للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنَّمَا كُنْت مَازِحًا أَوْ مَرِيدًا خِبْرَةَ ثَمَنِ السِّلْعَةِ وَهُوَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ صِيغَةِ الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ وَقَبِلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَأَبُو الْحَسَنِ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُؤَلِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمْ وَالضَّمِيرُ فِي فِيهِمَا رَاجِعٌ إلَى الصُّورَتَيْنِ وَالْآخَرُ الْبَائِعُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ

(ص) وَحَلَفَ وَإِلَّا لَزِمَ إنْ قَالَ أَبِيعُكَهَا بِكَذَا أَوْ أَنَا أَشْتَرِيهَا بِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ مِنْ لَفْظِ بِالْمُضَارِعِ ابْتِدَاءً مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُشْتَرٍ ثُمَّ قَالَ لَا أَرْضَى بَعْدَ رِضَا الْآخَرِ إنْ لَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ حَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرُدُّ الْبَيْعَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْوَعْدَ أَوْ الْمَزْحَ لَمْ يَلْزَمْ فَإِذَا قَالَ الْبَائِعُ أَبِيعُك هَذِهِ السِّلْعَةَ بِكَذَا فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى، وَإِنَّمَا أَرَدْت الْوَعْدَ وَنَحْوَهُ أَوْ قَالَ الْمُشْتَرِي لِلْبَائِعِ أَنَا أَشْتَرِيهَا بِكَذَا بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ فَقَالَ صَاحِبُهَا خُذْ وَنَحْوَهُ فَقَالَ الْمُشْتَرِي لَا أَرْضَى، وَإِنَّمَا أَرَدْت الْوَعْدَ وَنَحْوَهُ حَلَفَ الْبَائِعُ فِي الْأُولَى وَالْمُشْتَرِي فِي الثَّانِيَةِ فَإِنْ نَكَلَ مَنْ تَوَجَّهَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي الْأُولَى وَالشِّرَاءُ فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ كَانَ بِلَفْظِ الْمَاضِي لَمْ يُقْبَلْ مِمَّنْ تَكَلَّمَ بِهِ أَوْ لَا يَمِينَ كَمَا مَرَّ وَالْيَمِينُ لَا تَنْقَلِبُ؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ وَكُلُّ هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ تَرَدُّدٌ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ يَمِينٌ، وَيَلْزَمُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْمُضَارِعِ أَوَّلًا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّ تَرَدُّدَ الْكَلَامِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَاعِبٍ، وَأَمَّا الْمُتَكَلِّمُ بِالْأَمْرِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ عَدَمُ إرَادَةِ الْبَيْعِ أَوْ الشِّرَاءِ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَعِيسَى بْنِ دِينَارٍ فِي كِتَابِ ابْنِ مُزَيْنٍ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَرَجَّحَهُ أَبُو إِسْحَاقَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا مَرَّ لِلْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ وَبِبِعْنِي فَيَقُولُ بِعْت، وَلَكِنَّهُ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّهُ سَوَّى فِيهَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَسْأَلَةِ التَّسَوُّقِ الْآتِيَةِ مَعَ أَنَّ الْمَشْهُورَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ التَّوْضِيحِ قَالَهُ بَعْضُهُمْ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا يُفِيدُ الْحَلِفَ فِي الْأَمْرِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمُضَارِعَ دَلَالَتُهُ عَلَى الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْحَالِ بِخِلَافِ الْأَمْرِ فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا

(ص) أَوْ تَسَوَّقَ بِهَا فَقَالَ: بِكَمْ؟ فَقَالَ بِمِائَةٍ فَقَالَ أَخَذْتهَا (ش) أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْلِفُ صَاحِبُ السِّلْعَةِ إذَا أَوْقَفَ سِلْعَتَهُ فِي السُّوقِ الْمُعَدِّ لَهَا لِلْبَيْعِ كَثُرَ التَّسَوُّقُ أَمْ لَا فَقَالَ لَهُ شَخْصٌ: بِكَمْ هِيَ؟ فَقَالَ بِمِائَةٍ فَقَالَ أَخَذْتهَا بِهَا فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى فَيَحْلِفُ مَا أَرَادَ الْبَيْعَ وَلَا يَلْزَمُهُ وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ أَوْ أَنَا أَشْتَرِيهَا إلَخْ) وَكَذَا لَوْ أَسْقَطَ أَنَا وَقَالَ أَشْتَرِيهَا بِلَفْظِ الْمُضَارِعِ، وَإِنَّمَا أَتَى بِأَنَا لِأَجْلِ أَنْ لَا يُتَوَهَّمَ الِاتِّحَادُ فِي فَاعِلِ أَبِيعُكَهَا فَيَكُونَ الْقَائِلُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ وَاحِدًا وَهُوَ الْبَائِعُ فَلَيْسَ حَشْوًا (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى إلَخْ) أَيْ فَمَحَلُّ الْحَلِفِ فِي الصُّورَتَيْنِ حَيْثُ لَمْ يَرْضَ بَعْدَ رِضَا الْآخَرِ كَمَا قُرِّرَ فَإِنْ كَانَ عَدَمُ الرِّضَا قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ فَلَهُ الرَّدُّ وَلَا يَمِينَ، وَهَذَا الْقَيْدُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ لَا بَيْعَ، وَلَا يُخَالِفُ هَذَا مَا لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَجَعَ أَحَدُ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَمَّا أَوْجَبَهُ لِصَاحِبِهِ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَهُ بِهِ الْآخَرُ لَمْ يُفِدْهُ رُجُوعُهُ إذَا أَجَابَهُ صَاحِبُهُ بَعْدُ بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ فِي صِيغَةٍ يَلْزَمُ بِهَا الْإِيجَابُ أَوْ الْقَبُولُ كَصِيغَةِ مَاضٍ وَمَا لِلْمُصَنِّفِ هُنَا صِيغَةُ مُضَارِعٍ كَمَا هُوَ لَفْظُهُ فَإِنْ أَتَى أَحَدُهُمَا بِصِيغَةِ مَاضٍ وَرَجَعَ قَبْلَ رِضَا الْآخَرِ لَمْ يَنْفَعْهُ رُجُوعُهُ كَمَا إذَا أَتَى بِصِيغَةِ مَاضٍ.

