وَلَمْ يَقْبِضْهُ أَوْ قَبَضَهُ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ فَإِنْ غَابَ عَلَيْهِ غَيْبَةً يُمْكِنُهُ فِيهَا الِامْتِنَاعُ لَمْ تَجُزْ الْإِقَالَةُ مِنْ الْبَعْضِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالطَّعَامُ، وَغَيْرُهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ لِأَنَّهُ قَدْ يَدْخُلُهُ بَيْعُ فِضَّةٍ نَقْدًا بِفِضَّةٍ وَعَرْضٍ إلَى أَجَلٍ وَبَيْعٌ وَسَلَفٌ مَعَ مَا فِي الطَّعَامِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْإِقَالَةِ إذَا وَقَعَتْ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ عَلَى الثَّمَنِ، وَإِلَّا فَتُمْنَعُ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ بَيْعٌ (ص) وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ شَيْئِك لَا بَدَنُهُ كَسِمَنِ دَابَّةٍ وَهُزَالِهَا بِخِلَافِ الْأَمَةِ (ش) الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ مَا دَفَعْته ثَمَنًا لِلطَّعَامِ الْمُسْلَمِ فِيهِ فَإِذَا أَسْلَمْته الدَّابَّةَ مَثَلًا فِي طَعَامٍ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَك أَنْ تَقْبَلَ مِنْهُ قَبْلَ قَبْضِهِ.
وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ تِلْكَ الدَّابَّةِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نُقْصَانٍ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَيْنِ الْمَدْفُوعِ ثَمَنًا، وَهُوَ بَاقٍ، وَأَمَّا إنْ تَغَيَّرَتْ الدَّابَّةُ فِي بَدَنِهَا كَمَا إذَا كَبِرَ الصَّغِيرُ أَوْ هُزِلَ الْكَبِيرُ أَوْ سَمِنَ أَوْ قُلِعَتْ عَيْنُهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفِيتُ الْإِقَالَةَ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بَعْدَ قَبْضِ الطَّعَامِ لِأَنَّ الْإِقَالَةَ حِينَئِذٍ تَصِيرُ بَيْعًا مُؤْتَنَفًا بِخِلَافِ لَوْ تَغَيَّرَتْ الْأَمَةُ الْمَدْفُوعَةُ ثَمَنًا فِي بَدَنِهَا بِسِمَنٍ أَوْ هُزَالٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُفِيتُ الْإِقَالَةَ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ مِنْهَا اللَّحْمُ، وَقَوْلُنَا بِسِمَنٍ أَوْ هُزَالٍ مِثْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ تَغَيَّرَتْ بِعَوَرٍ أَوْ قَطْعِ عُضْوٍ لَكَانَ ذَلِكَ مُفِيتًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ ثَمَنِك إلَى شَيْئِك لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالثَّمَنِ الْعَيْنُ أَيْ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ إذْ هِيَ الْغَالِبُ فِيهِ أَيْ وَإِنْ تَغَيَّرَ سُوقُ شَيْئِك كَانَ عَرْضًا أَوْ عَيْنًا.
(ص) وَمِثْلُ مِثْلَيْك (ش) أَيْ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك بَائِعَك مِثْلَ ثَمَنِك الْمِثْلِيِّ الَّذِي دَفَعْته إلَيْهِ ثَمَنًا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قَبْضِ الطَّعَامِ فَهُوَ عَطْفٌ عَلَى بَدَنِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الثَّمَنُ نَقْدًا ذَهَبًا أَوْ فِضَّةً فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي مِثْلَ دَرَاهِمِهِ، وَلَوْ كَانَتْ قَائِمَةً بِيَدِهِ سَوَاءٌ اشْتَرَطَ اسْتِرْجَاعَهَا بِعَيْنِهَا أَمْ لَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (ص) إلَّا الْعَيْنَ، وَلَهُ دَفْعُ مِثْلِهَا، وَإِنْ كَانَتْ بِيَدِهِ (ش) لِأَنَّهُ لَمَّا قَبَضَهَا، وَصَارَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَإِذَا أَعْطَاك مِثْلَهَا لَمْ يَظْلِمْك، وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ الْبَائِعُ مِنْ ذَوِي الشُّبُهَاتِ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ تَتَعَيَّنُ فِي حَقِّهِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخِطَابَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا أَنَّ الْخِطَابَ فِيمَا قَبْلَهُ كَذَلِكَ فَالضَّمِيرُ الْمَذْكُورُ فِي قَوْلِهِ وَلَهُ دَفْعُ مِثْلِهَا لِلْبَائِعِ، وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ وَمِثْلُ مِثْلَيْك فِي الثَّمَنِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنْ نَصِّهَا، وَشَرَحَ بِهِ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ غَيْرُ ظَاهِرٍ لِأَنَّ كَلَامَهَا فِي الْمُثَمَّنِ فَهُوَ فَرْعٌ آخَرُ (ص) وَالْإِقَالَةُ بَيْعٌ إلَّا فِي الطَّعَامِ وَالشُّفْعَةِ وَالْمُرَابَحَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِقَالَةَ بَيْعٌ يُشْتَرَطُ فِيهَا مَا يُشْتَرَطُ فِيهِ، وَيَمْنَعُهَا مَا يَمْنَعُهُ إلَّا فِي مَسَائِلَ، الْأُولَى فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَلَيْسَ لَهَا حُكْمُ الْبَيْعِ بَلْ هِيَ فِيهِ حِلُّ بَيْعٍ فَلِذَا جَازَ لِمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا مِنْ آخَرَ أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُ بَائِعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ، الثَّانِيَةُ فِي الشُّفْعَةِ فَلَيْسَتْ فِيهَا بَيْعًا وَلَا حِلَّ بَيْعٍ بَلْ هِيَ بَاطِلَةٌ فَمَنْ بَاعَ شِقْصًا ثُمَّ أَقَالَ
ــ
[حاشية العدوي]
لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْأَطْعِمَةَ لَا تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا (قَوْلُهُ وَلَمْ يَقْبِضْهُ) أَيْ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَلَمْ تَجُزْ الْإِقَالَةُ) وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ أَحْضَرَ الْمِثْلَ عِنْدَ الْإِقَالَةِ (قَوْلُهُ وَالطَّعَامُ وَغَيْرُهُ) أَيْ أَنَّ الْمُسْلَمَ فِيهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ طَعَامًا أَوْ غَيْرَهُ كَمَا مَثَّلْنَا قَرِيبًا (قَوْلُهُ بَيْعُ فِضَّةٍ نَقْدًا) أَيْ وَهُوَ رَأْسُ الْمَالِ الَّذِي دَفَعَهُ أَوْ لَا (قَوْلُهُ بِفِضَّةٍ) أَيْ وَهِيَ مُقَابِلُ الْبَعْضِ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ، وَقَوْلُهُ وَبَيْعٌ وَسَلَفُ الْبَيْعِ هُوَ مَا كَانَ فِي الْبَعْضِ الَّذِي لَمْ تَقَعْ الْإِقَالَةُ فِيهِ وَالسَّلَفُ هُوَ مَا كَانَ فِي الْبَعْضِ الَّذِي وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ (قَوْلُهُ مَعَ مَا فِي الطَّعَامِ مِنْ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ طَعَامًا وَوَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِي الْبَعْضِ فَيَلْزَمُهُ أَنَّ الْمُسْلَمَ بَاعَ الطَّعَامَ قَبْلَ قَبْضِهِ بِالنِّسْبَةِ لِمَا وَقَعَتْ الْإِقَالَةُ فِيهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ هَذَا لَا يَظْهَرُ لِأَنَّهَا فِي الطَّعَامِ حَلَّ بَيْعٌ، وَالْجَوَابُ أَنَّ مَحَلَّ كَوْنِهَا حَلًّا فِيمَا ثَبَتَ الْحُكْمُ بِالْجَوَازِ فِيهِ، وَأَمَّا مَا عَدَاهُ فَهُوَ عَلَى الْأَصْلِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ لَا يُرَادُ مِنْهَا اللَّحْمُ) وَالْعَبْدُ مِثْلُ الْأَمَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَظْهَرُ أَنَّ مَا يُرَادُ مِنْ الرَّقِيقِ لِلْخِدْمَةِ كَالدَّابَّةِ (قَوْلُهُ أَنَّ الْأَمَةَ لَوْ تَغَيَّرَتْ إلَخْ) وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهَا لَوْ تَغَيَّرَتْ بِزِيَادَةٍ غَيْرِ السِّمَنِ كَالْوِلَادَةِ لَفَاتَتْ الْإِقَالَةُ بِذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ.
