للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَخَذَ مِنْهُ الثَّمَنَ ثُمَّ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ الثَّانِي بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ، وَإِنْ رَدَّهُ عَلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ الْأَوَّلِ انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْهُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا عَادَ لَهُ كُلُّهُ، وَأَمَّا إنْ عَادَ لَهُ بَعْضُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ مَذْكُورٌ فِي الشَّرْحِ الْكَبِيرِ.

(ص) فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ مُطْلَقًا أَوْ لَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ فَلَا رُجُوعَ، وَإِلَّا رُدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ، وَلَهُ بِأَقَلَّ كَمِثْلٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا بَاعَ مَا اشْتَرَاهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى عَيْبِهِ الْقَدِيمِ لِغَيْرِ بَائِعِهِ فَلَا رُجُوعَ عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ، وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ، وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَ عَلَيْهِ أَمْ لَا أَوْ بِأَكْثَرَ، وَكَانَ دَلَّسَ عَلَيْهِ فَلَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي أَيْضًا عَلَى بَائِعِهِ بِشَيْءٍ وَلَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالزَّائِدِ، وَإِنْ لَمْ يُدَلِّسْ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَبِيعَ يُرَدُّ عَلَى الْمُشْتَرِي وَهُوَ الْبَائِعُ الثَّانِي بِأَكْثَرَ إنْ شَاءَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ وَأَخَذَ مِنْهُ ثَمَنَهُ ثُمَّ إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي تَمَسَّكَ بِالْمَبِيعِ الْمَعِيبِ وَإِنْ شَاءَ رَدَّ ذَلِكَ عَلَى بَائِعِهِ الْأَوَّلِ وَأَخَذَ مِنْهُ ثَمَنَهُ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ بَيْنَهُمَا وَيَدْفَعُ مَا فَضَلَ لِلْبَائِعِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ الْأَوَّلِ بِأَقَلَّ مِمَّا اشْتَرَاهُ بِهِ مِنْهُ كَمَا لَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِثَمَانِيَةٍ فَإِنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ يُكْمِلُ لِلْمُشْتَرِي ثَمَنَهُ فَيَدْفَعُ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ بَقِيَّةَ ثَمَنِهِ دَلَّسَ أَمْ لَا فَالْمُرَادُ بِالْأَجْنَبِيِّ مَا عَدَا الْبَائِعَ وَلَوْ ابْنَهُ أَوْ أَبَاهُ فَالضَّمِيرُ فِي لَهُ عَائِدٌ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْمَعْنَى إذْ ضَمِيرُ دَلَّسَ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ اتَّكَلَ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى.

(ص) وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إنْ تَوَسَّطَ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ وَرَدُّهُ وَدَفْعُ الْحَادِثِ (ش) هَذَا شَرْحٌ لِمَفْهُومِ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ، وَمُحَصَّلُهُ أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي لَا يَخْلُو مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ: مُخْرِجٍ عَنْ الْمَقْصُودِ، وَيَسِيرٍ جِدًّا، وَمُتَوَسِّطٍ بَيْنَهُمَا، وَيَأْتِي أَمْثِلَةُ كُلٍّ، وَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ هُنَا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ، وَاطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِالْمَبِيعِ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ يَرُدَّهُ وَيَدْفَعَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَهُ، وَهَذَا التَّخْيِيرُ مَا لَمْ يَقْبَلْهُ الْبَائِعُ بِالْحَادِثِ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ مَا حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَالْعَدَمِ، وَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ، أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ، وَقَوْلُهُ وَتَغَيُّرُ الْمَبِيعِ إلَخْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي تَغَيُّرِ الْمَبِيعِ فِي عَيْنِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَأَمَّا بِسَبَبِهِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَفَرْقٌ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ ثُمَّ إنَّ التَّخْيِيرَ لَيْسَ فِي كُلِّ أَفْرَادِ الْحَادِثِ الْمُتَوَسِّطِ بَلْ فِي بَعْضِهَا كَمَا يَأْتِي فِي سِمَنِ الدَّابَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا رَدَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الْحَادِثِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ يَأْخُذُ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ الْمُؤَلِّفِ مِنْ أَنَّهُ مِنْ الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ وَيَأْتِي مَا فِيهِ، وَلَمَّا كَانَ الْعَيْبُ عَرَضًا لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ بَلْ بِغَيْرِهِ أَشَارَ إلَى بَيَانِ مَعْرِفَةِ قِيمَتِهِ مُرَتَّبًا عَلَى قَوْلِهِ وَرَدَّهُ بِقَوْلِهِ (وَقُوِّمَا) أَيْ الْقَدِيمُ وَالْحَادِثُ (بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ) أَيْ بِسَبَبِ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ -

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَفِيهِ تَفْصِيلٌ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا عَادَ لَهُ بَعْضُهُ كَعَبْدٍ بَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَى نِصْفَهُ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَيْنَ قَبُولِ النِّصْفِ الْمَذْكُورِ وَبَيْنَ دَفْعِ قِيمَةِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ أَرْشِ الْعَيْبِ هَذَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ لَا يَنْقَسِمُ كَمَا قُلْنَا فَإِنْ كَانَ يَنْقَسِمُ كَثَوْبٍ مِنْ ثِيَابٍ فَلَهُ رَدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ كَمَا يَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَرُدَّ بَعْضُ الْمَبِيعِ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ) أَيْ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ، وَإِلَّا فَلَا قِيَامَ لَهُ لِأَنَّ بَيْعَهُ دَلِيلٌ عَلَى رِضَاهُ، وَقَوْلُ بَعْضٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ سَبْقُ قَلَمٍ (قَوْلُهُ أَوَّلُهُ) أَيْ لِبَائِعِهِ الْمَفْهُومِ مِنْ الْمَعْنَى إذْ ضَمِيرُ دَلَّسَ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْبَائِعِ فَقَدْ اتَّكَلَ فِيهِ عَلَى الْمَعْنَى (قَوْلُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ) وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ التَّدْلِيسِ حَيْثُ يَثْبُتُ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَوْ يَقْرَبُهُ، وَلِلْمُشْتَرِي تَحْلِيفُهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ الْعِلْمَ بِهِ حِينَ الْبَيْعِ فَإِنْ نَكَلَ ثَبَتَ الرَّدُّ، وَقَوْلُهُ أَوْ بِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ أَيْ بَاعَهُ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ لِبَائِعِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا بَاعَهُ لَهُ بِأَكْثَرَ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَيَرْجِعُ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بِزَائِدِ الثَّمَنِ وَلَوْ مُدَلِّسًا حَيْثُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ حِينَ شِرَائِهِ الثَّانِيَ لِتَجْوِيزِهِ أَنَّهُ قَدْ زَالَ فِيمَا يُمْكِنُ زَوَالُهُ وَلَهُ رَدُّهُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمَّا اطَّلَعَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْبَيْعِ فَكَأَنَّهُ حَدَثَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ سَوَاءٌ بَاعَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يَرْجِعْ إذَا بَاعَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ لِعَوْدِ ثَمَنِهِ إلَيْهِ وَلَيْسَ لَهُ غَيْرُهُ، وَأَحْرَى بِأَكْثَرَ وَبِأَقَلَّ احْتَجَّ لَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِأَنَّهُ إنْ كَانَ بَاعَ عَالِمًا فَقَدْ رَضِيَهُ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَالِمٍ فَمِنْ أَيْنَ أَنَّ النَّقْصَ كَانَ لِأَجْلِ الْعَيْبِ، وَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ حَوَالَةِ السُّوقِ أَوْ غَيْرِهَا (قَوْلُهُ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى بَائِعِهِ) الَّذِي هُوَ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلُ بِالزِّيَادَةِ، وَلَيْسَ لَهُ رَدُّ الْمَبِيعِ عَلَيْهِ لِظُلْمِهِ (قَوْلُهُ وَتَقَعُ الْمُقَاصَّةُ إلَخْ) لَا يُعْقَلُ مُقَاصَّةٌ بَعْدَ هَذَا التَّصْوِيرِ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَرْجِعُ بِأَخْذِ الثَّمَنِ الَّذِي هُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا ثُمَّ إذَا أَرَادَ الْمُشْتَرِي الرَّدَّ يَرُدُّهُ لَهُ، وَيَأْخُذُ مِنْهُ الْعَشَرَةَ فَأَنَّى تُعْقَلُ مُقَاصَّةٌ أَوْ رُجُوعٌ بِأَزْيَدَ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَاعَهُ لِبَائِعِهِ بِأَقَلَّ) أَيْ قَبْلَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَإِنْ قِيلَ لِمَ لَمْ يَكُنْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ أَنَّهُ يُرَدُّ ثُمَّ يُرَدُّ عَلَيْهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا كَمَا فِي بَيْعِهِ بِأَكْثَرَ فَالْجَوَابُ أَنَّهُ لِمَا بَاعَهُ بِأَكْثَرَ يَحْتَمِلُ أَنَّهُ يَتَمَاسَكُ بِهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَغِبَ فِي بَيْعِهِ بِأَكْثَرَ لِلزِّيَادَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا بَاعَهُ بِأَقَلَّ فَإِنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يَتَمَاسَكَ بِهِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لَهُ هُنَا إلَّا التَّكْمِيلُ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَهُ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ بِأَقَلَّ لَمْ يُكْمِلْ دَلَّسَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ فَيَدْفَعُ لَهُ الدِّرْهَمَيْنِ بَقِيَّةَ إلَخْ) ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي تَكْمِيلِهِ لَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا نَظَرٌ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ النَّقْصُ مِنْ حَوَالَةِ سُوقٍ كَمَا هُوَ حُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا إذَا بَاعَهُ لِأَجْنَبِيٍّ بِأَقَلَّ.

(قَوْلُهُ مُرَتَّبًا إلَخْ) أَيْ فَالتَّقْوِيمَاتُ الثَّلَاثَةُ إنَّمَا هِيَ حَيْثُ اخْتَارَ الرَّدَّ فَإِنْ اخْتَارَ التَّمَاسُكَ قَوَّمَ تَقْوِيمَيْنِ صَحِيحًا، وَبِالْقَدِيمِ فَقَطْ لِيَعْلَمَ النَّقْصَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَرْجِعَ بِهِ أَوْ يَسْقُطَ بِنِسْبَتِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَيَصِيرَ الثَّمَنُ مَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ عِنْدَنَا شَيْئَيْنِ تَقْوِيمَ الْمَبِيعِ مَعِيبًا بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ، وَتَقْوِيمَ نَفْسِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ، وَأَنَّ الْأَوَّلَ سَبَبٌ فِي الثَّانِي، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِأَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>