للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلِفُ الزَّوْجِ عَلَى زِنَا زَوْجَتِهِ أَوْ نَفَى حَمْلَهَا اللَّازِمَ لَهُ وَحَلِفُهَا عَلَى تَكْذِيبِهِ إنْ أَوْجَبَ نُكُولُهَا حَدَّهَا بِحُكْمِ قَاضٍ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ اللَّازِمَ الْحَمْلُ غَيْرُ اللَّازِمِ لَهُ فَإِنَّهُ لَا لِعَانَ فِيهِ كَمَا إذَا أَتَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ الْعَقْدِ وَكَذَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ خَصِيًّا وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ وَحَلِفُهَا إلَخْ مَا إذَا حَلَفَ وَنَكَلَتْ وَلَمْ يُوجِبْ النُّكُولُ حَدَّهَا كَمَا إذَا غُصِبَتْ فَأَنْكَرَ وَلَدَهَا وَثَبَتَ الْغَصْبُ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا وَاللِّعَانُ عَلَيْهِ وَحْدَهُ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ بِحُكْمِ قَاضٍ لِعَانُ الزَّوْجَةِ وَالزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِلِعَانٍ شَرْعِيٍّ وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِأَرْكَانِهَا فَمِنْهَا الزَّوْجُ فَقَالَ (ص) إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ (ش) أَيْ لَا سَيِّدٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الزَّوْجُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا دَخَلَ بِالزَّوْجَةِ أَمْ لَا وَيُشْكِلُ عَلَى الْحَصْرِ مَا وَقَعَ لِأَبِي عِمْرَانَ أَنَّ اللِّعَانَ يَكُون مِنْ شُبْهَةِ النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ تَثْبُتْ الزَّوْجِيَّةُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا كَانَ الْوَلَدُ لَاحِقًا بِهِ وَدَرَأَ الْحَدَّ عَنْهُ كَانَ فِي حُكْمِ الزَّوْجِ وَأَغْنَاهُ عَنْ شَرْطِ التَّكْلِيفِ قَوْلُهُ فِيمَا يَأْتِي أَوْ هُوَ صَبِيٌّ حِينَ الْحَمْلِ وَيَدْخُلُ فِي كَلَامِهِ الْعِنِّينُ وَالْهَرِمُ وَالْأَخْرَسُ وَالْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ بِقَسِيمَةٍ وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْجَمِيعِ فِي الرُّؤْيَةِ وَالْقَذْفِ وَأَمَّا فِي الْحَمْلِ فَلَا لِعَانَ فِي الْمَجْبُوبِ كَمَا فِي الْجَلَّابِ وَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ ذَلِكَ وَأَمَّا الْخَصِيُّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إحَالَتُهُ عَلَى أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ كَمَا يَأْتِي فِي الْعِدَّةِ وَلِلْقَرَافِيِّ يُلَاعَنُ الْمَجْبُوبُ وَالْخَصِيُّ إذَا أَنْزَلَا كَغَيْرِهِمَا فَيُحْتَمَلُ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ أَرَادَهُ.

. (ص) وَإِنْ فَسَدَ نِكَاحُهُ أَوْ فَسَقَا أَوْ رَقَّا لَا كَفَرَا (ش) يَعْنِي أَنَّ اللِّعَانَ يَكُونُ فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ الَّذِي لَا يُقَرُّ الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ بِحَالٍ كَالصَّحِيحِ لِثُبُوتِ النَّسَبِ فِيهِ وَيَكُونُ أَيْضًا بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ الْفَاسِقَيْنِ أَوْ الرَّقِيقَيْنِ وَأَمَّا الزَّوْجَانِ الْكَافِرَانِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ مِنْهُمَا اللِّعَانُ نَعَمْ إنْ جَاءُوا إلَيْنَا وَرَضَوْا بِأَحْكَامِنَا حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ وَمَفْهُومُ كَفَرَ أَنَّ الْمُسْلِمَ يُلَاعِنُ الْيَهُودِيَّةَ وَالنَّصْرَانِيَّة قَالَ فِي الْجَلَّابِ لَكِنَّ لِعَانَهُ لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ لَا لِلرَّمْيِ وَلَمَّا كَانَ لِلِّعَانِ أَسْبَابٌ أَوْ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ أَشَارَ إلَى أَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ.

