للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّرِيقَتَيْنِ، وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ بَيْعَ الِاسْتِئْمَانِ جَائِزٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ.

وَسَمَاعُ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَصِحُّ، وَيُفْسَخُ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ فَاتَ رَدَّ مِثْلَ الْمِثْلِيِّ، وَقِيمَةَ الْمُقَوَّمِ، وَلَمَّا كَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَى قِسْمَيْنِ عَامَّةٍ، وَهِيَ عُهْدَةُ الْإِسْلَامِ مِنْ دَرَكِ الْمَبِيعِ مِنْ عَيْبٍ، أَوْ اسْتِحْقَاقٍ وَهِيَ عَلَى مُتَوَلِّي الْعَقْدِ إلَّا الْوَكِيلَ فَلَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ فِي صُورَتَيْنِ، وَإِنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَهُمَا أَنْ يُصَرِّحَ بِالْوَكَالَةِ أَوْ يَعْلَمَ الْعَاقِدُ مَعَهُ أَنَّهُ وَكِيلٌ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ، وَأَمَّا هُوَ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَحَلَّ نَفْسَهُ مَحَلَّ الْبَائِعِ، وَكَذَا الْمُقَارَضُ وَالشَّرِيكُ الْمُفَوَّضُ فِي الشَّرِكَةِ، وَأَمَّا الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِمَا فِيمَا وَلِيَا بَيْعَهُ، وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ الْيَتَامَى فَإِنْ هَلَكَ مَالُ الْيَتَامَى ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْأَيْتَامِ، وَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى مَا يَبِيعُهُ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ لِلضَّرُورَةِ قَالَ وَإِنْ اتَّجَرَ الْوَصِيُّ لِلْيَتِيمِ اُتُّبِعَتْ ذِمَّتُهُ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ الَّذِي آخُذُ بِهِ فِي الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ أَنَّ عَلَيْهِمَا الْيَمِينَ، وَإِنْ ذَكَرَا أَنَّهُ لِغَيْرِهِمَا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذُو الْفَضْلِ مِنْهُمَا أَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ لَهُ اتِّبَاعًا وَاسْتِحْسَانًا لِقَوْلِ مَالِكٍ انْتَهَى.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ قِسْمَيْ الْعُهْدَةِ، وَهِيَ الْخَاصَّةُ عُهْدَةُ الرَّقِيقِ أَشَارَ إلَى حُكْمِهَا وَمَحَلِّهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَرُدَّ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ بِكُلِّ حَادِثٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ فِي الرَّقِيقِ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى بَائِعِهِ بِكُلِّ مَا حَدَثَ فِيهِ عِنْدَهُ فِي زَمَنِهَا حَتَّى الْمَوْتُ مَا عَدَا ذَهَابَ الْمَالِ فَمَنْ اشْتَرَى عَبْدًا وَاشْتَرَطَ مَالَهُ ثُمَّ ذَهَبَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ مَالِهِ، وَلَوْ تَلِفَ فِي الْعُهْدَةِ وَبَقِيَ مَالُهُ انْتَقَضَ بَيْعُهُ، وَلَيْسَ لِمُبْتَاعِهِ حَبْسُ مَالِهِ بِثَمَنِهِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَوْلُهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ مَالِهِ أَيْ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ، وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَالَ اشْتَرَطَهُ لِلْعَبْدِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَهُ لِنَفْسِهِ فَلَهُ رَدُّهُ بِذَهَابِهِ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ تَلِفَ فِي الْعُهْدَةِ إلَخْ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ مَالُهُ جُلَّ الصَّفْقَةِ أَيْ حَيْثُ اشْتَرَطَهُ لِلْعَبْدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهِ كَانَ غَيْرَ مَنْظُورٍ إلَيْهِ (ص) إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ

ــ

[حاشية العدوي]

لَا يَكُونُ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفٌ، وَجَعَلَ عب فِي عِبَارَتِهِ حَذْفًا، وَالتَّقْدِيرُ وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ وَيُخْبِرَهُ بِجَهْلِهِ أَوْ يَسْتَأْمِنَهُ أَوْ لَا رَدَّ مُطْلَقًا تَرَدُّدٌ، وَالْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ انْتَهَى، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا طُرُقٌ ثَلَاثٌ وَالْمُصَنِّفُ لَمْ يَذْكُرْ طَرِيقَةَ عَبْدِ الْوَهَّابِ، وَإِنَّمَا أَشَارَ لِطَرِيقَةِ الْمَازِرِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ، وَالْبَحْثُ يَكُونُ مَعَ الْمُصَنِّفِ مِنْ جِهَةِ مَا ذَكَرْنَا (قَوْلُهُ وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ إلَخْ) أَيْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الِاسْتِسْلَامَ هُوَ عَيْنُهُ فِي الْمَعْنَى فَيَجْرِي فِيهِ مَا جَرَى فِيهِ.

(تَتِمَّةٌ) كَلَامُ الْمُصَنِّفِ فِي غَيْرِ الْوَكِيلِ وَالْوَصِيِّ قَالَ عج تَتِمَّةٌ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْوَكِيلَ أَوْ الْوَصِيَّ إذَا بَاعَ كُلٌّ أَوْ اشْتَرَى بِغَبْنٍ لَا يُتَغَابَنُ بِمِثْلِهِ أَنَّ ذَلِكَ مَرْدُودٌ، وَيَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ عَلَى الْبَائِعِ إنْ فَاتَ بِمَا حَابَى بِهِ، وَالرُّجُوعُ عَلَى الْوَصِيِّ مَشْرُوطٌ بِتَعَذُّرِ الرُّجُوعِ عَلَى الْمُشْتَرِي أَيْ أَوْ عَلَى الْبَائِعِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ، وَيُسْتَفَادُ مِنْ هَذَا إذَا أَجَرَ النَّاظِرُ بِدُونِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِتَمَامِ أُجْرَةِ الْمِثْلِ أَمْ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ، وَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، وَكِرَاءُ وَكِيلٍ بِمُحَابَاةٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى النَّاظِرِ إذَا تَعَذَّرَ الرُّجُوعُ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ اُنْظُرْ عج (قَوْلُهُ وَهُوَ كَذَلِكَ عِنْدَ الْأَكْثَرِ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَقَوْلُهُ وَسَمَاعُ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ ضَعِيفٌ قَرَّرَهُ شَيْخُنَا سَلْمُونِيٌّ (قَوْلُهُ مِنْ عَيْبٍ) أَيْ قَدِيمٍ (قَوْلُهُ فَالْعُهْدَةُ عَلَيْهِ) أَيْ وَلَوْ صَرَّحَ بِالْوَكَالَةِ أَوْ عَلِمَ الْمُعَاقَدُ مَعَهُ أَنَّهُ وَكِيلُهُ (قَوْلُهُ الْمُقَارَضُ) بِفَتْحِ الرَّاءِ أَيْ عَامِلُ الْقِرَاضِ (قَوْلُهُ وَالْعُهْدَةُ فِي مَالِ الْيَتَامَى) أَيْ الَّذِينَ تَوَلَّى الْقَاضِي وَالْوَصِيُّ بَيْعَ أَمْتِعَتِهِمْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا يَبِيعُهُ) أَيْ الْوَصِيُّ، وَقَوْلُهُ قَالَ أَيْ اللَّخْمِيُّ وَإِنْ اتَّجَرَ الْوَصِيُّ جَعَلَ التَّفْصِيلَ فِي الْوَصِيِّ، وَتَرَكَ الْقَاضِيَ كَأَنَّهُ لِأَنَّهُ لَيْسَ شَأْنُهُ التِّجَارَةَ فَلَوْ وَقَعَ وَنَزَلَ، وَاتَّجَرَ الْقَاضِي لِلْيَتَامَى فَهَلْ كَالْوَصِيِّ أَوْ لَا، وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَحُرِّرَ، وَيَنْبَغِي اعْتِمَادُ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ (قَوْلُهُ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ إلَخْ) حَاصِلُ كَلَامِ ابْنِ الْمَوَّازِ أَنَّ الْوَصِيَّ وَالْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ لَا يُتْبَعَانِ، وَقَوْلُهُ أَنَّ عَلَيْهِمَا الْيَمِينَ أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا اُسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ أَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ يَحْلِفَانِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِمَا، وَلَا يُتَّبَعَانِ، وَإِنْ ذَكَرَا فِي وَقْتِ الْبَيْعِ أَنَّهُ لِغَيْرِهِمَا مَا لَمْ يَشْتَرِطْ ذُو الْفَضْلِ مِنْهُمَا أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ ظُهُورِ عَيْبٍ لَا يَحْلِفَانِ بَلْ يَنْتَفِي عَنْهُمَا الرُّجُوعُ بِدُونِ حَلِفٍ فَيُعْمَلُ بِذَلِكَ الشَّرْطِ، وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُهُ ضَعِيفٌ فِي مَسْأَلَةِ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ بِمَثَابَةِ الْبَائِعِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَى الْوَصِيِّ، وَهُوَ قَدْ حَكَمَ بِالْيَمِينِ، وَظَاهِرُهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْإِنْفَاقِ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ اتِّبَاعًا) أَيْ اتِّبَاعًا لِقَوْلِ مَالِكٍ، وَاسْتِحْسَانًا لَهُ ظَاهِرُهُ أَنَّ مَالِكًا، وَغَيْرَهُ اخْتَلَفَا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَهُوَ قَدْ رَجَّحَ قَوْلَ مَالِكٍ وَاسْتَحْسَنَهُ فِي الْيَمِينِ إلَّا عِنْدَ الشَّرْطِ.

(قَوْلُهُ حُكْمُهَا) أَيْ الرَّدِّ، وَقَوْلُهُ وَمَحَلُّهَا أَيْ الرَّقِيقِ، وَقَوْلُهُ وَرُدَّ أَيْ الرَّقِيقُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَمَنَعَ مِنْهُ بَيْعُ حَاكِمٍ (قَوْلُهُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ) الْعُهْدَةُ لُغَةً مَأْخُوذَةٌ مِنْ الْعَهْدِ، وَهُوَ الْإِلْزَامُ وَالِالْتِزَامُ، وَاصْطِلَاحًا تَعَلُّقُ الْمَبِيعِ بِضَمَانِ بَائِعِهِ مُدَّةً مُعَيَّنَةً، وَالْبَيْعُ فِيمَا هِيَ فِيهِ لَازِمٌ لَا خِيَارَ فِيهِ لَكِنْ إنْ سَلَّمَ فِي مُدَّةِ الْعُهْدَةِ عُلِمَ لُزُومُهُ الْمُتَبَايِعَيْنِ مَعًا، وَإِنْ أَصَابَهُ نَقْصٌ ثَبَتَ خِيَارُ الْمُبْتَاعِ كَعَيْبٍ قَدِيمٍ، وَيُلْغَى الْيَوْمُ الْأَوَّلُ وَإِنْ سُبِقَ بِالْفَجْرِ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ) بِدُونِ ضَمِيرٍ، وَأَصْلُهَا لعج، وَقَوْلُهُ وَهَذَا، وَمَا بَعْدَهُ أَيْ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ فِي مَالِهِ مَعَ مَا بَعْدَهُ أَيْ مَجْمُوعُهُمَا يُفِيدُ إلَخْ (قَوْلُهُ ظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ مَالُهُ جُلَّ الصَّفْقَةِ إلَخْ) مُفَادُهُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ لِنَفْسِهِ، وَكَانَ مَالُهُ جُلَّ الصَّفْقَةِ أَنْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ حَتْمًا، وَأَمَّا لَوْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَنْقُضُ بَلْ يَتَعَيَّنُ التَّمَسُّكُ بِالْبَاقِي، وَيَرْجِعُ بِمَا يَنُوبُ مَا تَلِفَ فَيَكُونُ بِمَثَابَةِ الْعَيْبِ الْقَدِيمِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ عَلَى عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَقَدْ كَانَ قَدْ تَبَرَّأَ لَهُ مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ قَدِيمٍ كَالْإِبَاقِ فَإِنَّهُ إذَا حَدَثَ مِثْلُهُ أَيْ إبَاقٌ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ فَلَا رَدَّ بِهِ ثُمَّ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ إذَا اُشْتُرِطَتْ أَوْ اُعْتِيدَتْ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الْمُصَنِّفُ.

وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ النَّاسَ عَلَيْهَا، وَخَصَّ الشَّمْسُ اللَّقَانِيِّ قَوْلَهُ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ بِالْمُعْتَادَةِ فَقَطْ أَمَّا الْبَيْعُ بِالْبَرَاءَةِ فِي الْمُشْتَرَطَةِ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>