للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَمْلُوءًا فَاشْتَرَاهُ بِدِينَارٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا فِيهِ إلَى الْغَرَرِ وَفِي قَوْلِهِ امْلَأْهُ لِي ثَانِيًا بِدِينَارٍ قَصْدٌ إلَى الْغَرَرِ فِي الثَّانِي إذْ تَرَكَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ بِمِكْيَالٍ مَعْلُومٍ فَاشْتَرَاهُ بِمِكْيَالٍ مَجْهُولٍ (ص) إلَّا فِي كَسَلَّةِ تِينٍ (ش) أَيْ إلَّا أَنْ يَقَعَ ذَلِكَ فِي سَلَّةِ تِينٍ أَوْ عِنَبٍ أَوْ نَحْوِهِمَا فَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مِلْئِهِ فَارِغًا أَوْ مِلْئِهِ ثَانِيًا بَعْدَ تَفْرِيغِهِ بِدِرْهَمٍ؛ لِأَنَّ التِّينَ وَالْعِنَبَ غَيْرُ مَكِيلٍ وَكَثُرَ تَكْيِيلُ النَّاسِ لَهُمَا بِالسِّلَلِ فَجَرَى ذَلِكَ مَجْرَى الْمِكْيَالِ لَهُمَا وَالْقَمْحُ مَكِيلٌ فَمِلْءُ الْغِرَارَةِ مِنْهُ مِكْيَالٌ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ الْغِرَارَةَ لَيْسَتْ بِمِكْيَالٍ لَهُ.

ثُمَّ عَطَفَ عَلَى غَيْرِ مَرْئِيٍّ مُشَارَكَةً فِي الْمَنْعِ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَشْيَاءَ بِقَوْلِهِ (ص) وَعَصَافِيرَ حَيَّةٍ بِقَفَصٍ وَحَمَامِ بُرْجٍ وَثِيَابٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الْعَصَافِيرِ الْمَحْبُوسَةِ فِي قَفَصٍ وَأَوْلَى غَيْرُ الْمَحْبُوسَةِ لِدُخُولِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ فَلَا يُمْكِنُ الْحَزْرُ فَإِنْ كَانَتْ مَذْبُوحَةً فَيَجُوزُ بَيْعُهَا جُزَافًا لِعَدَمِ التَّدَاخُلِ، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ حَمَامِ الْأَبْرَاجِ مُجَرَّدًا عَنْ بُرْجِهِ جُزَافًا عَلَى مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ بِنَاءً عَلَى عَدَمِ إمْكَانِ عَدِّهَا وَحَزْرِهَا وَلِابْنِ الْقَاسِمِ قَوْلٌ بِجَوَازِهِ وَرَجَّحَهُ فِي الشَّامِلِ بِنَاءً عَلَى إمْكَانِ حَزْرِهَا، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ لَا بَأْسَ بِبَيْعِ مَا فِي الْبُرْجِ مِنْ حَمَامٍ أَوْ بَيْعِهِ بِحَمَامِهِ جُزَافًا.

وَمَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ بَيْعَ الْخَشَبِ الْمُلْقَى بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ جُزَافًا لِخِفَّةِ مُؤْنَةِ عَدَدِهِ كَالْغَنَمِ وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ صِغَارِهِ جُزَافًا انْتَهَى، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الثِّيَابِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ غَيْرِ الْحُوتِ الصَّغِيرِ جُزَافًا لِقَصْدِ إفْرَادِهِ فَذَكَرَ مَفْهُومَ الشَّرْطِ الْأَوَّلِ بِقَوْلِهِ لَا غَيْرِ مَرْئِيٍّ وَمَا بَعْدَهُ وَالْأَخِيرُ بِقَوْلِهِ وَثِيَابٍ وَسَكَتَ عَنْ مَفْهُومِ غَيْرِهِمَا لِوُضُوحِهِ (ص) وَنَقْدٍ إنْ سُكَّ، وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ وَإِلَّا جَازَ (ش) هَذَا مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَلَمْ تُقْصَدْ أَفْرَادُهُ أَيْضًا، وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّقْدَ الْمَسْكُوكَ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ، وَتَدْخُلُ الْفُلُوسُ فِي النَّقْدِ وَإِنْ كَانَ التَّعَامُلُ بِالْوَزْنِ جَازَ بَيْعُهَا جُزَافًا لِعَدَمِ قَصْدِ الْآحَادِ فَهُوَ كَغَيْرِ الْمَسْكُوكِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا جَازَ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَالتَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ فَقَطْ وَلَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ إنْ سُكَّ أَيْضًا، وَإِلَّا لَاقْتَضَى أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَمِثْلُ النَّقْدِ الْفُلُوسُ وَالْجَوَاهِرُ، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَى النَّقْدِ لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ لِحُصُولِهِ بِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ وَجِهَةِ الْآحَادِ؛ لِأَنَّهُ يَرْغَبُ فِي كَثْرَتِهَا لِيَسْهُلَ الشِّرَاءُ بِهَا وَلَا يُعَلَّلُ بِكَثْرَةِ الثَّمَنِ لِئَلَّا يَرُدَّ الْجَوَاهِرَ وَاللُّؤْلُؤَ وَنَحْوَهُمَا (ص) فَإِنْ عَلِمَ أَحَدُهُمَا بِعِلْمِ الْآخَرِ بِقَدْرِهِ خُيِّرَ (ش) هَذَا وَمَا بَعْدَهُ تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ وَجَهِلَاهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ أَحَدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ إذَا عَلِمَ بَعْدَ الْعَقْدِ بِأَنَّ الْآخَرَ كَانَ عَالِمًا حِينَ الْعَقْدِ بِقَدْرِ الْمَبِيعِ فَإِنَّ الْجَاهِلَ مِنْهُمَا يُخَيَّرُ كَعَيْبٍ دُلِّسَ فِيهِ وَمَحَلُّ التَّخْيِيرِ إذَا كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَلَهُمْ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ غَيْرُهُ وَإِلَّا جَازَ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ حَاضِرٍ بِبَادِيَةٍ بِمِكْيَالِهَا لِعَدَمِ مِكْيَالٍ مَعْلُومٍ لَهُ بِهَا وَمِنْ جَوَازِ شِرَاءِ بَادٍ بِحَاضِرَةٍ بِمِكْيَالِهَا لِعَدَمِ مِكْيَالٍ مَعْلُومٍ لِلْبَادِي نَعَمْ شِرَاءُ مَا فِي الْمِكْيَالِ الْمَجْهُولِ جُزَافًا جَائِزٌ بِشُرُوطِهِ لَا عَلَى أَنَّهُ مَكِيلٌ بِهِ مَعَ تَيَسُّرٍ مَعْلُومٍ (قَوْلُهُ كَسَلَّةِ تِينٍ) وَمِثْلُ سَلَّةِ التِّينِ قِرْبَةُ الْمَاءِ وَرِوَايَتُهُ وَجِرَارُهُ مِمَّا جَرَى الْعُرْفُ بِبَيْعِ الْمَاءِ فِيهِ، وَبَيْعُ الْمَاءِ مِنْ بَابِ بَيْعِ الْجُزَافِ وَلَكِنْ جَرَى الْعُرْفُ بِضَمَانِ بَائِعِهِ إذَا انْشَقَّ ظَرْفُهُ قَبْلَ تَفْرِيغِهِ، وَإِذَا اخْتَلَفَتْ الْمِيَاهُ تَعَيَّنَ فَتْحُهُ عِنْدَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا فَلَا.

(قَوْلُهُ وَالْعِنَبُ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَدْخَلَ الْكَافَّ عَلَى سَلَّةٍ وَمُرَادُهُ الْمُضَافُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَعَصَافِيرَ حَيَّةٍ) أَيْ وَسَائِرُ مَا يَتَدَاخَلُ مِنْ الطَّيْرِ لَا يُبَاعُ جُزَافًا؛ لِأَنَّهُ يَمُوجُ وَيَدْخُلُ بَعْضُهُ تَحْتَ بَعْضٍ فَيَخْفَى حَزْرُهُ (قَوْلُهُ وَحُمَامِ بُرْجٍ) أَيْ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ عَلَيْهَا وَهِيَ فِي الْبُرْجِ لَا أَنَّهَا طَائِرَةٌ فِي الْهَوَاءِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقُولُ أَحَدٌ بِجَوَازِ بَيْعِهِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الَّذِي فِي الْبُرْجِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ إذَا لَمْ تُحِطْ بِهِ مَعْرِفَةٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ وَإِلَّا جَازَ، وَالْمُرَادُ بِالْإِحَاطَةِ بِهِ مَعْرِفَتُهُ بِالْحَزْرِ مُجَرَّدًا عَنْ بُرْجِهِ أَيْ وَأَمَّا مَعَ الْبُرْجِ فَجَائِزٌ لِكَوْنِهِ تَبَعًا (قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ الْفُلُوسُ فِي النَّقْدِ) أَيْ حُكْمُهَا حُكْمُ النَّقْدِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْفُلُوسَ لَيْسَتْ مِنْ جُزْئِيَّاتِ النَّقْدِ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ إلَخْ) وَجْهُ الِاقْتِضَاءِ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ تَحْتَ إلَّا نَفَى الشَّرْطَيْنِ أَيْ إنْ لَمْ يُسَكَّ وَلَمْ يَتَعَامَلْ بِهِ عَدَدًا بَلْ وَزْنًا فَيُفِيدُ أَنَّ الْمَسْكُوكَ الْمُتَعَامَلَ بِهِ وَزْنًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا مَعَ أَنَّهُ جَائِزٌ فَعُلِمَ أَنَّ غَيْرَ الْمَسْكُوكِ يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا تُعُومِلَ بِهِ عَدَدًا أَوْ وَزْنًا كَالْمَسْكُوكِ الْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا، وَالْمُرَادُ بِالْمُتَعَامَلِ بِهِ وَزْنًا مَا يُوزَنُ بِصَنْجَةٍ وَيَنْقُصُ صَرْفُهُ بِنَقْصِ وَزْنِهِ مِنْ غَيْرِ مُرَاعَاةِ عَدَدٍ، وَإِنْ تُعُومِلَ بِهِمَا مَعًا كَدَنَانِيرِ مِصْرَ وَقُرُوشِهَا رُوعِيَ الْعَدَدُ، وَدَرَاهِمُ مِصْرَ تَارَةً يَقَعُ التَّعَامُلُ بِهَا وَزْنًا، وَذَلِكَ فِي حَالَةِ الْمُنَادَاةِ عَلَى عَدَمِ التَّعَامُلِ بِالْمَقْصُوصِ مِنْهَا وَتَارَةً يَقَعُ التَّعَامُلُ بِهَا عَدَدًا فِي حَالِ التَّعَامُلِ بِالْمَقْصُوصِ مِنْهَا.

(أَقُولُ) وَبَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَنَقُولُ لَا اقْتِضَاءَ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مُقَيَّدٌ بِاجْتِمَاعِ الْقَيْدَيْنِ وَقَوْلُهُ وَإِلَّا أَيْ بِأَنْ لَمْ يَجْتَمِعْ الْقَيْدَانِ صَادِقٌ بِنَفْيِهِمَا وَنَفْيِ أَحَدِهِمَا غَيْرَ أَنَّ شَيْخَنَا السَّلْمُونِيَّ قَرَّرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ إذَا كَانَ غَيْرَ مَسْكُوكٍ، وَيُتَعَامَلُ بِهِ عَدَدًا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ جُزَافًا (قَوْلُهُ وَمِثْلُ النَّقْدِ الْفُلُوسُ وَالْجَوَاهِرُ) لَا يَخْفَى أَنَّ جَعْلَ الْجَوَاهِرِ مِثْلَ ذَلِكَ مِمَّا يُقَوِّي مَا قَالَهُ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْجَوَاهِرَ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا سِكَّةٌ (قَوْلُهُ لِحُصُولِهِ) أَيْ الْكَثْرَةِ وَذُكِّرَ لِاكْتِسَابِهَا التَّذْكِيرَ مِنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَوْ بِاعْتِبَارِ الْمَذْكُورِ وَالْمَعْنَى لِحُصُولِ الْغَرَرِ الْكَثِيرِ.

(قَوْلُهُ بِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ) أَيْ بِالنَّظَرِ لِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ أَيْ جِهَةٍ هِيَ الْكَمِّيَّةُ، وَقَوْلُهُ وَجِهَةِ الْآحَادِ تَفْسِيرٌ لِمَا قَبْلَهُ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يَرْغَبُ إلَخْ تَعْلِيلٌ لِحُصُولِ كَثْرَةِ الْعَدَدِ بِجِهَةِ الْكَمِّيَّةِ وَقَوْلُهُ فِي كَثْرَتِهَا أَيْ الْآحَادِ لِيَسْهُلَ الشِّرَاءُ بِهَا، وَأَمَّا الشِّرَاءُ بِالْجَوَاهِرِ فَلَا يَسْهُلُ الشِّرَاءُ بِهَا وَكَذَا الْجُدُدُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهَا لَمَّا كَانَتْ أَفْرَادُ النَّقْدِ يَتَيَسَّرُ الْبَيْعُ بِهَا وَلَا يَتَوَقَّفُ فِي الْبَيْعِ بِهَا بِخِلَافِ مَا عَدَاهَا مِنْ فُلُوسٍ وَجَوَاهِرَ يَكْثُرُ وَقْعُ الْغَرَرِ بِتَعَاطِي النَّاسِ ذَلِكَ كَثِيرًا (قَوْلُهُ وَلَا يُعَلَّلُ) أَيْ الْغَرَرُ وَقَوْلُهُ بِكَثْرَةِ الثَّمَنِ أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>