قَوْلُهُ، وَلَهُ إنْ زَادَ إلَخْ، وَلَهُ أَنْ يَتَمَاسَكَ وَيَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ، وَكَيْفِيَّةُ التَّقْوِيمِ فِي الثَّانِيَةِ أَنْ يُقَوَّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَبِالزِّيَادَةِ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ، وَإِنْ أَرَادَ التَّمَاسُكَ أَسْقَطَ الزِّيَادَةَ، وَفِي الثَّالِثَةِ يُقَوَّمُ مَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَبِالزِّيَادَةِ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ، وَإِنْ أَرَادَ التَّمَاسُكَ أَسْقَطَ الزِّيَادَةَ وَقُوِّمَ سَالِمًا وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُهُ وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ أَيْ فِي غَيْرِ الْمُدَلَّسِ، وَأَمَّا هُوَ فَلَا يُجْبَرُ لَهُ بِالزِّيَادَةِ شَيْءٌ وَشَارَكَ بِهَا مُطْلَقًا وَتُنْسَبُ الْقِيمَةُ لِلْعَيْبِ الْقَدِيمِ.
وَلَمَّا جَرَى فِي كَلَامِهِ ذِكْرُ أَحْكَامِ التَّدْلِيسِ وَأَنَّ الْمُدَلِّسَ يُخَالِفُ غَيْرَهُ فِي بَعْضِ أَحْكَامٍ ذَكَرَ أَنَّ الْمَسَائِلَ الَّتِي يَفْتَرِقُ فِيهَا أَحْكَامُهُمَا سِتَّةٌ، وَسَنَذْكُرُ مَا زِيدَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (ص) وَفُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ إنْ نَقَصَ (ش) فُرِّقَ مَبْنِيٌّ لِلْمَفْعُولِ، وَالْمُدَلِّسُ هُوَ الْعَالِمُ بِالْعَيْبِ وَقْتَ الْبَيْعِ، وَغَيْرُهُ هُوَ مَنْ لَمْ يَعْلَمْهُ أَوْ عَلِمَهُ وَنَسِيَهُ وَقْتَ الْبَيْعِ فَمِمَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا أَنَّ الثِّيَابَ إذَا نَقَصَتْ عِنْدَ الْمُشْتَرِي بِسَبَبِ تَصَرُّفِهِ فِيهَا تَصَرُّفًا مُعْتَادًا، وَلَمْ يَكُنْ النَّقْصُ نَاشِئًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهَا كَتَقْطِيعِ الشُّقَّةِ ثِيَابًا أَوْ سَرَاوِيلَ أَوْ صَبْغِهَا صَبْغًا مُعْتَادًا فَمَعَ التَّدْلِيسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ وَلَهُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ الْأَرْشِ الْقَدِيمِ وَسَوَاءٌ غَرِمَ لِلْقَطْعِ أَوْ الصَّبْغِ ثَمَنًا أَمْ لَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَالْقَطْعُ الْمُعْتَادُ هُوَ مَا اعْتَادَهُ الْمُبْتَاعُ فِي بَلَدِهِ أَوْ فِي بَلَدٍ يُسَافِرُ إلَيْهَا وَلَوْ لَمْ يَعْتَدَّ بِبَلَدِ الْبَائِعِ، وَمَعَ عَدَمِ التَّدْلِيسِ يَرُدُّ الْأَرْشَ إنْ رَدَّ أَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ مُعْتَادٍ فَهُوَ فَوْتٌ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا وَيَتَعَيَّنُ الرُّجُوعُ بِالْأَرْشِ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ النَّقْصُ نَاشِئًا عَنْ الِانْتِفَاعِ بِهِ كَالثَّوْبِ يَلْبَسُهُ لُبْسًا يَنْقُصُهُ فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَعَ الثَّوْبِ قِيمَةَ اللُّبْسِ لِأَنَّهُ صَوْنٌ بِهِ مَالُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَافْتِضَاضُ الْأَمَةِ كَاللُّبْسِ عَلَى مَا فِي الرِّوَايَةِ، وَقَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ لَا يَلْزَمُ قِيمَةُ الِافْتِضَاضِ كَقَطْعِ الثَّوْبِ.
