للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَتَّخِذُهَا كَنِيسَةً وَالْخَشَبَةِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا صَلِيبًا وَالْعِنَبِ لِمَنْ يَعْصِرُهُ خَمْرًا وَالنُّحَاسِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ نَاقُوسًا وَكُلُّ شَيْءٍ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بِشِرَائِهِ أَمْرًا لَا يَجُوزُ كَبَيْعِ الْجَارِيَةِ لِأَهْلِ الْفَسَادِ الَّذِينَ لَا غَيْرَةَ لَهُمْ أَوْ يُطْعِمُونَهَا مِنْ حَرَامٍ وَالْمَمْلُوكِ مِمَّنْ يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ وَالْحُكْمُ الْجَبْرُ عَلَى الْإِخْرَاجِ فِي الْجَمِيعِ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (وَأُجْبِرَ) مِنْ غَيْرِ فَسْخٍ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ (عَلَى إخْرَاجِهِ) أَيْ إخْرَاجِ مَا ذُكِرَ مِنْ مِلْكِهِ، وَقِيلَ يُفْسَخُ إنْ عَلِمَ الْبَائِعُ بِكُفْرِ الْمُشْتَرِي وَلَوْ أَجَّرَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ لِكَافِرٍ فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ فُسِخَتْ الْإِجَارَةُ وَبِيعَ عَلَيْهِ وَلَا يُؤَاجَرُ لِمُسْلِمٍ وَتُعُقِّبَ مَذْهَبُهَا بِفَسْخِ شِرَاءِ عَدُوٍّ لِدَيْنٍ عَلَى عَدُوِّهِ وَالْجَامِعُ الْعَدَاوَةُ فِي الْمَحَلَّيْنِ وَأُجِيبَ بِتَعَذُّرِ بَيْعِ الدَّيْنِ غَالِبًا، وَلِأَنَّ الْأُولَى عَدَاوَةٌ عَامَّةٌ وَالثَّانِيَةَ عَدَاوَةٌ خَاصَّةٌ وَالْخَاصَّةُ أَقْوَى أَلَا تَرَى أَنَّهَا تَرُدُّ الشَّهَادَةَ.

وَلَمَّا كَانَ الْمَقْصُودُ عَدَمَ دَوَامِ مَا ذُكِرَ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْإِذْلَالِ فِي الْمُسْلِمِ وَخَشْيَةِ الِامْتِهَانِ فِي الْمُصْحَفِ كَفَى فِيهِ مَا يُحَصِّلُ ذَلِكَ إمَّا مِنْ بَيْعٍ وَتَرَكَهُ لِوُضُوحِهِ أَوْ بِعِتْقٍ نَاجِزٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ وَقَرْنُهُ الْهِبَةَ بِالْعِتْقِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا هِبَةُ غَيْرِ الثَّوَابِ أَيْ الْهِبَةُ لِوَجْهِ اللَّهِ، وَأَمَّا هِبَةُ الثَّوْبِ فَهِيَ بَيْعٌ وَقَوْلُهُ بِعِتْقٍ وَيَلْزَمُهُ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْتَقَ الْكَافِرُ عَبْدَهُ الْكَافِرَ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ إلَّا إذَا بَانَ عَنْهُ فَيَقْضِي عَلَيْهِ بِهِ إنْ رَضِيَ بِحُكْمِنَا.

وَقَوْلُهُ (بِعِتْقٍ) مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَالْإِخْرَاجُ بِعِتْقٍ إلَخْ لَا بِكِتَابَةٍ وَرَهْنٍ وَإِنَّمَا احْتَجْنَا إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ يَقْتَضِي بِظَاهِرِهِ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ بِالْكِتَابَةِ وَنَحْوِهَا وَلَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْجَبْرِ عَدَمُ الْكِفَايَةِ مَعَ أَنَّ الْمَقْصُودَ عَدَمُ الْكِفَايَةِ وَبِالتَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ انْدَفَعَ مَا يَقْتَضِيهِ الظَّاهِرُ

(ص) أَوْ هِبَةٍ وَلِوَلَدِهَا الصَّغِيرِ (ش) أَيْ الْمُسْلِمِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَافِرَةَ إذَا اشْتَرَتْ مَنْ تُجْبَرُ عَلَى إخْرَاجِهِ وَوَهَبَتْهُ لِوَلَدِهَا الْمُسْلِمِ وَلَوْ صَغِيرًا فَإِنَّهُ يَكْتَفِي بِذَلِكَ، وَيُتَصَوَّرُ كَوْنُ وَلَدِهَا الصَّغِيرِ مُسْلِمًا بِأَنْ يَكُونَ مِنْ زَوْجِهَا الْمُسْلِمِ أَوْ مِنْ زَوْجِهَا الْكَافِرِ وَأَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ صِحَّةُ إسْلَامِ الصَّغِيرِ الْمُمَيِّزِ وَلَوْ لَمْ يَنْفِرْ مِنْ أَبَوَيْهِ وَأَوْلَى لِوَلَدِهَا الْكَبِيرِ الرَّشِيدِ، وَقُدْرَتُهَا عَلَى الِاعْتِصَارِ لَيْسَتْ مَانِعَةً مِنْ الِاكْتِفَاءِ بِهَا فِي الْإِخْرَاجِ عِنْدَ ابْنِ الْكَاتِبِ وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَاخْتَارَهُ ابْنُ يُونُسَ كَمَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ (عَلَى الْأَرْجَحِ) خِلَافًا لِابْنِ مُنَاسٍ وَقَوْلُهُ (لَا بِكِتَابَةٍ) أَيْ فَلَا تَكْفِي قَبْلَ بَيْعِهَا وَأَمَّا بَعْدَهُ كَمَا هُوَ الْوَاجِبُ فَتَكْفِي وَقَدْ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ مَا يُفِيدُ وُجُوبَ بَيْعِهَا فَقَالَ وَمَضَتْ كِتَابَةُ كَافِرٍ لِمُسْلِمٍ وَبِيعَتْ وَلِذَلِكَ قَالَ بَعْضٌ أَيْ فَلَا يَكْفِي الْإِخْرَاجُ بِهَا مَعَ بَقَاءِ الْحَالِ عَلَى حَالِهِ مِنْ كَوْنِ الْكَافِرِ يَتَوَلَّى أَخْذَ الْكِتَابَةِ بَلْ تُبَاعُ كَمَا يَأْتِي فَلَا يُقَالُ قَدْ كَفَتْ الْكِتَابَةُ فِي الْإِخْرَاجِ، وَلَوْ قَالَ لَا بِكِتَابَةٍ لِيَدْخُلَ التَّدْبِيرُ وَالِاسْتِيلَادُ لَكَانَ أَوْلَى فَإِنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَكْفِي أَيْضًا مَعَ بَقَاءِ الْحَالِ عَلَى حَالِهِ كَمَا قُلْنَا فِي الْكِتَابَةِ بَلْ يُؤَاجَرُ لَهُ

(ص) وَرَهَنَ وَأَتَى بِرَهْنِ ثِقَةٍ إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَإِلَّا عَجَّلَ.

(ش) يَعْنِي أَنَّ النَّصْرَانِيَّ إذَا رَهَنَ عَبْدَهُ الْكَافِرَ بَعْدَمَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ عِنْدَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكْتَفِي بِذَلِكَ وَيُبَاعُ وَيُعَجَّلُ لِلْمُرْتَهَنِ حَقُّهُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ لَكِنْ قَيَّدَهُ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ بِأَنْ لَا يَقَعَ عَقْدُ الْمُعَامَلَةِ عَلَى رَهْنٍ بِعَيْنِهِ فَإِنْ وَقَعَ عَقْدُ الْمُعَامَلَةِ عَلَى رَهْنٍ مُعَيَّنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْحَقِّ وَقَيَّدَهُ ابْنُ مُحْرِزٍ

ــ

[حاشية العدوي]

فِيمَا يَأْتِي وَلَهُ شِرَاءُ بَالِغٍ إلَخْ (قَوْلُهُ لَا غَيْرَةَ لَهُمْ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ (قَوْلُهُ وَالْمَمْلُوكُ مِمَّنْ) أَيْ لِمَنْ يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ أَيْ فَالْمُشْتَرِي يُعْلَمُ مِنْهُ الْفَسَادُ فِي الْأَوْلَادِ (قَوْلُهُ وَأُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ) فَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ إخْرَاجِهِ مِنْ تَحْتِ يَدِ الْكَافِرِ فَلَا يَلْزَمُهُ قِيمَةٌ عَلَى الْمُعْتَمَدِ خِلَافًا لتت (قَوْلُهُ وَتُعُقِّبَ مَذْهَبُهَا) وَوَجْهُ التَّعَقُّبِ أَنَّ الدَّيْنَ قِيلَ فِيهِ بِالْفَسْخِ وَلَمْ يَقُلْ يُجْبَرُ فِيهِ عَلَى بَيْعِهِ وَالْعَبْدُ مَثَلًا قِيلَ فِيهِ فَإِنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِ وَلَا يُفْسَخُ فَفِي الدَّيْنِ يُفْسَخُ وَفِي الْعَبْدِ لَا يُفْسَخُ (قَوْلُهُ بِتَعَذُّرِ بَيْعِ الدَّيْنِ غَالِبًا) أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ شُرُوطٌ قَلَّ وُجُودُهَا أَيْ فَكَانَ أَصْلُهُ الْمَنْعَ فَمَنَعَ فِي الْجُزْئِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ قَدْ يُقَالُ وَمَوْجُودَةٌ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ تُرَدُّ الشَّهَادَةُ) وَالْعَامَّةُ لَا تَرُدُّهَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْكَافِرِ وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يَشْهَدُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْعَدَاوَةَ الْخَاصَّةَ أَشَدُّ مِنْ الْعَدَاوَةِ الْعَامَّةِ وَهِيَ تَزُولُ بِالْفَسْخِ (قَوْلُهُ وَتَرَكَهُ لِوُضُوحِهِ) أَيْ لِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ أَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الْإِخْرَاجَ يَكُونُ بِالْبَيْعِ إلَّا أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ بَلْ يَبِيعُ الْإِمَامُ عَلَيْهِ أَوْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ الْإِمَامُ أَيْ وَتَوَلِّي الْكَافِرِ الْعِتْقَ وَالْهِبَةَ وَالصَّدَقَةَ لَيْسَ كَتَوْلِيَةِ الْبَيْعِ فِي إهَانَةِ الْمُسْلِمِ، وَمِثْلُ الْبَيْعِ هِبَةُ الثَّوَابِ (قَوْلُهُ إنْ رَضِيَ بِحُكْمِنَا) مُفَادُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْقَضَاءِ مِنْ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْبَيْنُونَةِ وَالرِّضَا بِحُكْمِنَا فَلَا يَكْفِي أَحَدُهُمَا وَكَانَ الظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءَ بِالرِّضَا بِحُكْمِنَا

(قَوْلُهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكَافِرَةَ إلَخْ) وَكَذَلِكَ الْكَافِرُ فَذِكْرُ الْكَافِرَةِ فَرْضُ مَسْأَلَةٍ، أَوْ لِأَنَّهُ الْكَثِيرُ الْغَالِبُ فِي الْخَارِجِ وَأَمَّا وَلَدٌ مُسْلِمٌ وَأَبُوهُ كَافِرٌ فَقَلِيلٌ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ مَنَاسٍ) مُحْتَجًّا بِعَدَمِ الِاكْتِفَاءِ فِي حِلْيَةِ إحْدَى الْأُخْتَيْنِ بِهِبَةِ الْأُخْرَى لِمَنْ يَعْتَصِرُهَا مِنْهُ وَفَرَّقَ ابْنُ يُونُسَ بِأَنَّ مَالِكَ الْأُخْتَيْنِ يُسَلَّمُ لَهُ الِاعْتِصَارُ وَالْكَافِرَةُ مَمْنُوعَةٌ مِنْهُ فَإِنْ اعْتَصَرَتْ أُجْبِرَتْ عَلَى الْإِخْرَاجِ (قَوْلُهُ مِنْ كَوْنِ الْكَافِرِ يَتَوَلَّى أَخْذَ الْكِتَابَةِ) بِنَفْسِهِ أَوْ بِوَاسِطَةٍ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِيلَادُ إلَخْ) صُورَتُهُ أَنْ تُسْلِمَ أَمَتُهُ الْقِنُّ فَيَطَؤُهَا بَعْدَ إسْلَامِهَا فَتَحْمِلُ مِنْهُ فَيُنَجَّزُ عِتْقُهَا عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ هُوَ قَبْلَ عِتْقِهَا وَكَذَا إنْ أَوْلَدَهَا قَبْلَ إسْلَامِهَا أَيْ وَطِئَهَا وَهِيَ قِنٌّ فَحَمَلَتْ مِنْهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ كَمَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ فِيهَا وَتُبَاعُ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ فَيَكْتَفِي بِذَلِكَ لَا بِمُجَرَّدِ الْعِتْقِ لِأَجَلٍ (قَوْلُهُ بَلْ يُؤَاجَرُ لَهُ) أَيْ شَيْئًا فَشَيْئًا؛ لِأَنَّ الْمُدَّةَ مَجْهُولَةٌ

(قَوْلُهُ وَرَهْنٍ) أَيْ لِتَحَقُّقِ بَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ فَيُؤْخَذُ الرَّهْنُ وَيُبَاعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>