للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَعْنَى، وَهُوَ أَنَّهُ لَا تَفْرِيقَ مَعَ هَلَاكِهِ مِنْ التَّدْلِيسِ كَمَا قُلْنَا، وَمَا هَلَكَ بِسَمَاوِيٍّ زَمَنَ عَيْبِ التَّدْلِيسِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا هَلَكَ بِعَيْبِ التَّدْلِيسِ فَلَيْسَ دَاخِلًا فِي الْغَيْرِ، وَيَدُلُّ عَلَى هَذَا مَا يَأْتِي.

(ص) وَأَخَذَهُ مِنْهُ بِأَكْثَرَ (ش) أَيْ كَمَا فَرَّقُوا فِي أَخْذِ الْبَائِعِ الْمَبِيعَ مِنْ الْمُشْتَرِي بِأَكْثَرَ مِمَّا بَاعَهُ لَهُ كَبَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِاثْنَيْ عَشَرَ فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ، وَإِلَّا رَدَّهُ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَبِأَكْثَرَ إنْ دَلَّسَ فَلَا رُجُوعَ، وَإِلَّا رُدَّ ثُمَّ رُدَّ عَلَيْهِ (ص) ، وَتَبَرٍّ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ (ش) أَيْ وَفُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي التَّبَرُّؤ أَيْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّبَرُّؤ وَهُوَ إنْ عَلِمَ بِعَيْبٍ وَتَبَرَّأَ مِنْهُ لَمْ تَنْفَعْهُ الْبَرَاءَةُ لِأَنَّ بِكَتْمِهِ إيَّاهُ صَارَ مُدَلِّسًا، وَمَنْ تَبَرَّأَ مِنْ عَيْبٍ لَمْ يَعْلَمْهُ تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ، وَهَذَا خَاصٌّ بِمَا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ رَقِيقًا كَمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْبَرَاءَةَ لَا تَنْفَعُ إلَّا فِيهِ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ إنْ طَالَتْ إقَامَتُهُ عِنْدَهُ، وَفِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَذْفُ الْوَاوِ، وَمَا عُطِفَتْ أَيْ وَتَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ، وَمِمَّا عَلِمَ (ص) ، وَرَدَّ سِمْسَارٌ جُعْلًا (ش) أَيْ وَكَمَا فَرَّقُوا فِي رَدِّ سِمْسَارٍ جُعْلًا أَخَذَهُ مِنْ الْبَائِعِ إذَا رُدَّتْ السِّلْعَةُ عَلَى الْبَائِعِ فَلَا يَرُدُّ السِّمْسَارُ الْجُعْلَ إلَى الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ بَلْ يَفُوزُ بِهِ السِّمْسَارُ، وَيَرُدُّهُ إلَيْهِ إنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ ابْنُ يُونُسَ إذَا رَدَّ بِحُكْمِ حَاكِمٍ أَمَّا إنْ قَبِلَهُ الْبَائِعُ مُتَبَرِّعًا لَمْ يَرُدَّ كَالْإِقَالَةِ وَالِاسْتِحْقَاقِ فِي رَدِّ الْجُعْلِ لِلْبَائِعِ كَالْعَيْبِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الْجُعْلَ مِنْ عِنْدِهِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ أَوَّلًا ثُمَّ الْبَائِعُ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى السِّمْسَارِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَأَمَّا مَا دَفَعَهُ الْمُشْتَرِي حَلَاوَةً لِلسِّمْسَارِ عَلَى تَحْصِيلِ الْمَبِيعِ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ إلَّا أَنْ يَعْلَمَ السِّمْسَارُ فِي الْمَبِيعِ عَيْبًا، وَالْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ جُعْلَ السِّمْسَارِ عَلَى الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِ الشَّرْطِ وَالْعُرْفِ، وَلِلسِّمْسَارِ تَحْلِيفُ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يُدَلِّسْ، وَلَوْ كَانَ السِّمْسَارُ نَفْسُهُ مُدَلِّسًا فَرَدَّ الْمَبِيعَ فَلَا جُعْلَ لَهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ فَلَهُ جُعْلُهُ إلَّا أَنْ يَتَعَامَلَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَلَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ.

(ص) وَمَبِيعٍ لِمَحَلِّهِ إنْ رُدَّ بِعَيْبٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ الْمُدَلِّسِ رَدَّ الْمَبِيعِ الَّذِي نَقَلَهُ الْمُشْتَرِي إلَى مَحَلِّ قَبْضِهِ أَيْ إلَى الْمَحَلِّ الَّذِي قَبَضَهُ فِيهِ الْمُشْتَرِي وَنَقَلَهُ عَنْهُ إلَى مَحَلٍّ آخَرَ، وَعَلَيْهِ أَيْضًا أُجْرَةُ نَقْلِ الْمُشْتَرِي لَهُ إلَى بَيْتِهِ فَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي بِهَا، وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إذَا سَافَرَ بِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ ذَكَرَهُ الْغَرْنَاطِيُّ (ص) وَإِلَّا رَدَّ إنْ قَرَّبَ، وَإِلَّا فَاتَ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَإِنَّ عَلَى الْمُشْتَرِي رَدَّهُ إنْ نَقَلَهُ لِمَوْضِعٍ قَرِيبٍ فَإِنْ بَعُدَ فَاتَ وَوَجَبَ لِلْمُشْتَرِي الرُّجُوعُ بِأَرْشِ الْعَيْبِ فَقَوْلُهُ وَمَبِيعٍ عَطْفٌ عَلَى سِمْسَارٍ أَيْ فُرِّقَ بَيْنَ مُدَلِّسٍ وَغَيْرِهِ فِي رَدِّ مَبِيعٍ لِكَذَا أَيْ فَالْمُدَلِّسُ يَأْخُذُهُ فِي ذَلِكَ الْمَحَلِّ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُشْتَرِيَ رَدُّهُ إلَى مَحَلِّ الْأَخْذِ وَغَيْرِهِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَإِلَّا رُدَّ إنْ قَرُبَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا فِي هَذَا الْفَرْعِ الْأَخِيرِ رَدَّهُ الْمُشْتَرِي إنْ قَرُبَ بِأَنْ يَكُونَ لَا كُلْفَةَ فِيهِ، وَإِنْ بَعُدَ فَاتَ (ص) كَعَجَفِ دَابَّةٍ، وَسِمَنِهَا، وَعَمًى، وَشَلَلٍ، وَتَزْوِيجِ أَمَةٍ (ش)

ــ

[حاشية العدوي]

حُكْمُهُ كَذَا اهـ. .

(قَوْلُهُ أَيْ فِي صُورَةِ الْبَيْعِ عَلَى التَّبَرِّي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحَلَّ لَا يَأْتِي عَلَى ظَاهِرِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ وَتَبَرٍّ مِمَّا لَمْ يُعْلَمْ فَلَا يُعْقَلُ أَنْ يُقَالَ مَعَ فَرْضِ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعَيْبِ، وَتَبَرَّأَ مِنْهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ الْعَالِمِ وَغَيْرِهِ الَّذِي لَيْسَ بِعَالِمٍ، وَجَوَابُهُ أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا الْحَلِّ، وَتَبَرَّأَ مِمَّا لَمْ يَعْلَمْ فِي زَعْمِهِ أَيْ إذَا قَالَ لَا أَعْلَمُ بِهِ عَيْبًا فَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ فَغَيْرُ مُدَلِّسٍ، وَإِلَّا فَهُوَ مُدَلِّسٌ، وَيَتَبَيَّنُ كَوْنُهُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَذَلِكَ أَمْ لَا بِإِقْرَارِهِ أَوْ بِشَهَادَةِ بَيِّنَةٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَالِاسْتِحْقَاقُ) مُبْتَدَأٌ، وَقَوْلُهُ كَالْعَيْبِ خَبَرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَدَّى الْمُشْتَرِي الْجُعْلَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إذَا اشْتَرَطَهُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ، وَأَمَّا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ الْمُشْتَرِي عَلَى السِّمْسَارِ ابْتِدَاءً أَوْ اشْتَرَطَهُ السِّمْسَارُ عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا) أَيْ هَذَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ بَلْ وَلَوْ كَانَ مُدَلِّسًا، وَلَا فَرْقَ حِينَئِذٍ بَيْنَ أَنْ يَتَّفِقَ مَعَ السِّمْسَارِ عَلَى التَّدْلِيسِ أَمْ لَا فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ، وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَرُدَّ فَلَهُ جُعْلُهُ إلَّا كَذَا أَيْ فَلَهُ الْجُعْلُ فِي صُورَتَيْنِ الْأُولَى أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ مُدَلِّسًا، وَلَا يَتَعَامَلُ مَعَ السِّمْسَارِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَالصُّوَرُ ثَلَاثٌ أَيْضًا فَجُمْلَةُ الصُّوَرِ سِتٌّ هَكَذَا قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ.

وَقَالَ عج مُخَالِفًا لِذَلِكَ مَا نَصُّهُ وَحَاصِلُ مَا يُفِيدُهُ النَّقْلُ أَنَّ الْبَائِعَ إذَا كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَرَدَّ الْمَبِيعَ فَإِنَّ السِّمْسَارَ يَرُدُّ الْجُعْلَ وَلَوْ كَانَ السِّمْسَارُ غَيْرَ مُدَلِّسٍ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ فَإِنَّ لِلسِّمْسَارِ الْمُسَمَّى إنْ لَمْ يَكُنْ مُدَلِّسًا، وَانْظُرْ إذَا كَانَ مُدَلِّسًا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كَذَلِكَ لِأَنَّ مِنْ حُجَّةِ السِّمْسَارِ أَنْ يَقُولَ قَدْ فَعَلْت مَا جَعَلْت لِي فِيهِ الْعِوَضَ، وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا فَإِنْ كَانَ السِّمْسَارُ غَيْرَ عَالِمٍ بِالْعَيْبِ فَلَهُ الْمُسَمَّى عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ وَالْقَابِسِيِّ سَوَاءٌ رَدَّ الْمَبِيعَ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ فَكَذَلِكَ هَذَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَتَّفِقَ مَعَ الْبَائِعِ عَلَى التَّدْلِيسِ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ رَدَّ الْمَبِيعَ أَمْ لَا، وَأَمَّا عِنْدَ الْقَابِسِيِّ فَلَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ حَيْثُ كَانَ عَالِمًا وَلَمْ يَرُدَّ الْمَبِيعَ، فَإِنْ رَدَّ فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ اتِّفَاقِهِ مَعَ الْبَائِعِ وَعَدَمِهِ اهـ. .

(قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِأُجْرَةِ حَمْلِهِ إذَا سَافَرَ بِهِ) إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِنَقْلِهِ لِبَلَدِهِ فَكَنَقْلِهِ لِدَارِهِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا رَدَّ إنْ قَرُبَ) مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ تَبِعَ فِيهِ الْمُتَيْطِيَّ، وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ إذَا نَقَلَهُ وَالْبَائِعُ غَيْرُ مُدَلِّسٍ فَهُوَ كَعَيْبٍ حَدَثَ عِنْدَهُ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ أَوْ يَتَمَاسَكَ وَيَرْجِعَ بِأَرْشِ الْعَيْبِ مِنْ غَيْرِ تَفْرِقَةٍ بَيْنَ الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ (قَوْلُهُ أَيْ فَرَّقَ إلَخْ) هَذَا الْحِلُّ بِحَسَبِ الْفِقْهِ أَيْ وَإِلَّا فَالْمَتْنُ مُشْكِلٌ فِي فَهْمِهِ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ قَوْلَهُ وَرُدَّ مَبِيعٌ لِمَحِلِّهِ يُفَرَّقُ فِيهِ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ وَغَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ مُدَلِّسًا فَحُكْمُهُ كَذَا، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ كَذَا مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ وَرُدَّ مَبِيعٌ لِمَحَلِّهِ مَعْنَاهُ عَلَى بَائِعِهِ إنْ كَانَ مُدَلِّسًا (قَوْلُهُ كَعَجَفِ دَابَّةٍ) أَدْخَلَ بِالْكَافِ مَا كَانَ مِنْ عُيُوبِ الْأَخْلَاقِ كَزِنًا وَشُرْبٍ وَسَرِقَةٍ وَإِبَاقٍ حَدَثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي ثُمَّ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ قَدِيمٍ فَمِنْ الْمُتَوَسِّطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>