للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ صَاحَبَ وَاحِدًا مِنْهُمَا غَيْرُهُ كَشَاةٍ فَهُوَ مِثَالٌ لِرِبَا الْفَضْلِ وَوَجْهُهُ عَلَى كَلَا النُّسْخَتَيْنِ خَشْيَةَ أَنْ تَكُونَ الرَّغْبَةُ فِي أَحَدِ الدِّرْهَمَيْنِ أَوْ الدِّينَارَيْنِ أَكْثَرَ فَيُقَابِلُهُ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى أَكْثَرُ مِنْ دِرْهَمٍ وَأَكْثَرُ مِنْ دِينَارٍ وَالْمُجْتَمِعُ مَعَ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا كَالشَّاةِ مَثَلًا كَالنَّقْدِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى التَّفَاضُلِ بَيْنَ الدِّينَارَيْنِ أَوْ الدِّرْهَمَيْنِ فَإِذَا مَنَعَ ذَلِكَ فِي التَّفَاضُلِ الْمُتَوَهَّمِ وَيُسَمَّى التَّفَاضُلَ الْمَعْنَوِيَّ فَأَحْرَى التَّفَاضُلُ الْمُحَقَّقُ الْحِسِّيُّ كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ بِاثْنَيْنِ (ص) وَمُؤَخَّرٌ وَلَوْ قَرِيبًا (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ التَّأْخِيرُ فِي الصَّرْفِ وَلَوْ كَانَ التَّأْخِيرُ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا قَرِيبًا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ مَعَ مُفَارَقَةِ الْمَجْلِسِ وَالِانْتِقَالِ إلَى حَانُوتٍ أَوْ دَارٍ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا، وَطَالَ لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْمُفَارَقَةِ كَاسْتِقْرَاضِهِ مِمَّنْ بِجَانِبِهِ مِنْ غَيْرِ بَعْثٍ وَلَا قِيَامٍ بَلْ كَحَلِّ الصُّرَّةِ.

وَمُقَابِلُهُ الْمُشَارُ إلَيْهِ بِلَوْ مَذْهَبُ الْعُتْبِيَّةِ جَوَازُ التَّأْخِيرِ الْقَرِيبِ وَقَيَّدَ بِمَا إذَا عَادَتْ الْمُفَارَقَةُ بِمَصْلَحَةٍ عَلَى الصَّرْفِ كَتَقْلِيبٍ وَحَمَلَهَا اللَّخْمِيُّ عَلَى الْخِلَافِ وَحَمَلَهَا ابْنُ رُشْدٍ عَلَى الْوِفَاقِ بِحَمْلِ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى الْمُفَارَقَةِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ لِرَدِّهِ بِقَوْلِهِ عَطْفًا عَلَى مَا فِي حَيِّزِ لَوْ (أَوْ) كَانَ التَّأْخِيرُ (غَلَبَةً) الْبَاجِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ وَالْعُتْبِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلُهُ وَمُؤَخَّرٍ مَعْطُوفٌ عَلَى دِينَارٍ أَيْ وَلَا يُبَاحُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ وَحِينَئِذٍ فَفِي كَلَامِهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ فَقَوْلُهُ لَا دِينَارٌ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ رِبَا فَضْلٍ وَقَوْلُهُ وَمُؤَخَّرٍ إلَخْ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَنَسَاءٍ.

وَقَوْلُهُ أَوْ غَلَبَةً مَعْطُوفٌ عَلَى صِفَةٍ قَرِيبًا أَيْ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً وَفِي الْمُبَالَغَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَعِيدِ كَالْقَرِيبِ وَهِيَ تُوهِمُ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْمَنْعِ فِي الْبَعِيدِ (ص) أَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَدْخُولِ لَوْ فَهُوَ مُنْخَرِطٌ فِي سِلْكِ الْإِغْيَاءِ أَيْ وَكَذَلِكَ يَبْطُلُ الصَّرْفُ إذَا تَوَلَّى قَبْضَهُ غَيْرُ عَاقِدِهِ بِأَنْ عَقَدَ شَخْصٌ وَوَكَّلَ غَيْرَهُ فِي الْقَبْضِ وَعَكْسُهُ بِأَنْ يُوَكِّلَ فِي الْعَقْدِ وَيَتَوَلَّى الْقَبْضَ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الصَّرْفِ كَوْنُ الْعَاقِدِ هُوَ الْقَابِضَ؛ لِأَنَّهُمْ لَمَّا أَجْرَوْا التَّوْكِيلَ مَظِنَّةَ التَّأْخِيرِ فَأَجْرَوْا عَلَيْهِ حُكْمَهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ مَا لَمْ يَقْبِضْ الْوَكِيلُ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الرَّاجِحِ وَمَا فِي الشَّامِلِ مِنْ الْمَنْعِ مُطْلَقًا مُشْكِلٌ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ شَرِيكًا لِلْمُوَكِّلِ فِيمَا وَقَعَ فِيهِ الصَّرْفُ فَيُمْنَعُ إنْ لَمْ يَقْبِضْ بِحَضْرَةِ الْمُوَكِّلِ، وَإِلَّا جَازَ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْأَقْوَالِ (ص) أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ (ش) مَعْطُوفٌ أَيْضًا عَلَى مَدْخُولِ لَوْ أَيْ وَكَذَا يَفْسُدُ