(ص) إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا (ش) صَرِيحٍ لَا تَعْرِيضٍ هِيَ طَائِعَةٌ فِيهِ فِي قُبُلٍ أَوْ دُبُرٍ وَرَفَعَتْهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّهَا وَإِلَّا فَلَا لِعَانَ وَلَعَلَّ الْمُؤَلِّفَ لَمْ يُقَيِّدْ بِالصَّرِيحِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ حَلَفَ الزَّوْجُ) أَيْ أَرْبَعًا وَأَطْلَقَ فِي ذَلِكَ اتِّكَالًا عَلَى مَا هُوَ مَعْلُومٌ ثُمَّ يَرِدُ عَلَى التَّعْرِيفِ أَنَّهُ غَيْرُ جَامِعٍ لِخُرُوجِ حَلِفِهِ فَقَطْ إذَا كَانَتْ صَغِيرَةً أَوْ كَبِيرَةً وَمَاتَتْ أَوْ كَانَ كَافِرًا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ وَأَيْضًا يَخْرُجُ اللِّعَانُ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ زَوْجٍ لَكِنْ اُخْتُلِفَ فِي الْمَجَازِ الْمَشْهُورِ هَلْ يَسُوغُ وُقُوعُهُ فِي التَّعَارِيفِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْوَصْفَ حَقِيقَةٌ فِي الْحَالِ قَطْعًا مَجَازٌ فِي الِاسْتِقْبَالِ قَطْعًا وَأَمَّا فِي الْمَاضِي فَهُوَ حَقِيقَةٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِ كَمَا فِي السَّعْدِ فِي الْمُطَوَّلِ وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْأَبِيِّ عَلَى أَنَّهُ مَجَازٌ فِيهِ (قَوْلُهُ كَمَا إذَا غُصِبَتْ) لَا يَخْفَى أَنَّهَا إذَا غُصِبَتْ فَلَا لِعَانَ عَلَيْهَا أَصْلًا فَلَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ وَنَكَلَتْ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ الْمُتَبَادِرَ مِنْهُ إنَّهَا طَلَبَتْ بِالْحَلِفِ فَلَمْ تَحْلِفْ مَعَ إنَّهَا لَا تُطَالَبُ بِذَلِكَ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ حَذْفُ قَوْلِهِ وَخَرَجَ إلَخْ وَيَقُولُ بَدَلَهُ وَقَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ إنْ وَجَبَ شَرْطٌ فِي حَلِفِهَا أَيْ إنَّمَا تُطَالَبُ بِالْحَلِفِ إذَا كَانَ نُكُولُهَا يُوجِبُ حَدَّهَا وَأَمَّا إذَا كَانَ نُكُولُهَا لَا يُوجِبُ حَدَّهَا فَلَا تُطَالَبُ بِلِعَانٍ (قَوْلُهُ بِحُكْمٍ) أَيْ بِسَبَبِ حُكْمٍ إلَخْ أَيْ أَنَّ اللِّعَانَ لَا يَكُونُ إلَّا إذَا حَكَمَ بِهِ قَاضٍ أَوْ مَا قَامَ مَقَامَهُ فَلَوْ وَقَعَ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ فَلَيْسَ بِلِعَانٍ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُمَا لَوْ تَرَافَعَا لِقَاضٍ وَصَدَرَ مِنْهُمَا اللِّعَانُ بِدُونِ أَنْ يَحْكُمَ بِهِ لَا يَكُونُ لِعَانًا فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَاعْتَنَى الْمُؤَلِّفُ بِأَرْكَانِهِ) أَيْ وَلَمْ يَعْتَنِ بِتَعْرِيفِهِ (قَوْلُهُ إنَّمَا يُلَاعِنُ زَوْجٌ) لَا سَيِّدٌ فَالْحَصْرُ بِالنِّسْبَةِ لَهُ وَإِلَّا فَالزَّوْجَةُ كَالزَّوْجِ

١ -

(قَوْلُهُ إنَّ اللِّعَانَ يَكُونُ مِنْ شُبْهَةِ النِّكَاحِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِنَفْيِ الْحَمْلِ وَالْوَلَدِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا فِي الْحَمْلِ) سَيَأْتِي أَنَّ هَاتَيْنِ الطَّرِيقَتَيْنِ مِنْ جُمْلَةِ طُرُقٍ

(قَوْلُهُ وَإِنْ فَسَدَ) أَيْ كَمَا إذَا عَقَدَ عَلَى أُخْتِهِ مَثَلًا غَيْرَ عَالِمٍ بِأَنَّهَا أُخْتُهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ فَسَقَا خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ مِنْ أَنَّهُ لَا يُلَاعِنُ الْعَبْدُ وَلَا الْمَحْدُودُ فِي الْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ مَنْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ مِنْ الْأَزْوَاجِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ اسْتَثْنَاهُمْ مِنْ الشُّهَدَاءِ بِقَوْلِهِ {وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ} [النور: ٦] فَسَمَّاهُمْ شُهَدَاءَ بِذَلِكَ إذْ الْمُسْتَثْنَى مِنْ جُمْلَةِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَقَالَ {فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ} [النور: ٦] فَدَلَّ عَلَى أَنَّ اللِّعَانَ شَهَادَةٌ وَالْعَبْدُ وَالْمَحْدُودُ لَيْسَا مِنْ أَهْلِهَا وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مُنْقَطِعٌ وَالْمَعْنَى فِيهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ غَيْرُ قَوْلِهِمْ كَمَا قَالُوا الصَّبْرُ حِيلَةُ مَنْ لَا حِيلَةَ لَهُ وَالْجُوعُ زَادُ مَنْ لَا زَادَ لَهُ (قَوْلُهُ الَّذِي لَا يُقَرُّ الزَّوْجَانِ عَلَيْهِ بِحَالٍ) كَالْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ (قَوْلُهُ حَكَمْنَا بَيْنَهُمْ إلَخْ) أَيْ فِي وُجُوبِ اللِّعَانِ وَبَعْدُ فَإِنْ نَكَلَتْ رُجِمَتْ عَلَى قَوْلِ عِيسَى وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنَّمَا قَالَ عِيسَى بِالرَّجْمِ لِوُجُودِ الْإِحْصَانِ؛ لِأَنَّ أَنْكِحَتَهُمْ صَحِيحَةٌ عِنْدَهُ وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَوْنَ نِكَاحِهِمْ صَحِيحًا ضَعِيفٌ، وَقَوْلُهُ بِالرَّجْمِ ضَعِيفٌ وَحُدَّتْ عِنْدَ الْبَغْدَادِيِّينَ لِفَسَادِ أَنْكِحَتِهِمْ (قَوْلُهُ لَا لِلرَّمْيِ) أَيْ أَنَّ لِعَانَ الْمُسْلِمِ لِلنَّصْرَانِيَّةِ وَالْيَهُودِيَّةِ لَا يَكُونُ إلَّا لِنَفْيِ الْحَمْلِ أَوْ الْوَلَدِ دُونَ الرَّمْيِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُ بَلْ يَجُوزُ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِهَا إسْقَاطَ الْحَمْلِ فَيَلْزَمَ لِعَانُهُ وَلَوْ كَانَ كَافِرًا وَهِيَ مُسْلِمَةٌ كَمَا إذَا أَسْلَمَتْ تَحْتَهُ أَوْ غَرَّهَا أَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ غَيْرُ زِنًا كَمَا قَالَ اللَّخْمِيُّ فَيَتَلَاعَنَانِ فَإِنْ نَكَلَ هُوَ حُدَّ وَإِنْ حَلَفَ الْأَيْمَانَ وَنَكَلَتْ فَلَا حَدَّ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا أَيْمَانُ كَافِرٍ وَهِيَ قَائِمَةٌ مَقَامَ الشَّهَادَةِ وَلَا شَهَادَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ أَسْبَابٌ أَوْ شُرُوطٌ ثَلَاثَةٌ) الْأَوَّلُ: مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ إنْ قَذَفَهَا بِزِنًا، الثَّانِي: مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَبِنَفْيِ حَمْلٍ. الثَّالِثُ: الْمُشَارُ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي حَدِّهِ بِمُجَرَّدِ الْقَذْفِ إلَخْ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَعَبَّرَ بِأَوْ لِلتَّرَدُّدِ فِي كَوْنِهَا أَسْبَابًا أَوْ شَرْطًا وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَحَقِيقَةُ السَّبَبِ غَيْرُ حَقِيقَةِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ مَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ الْوُجُودُ وَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَالشَّرْطُ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ الْعَدَمُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودٌ وَلَا عَدَمٌ (قَوْلُهُ لَا تَعْرِيضٌ) وَلَكِنْ فِيهِ الْأَدَبُ عَلَى الرَّاجِحِ لَا الْحَدُّ وَعَلَى هَذَا فَتُسْتَثْنَى هَذِهِ مِنْ قَاعِدَةِ أَنَّ التَّعْرِيضَ بِالْقَذْفِ كَالتَّصْرِيحِ فِي وُجُوبِ الْحَدِّ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ حَقِّهَا) أَيْ قَذْفَهُ لَهَا مِنْ حَقِّهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>