للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ غَائِبًا (ش) أَيْ وَإِنْ كَانَ الَّذِي ثَبَتَ عُسْرُهُ وَتَلَوَّمَ لَهُ غَائِبًا وَمَعْنَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ فِي الْغَائِبِ عَدَمُ وُجُودِ مَا يُقَابِلُ النَّفَقَةَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَالتَّلَوُّمُ لِلْغَائِبِ مَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ تُعْلَمْ غَيْبَتُهُ أَوْ كَانَتْ بَعِيدَةً كَعَشْرَةِ أَيَّامٍ وَأَمَّا إنْ قَرُبَتْ كَثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فَإِنَّهُ يُعْذَرُ إلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي مَسَائِلِهِ وَجَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ الْعُدُولُ يَقُومُونَ مَقَامَ الْحَاكِمِ فِي ذَلِكَ وَفِي كُلِّ أَمْرٍ يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَى الْحَاكِمِ أَوْ لِكَوْنِهِ غَيْرَ عَدْلٍ

(ص) أَوْ وَجَدَ مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ (ش) عُطِفَ عَلَى الْمُبَالَغَةِ يَعْنِي أَنَّ الرَّجُلَ إذَا لَمْ يَقْدِرْ مِنْ الْقُوتِ إلَّا عَلَى مَا يُمْسِكُ الْحَيَاةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ يَصِيرُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْعَاجِزِ عَنْ الْإِنْفَاقِ جُمْلَةً لِمَا يَلْحَقُ الْمَرْأَةَ فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ الشَّدِيدِ لَوْ أَلْزَمْنَاهَا الْإِقَامَةَ مَعَ ذَلِكَ

(ص) لَا إنْ قَدَرَ عَلَى الْقُوتِ وَمَا يُوَارِي الْعَوْرَةَ وَإِنْ غَنِيَّةً (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَ إذَا كَانَ قَادِرًا عَلَى قُوتِ زَوْجَتِهِ الْكَامِلِ مِنْ الْخُبْزِ مَأْدُومًا أَوْ غَيْرَ مَأْدُومٍ كَانَ ذَلِكَ مِنْ قَمْحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا قِيَامَ لَهَا بِحَقِّ الْفَسْخِ وَلَوْ كَانَتْ ذَاتَ قَدْرٍ وَغِنًى عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا لَا قِيَامَ لَهَا إذَا كَانَ يَقْدِرُ لَهَا عَلَى مَا يَسْتُرُ عَوْرَتَهَا وَيُوَارِيهَا مِنْ غَلِيظِ الْكَتَّانِ أَوْ الْجِلْدِ وَلَوْ كَانَتْ غَنِيَّةً وَالْمُرَادُ بِالْعَوْرَةِ جَمِيعُ بَدَنِهَا كُلِّهِ لَا السَّوْأَتَانِ فَقَطْ وَتُقَدَّمُ الزَّوْجَةُ عَلَى غَيْرِهَا مِنْ الْأَوْلَادِ وَالْأَبَوَيْنِ فَإِنْ قُلْت قَدْ مَرَّ أَنَّهُ يُرَاعَى حَالُهُمَا فِي النَّفَقَةِ فَلِمَ لَا يُجْعَلُ الزَّوْجُ عَاجِزًا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْغَنِيَّةِ قُلْت ذَاكَ مِنْ فُرُوعِ الْقُدْرَةِ عَلَى مَا يُفْرَضُ وَهَذَا مِنْ فُرُوعِ الْعَجْزِ الْمُوجِبِ لِلْفَسْخِ

