للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَدْ مَلَكَهُ أَبُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَحَرَّرَ بِوَطْءِ مَالِكِهَا وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يَبِيعُهَا هُوَ أَيْ: السَّيِّدُ لِغَيْرِ الزَّوْجِ وَأَمَّا لِلزَّوْجِ فَيَجُوزُ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ كَمَا ذَكَرَهُ ح وَكَوْنُ الزَّوْجِ حُرًّا فَلِذَا قَالَ (وَلَا عَلَى عَبْدٍ) أَيْ وَلَا نَفَقَةَ عَلَى عَبْدٍ لِحَمْلِ زَوْجَتِهِ الْمُطَلَّقَةِ طَلَاقًا بَائِنًا سَوَاءٌ كَانَتْ حُرَّةً أَوْ أَمَةً إذْ لَا يَلْزَمُ الْعَبْدَ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى أَوْلَادِهِ لِعَدَمِ مِلْكِ الْعَبْدِ وقَوْله تَعَالَى {وَإِنْ كُنَّ أُولاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٦] خَاصٌّ بِالزَّوْجِ الْحُرِّ عَلَى الْمَشْهُورِ نَعَمْ إنْ أَعْتَقَهُ سَيِّدُهُ وَصَارَ حُرًّا قَبْلَ أَنْ تَضَعَ زَوْجَتُهُ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ إنْ كَانَتْ الزَّوْجَةُ حُرَّةً أَصَالَةً أَوْ أُعْتِقَتْ الْأَمَةُ. وَقُلْنَا: طَلَاقًا بَائِنًا لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا فَإِنَّهَا تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إلَّا الرَّجْعِيَّةَ) فَإِنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الزَّوْجَةِ الَّتِي فِي الْعِصْمَةِ

(ص) وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ وَاجِبَاتِ الزَّوْجَةِ مِنْ نَفَقَةٍ وَمَا مَعَهَا تَسْقُطُ عَنْ الزَّوْجِ بِإِعْسَارِهِ أَيْ فِي زَمَنِهِ فَقَطْ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧] وَهَذَا مُعْسِرٌ لَمْ يُؤْتِهِ شَيْئًا فَلَا يُكَلَّفُ بِشَيْءٍ. إذَا سَقَطَتْ فَأَنْفَقَتْ عَلَى نَفْسِهَا شَيْئًا فِي زَمَنِ إعْسَارِهِ فَإِنَّهَا لَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهَا سَاقِطَةٌ عَنْهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَتُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حَالِ الْإِنْفَاقِ حَاضِرًا أَوْ غَائِبًا وَالْمُرَادُ بِالسُّقُوطِ عَدَمُ اللُّزُومِ لِانْتِفَاءِ تَكْلِيفِهِ حِينَ الْعُسْرِ

(ص) لَا إنْ حُبِسَتْ أَوْ حَبَسَهُ (ش) هَذَا مُخَرَّجٌ مِمَّا قَبْلَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ تَسْقُطُ بِعُسْرِ زَوْجِهَا وَلَا تَسْقُطُ بِحَبْسِهَا فِي دَيْنٍ شَرْعِيٍّ تَرَتَّبَ عَلَيْهَا لِأَنَّ الْمَانِعَ مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لَيْسَ مِنْ جِهَتِهَا وَكَذَلِكَ لَا تَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِحَبْسِ زَوْجِهَا فِي دَيْنٍ تَرَتَّبَ عَلَيْهِ لَهَا أَوْ لِغَيْرِهَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَعَهُ مَالٌ وَأَخْفَاهُ فَيَكُونَ مُتَمَكِّنًا مِنْ الِاسْتِمْتَاعِ لِعَدَمِ أَدَائِهِ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ

(ص) أَوْ حَجَّتْ الْفَرْضَ وَلَهَا نَفَقَةُ حَضَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا خَرَجَتْ إلَى حَجَّةِ الْفَرْضِ أَصَالَةً مَعَ مَحْرَمٍ أَوْ مَعَ رُفْقَةٍ مَأْمُونَةٍ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجِهَا فَإِنَّ نَفَقَتَهَا لَا تَسْقُطُ عَنْ زَوْجِهَا لَكِنْ لَهَا نَفَقَةُ حَضَرٍ وَعَلَيْهَا مَا ارْتَفَعَ مِنْ السِّعْرِ أَمَّا حَجُّ التَّطَوُّعِ إذَا خَرَجَتْ إلَيْهِ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِيهِ عَلَى زَوْجِهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا أَوْ يَقْدِرَ عَلَى رَدِّهَا فَلَهَا نَفَقَةُ حَضَرٍ كَالْفَرْضِ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَذَكَرَ الْعَجْمَاوِيُّ مَا يُخَالِفُهُ وَنَصَّهُ وَاحْتَرَزَ بِالْفَرْضِ مِنْ التَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهَا فَيَكُونَ لَهَا نَفَقَةُ سَفَرٍ فَلَوْ نَقَصَتْ نَفَقَةُ السَّفَرِ عَنْ نَفَقَةِ الْحَضَرِ لَمْ يَكُنْ لَهَا سِوَاهَا وَلَوْ كَانَتْ نَفَقَةُ الْحَضَرِ مُقَرَّرَةً وَلَا يَدْفَعُ مَا زَادَ مِنْ نَفَقَةِ الْحَضَرِ عَلَى نَفَقَةِ السَّفَرِ وَقَوْلُهُ (وَإِنْ رَتْقَاءَ) رَاجِعٌ لِجَمِيعِ الْبَابِ وَالْمُرَادُ بِالرَّتْقَاءِ مَنْ قَامَ بِهَا مَانِعٌ: مِنْ كُلِّ ذَاتِ عَيْبٍ دَخَلَ عَالِمًا بِهِ تَصِيرُ كَالصَّحِيحَةِ وَيُلْغَى الْمَانِعُ الْمَدْخُولُ عَلَيْهِ كَالْحَيْضِ وَالْمَرَضِ وَالْجُنُونِ

(ص) وَإِنْ أَعْسَرَ بَعْدَ يُسْرٍ فَالْمَاضِي فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ لَمْ يَفْرِضْهُ حَاكِمٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا أَعْسَرَ بَعْدَ أَنْ كَانَ مُوسِرًا فَإِنَّ مَا تَجَمَّدَ لِزَوْجَتِهِ فِي زَمَنِ الْيُسْرِ مِنْ نَفَقَةٍ فَإِنَّهُ بَاقٍ فِي ذِمَّتِهِ كَسَائِرِ الدُّيُونِ تَأْخُذُهُ مِنْهُ إذَا أَيْسَرَ وَسَوَاءٌ كَانَ فَرَضَهُ حَاكِمٌ أَوْ لَا وَلَا يَنْعَطِفُ السُّقُوطُ فِي زَمَنِ الْعُسْرِ عَلَى مَا تَجَمَّدَ فِي زَمَنِ الْيُسْرِ وَلَا يَسْقُطُ الْعُسْرُ إلَّا زَمَنَهُ خَاصَّةً

وَلَمَّا كَانَ الْعُسْرُ لَا يُسْقِطُ عَنْ الزَّوْجِ إلَّا مَا يُوجَبُ عَلَيْهِ لِغَيْرِهِ لَا مَا وَجَبَ عَلَيْهِ لِنَفْسِهِ فَلِذَا لَوْ أَنْفَقَتْ هِيَ أَوْ غَيْرُهَا عَلَيْهِ أَتْبَعَتْهُ بِهِ حَيْثُ كَانَ غَيْرَ سَرَفٍ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَرَجَعَتْ بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ وَإِنْ مُعْسِرًا كَمُنْفِقٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ إلَّا لِصِلَةٍ (ش) أَيْ وَرَجَعَتْ الزَّوْجَةُ عَلَى زَوْجِهَا بِمَا أَنْفَقَتْهُ عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِ مَا أَنْفَقَتْهُ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ وَإِلَى زَمَنِ الْإِنْفَاقِ وَإِنْ كَانَ حَالَ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مُعْسِرًا كَمَا يَرْجِعُ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ كَمَا يُفِيدُهُ أَوَّلُ كَلَامِهِ) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَلَوْ اشْتَرَاهَا الزَّوْجُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ بِذَلِكَ ابْنُ الْمَوَّازِ) أَيْ فَقَدْ قَالَ وَمَنْ اشْتَرَى زَوْجَتَهُ بَعْدَ أَنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ مَا فِي بَطْنِهَا فَشِرَاؤُهُ جَائِزٌ وَتَكُونُ مَا تَضَعُهُ أُمَّ وَلَدٍ لِأَنَّهُ عَتَقَ عَلَيْهِ بِالشِّرَاءِ وَلَمْ يَكُنْ يُصِيبُهُ عِتْقُ السَّيِّدِ إذْ لَا يَتِمُّ عِتْقُهُ إلَّا بِالْوَضْعِ لِأَنَّهَا تُبَاعُ فِي فَلَسِهِ وَيَبِيعُهَا وَرَثَتُهُ قَبْلَ الْوَضْعِ إنْ شَاءُوا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا. اهـ.

(قَوْلُهُ لِعَدَمِ مِلْكِ الْعَبْدِ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ الْعَبْدُ وَلَوْ كَانَ ابْنُهُ حُرًّا بَلْ نَفَقَةُ الْوَلَدِ الْحُرِّ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ وَالرَّقِيقِ عَلَى سَيِّدِ أُمِّهِ وَفِي بَهْرَامَ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُنْفِقَ عَلَى وَلَدِهِ لِأَنَّهُ إتْلَافٌ لِمَالِ السَّيِّدِ فِيمَا لَا يَعُودُ عَلَى سَيِّدِهِ مِنْهُ مَنْفَعَةٌ اهـ

. (قَوْلُهُ وَسَقَطَتْ بِالْعُسْرِ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ مُقَرَّرَةً بِحُكْمٍ مَالِكِيٍّ.

(قَوْلُهُ وَيُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ) أَيْ لِأَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ سَاقِطَةً عَنْهُ تُحْمَلُ عَلَى التَّبَرُّعِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ مِنْهَا فِي تِلْكَ الْحَالَةِ

(قَوْلُهُ الْمَانِعُ إلَخْ) عِبَارَةُ شب لِأَنَّ الْمَحْبُوسَةَ يُمَكَّنُ مِنْهَا فِي الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ الْمَأْسُورَةِ وَإِذَا وُجِدَ الْفَارِقُ امْتَنَعَ الْقِيَاسُ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ الَّذِي قَالَهُ يَظْهَرُ إنْ لَمْ تَكُنْ مُمَاطِلَةً فَحُبِسَتْ وَإِلَّا فَلَا نَفَقَةَ لَهَا.

(قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا تَسْقُطُ وَقَوْلُهُ لِعَدَمِ أَدَائِهِ اللَّامُ بِمَعْنَى مَعَ أَوْ أَنَّ فِي الْعِبَارَةِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَالتَّقْدِيرُ لَا تَسْقُطُ لِعَدَمِ أَدَائِهِ لِمَا هُوَ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ أَخْفَى الْمَالَ عَلَى احْتِمَالٍ

. (قَوْلُهُ أَصَالَةً) احْتِرَازًا عَمَّا إذَا نَذَرَتْهُ فَإِنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَيْهِ فِيهِ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الْعَجْمَاوِيُّ) كَأَنْ ظَهَرَ لَنَا أَنَّ مَا قَالَهُ الْعَجْمَاوِيُّ هُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ أَنَّ لَهَا نَفَقَةَ السَّفَرِ حَيْثُ أَذِنَ لَهَا فِي حِجَّةِ التَّطَوُّعِ ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ هُوَ الْأَظْهَرُ بَلْ يَتَعَيَّنُ إذْ لَا يَزِيدُ عَلَى الْفَرْضِ الَّذِي هُوَ بِإِذْنِ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى.

(قَوْلُهُ فَلَوْ نَقَصَتْ نَفَقَةُ إلَخْ) مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَهَا نَفَقَةُ حَضَرٍ وَهَذَا أَمْرٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

. (قَوْلُهُ غَيْرَ سَرَفٍ) إلَّا أَنْ تَقُولَ أَنْفَقْت عَلَيْهِ لِأَرْجِعَ عَلَيْهِ وَيُوَافِقَهَا عَلَى ذَلِكَ فَتَرْجِعَ عَلَيْهِ بِالسَّرَفِ

١ -

<<  <  ج: ص:  >  >>