للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ش) الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلٌ أَيْ إلَّا أَنْ يَبِيعَ بِبَرَاءَةٍ مِنْ عَيْبٍ مُعَيَّنٍ فَلَا رَدَّ لَهُ إذَا حَدَثَ مِثْلُهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِيمَا عَدَاهُ كَمَا إذَا تَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ الْإِبَاقِ فَأَبِقَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ هَلَاكُهُ فِي زَمَنِهَا فَلَا رَدَّ لَهُ بِالْإِبَاقِ لِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهُ فَتَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ فَقَطْ.

أَمَّا إنْ تَحَقَّقَ الْهَلَاكُ فِي زَمَنِهَا فَضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ إنَّمَا تَبَرَّأَ إلَيْهِ مِنْ الْإِبَاقِ فَقَطْ لَا مِنْهُ، وَمِمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَوْ مِنْ السَّرِقَةِ فَسَرَقَ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ وَلَمْ يَقْطَعْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ قَطَعَ ضَمِنَ، وَالْعِلَّةُ مَا مَرَّ (ص) وَدَخَلَتْ فِي الِاسْتِبْرَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى عُهْدَةِ الثَّلَاثِ وَاجْتَمَعَ مَعَ ذَلِكَ مُوَاضَعَةٌ فَإِنَّ الْعُهْدَةَ تَدْخُلُ فِيهَا بِمَعْنَى أَنَّ الزَّمَانَ مَحْسُوبٌ لَهُمَا فَتَنْتَظِرُ أَقْصَاهُمَا فَإِنْ رَأَتْ الدَّمَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ انْتَظَرَتْ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَتَدَاخَلَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْ الثَّلَاثَةِ انْتَظَرَتْهُ، وَلَا تَدْخُلُ عُهْدَةُ الثَّلَاثِ فِي الْخِيَارِ بَلْ ابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ انْبِرَامِ الْعَقْدِ فِي الْخِيَارِ أَيْ وَقْتِ إمْضَائِهِ، وَلَا تَدْخُلُ أَيْضًا فِي السَّنَةِ بَلْ تُؤْتَنَفُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَبَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا الْمُرَادُ بِالِاسْتِبْرَاءِ هُنَا الْمُوَاضَعَةُ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِيمَا إذَا كَانَ الضَّمَانُ مِنْ الْبَائِعِ، وَالِاسْتِبْرَاءُ الضَّمَانُ فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي (ص) وَالنَّفَقَةُ وَالْأَرْشُ كَالْمَوْهُوبِ لَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ أَيْ مَا يُوَارِي عَوْرَتَهُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ أَوْ فِي زَمَنِ الْمُوَاضَعَةِ وَالْخِيَارِ عَلَى الْبَائِعِ لِأَنَّ الضَّمَانَ مِنْهُ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الضَّمَانُ لَهُ النَّمَاءُ.

وَكَذَلِكَ إذَا جَنَى شَخْصٌ عَلَى الْمَبِيعِ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ أَوْ فِي الْمُوَاضَعَةِ فَإِنَّ أَرْشَ الْجِنَايَةِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْغُرْمُ لَهُ الْغُنْمُ، وَكَذَلِكَ مَا وُهِبَ لِلْعَبْدِ فِي أَيَّامِ الْعُهْدَةِ أَوْ لِلْأَمَةِ فِي زَمَنِ مُوَاضَعَتِهَا فَهُوَ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي اسْتَثْنَى مَالَ الرَّقِيقِ فَإِنَّ مَا وُهِبَ لَهُ فِي أَيَّامِ الْعُهْدَةِ أَوْ فِي أَيَّامِ الْمُوَاضَعَةِ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ (ش) فَإِنَّ الِاسْتِثْنَاءَ رَاجِعٌ لِمَا بَعْدَ الْكَافِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ، وَعَلَيْهِ فَالْأَرْشُ لِلْبَائِعِ، وَلَوْ اسْتَثْنَى الْمُشْتَرِي مَالَهُ ق، وَبِعِبَارَةٍ وَالْمُرَادُ بِالْكِسْوَةِ الْمُعْتَادَةُ فِي زَمَنِ الْعُهْدَةِ أَيْ مَا يَقِيهِ مِنْ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ لَا مَا يَسْتُرُ بِهِ عَوْرَتَهُ خِلَافًا لتت، وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْبَائِعِ، وَالْجَارُّ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ خَبَرِ الْمُبْتَدَأِ لَكِنْ اللَّامُ فِي لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ بِمَعْنَى عَلَى، وَبِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْشِ لِلْمِلْكِ أَيْ، وَالنَّفْعَةُ عَلَى الْبَائِعِ وَالْأَرْشُ لَهُ.

(ص) وَفِي عُهْدَةِ السَّنَةِ بِجُذَامٍ وَبَرَصٍ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثِ يُرَدُّ الرَّقِيقُ فِيهَا بِكُلِّ حَادِثٍ كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الْبَيْعُ فِي الرَّقِيقِ عَلَى عُهْدَةِ السَّنَةِ فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ فِيهَا إلَّا بِأَحَدِ هَذِهِ الْأَدْوَاءِ الثَّلَاثَةِ الْجُذَامِ وَالْبَرَصِ وَالْجُنُونِ، وَلَا يُرَدُّ بِغَيْرِهَا فَلَوْ أَصَابَ الرَّقِيقَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ ثُمَّ ذَهَبَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا لَمْ يُرَدَّ إلَّا أَنْ تَقُولَ أَهْلُ الْمَعْرِفَةِ بِعَوْدَتِهِ، وَلَيْسَ لَهُ الرَّدُّ بِحُدُوثِ بَهَقٍ أَوْ حُمْرَةٍ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) وَجُنُونٍ لَا بِكَضَرْبَةٍ (ش) إلَى أَنَّ الْجُنُونَ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ الرَّقِيقُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ هُوَ مَا كَانَ مِنْ طَبْعِ الرَّقِيقِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْمَحْمُولِ عَلَيْهَا مِنْ السُّلْطَانِ فَيُرَدُّ مَعَهَا بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ الَّذِي بِيعَ بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ تُرَدُّ بِالْقَدِيمِ وَالْحَادِثِ إنْ لَمْ يَبِعْ الْبَائِعُ بِبَرَاءَةٍ مِنْ قَدِيمٍ، وَإِلَّا سَقَطَ حُكْمُهَا مُطْلَقًا إنْ جَرَى بِالْبَيْعِ بِهَا عُرْفٌ فَإِنْ اشْتَرَطَ الْبَيْعَ بِهَا أَوْ حَمَلَ السُّلْطَانُ عَلَيْهِ رُدَّ بِالْحَادِثِ دُونَ الْقَدِيمِ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّمْسِ لَا عَلَى مَا يَأْتِي لِلْمُصَنِّفِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا فِي عب، وَيُفْهَمُ مِنْ عج أَنَّ كَلَامَ الشَّمْسِ هُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ بِمَعْنَى أَنَّ الزَّمَانَ مَحْسُوبٌ لَهُمَا) وَكَذَا يَدْخُلُ الِاسْتِبْرَاءُ فِي عُهْدَةِ السَّنَةِ (قَوْلُهُ وَتَدَاخَلَا فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ) ، بَلْ وَتَدَاخَلَا فِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ (قَوْلُهُ بَلْ تُؤْتَنَفُ عُهْدَةُ السَّنَةِ بَعْدَ الثَّلَاثِ وَبَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ) أَيْ وَبَعْدَ الْخِيَارِ.

