للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَدْرَكَتْهُ الصَّفْقَةُ سَالِمًا الْمُشْتَرِي بِالْعَقْدِ بَعُدَ مَكَانُهُ أَوْ قَرُبَ وَسَوَاءٌ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُقَيِّدَةٌ لِقَوْلِهِ فِيمَا يَأْتِي وَإِلَّا الْغَائِبَ فَبِالْقَبْضِ (ص) وَضَمِنَهُ بَائِعٌ إلَّا لِشَرْطٍ أَوْ مُنَازَعَةٍ (ش) أَيْ وَضَمِنَ غَيْرَ الْعَقَارِ سَوَاءٌ بِيعَ بِشَرْطِ النَّقْدِ أَمْ لَا بَائِعَ، وَقَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ رَاجِعٌ لَهُمَا أَيْ إلَّا لِشَرْطٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فِي الْعَقَارِ عَلَى الْبَائِعِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي فَيُعْمَلُ بِالشَّرْطِ وَيَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ إلَى مَنْ اشْتَرَطَ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ أَوْ مُنَازَعَةٌ الْأَحْسَنُ رُجُوعُهُ لِمَا كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي إمَّا أَصَالَةً فِي الْعَقَارِ أَوْ بِالشَّرْطِ فِي غَيْرِهِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِ الضَّمَانِ فِي الْعَقَارِ أَصَالَةً أَوْ فِي غَيْرِهِ بِالشَّرْطِ عَلَى الْمُشْتَرِي إذَا لَمْ تَحْصُلْ مُنَازَعَةٌ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فِي أَنَّ الْعَقْدَ صَادَفَ الْمَبِيعَ هَالِكًا أَوْ بَاقِيًا أَوْ سَالِمًا أَوْ مَعِيبًا فَإِنْ حَصَلَتْ مُنَازَعَةٌ فِيمَا ذُكِرَ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي، وَالضَّمَانُ عَلَى الْبَائِعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ انْتِفَاءُ الضَّمَانِ عَنْ الْمُشْتَرِي وَعَزَاهُ فِي تَوْضِيحِهِ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَفِي كَلَامِ تت نَظَرٌ (ص) وَقَبَضَهُ عَلَى الْمُشْتَرِي (ش) أَيْ وَقَبَضَ الْغَائِبُ وَالْخُرُوجُ لِلْإِتْيَانِ بِهِ عَلَى الْمُشْتَرِي

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا هُوَ مَقْصُودٌ بِالذَّاتِ مِنْ أَرْكَانِ الْبَيْعِ وَشُرُوطِهِ وَمَوَانِعِهِ الْعَامَّةِ شَرَعَ فِي الْكَلَامِ عَلَى مَوَانِعَ مُخْتَصَّةٍ بِبَعْضِ أَنْوَاعِهِ فَمِنْهَا الرِّبَا مَقْصُورًا وَهُوَ رِبَا فَضْلٍ أَيْ زِيَادَةٍ وَنَسَاءٍ بِالْمَدِّ مَهْمُوزٌ وَهُوَ التَّأْخِيرُ فَقَالَ (ص) وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسَاءٍ (ش) أَيْ وَحَرُمَ كِتَابًا وَسُنَّةً وَإِجْمَاعًا وَصَحَّ رُجُوعُ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ إبَاحَةِ رِبَا الْفَضْلِ {وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الصَّحِيحِ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَهُ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ» فِي ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ مِنْ أَيِّ نَوْعٍ مَضْرُوبٍ أَوْ غَيْرِهِ أَوْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ وَمَصْلَحَةٍ رِبَا فَضْلٍ أَيْ زِيَادَةٍ وَنَسَاءٍ أَيْ تَأْخِيرٍ لَكِنْ رِبَا الْفَضْلِ يُمْنَعُ فِيمَا اتَّحَدَ جِنْسُهُ مِنْ النَّقْدِ وَاتَّحَدَ مِنْ الطَّعَامِ الرِّبَوِيِّ وَلَا بَأْسَ بِهِ فِي مُخْتَلِفِ الْجِنْسِ فِيهِمَا يَدًا بِيَدٍ وَرِبَا النَّسَاءِ يَحْرُمُ فِي النُّقُودِ وَالطَّعَامِ، وَلَوْ جِنْسَيْنِ وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ.

فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا مُجْمَلٌ وَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي بَابِ الرِّبَوِيَّاتِ أَوْ أَنَّ هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ لِمَا بَعْدَهُ، وَكَأَنَّهُ قَالَ بَابُ حُرْمَةِ النُّقُودِ وَالطَّعَامِ إلَّا أَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ فِي عَيْنٍ؛ لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ وَالْحُرْمَةُ لَا تَخْتَصُّ بِهِ وَبَدَأَ الْمُؤَلِّفُ بِالْكَلَامِ عَلَى الصَّرْفِ وَهُوَ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَيْعُ الذَّهَبِ بِالْفِضَّةِ أَوْ أَحَدِهِمَا بِفُلُوسٍ لِقَوْلِهَا مَنْ صَرَفَ دَرَاهِمَ بِفُلُوسٍ وَالْأَصْلُ الْحَقِيقَةُ فَقَالَ (ص) لَا دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ غَيْرُهُ بِمِثْلِهِمَا (ش) لَا دِينَارٌ بِالرَّفْعِ عَطْفٌ عَلَى مُقَدَّرٌ أَيْ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ الْخَالِي عَنْ الْمَانِعِينَ رِبَا الْفَضْلِ وَالنَّسَاءِ لَا دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ أَوْ غَيْرُ الدِّرْهَمِ كَشَاةٍ مَثَلًا وَبَيْعُ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ أَوْ الدِّينَارِ وَالشَّاةِ أَوْ الدِّينَارِ وَالثَّوْبِ بِمِثْلِهِمَا فَالدِّينَارُ هُوَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ، وَقَدْ صَاحَبَهُ دِرْهَمٌ أَوْ شَاةٌ أَوْ ثَوْبٌ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ وَغَيْرِهِمَا بِمِثْلِهِمَا بِجَرِّ دِينَارٍ بِالْكَافِ وَعَطْفِ دِرْهَمٍ بِأَوْ وَعَطْفِ غَيْرِهِمَا بِالْوَاوِ فَضَمِيرُ مِثْلِهِمَا يَعُودُ عَلَى دِينَارٍ وَغَيْرِهِ فِي صُورَةٍ وَعَلَى دِرْهَمٍ وَغَيْرِهِ فِي أُخْرَى أَيْ فَالدِّينَارُ هُوَ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فِي صُورَةٍ وَالدِّرْهَمُ طَرَفُ بَدَلِهِ فِي أُخْرَى

ــ

[حاشية العدوي]

فَالضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ كَذَا فِي عب وَلَكِنْ الرَّاجِحُ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي مُطْلَقًا كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ إلَّا لِشَرْطٍ) كَانَ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَوَّلًا (قَوْلُهُ الْأَحْسَنُ إلَخْ) أَيْ وَخِلَافُ الْأَحْسَنِ رُجُوعُهُ لِلْأَوَّلِ، وَإِذَا تَأَمَّلْت لَا تَجِدُ الْمُنَاسِبَ لِحَلِّ اللَّفْظِ إلَّا رُجُوعَهُ لِلْأَوَّلِ، وَيَكُونُ قَاصِرًا عَلَى مَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَصَالَةً (قَوْلُهُ وَقَبْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي) وَشَرْطُهُ إيَّاهُ عَلَى بَائِعِهِ مَعَ كَوْنِ ضَمَانِهِ مِنْهُ يُفْسِدُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا شَرَطَ عَلَيْهِ الْمُبْتَاعُ الْإِتْيَانَ بِهِ صَارَ كَوَكِيلِ الْمُبْتَاعِ فَانْتَفَى عَنْهُ الضَّمَانُ فَشَرْطُ الضَّمَانِ عَلَيْهِ مُوجِبُ الْفَسَادِ، وَإِنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ إتْيَانِهِ مِنْ مُبْتَاعِهِ فَجَائِزٌ وَهُوَ بَيْعٌ وَإِجَارَةٌ (قَوْلُهُ وَالْخُرُوجُ) عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبَّبٍ

(قَوْلُهُ وَمُوكِلُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَهُوَ دَافِعُ الزِّيَادَةِ وَالْآكِلُ هُوَ قَابِضُ الزِّيَادَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ جِنْسَيْنِ) يَرْجِعُ لِلنُّقُودِ وَالطَّعَامِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ وَلَوْ غَيْرَ رِبَوِيٍّ فِي الطَّعَامِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ هُنَا مُجْمَلٌ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ أَنَّ رِبَا الْفَضْلِ يَدْخُلُ النَّقْدَ مُطْلَقًا وَالطَّعَامَ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ أَوْ أَنَّ هَذَا كَالتَّرْجَمَةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ التَّرْجَمَةَ مُجْمَلَةٌ لَكِنْ لَا يُنْظَرُ فِيهَا لِلْإِجْمَالِ بَلْ النَّظَرُ فِيهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا تَرْجَمَةً وَإِنْ لَزِمَهَا الْإِجْمَالُ بِخِلَافِ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ نَظَرَ فِيهَا لِلْإِجْمَالِ وَاعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا بِأَنَّ قَوْلَهُ وَرِبَا فَضْلٍ يَشْمَلُ الْفَضْلَ فِي الصِّفَةِ مَعَ أَنَّ الْحُرْمَةَ خَاصَّةٌ بِزِيَادَةِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ قَوْلَهُ الْآتِي عَاطِفًا عَلَى مَا يَجُوزُ وَقَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلَ صِفَةً يُفِيدُ قَصْرَ قَوْلِهِ هُنَا فَضْلٍ عَلَى فَضْلِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ دُونَ الصِّفَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ النَّقْدَ خَاصٌّ بِالْمَسْكُوكِ) هَذِهِ طَرِيقَةُ ابْنِ عَرَفَةَ وَطَرِيقَةُ غَيْرِهِ وَهِيَ صَرِيحُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ وَنَقَدَ إنْ سُكَّ يَعُمُّ الْمَسْكُوكَ وَغَيْرَهُ وَمُفَادُهُ أَنَّ الْعَيْنَ لَا تَخْتَصُّ بِالْمَسْكُوكِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ الْقَامُوسُ وَفِي ابْنِ عَرَفَةَ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْعَيْنَ خَاصَّةٌ بِالْمَضْرُوبِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمِصْبَاحِ وَلَفْظُهُ وَالْعَيْنُ مَا ضُرِبَ مِنْ الدَّنَانِيرِ انْتَهَى فَعَلَى هَذَا لَا أَوْلَوِيَّةَ (قَوْلُهُ أَيْ فَيَجُوزُ الصَّرْفُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ تِلْكَ الْمَسْأَلَةَ لَيْسَتْ مِنْ الصَّرْفِ، وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا مِنْ الصَّرْفِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا دِينَارٌ إلَخْ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ صَرْفٌ لَمْ يَخْلُ عَنْ الْمَانِعِ.

وَالْجَوَابُ أَنَّ الصَّرْفَ يُطْلَقُ تَارَةً بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ الشَّامِلِ لِلْمُرَاطَلَةِ وَالْمُبَادَلَةِ وَتَارَةً بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ مَا قَابَلَ الْمُرَاطَلَةَ وَالْمُبَادَلَةَ وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ التَّوْضِيحِ اعْلَمْ أَنَّ الْعَيْنَ إنْ بِيعَ بِعَيْنٍ مُخَالِفٍ فَهُوَ الصَّرْفُ وَبِمُمَاثِلٍ وَزْنًا مُرَاطَلَةً وَعَدَدًا مُبَادَلَةً انْتَهَى أَفَادَ ذَلِكَ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ إلَخْ) إنَّمَا صَوَّرُوا النَّقْدَ بِالتَّعَدُّدِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا اتَّحَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>