وَلَمَّا عُلِمَ أَنَّ كُلَّ طَلَاقٍ أَوْقَعَهُ الْحَاكِمُ بَائِنٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَوْلَى وَالْمُعْسِرِ بِالنَّفَقَةِ وَقَدَّمَ شَرْطَ تَمَامِ رَجْعَةِ الْمَوْلَى بِقَوْلِهِ وَتَتِمُّ رَجْعَتُهُ إنْ انْحَلَّ وَإِلَّا لَغَتْ شَرَعَ فِي شَرْطِ رَجْعَةِ الْمُطَلَّقِ عَلَيْهِ لِعُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ بِقَوْلِهِ (ص) وَلَهُ الرَّجْعَةُ إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا أَوْقَعَ عَلَى الزَّوْجِ طَلْقَةً لِأَجْلِ عُسْرِهِ بِالنَّفَقَةِ فَهِيَ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ فَإِذَا أَرَادَ الزَّوْجُ أَنْ يُرَاجِعَهَا فَإِنَّهُ لَا يُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ بَلْ وَلَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ أَنْ يُوجَدَ مَعَهُ يَسَارٌ يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا لَا أَقَلَّ لِأَنَّ الطَّلْقَةَ الَّتِي أَوْقَعَهَا الْحَاكِمُ إنَّمَا كَانَتْ لِأَجْلِ ضَرَرِ فَقْرِهِ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَّا إذَا زَالَ مُوجِبُ الطَّلْقَةِ وَهُوَ الْإِعْسَارُ إلَّا أَنْ تَرْضَى لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَلَهُ إلَخْ وَقَوْلُهُ فِي الْعِدَّةِ أَنَّ هَذَا فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إذْ غَيْرُهَا لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَاخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الزَّمَنِ الَّذِي إذَا أَيْسَرَ بِهِ كَانَ لَهُ الرَّجْعَةُ فَلِابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ نَفَقَةُ شَهْرٍ وَقِيلَ نِصْفُ شَهْرٍ وَقِيلَ إذَا وَجَدَ مَا لَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوَّلًا لَمْ يُطَلَّقْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَيَنْبَغِي أَنْ تُؤَوَّلَ هَذِهِ الْأَقْوَالُ عَلَى مَا إذَا ظَنَّ أَنْ يَقْدِرَ عَلَى إدَامَةِ النَّفَقَةِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَبْلَهُ فِي التَّوْضِيحِ

(ص) وَلَهَا النَّفَقَةُ فِيهَا وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ (ش) أَيْ وَلَهَا النَّفَقَةُ فِي الْعِدَّةِ إذَا

ــ

[حاشية العدوي]

تَصْدِيقِهَا لِيَمِينِهِ وَيَحْتَاجُ لَهَا مَعَ بَيِّنَةِ عُسْرِهِ اهـ

(قَوْلُهُ وَإِنْ غَائِبًا) ذَكَرَ بَهْرَامُ أَنَّ مِنْ جُمْلَةِ شُرُوطِ الطَّلَاقِ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ أَوْ يُدْعَى تَبَعًا لِلتَّوْضِيحِ وَرَدَّهُ الْحَطَّابُ وَالتَّتَّائِيُّ بِأَنَّ شَرْطَ الدُّخُولِ أَوْ الدُّعَاءِ خَاصٌّ بِالْحَاضِرِ وَلَا عِبْرَةَ بِمَنْ رَدَّ عَلَى الْحَطَّابِ وتت.

(قَوْلُهُ يُعْذَرُ إلَيْهِ) أَيْ يُرْسِلُ إلَيْهِ

. (قَوْلُهُ لَا إنْ قَدَرَ إلَخْ) وَلَوْ دُونَ مَا يَكْتَسِبُهُ فُقَرَاءُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى التَّكَسُّبِ بِالْأَوْلَى مِنْ الْمُفْلِسِ لِأَنَّ ضَرَرَ رَبِّ الدَّيْنِ أَشَدُّ مِنْ ضَرَرِهَا لِقُدْرَتِهَا عَلَى رَفْعِهِ بِالطَّلَاقِ بِخِلَافِ رَبِّ الدَّيْنِ.

(قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُهُ مَا حَكَاهُ فِي الْبَيَانِ عَنْ أَشْهَبَ مِنْ أَنَّهُ إذَا عَجَزَ عَمَّا يُشْبِهُهَا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا.

(قَوْلُهُ جَمِيعُ بَدَنِهَا) حُرَّةً أَوْ أَمَةً.