(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَبِابْتَعْتُ أَوْ بِعْتُك وَيَرْضَى الْآخَرُ فَإِنَّ الشَّارِحَ قَالَ يَلْزَمُ الْبَيْعُ وَلَوْ قَالَ الْبَادِئُ مِنْهُمَا بَعْدَ إجَابَةِ صَاحِبِهِ لَا أَرْضَى (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ تَرَدُّدٌ) سَحْنُونَ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ تَبِيعُنِي دَابَّتَك بِكَذَا فَيَقُولُ لَا إلَّا بِكَذَا فَيَقُولُ اُنْقُصْنِي دِينَارًا فَيَقُولُ لَا فَيَقُولُ أَخَذْتهَا بِهِ لَزِمَ الْبَيْعُ لِدَلَالَةِ تَرَدُّدِ الْكَلَامِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ لَاعِبٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ سَوَّى بَيْنَهُمَا إلَخْ) وَعَلَى هَذَا فَمَحَلُّ انْعِقَادِهِ بِذَلِكَ إنْ اسْتَمَرَّ عَلَى الرِّضَا بِهِ أَوْ خَالَفَ وَلَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ الشِّرَاءُ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَحَلَفَ، وَإِلَّا لَزِمَ إلَخْ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ يَحْلِفُ مَعَ الْمُضَارِعِ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى مَعَ الْأَمْرِ، وَيَجُوزُ فِي قَوْلِهِ فَيَقُولُ الرَّفْعُ عَلَى الِاسْتِئْنَافِ وَالنَّصْبُ بَعْدَ فَاءِ السَّبَبِيَّةِ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ.

(قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ بِهَذَا يَكُونُ الْمُصَنِّفُ جَارِيًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ أَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ خِلَافُهُ كَمَا أَشَارَ لِذَلِكَ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا مَرَّ لِلْمُؤَلِّفِ فِي قَوْلِهِ وَبِبِعْنِي إلَخْ فَهُوَ جَوَابٌ عَنْ الْمُصَنِّفِ وَكَأَنَّهُ يَقُولُ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي خِلَافِ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنَّ آخِرَ كَلَامِهِ وَهُوَ الْكَلَامُ فِي الْمُضَارِعِ يُفِيدُ الْحَلِفَ بِالْأَمْرِ بِالْأَوْلَى فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ

(قَوْلُهُ كَثُرَ التَّسَوُّقُ أَمْ لَا) وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ يُشْعِرُ بِالتَّكْرَارِ لِدَلَالَةِ صِيغَةِ التَّفَعُّلِ عَلَيْهِ فَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ كَثُرَ الْوُقُوفُ فِي سُوقِهَا الْمُعَدِّ لَهَا لِلسَّوْمِ أَوَّلًا فَتَدَبَّرْ.

(تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْحَطَّابِ يُفِيدُ أَنَّ التَّسَوُّقَ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ فَإِنَّهُ قَالَ مَفْهُومُ تَسَوُّقٍ مَفْهُومُ مُوَافَقَةٍ فَحُكْمُ مَا إذَا تَسَوَّقَ وَمَا إذَا لَمْ يَتَسَوَّقْ سَوَاءٌ، وَهُوَ إذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَيْعِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِلَا يَمِينٍ فِيهِمَا وَإِذَا قَامَتْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى إرَادَةِ الْبَيْعِ فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِ الْبَائِعِ كَمَا إذَا حَصَلَ تَمَاكُسٌ فِي الثَّمَنِ أَوْ سَكَتَ مُدَّةً تَدُلُّ عَلَى الرِّضَا ثُمَّ قَالَ بَعْدُ لَا أَرْضَى فَلَا يُلْتَفَتُ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ بِيَمِينِهِ وَانْظُرْ هَلْ مِنْ الْقَرِينَةِ الدَّالَّةِ عَلَى عَدَمِ إرَادَةِ الْبَيْعِ مَا إذَا ذَكَرَ الْبَائِعُ ثَمَنًا قَلِيلًا فِيمَا يَكْثُرُ قِيمَتُهُ فَإِذَا قَالَ لَهُ بِكَمْ فَقَالَ بِمِائَةٍ وَهِيَ تُسَاوِي

<<  <  ج: ص:  >  >>