بِمَا إذَا عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَعْجِيلِ الْحَقِّ وَعَلَى هَذَا فَيَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَإِلَّا فَلَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ بَعْضَ الْقَرَوِيِّينَ أَنَاطَ التَّعْجِيلَ بِتَعْيِينِهِ وَابْنُ مُحْرِزٍ أَنَاطَهُ بِعَدَمِ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ بِإِسْلَامِهِ.
فَإِنْ وُجِدَ فِيهِ عِلْمُ الْمُرْتَهِنِ بِإِسْلَامِهِ وَعَدَمُ تَعْيِينِهِ فَإِنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ عَلَى الْإِتْيَانِ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَعَلَى عَدَمِ تَعْجِيلِ الدَّيْنِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مَنْطُوقُ الْمُؤَلِّفِ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ عَدَمُ عِلْمِ الْمُرْتَهِنِ بِإِسْلَامِهِ مَعَ تَعْيِينِهِ فَإِنَّهُمَا يَتَّفِقَانِ أَيْضًا عَلَى تَعْجِيلِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ هِيَ مَفْهُومُ الْقَيْدَيْنِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ، وَإِنْ وَجَدَ فِيهِ تَعْيِينَهُ وَعَلِمَ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ عَجَّلَ الْحَقَّ عِنْدَ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَلَمْ يُعَجِّلْ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَإِنْ وُجِدَ فِيهِ عَدَمُ تَعْيِينِهِ وَعَدَمُ عِلْمِهِ بِإِسْلَامِهِ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ الْحَقَّ عِنْدَ ابْنِ مُحْرِزٍ وَيَأْتِي بِرَهْنٍ ثِقَةٍ عِنْدَ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ فَالصُّوَرُ أَرْبَعٌ: صُورَتَانِ فِيمَا إذَا عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ وَهُمَا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا أَمْ لَا وَصُورَتَانِ فِيمَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِإِسْلَامِهِ وَهُمَا كَوْنُهُ مُعَيَّنًا أَمْ لَا.
وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ قَوْلَهُ وَإِلَّا عَجَّلَ يَدْخُلُ تَحْتَهُ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ وَعَيَّنَ وَهِيَ يَتَّفِقُ فِيهَا ابْنُ مُحْرِزٍ وَالْقَرَوِيُّونَ عَلَى التَّعْجِيلِ، وَأَمَّا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُرْتَهِنُ بِإِسْلَامِهِ وَلَمْ يُعَيِّنْ وَمَا إذَا عَيَّنَ وَعَلِمَ بِإِسْلَامِهِ وَكِلَاهُمَا يَخْتَلِفُ فِيهِ.
فَلَوْ قَالَ وَأَتَى بِرَهْنٍ ثِقَةٍ وَهَلْ إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ بِإِسْلَامِهِ أَوْ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَإِلَّا عَجَّلَ كَعِتْقِهِ تَأْوِيلَانِ لَطَابَقَ مَا فِي كَلَامِهِمْ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ إذَا أَسْلَمَ الْعَبْدُ الرَّهْنَ قَبْلَ رَهْنِهِ وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ بَعْدَ رَهْنِهِ فَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا اتِّفَاقًا لِعُذْرِ الرَّاهِنِ وَعَدَمِ تَعَدِّيهِ، وَالْمُرَادُ بِالثِّقَةِ أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ كَقِيمَتِهِ تَحَرِّيًا وَضَمَانُهُ كَضَمَانِهِ وَمَحَلُّ قَوْلِهِ وَإِلَّا عَجَّلَ حَيْثُ كَانَ مُوسِرًا وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ الْمَسْأَلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا بِقَوْلِهِ (كَعِتْقِهِ) أَيْ كَعِتْقِ الرَّاهِنِ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا لِلْعَبْدِ الرَّهْنُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ بَعْدَهُ الْآتِي فِي قَوْلِهِ وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ وَعَجَّلَ وَالْمُعْسِرُ يَبْقَى فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِمَّا لَا يُعَجَّلُ بِأَنْ كَانَ طَعَامًا أَوْ عُرُوضًا مِنْ بَيْعٍ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي بَابِ الرَّهْنِ اُنْظُرْ هَلْ يَبْقَى رَهْنًا أَوْ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ وَتَبْقَى رَهْنًا أَوْ يَأْتِيَ بِرَهْنٍ مَكَانَهُ أَقْوَالٌ. اهـ.
وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ إشَارَةٌ إلَيْهِ (ص) وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ (ش) أَيْ إذَا بِيعَ عَلَى الْكَافِرِ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لِمُشْتَرِيهِ إذَا وَجَدَ بِهِ عَيْبًا أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْكَافِرِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ نَقْضٌ لِلْبَيْعِ مِنْ أَصْلِهِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ لَا يَجُوزُ وَيَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الرَّدَّ بِالْعَيْبِ ابْتِدَاءً بَيْعٌ
(ص) وَفِي خِيَارِ مُشْتَرٍ مُسْلِمٍ يُمْهَلُ لِانْقِضَائِهِ (ش) يُرِيدُ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا بَاعَ عَبْدًا كَافِرًا لِمُسْلِمٍ بِخِيَارٍ لِلْمُشْتَرِي فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ قَبْلَ انْقِضَاءِ أَمَدِ الْخِيَارِ فَإِنَّ الْمُسْلِمَ يُمْهَلُ إلَى انْقِضَاءِ أَمَدِ خِيَارِهِ لِسَبْقِ حَقِّهِ عَلَى حَقِّ الْعَبْدِ فَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ الْكَافِرِ أَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي الَّذِي لَهُ الْخِيَارُ كَافِرًا اسْتَعْجَلَ بِاسْتِعْلَامِ مَا عِنْدَهُ مِنْ رَدٍّ أَوْ إمْضَاءٍ لِئَلَّا يَدُومَ مِلْكُهُ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا يُمْهَلُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَيُسْتَعْجَلُ الْكَافِرُ) مِنْهُمَا (ص) كَبَيْعِهِ إنْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَعَلَى هَذَا) أَيْ عَلَى مَا قَرَّرْنَا مِنْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إنْ عَلِمَ مُرْتَهِنُهُ إلَخْ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ وُجُودَ الشَّرْطَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا بَلْ الشَّرْطُ الْأَوَّلُ لِابْنِ مُحْرِزٍ وَالثَّانِي لِبَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ وَبِهِ يَتِمُّ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ أَيْ وَأَمَّا لَوْ قُلْنَا مُرَادُهُ أَنَّ وُجُودَ الشَّرْطَيْنِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا لَمَا تَمَّ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي الْوَاقِعِ هَكَذَا (قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ مَحَلُّهُ إلَخْ) هَذَا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا عَجَّلَ تَرْكَهُ الْمُصَنِّفُ وَتَرَكَ قَيْدًا آخَرَ فِي قَوْلِهِ وَأَتَى بِرَهْنٍ ثِقَةٍ بِأَنَّ مَحَلَّهُ حَيْثُ أَرَادَ الرَّاهِنُ أَخْذَ الثَّمَنِ الَّذِي يُبَاعُ بِهِ الْعَبْدُ الَّذِي لَمْ يَكْتَفِ بِرَهْنِهِ فَإِنْ أَرَادَ تَعْجِيلَهُ فِي الدَّيْنِ فَلَهُ ذَلِكَ كَمَا فِي الشَّيْخِ أَحْمَدَ فَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ دُونَ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ ثَمَنَ الرَّهْنِ يَقُومُ مَقَامَهُ ثُمَّ يَتْبَعُهُ بِبَاقِي مَا عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الصُّوَرِ الَّتِي يَلْزَمُ فِيهَا تَعْجِيلُ الدَّيْنِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْمُرْتَهِنَ بِقَبُولِ ثَمَنِ الْعَبْدِ حَيْثُ كَانَ دُونَ الدَّيْنِ بَلْ لِلْمُرْتَهِنِ جَبْرُهُ عَلَى تَعْجِيلِ الدَّيْنِ كُلِّهِ (قَوْلُهُ فِي الصُّوَرِ كُلِّهَا) لَا يَظْهَرُ هُنَا إلَّا صُورَتَانِ التَّعْيِينُ وَعَدَمُهُ وَلَا يُعْقَلُ الْعِلْمُ وَعَدَمُهُ (قَوْلُهُ وَضَمَانُهُ كَضَمَانِهِ) أَيْ بِأَنْ يَكُونَ الثَّانِي مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ كَالْأَوَّلِ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الرَّهْنَ الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَا ضَمَانَ إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ ضَيَاعَهُ (قَوْلُهُ وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ) بِأَنْ كَانَ عَيْنًا مُطْلَقًا أَوْ عَرْضًا مِنْ قَرْضٍ فَإِنْ كَانَ عَرْضًا مِنْ بَيْعٍ فَسَيَأْتِي الشَّارِحُ يُنَبِّهُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ مِنْ بَيْعٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ طَعَامًا وَقَوْلُهُ عُرُوضًا (قَوْلُهُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ كَذَلِكَ) أَيْ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا عُجِّلَ يَجْرِي فِيهِ ذَلِكَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ هَذِهِ الْأَقْوَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُشَبَّهِ بِهَا الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ كَعِتْقِهِ وَقَوْلُهُ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَيْ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا عُجِّلَ ثُمَّ لَا يَظْهَرُ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ لِمَا فِيهِ مِنْ اسْتِيلَاءِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ وَفِي شب مِثْلُ مَا فِي الشَّارِحِ عَلَى مَا فِي النُّسْخَةِ الصَّحِيحَةِ، وَاَلَّذِي فِي عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ وَتَبِعَهُ الشَّيْخُ عب أَنَّهُ فِي مَسْأَلَتِنَا يُخَيَّرُ الْمُرْتَهِنُ فِي قَبُولِ التَّعْجِيلِ وَفِي إبْقَاءِ ثَمَنِ الْعَبْدِ الَّذِي أَسْلَمَ رَهْنًا وَفِي الْإِتْيَانِ بِرَهْنٍ مَكَانَهُ وَلَا يُخَيَّرُ فِي بَقَاءِ الْعَبْدِ رَهْنًا؛ لِأَنَّ فِيهِ اسْتِمْرَارَ مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ، وَلَا يُجْبَرُ الْمُرْتَهِنُ عَلَى بَقَاءِ دَيْنِهِ بِلَا رَهْنٍ؛ لِأَنَّ تَعَدِّيَ هَذَا أَشَدُّ مِنْ التَّعَدِّي فِي مَسْأَلَةِ عِتْقِ الرَّاهِنِ الْمُوسِرِ الرَّهْنَ وَالدَّيْنَ مِمَّا يُعَجَّلُ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ وَجَازَ رَدُّهُ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ إلَخْ) لَا يُقَالُ عَلَى جَوَازِ رَدِّهِ لَا يَتَوَلَّى الْبَيْعَ إلَّا السُّلْطَانُ وَبَيْعُهُ بَيْعُ بَرَاءَةٍ؛ لِأَنَّا نَقُولُ بَيْعُهُ لَيْسَ بَيْعَ بَرَاءَةٍ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ
(قَوْلُهُ وَفِي خِيَارٍ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ مُبْتَدَؤُهُ يُمْهَلُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ فِي الْحَدَثِ فَقَطْ، أَوْ لِأَنَّ أَنْ حُذِفَتْ وَارْتَفَعَ الْفِعْلُ فَإِنْ رَدَّهُ الْمُسْلِمُ لِبَائِعِهِ أُجْبِرَ عَلَى إخْرَاجِهِ أَوْ أَنَّ الْمُبْتَدَأَ مَحْذُوفٌ التَّقْدِيرُ وَفِي خِيَارِ مُشْتَرٍ إلَخْ (قَوْلُهُ مِنْهُمَا) أَيْ الْكَافِرِ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ الْبَائِعِ اعْلَمْ أَنَّ ظَاهِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَافِرِ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مُقَابِلًا لِلْمُسْلَمِ الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرَى إلَّا أَنَّ الْأَوْلَى التَّعْمِيمُ كَمَا فَعَلَ