ــ

[حاشية العدوي]

الْعِوَضُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِأَنْ كَانَ دِينَارٌ مِنْ جِهَةٍ وَدِينَارٌ مِنْ الْجِهَةِ الْأُخْرَى فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ قَدْ تُوجَدُ إلَّا أَنَّهَا ضَعِيفَةٌ.

(قَوْلُهُ خَشْيَةَ إلَخْ) الْحَاصِلُ أَنَّنَا إذَا تَحَقَّقْنَا تَسَاوِي الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ مَعَ مُقَابِلِهِمَا فَيَجُوزُ وَالْمُضِرُّ الشَّكُّ وَهُوَ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ الشَّامِلِ لِلْوَهْمِ فَأَحْرَى التَّحَقُّقُ كَمَا قَرَّرَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ وَقَوْلُهُ وَالْمُجْتَمِعُ مَعَ النَّقْدَيْنِ تَعْلِيلٌ ثَانٍ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِأَنَّ الْمُجْتَمِعَ مَعَ النَّقْدَيْنِ أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا كَالشَّاةِ إلَخْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي أَيْضًا الْمَنْعَ فِيمَا إذَا كَانَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ وَلَوْ تَحَقَّقْنَا مُسَاوَاةَ الدِّينَارَيْنِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْقَرْضَ الْمُصَاحِبَ لِلدِّينَارِ يُقَدَّرُ ذَهَبًا فَتَأْتِي الْمُفَاضَلَةُ وَلَوْ مَعَ مُسَاوَاةِ الدِّينَارَيْنِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا كَانَ دِينَارٌ وَدِرْهَمٌ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَتَحَقَّقْنَا الْمُسَاوَاةَ فِي الطَّرَفَيْنِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَأَمَّا إذَا كَانَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ دِينَارٌ وَثَوْبٌ فَيَمْتَنِعُ وَلَوْ تَحَقَّقْنَا مُسَاوَاةَ الدِّينَارَيْنِ لِتَقْدِيرِنَا الْعَرْضَ ذَهَبًا بِاعْتِبَارِ تِلْكَ الْعِلَّةِ.

(قَوْلُهُ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ الْآتِيَ) أَيْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْآتِي، وَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا وَطَالَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا لَمْ يَطُلْ يَجُوزُ فَيُنَافِي قَوْلَهُ هُنَا وَلَوْ قَرِيبًا فَأَجَابَ الشَّارِحُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى الْمُفَارَقَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْخِلَافِ) أَيْ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ (قَوْلُهُ لِرَدِّهِ) أَيْ لِرَدِّ حَمْلِ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِمَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ) لَمْ يَتَقَدَّمْ لِلْمَوَّازِيَّةِ ذِكْرٌ، وَلَكِنْ الْوَاقِعُ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ مِثْلُ الْعُتْبِيَّةِ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ قَوْلِهِ أَوْ غَلَبَةً مَعْطُوفٌ عَلَى صِفَةً قَرِيبًا أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ عَلَى الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ بِلَوْ بِطَرَفَيْهَا الِاخْتِيَارِ وَالْغَلَبَةِ مَعَ أَنَّ الْعُتْبِيَّةَ وَالْمَوَّازِيَّةَ فِي الِاخْتِيَارِ لَكِنْ الْغَلَبَةُ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى إلَّا أَنَّهُ يُعَكِّرُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ الْآتِي إنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَعِيدِ كَالْقَرِيبِ مَعَ أَنَّ الْمَوَّازِيَّةَ إنَّمَا هُوَ فِي الْقَرِيبِ وَسَيَأْتِي تَتِمَّتُهُ.

(قَوْلُهُ أَيْ وَلَا يُبَاحُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ) حَلَّ بِحَسَبِ الْمَعْنَى، وَكَأَنَّهُ قَالَ لَا يُبَاحُ صَرْفُ دِينَارٍ وَغَيْرِهِ بِمِثْلِهِمَا وَلَا صَرْفُ مُؤَخَّرٍ أَيْ وَلَا يُبَاحُ صَرْفُ مُؤَخَّرٍ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا اخْتِيَارًا أَوْ غَلَبَةً) كَلَامٌ مُجْمَلٌ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُمَا إذَا دَخَلَا عَلَى التَّأْخِيرِ فَيَفْسُدُ حَصَلَ تَأْخِيرٌ مِنْهُمَا أَوْ مِنْ أَحَدِهِمَا أَمْ لَا وَعَلَى تَقْدِيرِ دُخُولِهِ كَانَ فِي الْكُلِّ أَوْ فِي الْبَعْضِ، وَأَمَّا إذَا دَخَلَا عَلَى عَدَمِ التَّأْخِيرِ فَيَمْتَنِعُ إنْ حَصَلَ تَأْخِيرٌ اخْتِيَارًا، وَلَوْ فِي الْبَعْضِ كَاضْطِرَارٍ فِي الْجَمِيعِ أَوْ جَمِيعِ أَحَدِهِمَا لَا فِي بَعْضِ أَحَدِهِمَا فَيَمْضِي فِيمَا وَقَعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ وَاخْتَلَفَ فِي مُضِيِّ مَا يَقَعُ فِيهِ التَّأْخِيرُ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ أَوْ غَلَبَةً) كَحُلُولِ سَيْلٍ أَوْ انْهِدَامٍ بَنَاهُ وَسَوَاءٌ غَلَبَا أَوْ أَحَدُهُمَا كَهُرُوبِ صَاحِبِهِ قَاصِدًا لِنَقْضِهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ تَعَلُّقِ الْحُرْمَةِ بِالتَّأْخِيرِ تَعَلُّقُهَا بِإِتْمَامِ الْعَقْدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الصَّرْفُ غَلَبَةً؛ لِأَنَّ الْمَغْلُوبَ عَلَى شَيْءٍ لَا إثْمَ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْخِلَافَ فِي الْبَعِيدِ إلَخْ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُخَالِفَ الْمَوَّازِيَّةُ وَالْعُتْبِيَّةُ وَالْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةٌ فِي كَلَامِهِمَا بِالْقُرْبِ نَعَمْ ظَاهِرُ النَّقْلِ أَنَّ مَنْ يَقُولُ بِجَوَازِ التَّأْخِيرِ غَلَبَةً لَا يُقَيِّدُ بِالْقُرْبِ فَإِذَا كَانَ هَذَا مُرَادَ الشَّارِحِ فَلَا يَظْهَرُ عَطْفُ قَوْلِهِ أَوْ غَلَبَةً عَلَى اخْتِيَارًا الْمَحْذُوفَةِ بَلْ مَعْطُوفًا عَلَى قَرِيبًا، وَنُوزِعَ فِي الْمُبَالَغَةِ وَالْمَعْنَى هَذَا إذَا كَانَ بَعِيدًا بَلْ وَلَوْ كَانَ قَرِيبًا هَذَا إذَا كَانَ اخْتِيَارًا بَلْ وَلَوْ كَانَ غَلَبَةً (قَوْلُهُ أَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ إلَخْ) ، وَأَمَّا لَوْ وَكَّلَ فِي الْعَقْدِ وَالْقَبْضِ فَلَا مَنْعَ (قَوْلُهُ بِأَنْ عَقَدَ شَخْصٌ) وَهُوَ رَبُّ الْعِوَضِ.

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ الْمَنْعِ) أَيْ فِي الْمُصَنِّفِ وَعَكْسِهِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ الْأَقْوَالِ) ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ ذَاتُ أَقْوَالٍ ثَلَاثٍ الْأَوَّلُ يَجُوزُ أَنْ يَذْهَبَ وَيُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الثَّانِي لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَقْبِضَ بِحَضْرَتِهِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ أَجْنَبِيًّا فَلَا يَجُوزُ

<<  <  ج: ص:  >  >>