بِهِ عَدَمَ تَكَرُّرِ الْبَيْعِ فِي الْعُقْدَةِ وَتَكَرُّرَهَا مِنْ غَيْرِ عَاقِدَيْ الْأَوَّلِ فَقَالَ: عَاطِفًا عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ
(فَصْلٌ) وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ (ش) أَيْ: وَمُنِعَ كُلُّ بَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ مُؤَدٍّ إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ لِلتُّهْمَةِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُتَبَايِعَانِ قَصَدَا بِالْجَائِزِ فِي الظَّاهِرِ التَّوَصُّلَ إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ وَذَلِكَ فِي كُلِّ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ لِلنَّاسِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَصْدًا فَيَكُونُ الْفَاعِلُ ضَمِيرًا مُسْتَتِرًا فِي كَثُرَ عَائِدًا إلَى مَا وَقَصْدًا تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْفَاعِلِ أَيْ: مَا كَثُرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ النَّصْبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ: مَا كَثُرَ حَالَةَ كَوْنِهِ مَقْصُودًا
(ص) كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ (ش) أَيْ: كَتُهْمَةِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَتُهْمَةِ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ فَإِنَّ قَصْدَ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ يَكْثُرُ فَنُزِّلَتْ التُّهْمَةُ عَلَيْهِ كَالنَّصِّ عَلَيْهِ
مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَبِيعَهُ سِلْعَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ إلَى شَهْرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ وَاحِدَةً مِنْهُمَا بِدِينَارٍ نَقْدًا فَالسِّلْعَةُ الَّتِي خَرَجَتْ مِنْ الْيَدِ وَعَادَتْ إلَيْهَا مُلْغَاةٌ وَخَرَجَ مِنْ يَدِ الْبَائِعِ سِلْعَةٌ وَدِينَارٌ نَقْدًا يَأْخُذُ عَنْهُمَا عِنْدَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا عَنْ السِّلْعَةِ وَهُوَ بَيْعٌ وَالْآخَرُ عَنْ الدِّينَارِ الْمَنْقُودِ وَهُوَ سَلَفٌ وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً بِعَشْرَةٍ إلَى شَهْرٍ وَيَشْتَرِيَهَا مِنْهُ بِخَمْسَةٍ نَقْدًا فَآلَ أَمْرُ الْبَائِعِ إلَى أَنَّ شَيْئًا مُرْجَعٌ إلَيْهِ وَدَفَعَ الْآنَ خَمْسَةً يَأْخُذُ عَنْهَا بَعْدَ ذَلِكَ عَشْرَةً وَإِنَّمَا مُنِعَ تُهْمَةُ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لِأَدَائِهِ إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً وَلِذَلِكَ قَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ الْحَاجِبِ أَنْ يَكْتَفِيَ عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً يُغْنِي عَنْهُ؛؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ إنَّمَا مُنِعَ لِأَدَائِهِ إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ، وَإِنْ
ــ
[حاشية العدوي]
صَارَ بِمَنْزِلَةِ الْحَالِّ ابْتِدَاءً كَمَا سَيَأْتِي فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُشْتَرِي وَصَارَ الَّذِي عَلَيْهِ حَالًّا فَإِنَّهُ يَجُوزُ الصُّوَرُ كُلُّهَا بِمَثَابَةِ الْحَالِّ ابْتِدَاءً.
(قَوْلُهُ: وَتَكَرُّرُهَا إلَخْ) كَمَا لَوْ بَاعَهَا أَوَّلًا بِعَشْرَةٍ لِأَجَلٍ، ثُمَّ جَاءَ إنْسَانٌ آخَرُ وَاشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ بِالْمَعْنَى اللَّقَبِيِّ.
(قَوْلُهُ: فَقَالَ عَاطِفًا إلَخْ) قَالَ الشَّيْخُ إبْرَاهِيمُ اللَّقَانِيِّ يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ الْوَاوُ لِلْعَطْفِ وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ لِلِاسْتِئْنَافِ لَكِنْ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ فِي شَرْحِ بَانَتْ سُعَادُ أَكْثَرُ مَا تَقَعُ الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ فِي أَوَائِلِ الْفُصُولِ وَالْأَبْوَابِ وَمَطَالِعِ الْقَصَائِدِ فَهِيَ لِلِاسْتِئْنَافِ هُنَا وَذَكَرَ السَّعْدُ فِي تَصْرِيفِ الْعِزِّيِّ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْفَصْلَ لَيْسَ مَانِعًا مِنْ الْعَطْفِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْعَطْفُ وَوُجُودُ الْفَصْلِ لَا يَضُرُّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةٍ مُعْتَرِضَةٍ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ أَيْ: هَذَا فَصْلٌ.
(قَوْلُهُ: عَلَى قَوْلِهِ وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ) يَعْنِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ النَّهْيِ صَرِيحًا، أَوْ ضِمْنًا وَلَا إثْمَ عَلَى فَاعِلِ مَا يُمْنَعُ لِلتُّهْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ حَيْثُ لَمْ يَقْصِدْ الْأَمْرَ الْمَمْنُوعَ (قَوْلُهُ: كُلُّ بَيْعٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ) فَالْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ جَائِزَةٌ فِي الظَّاهِرِ مُؤَدِّيَةٌ إلَى مَمْنُوعٍ فِي الْبَاطِنِ أَيْ: الَّذِي هُوَ السَّلَفُ الْجَارُّ نَفْعًا فَالْعَاقِلُ لِشِدَّةِ حِرْصِهِ عَلَى تَحْصِيلِ الْفَوَائِدِ يَفْعَلُ أَفْعَالًا جَائِزَةً فِي الظَّاهِرِ لِيُتَوَصَّلَ بِهَا إلَى بَاطِنٍ مَمْنُوعٍ خَوْفًا مِنْ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: كَتُهْمَةِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ إلَخْ) لَا حَاجَةَ لِهَذَا التَّقْدِيرِ؛ لِأَنَّ هَذَا مِثَالٌ لِمَا كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ وَالْمَعْنَى كَالْعُقْدَةِ الَّتِي تُؤَدِّي لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فَالْجَائِزُ فِي الظَّاهِرِ تِلْكَ الْعُقْدَةُ وَالْمَمْنُوعُ فِي الْبَاطِنِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ وَكَذَا الْعُقْدَةُ الْمُؤَدِّيَةُ لِسَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً جَائِزَةً فِي الظَّاهِرِ وَالسَّلَفُ بِمَنْفَعَةٍ هُوَ الْمَمْنُوعُ بَاطِنًا فَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ وَمُنِعَ مَا كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ لَهُ كَتُهْمَةِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ فِي الْأَوَّلِ وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ فِي الثَّانِي، ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّهُ يُقَالُ لَيْسَ كُلُّ مَا كَثُرَ قَصْدُ النَّاسِ إلَيْهِ يَمْتَنِعُ أَلَا تَرَى أَنَّ قَصْدَ النَّاسِ يَكْثُرُ إلَى شِرَاءِ الْمُحْتَاجِ لَهُ مِمَّا لَا يُمْنَعُ فِيهِ. وَالْجَوَابُ أَنْ يُقَالَ إنَّ قَوْلَهُ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ ذُكِرَ قَيْدًا.
(قَوْلُهُ: مِثَالُ الْأَوَّلِ) وَجْهُ الْمَنْعِ أَنَّ الثَّوْبَ قَدْ لَا يُسَاوِي الدِّينَارَ وَبَعْدَ هَذَا فَهَذَا ضَعِيفٌ وَالْمُعْتَمَدُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا هُوَ بِشَرْطِ الدُّخُولِ بِالْفِعْلِ عَلَى اجْتِمَاعِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ لَا الِاتِّهَامِ عَلَى شَرْطِ الدُّخُولِ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: كَانَ يَنْبَغِي لِابْنِ الْحَاجِبِ) أَيْ: الَّذِي تَبِعَهُ الْمُؤَلِّفُ.
(قَوْلُهُ: لِأَدَائِهِ إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً إلَّا أَنَّهُ أَبْيَنُ إلَخْ) أَيْ: إنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ وَإِنْ كَانَ مُؤَدِّيًا إلَيْهِ أَيْ: إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً وَقَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ أَبْيَنُ أَيْ: التَّأَدِّي إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا أَبْيَنُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ أَيْ: الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ وَسَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ أَيْ: وَلَيْسَ بِأَبْيَنَ فِي كُلِّ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِأَبْيَنَ فِي الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ أَيْ: وَحَيْثُ كَانَ أَبْيَنَ فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ فَلَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ بِهِ أَيْ: التَّعْلِيلُ فِي الْأُولَى بِهِ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ التَّأْدِيَةِ إلَى سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا التَّأَدِّي الظَّاهِرُ الْمُتَحَقَّقُ فِي قَوْلِهِ وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ وَلَيْسَ مُتَحَقِّقًا فِي الْمُشَارِ لَهَا بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ أَيْ: وَكَانَ الْمُنَاسِبُ التَّعْلِيلَ فِي الْأَوَّلِ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَيْ: إنَّمَا كَانَ الْمَنْعُ فِي الْأَوَّلِ لِتَأَدِّيهِ إلَى بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَإِنَّمَا صَحَّ التَّعْلِيلُ مَعَ أَنَّ السَّلَفَ جَرَّ مَنْفَعَةً غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِيهِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ لَا بِالتَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ فَكَانَ أَضْبَطَ أَيْ: إنَّ التَّعْلِيلَ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ الَّذِي هُوَ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ أَضْبَطُ مِنْ التَّعْلِيلِ بِالسَّلَفِ جَرَّ مَنْفَعَةً أَلَا تَرَى أَنَّهُ جَعَلَ عِلَّةَ الْقَصْرِ السَّفَرَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ الْمَشَقَّةَ مَعَ أَنَّ فِي الْحَقِيقَةِ الْعِلَّةُ الْمَشَقَّةُ إلَّا أَنَّ الْمَشَقَّةَ فِي السَّفَرِ تَخْتَلِفُ بِالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ وَظُهُورِهَا وَعَدَمِ ظُهُورِهَا فَاخْتَارُوا أَنَّ الْعِلَّةَ السَّفَرُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ وُجِدَتْ أَوْ لَا فَكَذَلِكَ نَقُولُ هُنَا الْعِلَّةُ فِي الْأُولَى الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ الَّذِي هُوَ مَظِنَّةٌ