(قَوْلُهُ وَالِاسْتِبْرَاءُ الضَّمَانُ فِيهِ مِنْ الْمُشْتَرِي) فَإِذَا كَانَ هُنَاكَ عُهْدَةٌ فَتَسْتَقِلُّ بِنَفْسِهَا، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَقَائِقَ خَمْسَةٌ عُهْدَةُ ثَلَاثٍ، وَعُهْدَةُ سَنَةٍ، وَخِيَارُ مُوَاضَعَةٍ، وَاسْتِبْرَاءٌ، فَعُهْدَةُ السَّنَةِ تَكُونُ بَعْدَ الْخُرُوجِ مِمَّا ذُكِرَ إلَّا الِاسْتِبْرَاءَ الْمُجَرَّدَ فَإِنَّهُ يَدْخُلُ فِيهَا لِأَنَّ الضَّمَانَ فِيهِمَا مِنْ الْمُشْتَرِي فَإِذَا مَضَتْ السَّنَةُ، وَلَمْ يَأْتِ مَا تَسْتَبْرِئُ بِهِ فَإِنَّهَا لَا تُرَدُّ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ مِمَّا يُوجِبُ الرَّدَّ فِي السَّنَةِ، وَعُهْدَةُ الثَّلَاثِ تَكُونُ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ لِأَنَّهَا إنَّمَا تَكُونُ بَعْدَ انْبِرَامِ الْعَقْدِ، وَتَدْخُلُ مَعَ الْمُوَاضَعَةِ، وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ الْمُجَرَّدُ فَإِنْ حَصَلَ فِيهَا أَيْ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ اُعْتُبِرَ وَإِنْ تَأَخَّرَ عَنْهَا فَإِنَّهَا لَا تَبْقَى فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَى وُجُودِهِ بَلْ بِانْقِضَاءِ الْعُهْدَةِ تَدْخُلُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الْخِيَارُ فَتَدْخُلُ فِيهِ الْمُوَاضَعَةُ عَلَى نَحْوِ مَا مَرَّ فِي دُخُولِهَا مَعَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ، وَأَمَّا الِاسْتِبْرَاءُ الْمُجَرَّدُ مَعَ الْخِيَارِ فَهُوَ كَالِاسْتِبْرَاءِ الْمُجَرَّدِ مَعَ الْعُهْدَةِ، وَأَمَّا الْمُوَاضَعَةُ، وَالِاسْتِبْرَاءُ الْمُجَرَّدُ فَلَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمَا فَعُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُوَاضَعَةَ مَعَ عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ مَعَ الْخِيَارِ يَتَدَاخَلَانِ، وَأَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ الْمُجَرَّدَ يَدْخُلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِمَّا عَدَاهُ، وَيُنْتَظَرُ مَجِيئُهُ بَعْدَ انْقِضَاءِ مَا عَدَاهُ (قَوْلُهُ وَالْقَاعِدَةُ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَنْ لَهُ النَّمَاءُ عَلَيْهِ الضَّمَانُ أَيْ ضَمَانُ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُشْتَرِي إلَخْ) عِبَارَةُ عب إلَّا الْمُسْتَثْنَى مَالُهُ لِلْمُشْتَرِي أَوْ لِلْعَبْدِ فَمَا يُوهَبُ لَهُ زَمَنَهَا، وَزَمَنَ الْمُوَاضَعَةِ لِلْمُشْتَرِي، وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَعَلَى الْبَائِعِ مُطْلَقًا، وَلَهُ الْغَلَّةُ زَمَنَهَا مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِلْبَائِعِ) أَيْ وَيَكُونُ نَائِبُ فَاعِلِ الْمَوْهُوبِ ضَمِيرًا مُسْتَتِرًا، وَهُوَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، وَيَجُوزُ كَوْنُ لَهُ نَائِبَ الْفَاعِلِ وَالْخَبَرُ مَحْذُوفٌ مِثْلُ الْمَوْجُودِ انْتَهَى مِنْ عب أَيْ إذَا جُعِلَ نَائِبُ الْفَاعِلِ لَهُ يَكُونُ خَبَرُ النَّفَقَةِ مَحْذُوفًا تَقْدِيرُهُ لَهُ مِثْلُ الْمَذْكُورِ ثُمَّ لَا يَخْفَى مَا فِي كَلَامِ عب لِأَنَّ نَائِبَ فَاعِلِ الْمَوْهُوبِ ضَمِيرٌ فَلَيْسَ مِنْ بَابِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ، وَالتَّقْدِيرُ كَالْمَالِ الْمَوْهُوبِ (قَوْلُهُ لَكِنْ اللَّامُ فِي لَهُ بِالنِّسْبَةِ لِلنَّفَقَةِ بِمَعْنَى عَلَى إلَخْ) أَيْ فَاللَّامُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي حَقِيقَتِهَا وَمَجَازِهَا، وَالْأَحْسَنُ جَعْلُهَا لِلِاخْتِصَاصِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ أَصَابَ الرَّقِيقَ ذَلِكَ فِي السَّنَةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>