وَجُمْلَةُ وَفُرِّقَ دَالَّةٌ عَلَى الْجَوَابِ، وَإِنْ نَقَصَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى إنْ زَادَ أَيْ وَإِنْ نَقَصَ الْمَبِيعُ فُرِّقَ فِيهِ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ، وَفِيهِ حِينَئِذٍ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الزِّيَادَةَ لَا يُفَرَّقُ فِيهَا بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ بِخِلَافِ النَّقْصِ، وَقَوْلُهُ إنْ نَقَصَ أَيْ نَقْصًا مُتَوَسِّطًا حَاصِلًا عِنْدَ الْمُشْتَرِي، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الثِّيَابِ لَا فِي الْحَيَوَانِ، وَلَا فِي الدُّورِ أَيْ الْعَقَارِ وَنَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ وَكُلَّمَا حَدَثَ بِالدُّورِ وَالرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ مِنْ عَيْبٍ مُفْسِدٍ أَيْ مُتَوَسِّطٍ فَلَا يَرُدُّهُ إنْ وَجَدَ بِهِ عَيْبًا قَدِيمًا إلَّا بِمَا نَقَصَهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ سَوَاءٌ دَلَّسَ الْبَائِعُ أَمْ لَا بِخِلَافِ الثِّيَابِ يَفْعَلُ بِهَا مَا يَفْعَلُ بِمِثْلِهَا كَصَبْغِهَا وَقَصْرِهَا وَتَقْطِيعِهَا قُمْصَانًا أَوْ سَرَاوِيلَاتٍ أَوْ أَقْبِيَةً، وَالْجُلُودِ خِفَافًا أَوْ نِعَالًا، وَسَائِرُ السِّلَعِ إذَا عَمِلَ بِهَا مَا يُعْمَلُ بِمِثْلِهَا مِمَّا لَيْسَ بِفَسَادٍ فَإِنَّ الْمُبْتَاعَ يُخَيَّرُ إذَا فَعَلَ ذَلِكَ بَيْنَ حَبْسِهَا وَالرُّجُوعِ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَرَدِّهَا وَمَا نَقَصَتْ، وَهَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ إنْ رَدَّ لِأَنَّ الْمُدَلِّسَ كَالْآذِنِ وَلَهُ الْأَرْشُ إنْ تَمَاسَكَ. اهـ.
لَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ التَّدْلِيسَ فِي الْحَيَوَانِ وَالْعَقَارِ يَنْدُرُ وَالنَّادِرُ لَا حُكْمَ لَهُ، وَيَكْثُرُ فِي الثِّيَابِ وَالْكَثِيرُ يُقْصَدُ وَيُرَاعَى فِي نَفْسِهِ (ص) كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ (ش) أَيْ فَرَّقُوا فِي نَقْصِهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي كَمَا فَرَّقُوا فِي هَلَاكِهِ عِنْدَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِسَبَبِ عَيْبِ التَّدْلِيسِ أَوْ بِغَيْرِ سَبَبِهِ فَإِذَا سَرَقَ الْمَبِيعُ فَقُطِعَتْ يَدُهُ أَوْ أَبِقَ فَهَلَكَ فِيهِ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ دَلَّسَ بِإِبَاقِهِ أَوْ سَرِقَتِهِ بِأَنْ عَلِمَ وَكَتَمَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ ذَلِكَ وَيَرْجِعُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَمِنْ الْمُشْتَرِي، وَفِي عِبَارَةِ الْمُؤَلِّفِ نَظَرٌ إذْ لَا يَتَأَتَّى التَّفْرِيقُ مَعَ الْهَلَاكِ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَوْ قَالَ كَهَلَاكِهِ بِالْعَيْبِ لَكَانَ أَوْلَى أَيْ فَإِنْ كَانَ هَذَا الْعَيْبُ الَّذِي هَلَكَ بِسَبَبِهِ دَلَّسَ بِهِ الْبَائِعُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُشْتَرِي، وَإِلَّا فَهُوَ مِنْهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ هُنَا حَذْفَ مَعْطُوفٍ أَيْ كَهَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَغَيْرِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ ظُهُورُ
ــ
[حاشية العدوي]
الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةً وَتِسْعِينَ شَارَكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَهَذِهِ التَّقْوِيمَاتُ إنَّمَا هِيَ مَعَ الرَّدِّ، وَإِنْ تَمَسَّكَ لَمْ يَرُدَّ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ (قَوْلُهُ فِي الثَّانِيَةِ) أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ نَقَصَتْ عَنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنْ يُقَوَّمَ سَالِمًا) أَيْ بِمِائَةٍ كَمَا قَرَّرْنَا، وَقَوْلُهُ وَمَعِيبًا بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ هُوَ تِسْعُونَ كَمَا قَرَّرْنَا، وَقَوْلُهُ وَبِالزِّيَادَةِ بِأَنْ يُقَالَ مَا قِيمَتُهُ بَعْدَ إحْدَاثِ الصِّبْغِ فَيُقَالَ خَمْسَةٌ وَثَمَانُونَ فَإِنَّهُ إذَا رُدَّ يَرُدُّ نِصْفَ عُشْرِ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ أَنَّ الْحَادِثَ إنَّمَا نَقَصَهُ نِصْفَ الْعُشْرِ، وَإِنْ كَانَ ابْتِدَاءً إنَّمَا نَقَصَهُ الْعُشْرَ، وَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُقَوَّمَ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ بِدُونِ الْجَبْرِ الْحَاصِلِ بِالزِّيَادَةِ، وَقَوْلُهُ وَفِي الثَّالِثَةِ أَيْ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ وَإِنْ زَادَتْ إلَخْ، وَقَوْلُهُ وَبِالزِّيَادَةِ إنْ أَرَادَ الرَّدَّ أَيْ وَيَكُونُ شَرِيكًا بِتِلْكَ الزِّيَادَةِ.
(قَوْلُهُ فَمَعَ التَّدْلِيسِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ رَدَّ وَلَهُ التَّمَاسُكُ وَأَخْذُ الْقَدِيمِ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْصِيلَ الشُّقَّةِ ثِيَابًا يُعَدُّ مِنْ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَلِّسِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا رَدَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَيُعَدُّ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُهُ أَوْ صَبَغَهَا صَبْغًا مُعْتَادًا أَيْ فَإِنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ مُدَلِّسًا، وَنَقَصَتْ بِذَلِكَ الصَّبْغِ وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي لَا شَيْءَ لَهُ، وَإِذَا تَمَاسَكَ يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ وَيُعَدُّ حِينَئِذٍ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ لَا مِنْ الْمُعْتَادِ لِأَنَّهُ لَوْ جَعَلَ ذَلِكَ مِنْ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا كَانَ إذَا تَمَاسَكَ لَا يَرْجِعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ كَمَا يَتَبَيَّنُ مِمَّا يَأْتِي قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فَلَوْ كَانَ الصَّبْغُ مُنَقِّصًا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِغَيْرِ غُرْمِ إنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ حَبَسَهَا، وَأَخَذَ الْأَرْشَ اهـ.
(قَوْلُهُ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الثِّيَابِ إلَخْ) فِي عب لَكِنْ يَقْدَحُ فِي التَّخْصِيصِ بِالثِّيَابِ قَوْلُهُ الْآتِي إلَّا أَنْ يَهْلِكَ بِعَيْبٍ التَّدْلِيسُ أَيْ فَإِنَّ قَضِيَّةَ الْكَلَامِ الْآتِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا إلَخْ، وَرَدَّهُ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ لَا يُرَدُّ أَرْشُ الْعَيْبِ الْحَادِثِ (قَوْلُهُ وَالْجَوَابُ) لَا يَخْفَى عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَعْنَى يُفَرَّقُ عِنْدَ الْأَمْرَيْنِ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ عَلَى حَدِّ مَا قُبِلَ فِي غَيْرِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ اللَّذَيْنِ تَضَمَّنَتْهُمَا تِلْكَ الْحَالَةُ فَالْمُدَلِّسُ حُكْمُهُ كَذَا، وَغَيْرُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute