُوعَ كَفَّارَةٌ وَبَقِيَ كَمَا مَرَّ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ أَنَّهُ إذَا أَطْعَمَ طَعَامَ الْعَشَرَةِ الْمَسَاكِينِ لِعِشْرِينَ مِسْكِينًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُهُ حَيْثُ قَالَ: وَمُكَرَّرٌ لِمِسْكِينٍ وَنَاقِصٌ كَعِشْرِينَ لِكُلٍّ نِصْفٌ إلَّا أَنْ يُكَمِّلَ وَهَلْ إنْ بَقِيَ تَأْوِيلَانِ وَلَهُ نَزْعُهُ إنْ بَيَّنَ بِالْقُرْعَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ نَوْعَ الْكَفَّارَةِ مِنْ ظِهَارٍ أَوْ يَمِينٍ بَلْ يَكْفِي أَنْ يَقُولَ: هَذَا مِنْ كَفَّارَتِي.

(ص) وَلِلْعَبْدِ إخْرَاجُهُ إنْ أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ (ش) أَيْ لَهُ وَلَهُ أَيْ وَلِلْعَبْدِ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ الْإِطْعَامُ إذَا أَذِنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِيهِ وَلَهُ تَرْكُهُ حَتَّى يَتَمَكَّنَ مِنْ الصَّوْمِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ إمَّا بِفَرَاغِ عَمَلِ سَيِّدِهِ أَوْ بِتَأْدِيَةِ خَرَاجِهِ أَوْ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ لَهُ فِيهِ وَالضَّمِيرُ فِي " إخْرَاجُهُ " لِلْقَدْرِ السَّابِقِ مِنْ الْإِطْعَامِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُحْتَاجُ إلَى جَعْلِ اللَّامِ بِمَعْنَى " عَلَى " (ص) وَفِيهَا أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَصُومَ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِي الْإِطْعَامِ وَهَلْ هُوَ وَهْمٌ لِأَنَّهُ الْوَاجِبُ أَوْ أَحَبُّ لِلْوُجُوبِ أَوْ أَحَبُّ لِلسَّيِّدِ عَدَمُ الْمَنْعِ أَوْ لِمَنْعِ السَّيِّدِ لَهُ الصَّوْمُ أَوْ عَلَى الْعَاجِزِ حِينَئِذٍ فَقَطْ تَأْوِيلَاتٌ (ش) قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا ظَاهَرَ الْعَبْدُ مِنْ امْرَأَتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الصَّوْمُ وَلَا يُطْعِمُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ) إشَارَةٌ لِعَدَمِ الْجَزْمِ بِالْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: كَفِدْيَةِ الْأَذَى) أَيْ كَمَا لَا أُحِبُّ الْغَدَاءَ وَالْعَشَاءَ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْيَمِينِ) أَيْ فَيُجْزِئُ الْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ (قَوْلُهُ: كَقَوْلِهِ فِيهَا وَلَا يُجْزِئُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ) أَيْ فِي فِدْيَةِ الْأَذَى (قَوْلُهُ: لَا أَظُنُّهُ يَبْلُغُ مُدًّا إلَخْ) ابْنُ نَاجِي فِيهِ مُسَامَحَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَنْبَنِي عَلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ وَإِنَّمَا يَنْبَنِي عَلَى الْعِلْمِ انْتَهَى فَلَوْ تَحَقَّقَ عَدَمُ بُلُوغِهِمَا الْمُدَّ وَثُلُثَيْهِ لَمْ يَجْزِيَا فَيَجُوزُ حَمْلُ لَا أُحِبُّ عَلَى التَّحْرِيمِ وَعَدَمِ الْإِجْزَاءِ حَيْثُ تَحَقَّقَ عَدَمُ بُلُوغِهِمَا الْمُدَّيْنِ كَذَا فِي عب وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مُرَادًا ابْنُ نَاجِي لِأَنَّ ظَاهِرَ عِبَارَةِ عب أَنَّهُ عِنْدَ الشَّكِّ يُجْزِئُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ وَأَنَّ مُرَادَ ابْنِ نَاجِي أَنَّ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَنَّ ظَنَّ بُلُوغِ الْمُدَّيْنِ يَكْفِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِ الْمُدَّيْنِ وَقَوْلُهُ: بِالْهَاشِمِيِّ صَوَابُهُ الْهِشَامِيُّ لِأَنَّهُ مَنْسُوبٌ لِهِشَامٍ لَا لِهَاشِمٍ.

(قَوْلُهُ: إلَّا إنْ أَيِسَ) الْمُرَادُ بِهِ غَلَبَةُ الظَّنِّ وَهُوَ الْأَظْهَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ إنْ شَكَّ) إلَّا إنْ تَوَهَّمَ وَأَوْلَى مِنْ الشَّكِّ إذَا ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ أَوْ أَيِسَ لَا إنْ ظَنَّهَا (قَوْلُهُ: وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا) أَيْ كَمَا تُؤُوِّلَتْ بِالْخِلَافِ تُؤُوِّلَتْ بِالْوِفَاقِ وَأَنَّ الْأَوَّلَ قَدْ دَخَلَ فِي الصَّوْمِ وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ وَالتَّأْوِيلُ بِالْوِفَاقِ ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَنْتَقِلُ إنْ شَكَّ) أَيْ وَيَكْفِي فِي انْتِقَالِهِ عَنْهُ إنْ شَكَّ فِي الْقُدْرَةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَهُوَ عَاجِزٌ فِي الْحَالِ وَأَوْلَى إنْ ظَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ أَوْ أَيِسَ لَا إنْ ظَنَّهَا (قَوْلُهُ: فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى لَا يَنْتَقِلُ) وَلَا يَصِحُّ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ إنْ شَكَّ عَلَى قَوْلِهِ إنْ أَيِسَ لِفَسَادِ الْمَعْنَى.

(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِتْقَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْإِيَاسُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ أَطْعَمَ مِائَةً وَعِشْرِينَ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجْرِي هُنَا وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ زِيَادَةُ ثُلُثِهِ إلَخْ أَيْ ثُلُثِ الْهَاشِمِيِّ أَوْ نِصْفِهِ (قَوْلُهُ: وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَيِّنَ نَوْعَ الْكَفَّارَةِ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ إنْ بَيَّنَ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الْبَيَانِ إلَخْ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ حُكْمًا مُسْتَأْنَفًا بَيَانًا لِحُكْمٍ آخَرَ يَتَعَلَّقُ بِمُطْلَقِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ: بَلْ يَكْفِي) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَقُلْ لَهُ ذَلِكَ لَا يَكْفِي بِأَنْ أَعْطَاهُ سَاكِتًا وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ الْقَوْلَانِ فَيُمْكِنُ جَرَيَانُهُمَا هُنَا.

(قَوْلُهُ: أَيْ لَهُ وَلَهُ) بِمَعْنَى لَا يَتَعَيَّنُ وَاحِدٌ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْأَوْلَى لَهُ الصَّبْرُ كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ: أَوْ بِإِذْنِ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ لَا يُحْتَاجُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْمَعْنَى أَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْ الصَّوْمِ فِي الْحَالِ وَيَرْجُو الْقُدْرَةَ عَلَيْهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَاجِزًا فِي الْحَالِ وَالِاسْتِقْبَالِ فَيَتَعَيَّنُ الْإِخْرَاجُ وَعَلَيْهِ فَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى فَالشَّارِحُ يَقُولُ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا قَرَّرْت لَك تَكُونُ لِلتَّخْيِيرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ) الْوَاوُ لِلْحَالِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>