للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُعْسِرًا بِمَا أَنْفَقَهُ عَلَيْهِ غَيْرَ سَرَفٍ إلَّا لِصِلَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ عَلَى زَوْجِهَا أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَوْ أَنْفَقَهُ أَجْنَبِيٌّ غَيْرُهَا عَلَى أَجْنَبِيٍّ فَقَوْلُهُ غَيْرَ سَرَفٍ حَالٌ مِنْ " مَا "، وَحَلَفَتْ إلَّا أَنْ تَكُونَ أَشْهَدَتْ أَوَّلًا أَنَّهَا أَنْفَقَتْ لِتَرْجِعَ وَكَذَا مَنْ أَنْفَقَ عَلَى أَجْنَبِيٍّ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ وَقَوْلُهُ عَلَى أَجْنَبِيٍّ أَيْ كَبِيرٍ بِدَلِيلِ ذِكْرِهِ الصَّغِيرَ بَعْدَهُ (ص) وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ لَهُ مَالٌ عَلِمَهُ الْمُنْفِقُ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ وَحِينَئِذٍ فَيُسْتَفَادُ مِنْهُ أَنَّ الرُّجُوعَ بِغَيْرِ السَّرَفِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ أَبُو الْحَسَنِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى صَغِيرٍ فَلَا يَرْجِعُ إلَّا بِشُرُوطٍ أَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ حِينَ الْإِنْفَاقِ وَعَلِمَهُ الْمُنْفِقُ وَيَتَعَذَّرُ الْإِنْفَاقُ مِنْهُ كَعَرَضٍ أَوْ عَيْنٍ لَيْسَتْ بِيَدِ الْمُنْفِقِ وَيَعْسُرُ الْوُصُولُ إلَيْهَا وَأَنْ يَنْوِيَ الْمُنْفِقُ الرُّجُوعَ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ وَأَنْ يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ لَا إنْ تَلِفَ وَتَجَدَّدَ غَيْرُهُ وَأَنْ لَا يَكُونَ سَرَفًا ابْنُ رُشْدٍ وَالْأَبُ الْمُوسِرُ كَالْمَالِ انْتَهَى أَيْ فَلَا بُدَّ مِنْ عِلْمِهِ بِهِ وَبِأَنَّهُ مُوسِرٌ وَيَسْتَمِرُّ يَسَارُهُ إلَى حِينِ الرُّجُوعِ وَهَذَا مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ طَرْحَهُ وَإِلَّا فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ اللُّقَطَةِ أَيْ إذَا كَانَ مَلِيئًا وَسَوَاءٌ عُلِمَ مِلَاؤُهُ أَمْ لَا فَإِنْ قُلْت لِمَ لَمْ يُجْعَلْ طُرُوُّ الْمَالِ هُنَا كَطُرُوِّ الْأَبِ هُنَاكَ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْأَبَ هُنَاكَ يُعَاقَبُ بِنَقِيضِ مَقْصُودِهِ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الْعِلْمِ بِهِ لِكَوْنِهِ تَعَمَّدَ طَرْحَهُ وَلِئَلَّا يَسْتَرْسِلَ النَّاسُ عَلَى طَرْحِ أَوْلَادِهِمْ اُنْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ وَلَكِنْ نَقَلَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ عِلْمُ الْمُنْفِقِ بِالْأَبِ بَلْ إذَا ظَهَرَ لَهُ أَبٌ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ كَمَا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ مَنْ أَنْفَقَ عَلَى رَبِيبِهِ فَإِنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ

(ص) وَلَهَا الْفَسْخُ إنْ عَجَزَ عَنْ نَفَقَةٍ حَاضِرَةٍ لَا مَاضِيَةٍ (ش) أَيْ إذَا عَجَزَ الزَّوْجُ عَنْ النَّفَقَةِ الْحَاضِرَةِ أَوْ الْمُسْتَقْبَلَةِ لِمَنْ يُرِيدُ سَفَرًا دُونَ الْمَاضِيَةِ؛ وَالْكِسْوَةُ كَذَلِكَ بِأَنْ ادَّعَى الْعَجْزَ عَنْ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَثْبَتَهُ أَمْ لَا فَإِنَّ لِزَوْجَتِهِ اخْتِيَارَ الْمُقَامِ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ وَلَهَا الْقِيَامُ بِالْفَسْخِ وَإِذَا اخْتَارَتْهُ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُثْبِتَ عُسْرَهُ أَوْ لَا فَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ عُسْرَهُ أَمَرَهُ بِالنَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ أَوْ الطَّلَاقِ فَإِنْ طَلَّقَ فَلَا كَلَامَ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَتَلَوَّمُ لَهُ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّارِحِ وَإِنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ فَلَا يَأْمُرُهُ بِنَفَقَةٍ وَلَا كِسْوَةٍ لِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ فَإِنْ لَمْ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ إلَّا لِصِلَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا لِصِلَةٍ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ خِلَافُ قَاعِدَتِهِ وَيَصِحُّ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى الْقَاعِدَةِ وَيَكُونَ فِي اللَّفْظِ احْتِبَاكٌ فَقَدْ حَذَفَ صِلَةً مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الْآخَرِ عَلَيْهِ وَحَذَفَ مِنْ الثَّانِي غَيْرَ سَرَفٍ لِدَلَالَةِ الْأَوَّلِ عَلَيْهِ.

(تَنْبِيهٌ) :

يُعْرَفُ كَوْنُهُ لِصِلَةٍ بِالْقَرَائِنِ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ أَوْ عَلَى أَجْنَبِيٍّ) أَيْ كَبِيرٍ وَكَذَا يُشْتَرَطُ فِي الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ كَبِيرًا وَأَمَّا لَوْ كَانَ صَغِيرًا فَيَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَعَلَى الصَّغِيرِ إلَخْ وَالْحَاصِلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَعَلَى الصَّغِيرِ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ زَوْجًا أَوْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ وَحَلَفَتْ) أَيْ أَنَّهَا أَنْفَقَتْ لِتَرْجِعَ.

(قَوْلُهُ وَعَلَى الصَّغِيرِ إنْ كَانَ إلَخْ) فَلِذَا قَالَ عج وَمَنْ قَالَ أُنْفِقُ عَلَى الصَّغِيرِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ أَخَذْت مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ وَكَذَا مَنْ بَنَى مَسْجِدًا مِنْ عِنْدِهِ لِكَوْنِهِ لَا مَالَ لَهُ فَبَانَ لَهُ مَالٌ لَا شَيْءَ لَهُ.

(قَوْلُهُ وَحَلَفَ أَنَّهُ أَنْفَقَ لِيَرْجِعَ) وَلَوْ مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ وَمَحَلُّ حَلِفِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَشْهَدَ أَوَّلًا أَنَّهُ يُنْفِقُ وَيَرْجِعُ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَحَلَفَ يَتَضَمَّنُ أَحَدَ الشُّرُوطِ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَإِنْ نَوَى إلَخْ (قَوْلُهُ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ الْكَافِ) الْمُرَادُ بِمَدْخُولِهَا مَا بَعْدَهُ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَجْنَبِيٌّ.

(قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ اللُّقَطَةِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَرُجُوعُهُ عَلَى أَبِيهِ إنْ طَرَحَهُ عَمْدًا وَحِينَئِذٍ فَالْحَاصِلُ إنْ عَلِمَ أَنَّ الْأَبَ تَعَمَّدَ طَرْحَهُ فَلَهُ الرُّجُوعُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَيَصِيرُ كَاللَّقِيطِ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ طَرْحُهُ عَمْدًا فَلَا رُجُوعَ عَلَيْهِ إلَّا بِشَرْطَيْنِ أَنْ يَعْلَمَ حِينَ الْإِنْفَاقِ أَنَّ لَهُ أَبًا وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ مُوسِرٌ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ عُلِمَ مَلَاؤُهُ أَمْ لَا) الْأَوْلَى سَوَاءٌ عُلِمَ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ كَطُرُوِّ الْأَبِ) أَيْ وَيَكُونُ لِلْمُنْفِقِ الرُّجُوعُ فِي الْمَالِ الطَّارِئِ بَلْ قَالُوا هُنَا لَا رُجُوعَ لَهُ فِي الْمَالِ الطَّارِئِ وَإِنَّمَا لَهُ الرُّجُوعُ فِي الْمَالِ الَّذِي كَانَ مَوْجُودًا حِينَ الْإِنْفَاقِ وَأَنْ يَكُونَ الْمُنْفِقُ عَالِمًا بِهِ.

(قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ تَعَمَّدَ طَرْحَهُ) أَيْ وَلِذَلِكَ لَوْ عَلِمَ هُنَا أَنَّ الْأَبَ طَرَحَهُ عَمْدًا لَاسْتَوَى الْبَابَانِ فِي الرُّجُوعِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُنْفِقُ حِينَ النَّفَقَةِ (قَوْلُهُ وَلَكِنَّ نَقْلَ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَحَاصِلُ مَا قَالَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ الْمَلِيءِ وَلَوْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَلَوْ لَمْ يَتَعَمَّدْ طَرْحَهُ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْمَالِ وَالْأَبِ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَالِ بِخِلَافِ الْأَبِ.

(قَوْلُهُ كَمَا فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ) أَيْ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَنَصُّ مَسْأَلَةِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ وَلَوْ قَالَ مَنْ فِي حِجْرِهِ يَتِيمٌ عَدِيمٌ أَنَا أُنْفِقُ عَلَيْهِ فَإِنْ أَفَادَ مَالًا أَخَذْته مِنْهُ وَإِلَّا فَهُوَ فِي حِلٍّ فَذَلِكَ بَاطِلٌ وَلَا يُتْبَعُ الْيَتِيمُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ أَمْوَالٌ عُرُوضٌ فَيُسَلِّفُهُ حَتَّى يَبِيعَ عُرُوضَهُ فَذَلِكَ لَهُ وَإِنْ قَصَرَ ذَلِكَ الْمَالَ عَمَّا أَسَلَفَهُ لَمْ يُتْبَعْ بِالتَّالِفِ أَبُو الْحَسَنِ التَّالِفُ الزَّائِدُ لِأَنَّهُ أَسْلَفَهُ عَلَى مُعَيَّنٍ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ كُلَّ مَنْ أَسْلَفَ عَلَى مُعَيَّنٍ أَنَّ حَقَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ إلَّا بِذَلِكَ الْمُعَيَّنِ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت وَرَأَيْت مَا يُفِيدُ أَنَّ الْمَعْنَى كَمَا فِي بَابِ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ فَقَدْ رَأَيْت مَا نَصُّهُ قَالَ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ مِنْهَا وَمَنْ أَنْفَقَ عَلَى صَبِيٍّ فَإِذَا لَهُ أَبٌ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْأَبِ بِمَا أَنْفَقَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُنْفِقُ بِالْأَبِ وَقْتَ الْإِنْفَاقِ. اهـ. (قَوْلُهُ مُقَيَّدٌ بِغَيْرِ مَنْ أَنْفَقَ) فِي الْمِعْيَارِ الرَّبِيبُ كَغَيْرِهِ مَعَ الشُّرُوطِ وَهُوَ الصَّوَابُ إذْ هُوَ لَيْسَ أَقْوَى مِنْ الْوَلَدِ فَتَدَبَّرْ

. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَتَلَوَّمُ لَهُ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ عُسْرُهُ وَأَمَرَهُ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ أَنَّهُ لَا يَتَلَوَّمُ لَهُ عَلَى الرَّاجِحِ.

(قَوْلُهُ بَلْ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِيهِ لَا يَتَلَوَّمُ الصَّحِيحُ وَإِنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ تَلَوَّمَ الْحَاكِمُ فَلَمْ يَقُلْ الْمُصَنِّفُ يَأْمُرُهُ بِالطَّلَاقِ فَافْهَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>