(قَوْلُهُ قُلْت إلَخْ) حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ يُحْمَلُ قَوْلُهُ فِيمَا تَقَدَّمَ بِقَدْرِ وُسْعِهِ وَحَالِهَا عَلَى مَا إذَا كَانَ قَادِرًا

(قَوْلُهُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا) إنَّمَا قَالَ بِوَاجِبِ وَلَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى قَوْلِهِ مِثْلِهَا إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ الْيَسَارُ الشَّرْعِيُّ لَا التَّبَسُّطُ وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ فِي الرَّجْعَةِ الْيَسَارَ الشَّرْعِيَّ الْكَامِلَ مَعَ أَنَّهُ لَا يُطَلِّقُ عَلَيْهِ إنْ وَجَدَ مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُوتِ لِأَنَّ الْمُلَاءَمَةَ وَالرَّغْبَةَ عَنْ الطَّلَاقِ نَاسَبَتْ ذَلِكَ بِخِلَافِ فِكَاكِهَا مِنْهُ وَصَيْرُورَتِهَا أَجْنَبِيَّةً فَلَا تَعُودُ لِلضَّرَرِ قَالَهُ الْبَدْرُ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُمَكَّنُ مِنْ الرَّجْعَةِ إلَخْ) هَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا قَدَرَ عَلَى الْخُبْزِ قِفَارًا لَهُ الرَّجْعَةُ فَيُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ وَجَدَ فِي الْعِدَّةِ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا وَالْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهَا) هَذَا عَلَى مَا قَالَهُ فِي الْوَاضِحَةِ وَاَلَّذِي لِسَحْنُونٍ فِي السُّلَيْمَانِيَّة لَا تَصِحُّ الرَّجْعَةُ وَلَوْ رَضِيَتْ.

(قَوْلُهُ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ نَفَقَةُ شَهْرٍ) الْمُنَاسِبُ شَهْرًا لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الزَّمَنِ (أَقُولُ) بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ الْقَائِلَ بِالشَّهْرِ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ وَجَدَ نَفَقَةَ شَهْرٍ فِي الْعِدَّةِ فَهُوَ أَمْلَكُ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَجِدْ إلَّا نَفَقَةَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَشِبْهُ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ أَمْلَكَ وَهَذَا فِيمَنْ يُفْرَضُ عَلَيْهِ شَهْرٌ بِشَهْرٍ وَلَوْ كَانَ قُوتُهُ بِالْأَيَّامِ لِعَدَمِ وِجْدَانِهِ فَإِذَا جَاءَ بِمَا لَوْ وَجَدَهُ لَمْ يُطَلِّقْ عَلَيْهِ فَلَهُ الرَّجْعَةُ بِذَلِكَ كَذَا قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ إذَا وَجَدَ أَيَّ زَمَنٍ إلَخْ إلَّا أَنَّ قَضِيَّتَهُ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ الْمُقْتَاتَ بِدُونِ أُدْمٍ تَصِحُّ رَجْعَتُهُ وَهُوَ يُخَالِفُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إذَا وَجَدَ يَسَارًا يَقُومُ بِوَاجِبِ مِثْلِهَا الَّذِي هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) يَرُدُّهُ مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى فِي كِتَابِ الْعِدَّةِ إذَا وَجَدَ نَفَقَةَ شَهْرٍ فَهُوَ أَمْلَكُ بِهَا ابْنُ رُشْدٍ مَعْنَاهُ وَإِنْ لَمْ يَطْمَعْ لَهُ بِمَالٍ سِوَى ذَلِكَ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَ عج وَبِقَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ يُعْلَمُ مَا فِي قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ مِنْ الْمُخَالَفَةِ وَالْقُصُورِ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ تَصِحُّ رَجْعَتُهُ إذَا وَجَدَ نَفَقَةَ شَهْرٍ عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ وَلَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى شَيْءٍ.

(تَنْبِيهٌ) :

ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ يَقْدِرُ أَوَّلًا أَيْ قَبْلَ الطَّلَاقِ عَلَى إجْرَاءِ النَّفَقَةِ مُشَاهَرَةً وَقَدَرَ بَعْدَهُ عَلَى إجْرَائِهَا مُيَاوَمَةً أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَقِيلَ: لَيْسَ لَهُ وَلَمْ يُرَجَّحْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلُ

. (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْتَجِعْ)

<<  <  ج: ص:  >  >>