للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِلْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْعَيْبَ الْحَادِثَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُتَوَسِّطَ كَهُزَالِ الدَّابَّةِ وَسِمَنِهَا سِمَنًا بَيِّنًا، وَالْعَمَى، وَالشَّلَلِ، وَتَزْوِيجِ الرَّقِيقِ وَلَوْ عَبْدًا يُوجِبُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارَ بَيْنَ الرَّدِّ وَدَفْعِ الْحَادِثِ وَالتَّمَاسُكِ وَأَخْذِ الْقَدِيمِ، وَقَوْلُنَا سِمَنًا بَيِّنًا احْتِرَازًا مِنْ السِّمَنِ الَّتِي تَصْلُحُ بِهِ فَلَا يَكُونُ عَيْبًا، وَمُقْتَضَى جَعْلِ السِّمَنِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ أَنَّ لَهُ رَدَّهُ وَدَفْعَ أَرْشِهِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا تَجِبُ بِهِ الْفَتْوَى مِنْ أَنَّهُ إذَا رُدَّ لَا يَرُدُّ شَيْئًا لِلسِّمَنِ، وَإِنْ تَمَاسَكَ أَخَذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ.

وَعَلَى هَذَا فَالسِّمَنُ لَيْسَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ وَلَا مِنْ الْمُفِيتِ وَلَا مِنْ الْقَلِيلِ، وَمَنْ عَدَّهُ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ كَالْمُؤَلِّفِ أَرَادَ أَنَّهُ مِنْهُ فِي مُطْلَقِ التَّخَيُّرِ، وَمَفْهُومُ دَابَّةٍ أَنَّ السِّمَنَ وَالْهُزَالَ فِي غَيْرِهَا لَيْسَ بِمُفِيتٍ هُوَ كَذَلِكَ (ص) وَجُبِرَ بِالْوَلَدِ (ش) أَيْ وَجُبِرَ الْعَيْبُ الَّذِي حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عِنْدَ الْمُبْتَاعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْبِ التَّزْوِيجِ بِالْوَلَدِ الْحَاصِلِ عِنْدَهُ وَيَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ مَا لَمْ يَحْدُثْ فِيهِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي عَيْبٌ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا التَّمَاسُكَ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ وَالرَّدَّ مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ عَلَيْهِ. هَذَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ تُجْبِرُ النَّقْصَ أَيْ تُسَاوِيهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْوَلَدِ أَقَلَّ مِنْ النَّقْصِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَرُدَّ مَعَ الْوَلَدِ مَا بَقِيَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ إلَخْ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ لَا يَرُدُّ الْبَائِعُ الزَّائِدَ بِخِلَافِ الصَّبْغِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الصَّبْغَ بِسَبَبِهِ بِخِلَافِهِ، وَالسِّمَنُ كَالْوَلَدِ فِيمَا ذُكِرَ (ص) إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ فَلَهُ أَخْذُ الْقَدِيمِ، وَرَدُّهُ، وَدَفْعُ الْحَادِثِ أَيْ أَنَّ مَحَلَّ التَّخْيِيرِ الْمَذْكُورِ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ الْبَائِعُ بِالْعَيْبِ الْحَادِثِ عِنْدَ الْمُشْتَرِي مِنْ غَيْرِ غُرْمٍ عَلَيْهِ أَوْ يَقِلَّ الْعَيْبُ جِدًّا بِحَيْثُ لَا يُؤَثِّرُ نَقْصًا فِي الثَّمَنِ كَمَا فِي الْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ فِي التَّمَاسُكِ، وَأَخْذِ الْأَرْشِ بَلْ إنَّمَا لَهُ التَّمَاسُكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ الرَّدُّ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

وَيَصِيرُ الْحَادِثُ كَالْعَدَمِ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ لَهُ التَّمَاسُكُ، وَأَخْذُ الْقَدِيمِ لِخَسَارَتِهِ لِأَجْلِ الْعَيْبِ الْحَادِثِ فَحَيْثُ أَسْقَطَ عَنْهُ الْبَائِعُ حُكْمَ الْعَيْبِ الْحَادِثِ زَالَ مَعْلُولُهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَوْلُهُ فَكَالْعَدِمِ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهُ بِالْحَادِثِ فَكَالْعَدِمِ أَوْ يَقِلَّ فَكَالْعَدِمِ ثُمَّ أَخَذَ فِي أَمْثِلَةِ الْعَيْبِ الْقَلِيلِ جِدًّا بِقَوْلِهِ (ص) كَوَعْكٍ، وَرَمَدٍ، وَصُدَاعٍ، وَذَهَابِ ظُفْرٍ، وَخَفِيفِ حُمَّى، وَوَطْءِ ثَيِّبٍ، وَقَطْعٍ مُعْتَادٍ (ش) الْوَعْكُ بِسُكُونِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ الْجَوْهَرِيُّ مَغْثُ الْحُمَّى، وَالْمَغْثُ ضَرْبٌ لَيْسَ بِالشَّدِيدِ، وَأَدْخَلَتْ الْكَافُ مَا لَوْ حَدَثَ عِنْدَهُ مُوضِحَةٌ أَوْ مُنَقِّلَةٌ أَوْ جَائِفَةٌ ثُمَّ بَرِئَتْ أَوْ شُرْبُ خَمْرٍ أَوْ إبَاقٌ، وَمِنْهَا الرَّمَدُ وَالصُّدَاعُ أَيْ وَجَعُ الرَّأْسِ، وَمِنْهَا ذَهَابُ الظُّفْرِ وَلَوْ فِي رَائِعَةٍ، وَأَمَّا ذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ فَعَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ فِي الرَّائِعَةِ فَقَطْ، وَذَهَابُ الْأُصْبُعِ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ مُطْلَقًا، وَمِنْهَا خَفِيفُ الْحُمَّى، وَهُوَ مَا لَا يَمْنَعُهُ التَّصَرُّفُ، وَمِنْهَا وَطْءُ الثَّيِّبِ، وَالْقَطْعُ الْمُعْتَادُ، وَهُوَ أَنْ تُقْطَعَ الشُّقَّةُ لِمَا تُرَادُ لَهُ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَبِعِبَارَةٍ وَهُوَ مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِفِعْلِ مِثْلِهِ فِي الْمَبِيعِ، وَغَيْرُ الْمُعْتَادِ مُقَابِلُهُ ثُمَّ إنْ فَسَّرَ الْمُعْتَادَ بِقَطْعِ الشُّقَّةِ نِصْفَيْنِ كَانَ مِنْ الْمُعْتَادِ مُطْلَقًا، وَإِنْ فَسَّرَ بِجَعْلِهَا قَمِيصًا أَوْ قَبَاءً فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَادِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُدَلِّسِ، وَهُوَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ بِالنِّسْبَةِ لِغَيْرِهِ، وَالْأَوْلَى حَمْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ لِأَنَّهُ الظَّاهِرُ مِنْ كَلَامِهِ فَمَنْ فَسَّرَهُ بِالثَّانِي، وَقَيَّدَ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ بِالْمُدَلِّسِ فَقَدْ حَمَلَهُ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِهِ بِلَا دَاعٍ لِذَلِكَ، وَأَمَّا جَعْلُهَا قِلَاعًا وَنَحْوَهَا فَهُوَ فَوْتٌ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْعَيْبَيْنِ الْمُتَوَسِّطِ وَالْخَفِيفِ شَرَعَ فِي الْمُفِيتِ فَقَالَ (ص) وَالْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مُفِيتٌ فَالْأَرْشُ (ش) أَيْ وَالتَّغَيُّرُ الْحَادِثُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي الْمُخْرِجُ عَنْ الْمَقْصُودِ مِنْ الْمَبِيعِ بِذَهَابِ الْمَنَافِعِ الْمَقْصُودَةِ مِنْهُ مُفِيتٌ لِلرَّدِّ سَوَاءٌ كَانَ الْبَائِعُ مُدَلِّسًا أَوْ غَيْرَ مُدَلِّسٍ فَالْوَاجِبُ التَّمَاسُكُ بِالْعَيْبِ الْقَدِيمِ، وَالْأَرْشُ وَاجِبٌ عَلَى الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي فَقَوْلُهُ وَالْمُخْرِجُ أَيْ وَالتَّغَيُّرُ الْمُخْرِجُ لِأَنَّ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ فِي التَّغَيُّرِ، وَتَقْدِيرُ الْمَوْصُوفِ بِالْعَيْبِ فَاسِدٌ لِأَنَّ كِبَرَ الصَّغِيرِ لَيْسَ عَيْبًا، وَقَوْلُهُ فَالْأَرْشُ أَيْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فِي غَيْرِهَا) أَيْ كَعَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ لَيْسَ بِعَيْبٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَحْدُثَ عَنْ ذَلِكَ عَيْبٌ مُتَوَسِّطٌ (قَوْلُهُ لَيْسَ بِمُفِيتٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ، وَالْمُنَاسِبُ لَيْسَ بِمَعِيبٍ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ) ، وَهُوَ الصَّحِيحُ وَمُقَابِلُهُ أَنَّ الْوَلَدَ يَجْبُرُ عَيْبَ النِّكَاحِ، وَإِنْ كَانَ أَنْقَصَ مِنْهُ، وَفَهِمَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ إذَا كَانَتْ إلَخْ) أَيْ إلَى حَدِّ قَوْلِهِ مَا بَقِيَ (قَوْلُهُ أَوْ يَقِلُّ) إنَّمَا كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِالْقَدِيمِ، وَلَوْ قَلَّ بِخِلَافِ الْحَادِثِ لِأَنَّ الْبَائِعَ قَدْ يَتَوَقَّعُ تَدْلِيسَهُ بِخِلَافِ الْمُشْتَرِي، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ وَالْقِيَاسُ التَّسْوِيَةُ قَالَهُ فِي شَرْحِ الشَّامِلِ (قَوْلُهُ الْمَغْثُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِهِ وَخَفِيفِ حُمَّى فَالْأَوْلَى أَنْ يُفَسَّرَ بِأَمْرَاضٍ يُعَارِضُ بَعْضُهَا بَعْضًا فَيَخِفُّ أَلَمُهَا كَمَا قَالَهُ الْبِسَاطِيُّ (قَوْلُهُ وَالْمَغْثُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْغَيْنِ (قَوْلُهُ لَيْسَ عَيْبًا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ عَيْبٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَنْ يُرَادُ مِنْهُ فَالصَّغِيرُ مِنْ الْآدَمِيِّ قَدْ يُرَادُ لِلدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ، وَهَكَذَا (قَوْلُهُ ثُمَّ بَرِئَتْ) وَلَوْ أَخَذَ لَهَا أَرْشًا، وَلَوْ بَرِئَتْ عَلَى شَيْنٍ، وَذَلِكَ لِأَنَّ شَيْنَهَا مِنْ الْعَيْبِ الْقَلِيلِ (قَوْلُهُ ذَهَابُ ظُفْرٍ) وَانْظُرْ هَلْ الْمُرَادُ الظُّفْرُ الْوَاحِدُ أَوْ وَلَوْ كَثُرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدٍ مُتَوَسِّطٌ فِي رَائِعَةٍ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَأَمَّا ذَهَابُ الْأُنْمُلَةِ) اُنْظُرْ الْأَكْثَرَ (قَوْلُهُ حَيْثُ كَانَتْ مِنْ الْحَرِيرِ) هَذَا يُخَالِفُ تَفْسِيرَهُ الْآتِي لِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَقَطْعِ غَيْرِ مُعْتَادٍ بِقَوْلِهِ كَتَفْصِيلِ شُقَّةِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ قَلَنْسُوَةً أَوْ الثَّوْبِ الصُّوفِ قَمِيصًا، وَالْأَوْلَى مَا يَأْتِي، وَهُوَ التَّعْمِيمُ فِي الْحَرِيرِ وَغَيْرِهِ كَمَا كَتَبَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ أَيْ وَالتَّغَيُّرُ إلَخْ) وَلَا يَأْتِي هُنَا، وَجُبِرَ بِهِ الْحَادِثُ الْمُتَقَدِّمُ فِي الْعَيْبِ الْمُتَوَسِّطِ كَمَا قَالَ عج وَقَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ يَأْتِي هُنَا إذَا جُبِرَ بِخِيَاطَةٍ وَنَحْوِهَا يَصِيرُ مُتَوَسِّطًا فَيَتَعَيَّنُ، وَلَا يُقَالُ صَارَ كَالْعَدَمِ فِي حَقِّ الْمُدَلِّسِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا فِي الْمُتَوَسِّطِ ابْتِدَاءً اُنْظُرْ ك (قَوْلُهُ سَوَاءٌ كَانَ إلَخْ) وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُدَلِّسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>