ثُمَّ بِالْحَادِثِ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا أَيْضًا، وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا تَقْوِيمُ الْمَعِيبِ، وَكَلَامُهُ فِي تَقْوِيمٍ يَنْدَرِجُ فِيهِ تَقْوِيمُ الْعَيْبِ مُكَرَّرًا، وَبِعِبَارَةٍ الْبَاءُ لِلْمَعِيَّةِ أَيْ قُوِّمَ الْعَيْبَانِ مَعَ تَقْوِيمِ الْمَبِيعِ صَحِيحًا فَكَلَامُهُ دَالٌّ عَلَى ثَلَاثِ تَقْوِيمَاتٍ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ فِيمَا مَرَّ فَيُقَوَّمُ سَالِمًا وَمَعِيبًا إلَخْ لَيْسَ فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ هُنَا وَقُوِّمَا بِتَقْوِيمِ الْمَبِيعِ إلَخْ تَكْرَارٌ إذْ الْأَوَّلُ مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا لَمْ يَفُتْ، وَحَدَثَ عِنْدَهُ عَيْبٌ وَأَرَادَ التَّمَسُّكَ بِهِ أَوْ رَدَّهُ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي التَّقَاوِيمِ الثَّلَاثَةِ (يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) لِلْمَبِيعِ لَا يَوْمُ الْعَقْدِ وَلَا يَوْمُ الْحُكْمِ، وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ كَوْنِ الْبَيْعِ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا ثُمَّ الصَّحِيحُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْأَشْيَاءِ الْمَبِيعَةِ فَقَدْ يَكُونُ الْمَبِيعُ أَمَةً مُتَوَاضِعَةً، وَقَدْ يَكُونُ ثِمَارًا، وَقَدْ يَكُونُ مَحْبُوسًا لِلثَّمَنِ أَوْ لِلْإِشْهَادِ، وَقَدْ يَكُونُ غَائِبًا.
(ص) وَلَهُ إنْ زَادَ بِكَصِبْغٍ أَنْ يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى الْأَظْهَرِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا زَادَ الْمَبِيعُ عِنْدَهُ بِمَا أَضَافَهُ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ بِصَبْغٍ وَخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهِمَا مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ نَقْصٍ عِنْدَهُ فَإِمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، أَوْ يَرُدَّهُ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ بِصَبْغِهِ عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مَصْبُوغًا خَمْسَةً وَعِشْرِينَ وَقِيمَتُهُ مَعِيبًا غَيْرَ مَصْبُوغٍ عِشْرُونَ فَقَدْ زَادَهُ الصِّبْغُ الْخُمُسَ فَيَكُونُ شَرِيكًا بِهِ وَسَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا، وَقِيلَ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ كَالِاسْتِحْقَاقِ فَإِنَّهُ إذَا اشْتَرَى ثَوْبًا فَصَبَغَهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ فَأَبَى الْمَالِكُ أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الصَّبْغِ وَأَبَى الْمُشْتَرِي أَنْ يُعْطِيَ قِيمَةَ الثَّوْبِ فَالْمُشْتَرِي يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ، وَفَرَّقَ لِلْمَشْهُورِ بِأَنَّهُ فِي الِاسْتِحْقَاقِ أُخِذَ مِنْ يَدِهِ قَهْرًا، وَقَدْ لَا يَزِيدُهُ الصَّبْغُ فَيَذْهَبُ ذَلِكَ بَاطِلًا بِخِلَافِ الْعَيْبِ فَإِنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي عَنْهُ الضَّرَرَ، وَقَوْلُنَا مِنْ غَيْرِ حُدُوثِ نَقْصٍ عِنْدَهُ احْتِرَازًا مِمَّا إذَا حَصَلَ عِنْدَهُ نَقْصٌ وَزِيَادَةٌ فَهُوَ قَوْلُهُ الْآتِي، وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ، وَقَوْلُهُ بِكَصِبْغٍ بِكَسْرِ الصَّادِ مَا يُصْبَغُ بِهِ، وَبِفَتْحِهَا الْمَصْدَرُ، وَلَوْ بِإِلْقَاءِ الرِّيحِ الثَّوْبَ فِي الصِّبْغِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ الْخِيَاطَةَ وَالْكَمَدَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَنْفَصِلُ عَنْهُ أَوْ يَنْفَصِلُ عَنْهُ بِفَسَادٍ، وَالتَّقْوِيمُ الْمَذْكُورُ يَوْمَ الْبَيْعِ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَيَوْمَ الْحُكْمِ عَلَى مَا اسْتَظْهَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَصَوَابُ قَوْلِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ عَلَى الْأَرْجَحِ، وَقَوْلُهُ يَوْمَ الْبَيْعِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ زَادَ أَيْ حَالَ كَوْنِ مَا زَادَ مُعْتَبَرًا يَوْمَ الْبَيْعِ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ زَادَ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ لَيْسَتْ يَوْمَ الْبَيْعِ بَلْ مُعْتَبَرَةٌ فِيهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِيَوْمِ الْبَيْعِ يَوْمُ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي كَمَا أَشَارَ لَهُ بَعْضٌ، وَلَوْ صَبَغَهُ فَلَمْ يَزِدْ وَلَمْ يَنْقُصْ كَانَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ لَمْ يَحْدُثْ عِنْدَهُ عَيْبٌ وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَمْ لَا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، أَوْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْعَيْبِ لَوْ نَقَصَهُ الصَّبْغُ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَهُ رَدُّهُ مِنْ غَيْرِ أَرْشٍ، أَوْ حَبْسُهُ وَأَخْذُ الْأَرْشِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَلَهُ حُكْمُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ.
(ص) وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا حَصَلَ عِنْدَهُ مَعَ الزِّيَادَةِ عَيْبٌ فَإِنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ خِيَاطَةٍ وَصَبْغٍ وَسِمَنٍ وَوَلَدٍ تَجْبُرُ الْعَيْبَ الْحَادِثَ مِنْ قَطْعٍ وَإِنْكَاحٍ وَغَيْرِهِمَا، وَكَيْفِيَّةُ الْجَبْرِ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ سَاوَتْ النَّقْصَ الَّذِي حَدَثَ عِنْدَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ إنْ تَمَاسَكَ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ لِأَنَّ خِيرَتَهُ تَنْفِي ضَرَرَهُ فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ بِأَنْ جَبَرَتْ بَعْضَ جَبْرٍ فَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَإِنْ رَدَّ دَفَعَ أَرْشَ الْحَادِثِ الَّذِي لَمْ تَجْبُرْهُ الزِّيَادَةُ، وَإِنْ زَادَتْ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَيَشْتَرِكَ بِمَا زَادَ، وَيَأْتِي
ــ
[حاشية العدوي]
لَيْسَ عِنْدَنَا إلَّا تَقْوِيمُ ذَاتِ الْمَبِيعِ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَعِيبًا (قَوْلُهُ ثُمَّ بِالْحَادِثِ) هَذَا التَّرْتِيبُ أَوْلَوِيٌّ (قَوْلُهُ لَيْسَ فِي تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا) أَيْ أَنَّهُ لَوْ حَمَلَ الْمُصَنِّفُ عَلَى تَقْوِيمِهِ صَحِيحًا لَمْ يَعْلَمْ مِنْهُ تَقْوِيمَ الْعَيْبِ مُكَرَّرًا وَهَذَا لَا يُفِيدُهُ كَلَامُهُ، وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لِتَقْوِيمِهِ بِالْعَيْبَيْنِ إلَّا بِسَبَقِهِمَا بِشَيْءٍ وَهُوَ تَقْوِيمُهُ سَالِمًا (قَوْلُهُ وَبِعِبَارَةٍ إلَخْ) الظَّاهِرُ الْعِبَارَةُ الْأُولَى، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهَا بِأَنْ يُقَالَ تَقْوِيمُ الْعَيْبِ إنَّمَا يَكُونُ بِغَيْرِهِ لَا بِذَاتِهِ إذْ الْعَيْبُ لَا يُقَوَّمُ، وَإِنَّمَا تُقَوَّمُ الذَّاتُ الَّتِي قَامَ بِهَا الْعَيْبُ (قَوْلُهُ دَالٌّ عَلَى ثَلَاثِ تَقْوِيمَاتٍ إلَخْ) فَإِنْ قُلْت عِنْدَ الرَّدِّ فَمَا الْمُوجِبُ لِتَقْوِيمِهِ صَحِيحًا قُلْت أَفَادَ بَعْضُ الْأَشْيَاخِ أَنَّ النُّكْتَةَ فِي ذَلِكَ الرِّفْقُ بِالْمُشْتَرِي، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ صَحِيحًا عَشَرَةً وَبِالْقَدِيمِ ثَمَانِيَةً وَبِالْحَادِثِ سِتَّةً فَالْحَادِثُ يَنْقُصُهُ اثْنَيْنِ فَلَوْ نَسَبْت لِلثَّمَانِيَةِ لَلَزِمَ أَنْ يَدْفَعَ رُبْعَ الثَّمَنِ فَلَمَّا نَسَبَ لِلْعَشَرَةِ وَجَدْنَاهُ خُمُسًا فَيَدْفَعُ خُمُس الثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَوْمَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) أَيْ وَضَمَانُ الْمُشْتَرِي يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ يَخْتَلِفُ إلَخْ) فِي شُمُولِهِ لِلْفَاسِدِ نَظَرٌ لِأَنَّ حُصُولَ الْمُتَوَسِّطِ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مُفِيتٌ لِرَدِّ الْمَعِيبِ فَاسِدًا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ وَبِتَغَيُّرِ ذَاتٍ غَيْرِ مِثْلِيٍّ، وَحِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ مُتَّفَقًا عَلَى فَسَادِهِ مَضَى بِالْقِيمَةِ يَوْمَ الْقَبْضِ وَلَا يُقَوَّمُ صَحِيحًا وَلَا بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ، وَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِي فَسَادِهِ مَضَى بِالثَّمَنِ وَيُقَوَّمُ صَحِيحًا وَبِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ لِيُعْلَمَ مِقْدَارُ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الْعَقْدُ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ دَفْعُهُ كُلُّهُ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَفَعَ عَلَى أَنَّ الْمَبِيعَ سَالِمٌ فَتَبَيَّنَ أَنَّهُ مَعِيبٌ.
(قَوْلُهُ عَلَى قِيمَتِهِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ) أَيْ مَعِيبًا (قَوْلُهُ وَقِيلَ يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الصَّبْغِ) زَادَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ بِكَصِبْغٍ بِكَسْرِ الصَّادِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا نَظَرَ لِلْكَسْرِ وَحْدَهُ لَا يَتِمُّ وَالْفَتْحِ وَحْدَهُ لَا يَتِمُّ لِأَنَّ الْمَنْظُورَ لَهُ الْأَمْرَانِ مَعًا فَيُنْظَرُ لِلْمَادَّةِ فِي ذَاتِهَا بِاعْتِبَارِ تَحَمُّلِهَا لِلْأَمْرَيْنِ مَعًا (قَوْلُهُ أَوْ يَتَمَاسَكُ، وَيَأْخُذُ أَرْشَ الْعَيْبِ) كَذَا فِي عب نَاقِلًا لَهُ عَنْ الشَّيْخِ سَالِمٍ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَاعْتَرَضَهُ شَيْخُنَا السَّلْمُونِيُّ الصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَاجَعْت خَطَّ الشَّارِحِ فَوَجَدْته جَرَّ بِالْقَلَمِ عَلَى قَوْلِهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ، وَنِهَايَةُ الشَّطْبِ قَوْلُهُ أَرْشُ الْعَيْبِ.
(قَوْلُهُ أَنَّ الزِّيَادَةَ إنْ سَاوَتْ إلَخْ) أَيْ فَلَوْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سَالِمًا مِائَةً وَبِالْقَدِيمِ تِسْعِينَ وَبِالْحَادِثِ ثَمَانِينَ وَبِالزِّيَادَةِ تِسْعِينَ لَسَاوَى الزَّائِدُ النَّقْصَ فَإِذَا رَدَّ فَلَا غُرْمَ، وَإِنْ تَمَاسَكَ لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةً وَثَمَانِينَ غَرِمَ مَعَ الرَّدِّ نِصْفَ عُشْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute