للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَانَ مُؤَدِّيًا إلَيْهِ إلَّا إنَّهُ أَبْيَنُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيلٌ بِالْمَظِنَّةِ فَكَانَ أَضْبَطَ وَبِأَنَّ الْمَنْعَ فِي سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا صَرِيحٌ وَفِي غَيْرِهِ ضِمْنِيٌّ وَبِأَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ أَيْ: وَهُوَ سَلَفٌ بِمَنْفَعَةٍ وَقَدْ يَكُونُ وَسِيلَةً كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ فَبَيَّنُوا أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ اتِّفَاقًا فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا يُقْصَدُ لِذَاتِهِ لَمْ يَلْزَمْ كَثْرَةُ الْقَصْدِ فِيمَا يُقْصَدُ وَسِيلَةً ضَرُورَةَ أَنَّ قَصْدَ الْمَقَاصِدِ أَقْوَى مِنْ قَصْدِ الْوَسَائِلِ فَلَوْ عَكَسَ الْإِيرَادَ كَانَ صَوَابًا

وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الصَّرْفَ الْمُؤَخَّرَ وَالْبَدَلَ الْمُؤَخَّرَ

(ص) لِأَقَلَّ (ش) أَيْ: كُلُّ مَا قَلَّ الْقَصْدُ إلَيْهِ لَا يَمْتَنِعُ لِلتُّهْمَةِ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يَمْتَنِعُ صَرِيحُهُ وَقَوْلُهُ

(ص) كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ، أَوْ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك (ش) أَيْ: كَتُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ وَتُهْمَةِ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك

مِثَالُ الْأَوَّلِ أَنْ يَبِيعَهُ ثَوْبَيْنِ بِعَشْرَةٍ لِشَهْرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْهُ أَحَدَهُمَا بِالْعَشَرَةِ عِنْدَ الْأَجَلِ، أَوْ قَبْلَهُ فَقَدْ آلَ أَمْرُهُ إلَى أَنَّهُ دَفَعَ ثَوْبَيْنِ لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدَهُمَا بِثَوْبٍ إلَى الْأَجَلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَخْشَى عَلَيْهِ مِنْ السَّرِقَةِ، أَوْ التَّلَفِ مَثَلًا وَلَا خِلَافَ أَنَّ صَرِيحَ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ مَمْنُوعٌ؛ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَكُونُ إلَّا لِلَّهِ. وَمِثَالُ الثَّانِي أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا بِدِينَارَيْنِ لِشَهْرٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ بِدِينَارٍ نَقْدًا وَدِينَارٍ لِشَهْرَيْنِ فَالثَّوْبُ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ وَدَفَعَ الْآنَ دِينَارًا سَلَفًا لِلْمُشْتَرِي يَأْخُذُ مِنْهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ الْأَوَّلِ دِينَارَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي مُقَابَلَةِ دِينَارِهِ وَالْآخَرُ سَلَفٌ يُدْفَعُ مُقَابِلُهُ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ الثَّانِي وَقَوْلُهُ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ فِي الْأَوَّلِ وَضَمِّهَا فِي الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ وَبَابُ الْأَفْعَالِ تُفْتَحُ هَمْزَةُ أَمْرِهِ وَتُضَمُّ هَمْزَةُ مُضَارِعِهِ فَقَوْلُهُ: مَا كَثُرَ قَصْدُهُ أَدْخَلَ فِيهِ جَمِيعَ مَسَائِلِ الْبَابِ الْمُمْتَنِعَةِ وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ لِأَقَلَّ جَمِيعُ مَسَائِلِ الْبَابِ الْجَائِزَةِ فَالْأَمْثِلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ كُلُّهَا تَكْرَارٌ مَعَ هَذَا لَكِنَّهُ ذَكَرَ الْمَسَائِلَ الْآتِيَةَ مُفَصِّلَةً لِلْمَسَائِلِ الْأُولَى الْمُجْمَلَةِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الشَّيْءِ مُجْمَلًا، ثُمَّ ذِكْرُهُ مُفَصَّلًا، أَوْقَعُ فِي النَّفْسِ فَقَالَ:

(ص)

ــ

[حاشية العدوي]

لِلسَّلَفِ جَرَّ نَفْعًا وُجِدَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا أَوْ لَا. فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ الْمَنْعَ فِي سَلَفٍ جَرَّ نَفْعًا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَبِأَنَّ الْعِلَّةَ فِي سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ صَرِيحٌ أَيْ: ظَاهِرٌ أَيْ: مَنْعُ الْعُقْدَةِ لِلتَّأَدِّي لِسَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً ظَاهِرٌ لِظُهُورِ عِلَّتِهِ وَقَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهِ ضِمْنِيٌّ أَيْ: خَفِيٌّ أَيْ: الْمَنْعُ فِي غَيْرِهِ خَفِيٌّ لِخَفَاءِ عِلَّتِهِ فَلَوْ جَعَلْنَا الْعِلَّةَ السَّلَفَ جَرَّ نَفْعًا وَأَطْلَقْنَا لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ إلَّا الظَّاهِرَةُ فَلَا يُقْضَى بِالْمَنْعِ فِي الْأُولَى؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِظَاهِرٍ فِيهَا فَاحْتَجْنَا إلَى أَنْ نُعَلِّلَ الْأُولَى بِقَوْلِهِ كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ وَبِهَذَا يَتَبَيَّنُ أَنَّ الْجَوَابَ فِي الْمَعْنَى يَرْجِعُ لِلْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: قَدْ يَكُونُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ) أَيْ: مَلْحُوظًا لِذَاتِهِ وَقَوْلُهُ كَالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَيْ: وَلَيْسَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ مَلْحُوظًا لِذَاتِهِ وَإِنَّمَا هُوَ مَلْحُوظٌ لِكَوْنِهِ يُؤَدِّي لِسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ أَيْ: فَلَوْ جَعَلُوا الْعِلَّةَ فِي الْمَنْعِ السَّلَفَ بِمَنْفَعَةٍ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ عِلَّةٌ لِلْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ السَّلَفُ بِمَنْفَعَةٍ ظَاهِرًا فِيهِ وَقَوْلُهُ فَبَيَّنُوا أَنَّ إلَخْ أَيْ: فَبَيَّنُوا أَنَّ كُلًّا مِنْ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ وَالسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ عِلَّةٌ تَقْتَضِي الْمَنْعَ وَإِنْ كَانَ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ لَا يَقْتَضِي الْمَنْعَ بِذَاتِهِ بَلْ مَا اقْتَضَاهُ إلَّا لِكَوْنِهِ يُؤَدِّي إلَى سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً

(قَوْلُهُ: فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى مَا) أَيْ: الْعِلَّةِ الَّتِي تُقْصَدُ لِذَاتِهَا.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَلْزَمْ كَثْرَةُ الْقَصْدِ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ أَنَّ الْبَيْعَ وَالسَّلَفَ عِلَّةٌ تَقْتَضِي الْمَنْعَ.

(قَوْلُهُ: وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ) لَا يَخْفَى أَنَّ الصَّرْفَ الْمُؤَخَّرَ وَالْبَدَلَ الْمُؤَخَّرَ سَيَأْتِي النَّصُّ عَلَيْهِمَا فَلَا حَاجَةَ لِدُخُولِهِمَا تَحْتَ الْكَافِ.

(قَوْلُهُ: الصَّرْفُ الْمُؤَخَّرُ) كَمَا لَوْ بَاعَهَا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ لِلْمُحَرَّمِ، ثُمَّ اشْتَرَاهَا بِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَقْدًا، أَوْ لِدُونِ الْأَجَلِ، أَوْ لِلْأَجَلِ، أَوْ لِأَبْعَدَ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ وَقَوْلُهُ وَالْبَدَلُ الْمُؤَخَّرُ كَأَنْ يَبِيعَهَا بِعَشْرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَهَا بِعَشْرَةٍ يَزِيدِيَّةٍ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ كَمَا يَأْتِي بَيَانُهُ

(قَوْلُهُ: أَيْ: كُلُّ مَا قَلَّ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَعْطُوفَ مَحْذُوفٌ أَيْ: لَا الَّذِي قَلَّ الْقَصْدُ إلَيْهِ وَحَذْفُ الْمَوْصُولِ وَبَقَاءُ صِلَتِهِ جَائِزٌ وَتَقْدِيرُ كُلٍّ لِإِظْهَارِ الْعُمُومِ فَسَقَطَ مَا قِيلَ: إنَّ لَا لَا تَعْطِفُ الْجُمَلَ. (قَوْلُهُ: كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ) إطْلَاقُ الضَّمَانِ تَجَوُّزٌ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ الْحِفْظُ (قَوْلُهُ: أَيْ: كَتُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ لَا يُقَدِّرَ تُهْمَةً وَذَلِكَ، لِأَنَّ الْمَعْنَى وَمُنِعَ مَا كَثُرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ لِلتُّهْمَةِ كَالْعُقْدَةِ الْآيِلَةِ إلَى بَيْعٍ وَسَلَفٍ، أَوْ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً إلَّا أَنَّهُ يُؤَوَّلُ الْمَعْنَى فِي سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ وَمُنِعَ مَا كَثُرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ كَالْعُقْدَةِ الْآيِلَةِ لِلسَّلَفِ بِمَنْفَعَةٍ لِأَجْلِ تُهْمَةِ سَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ وَفِي بَيْعٍ وَسَلَفٍ وَمُنِعَ مَا كَثُرَ الْقَصْدُ إلَيْهِ كَالْعُقْدَةِ الْآيِلَةِ لِلْبَيْعِ وَالسَّلَفِ لِلتُّهْمَةِ أَيْ: لِتُهْمَةِ الدُّخُولِ عَلَى الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلسَّلَفِ جَرَّ مَنْفَعَةً.

(قَوْلُهُ: أَيْ: كَتُهْمَةِ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ إلَخْ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ فَيَقُولُ كَالْعُقْدَةِ الَّتِي تُؤَدِّي لِضَمَانٍ بِجُعْلٍ، أَوْ تُؤَدِّي لِأَسْلِفْنِي إلَخْ وَأَمَّا صَرِيحُ ضَمَانٍ بِجُعْلٍ فَلَا خِلَافَ فِي مَنْعِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الضَّمَانَ وَالْجَاهَ وَالْقَرْضَ لَا تُفْعَلُ إلَّا لِلَّهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَأَخْذُ الْعِوَضِ عَلَيْهِ سُحْتٌ.

(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْأَجَلِ إلَخْ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ يَشْتَرِي أَيْ: أَنَّ الشُّرَاةَ بِالْعَشَرَةِ وَقَعَ عِنْدَ الْأَجَلِ، أَوْ قَبْلَهُ أَيْ: قَبْلَ الْأَجَلِ.

(قَوْلُهُ: لِيَضْمَنَ لَهُ أَحَدُهُمَا) أَيْ: وَهُوَ الثَّوْبُ الَّذِي اشْتَرَاهُ الْبَائِعُ أَمَّا عِنْدَ الْأَجَلِ، أَوْ قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: بِثَوْبٍ إلَى الْأَجَلِ) أَيْ: كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، أَوْ قَبْلَهُ كَمَا فِي الثَّانِيَةِ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ) أَيْ: الَّذِي هُوَ عَلَى وَزْنِ مَصْدَرِ الرُّبَاعِيِّ الْمَبْدُوءِ بِالْهَمْزَةِ كَأَسْلِفْ وَأَكْرِمْ.

(قَوْلُهُ: فَالْأَمْثِلَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا تَكْرَارٌ إلَخْ) فِيهِ مُسَامَحَةٌ، لِأَنَّ الْأَمْثِلَةَ لَا تُعَدُّ تَكْرَارًا مَعَ الْمُمَثَّلِ لَهُ.

(قَوْلُهُ: لَكِنَّهُ إلَخْ) دَفْعًا لِمَا يُتَوَهَّمُ مِنْ كَوْنِهِ تَكْرَارًا

<<  <  ج: ص:  >  >>