(قَوْلُهُ وَمِثْلُ مِثْلَيْك) أَيْ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِ مِثْلَيْك أَيْ كَأَنْ يَدْفَعَ لَك قِنْطَارًا مِنْ الْكَتَّانِ بَدَلَ قِنْطَارِك الَّذِي دَفَعْته لَهُ مِنْ الْكَتَّانِ فِي مُقَابَلَةِ إرْدَبٍّ مِنْ الْقَمْحِ (قَوْلُهُ عَلَى أَنْ يَرُدّ عَلَيْك بَائِعُك) فِي شب الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ السَّلَمِ وَالْبَيْعِ، وَفِي عب خِلَافُهُ لِأَنَّهُ قَالَ وَكَذَا طَعَامُ غَيْرِ السَّلَمِ تَجُوزُ الْإِقَالَةُ فِيهِ عَلَى مِثْلِ الْمِثْلِيِّ، وَقَوْلُهُ مِنْ الطَّعَامِ، وَأَمَّا لَوْ أَسْلَمَ الْمِثْلِيَّ فِي غَيْرِ الطَّعَامِ فَيَجُوزُ التَّقَايُلُ عَلَى مِثْلِهِ (قَوْلُهُ عَطْفٌ عَلَى بَدَنِهِ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ لَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِ مِثْلَيْك (قَوْلُهُ وَمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ) وَنَصُّهُ قَوْلُهُ وَمِثْلُ مِثْلَيْك أَيْ فَلَا تَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَيْك إلَّا إذَا فَاتَ الْمَبِيعُ لَا رَأْسُ الْمَالِ بِيَدِهِ فَتَجُوزُ الْإِقَالَةُ عَلَى مِثْلِهِ، وَيَصِيرُ كَأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ السَّلَمِ، الثَّانِي، وَكُلُّ مَا ابْتَعْته مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ فَقَبَضْته فَأَتْلَفْته فَجَائِزٌ أَنْ تُقِيلَ مِنْهُ وَتَرُدَّ مِثْلَهُ بَعْدَ عِلْمِ الْبَائِعِ بِهَلَاكِهِ، وَبَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْمِثْلُ حَاضِرًا وَتَدْفَعَهُ إلَيْهِ بِمَوْضِعِ قَبْضِهِ مِنْهُ اهـ.
(قَوْلُهُ إلَّا فِي الطَّعَامِ) وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِهَا فِيهِ أَنْ تَقَعَ بِلَفْظِ الْإِقَالَةِ فَإِنْ كَانَتْ بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَلَا، وَأَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ فِي الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ اُنْظُرْ شب (قَوْلُهُ وَيَمْنَعُهَا مَا يَمْنَعُهُ) فَإِذَا وَقَعَتْ وَقْتَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ فُسِخَتْ، وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ فِي فَصْلِ الْجُمُعَةِ حَتَّى فِي الْمُسْتَثْنَيَاتِ الثَّلَاثَةِ، وَلَوْ حَدَثَ بِالْمَبِيعِ عَيْبٌ وَقْتَ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي، وَلَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْبَائِعُ إلَّا بَعْدَ الْإِقَالَةِ فَلَهُ الرَّدُّ بِهِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يُقِيلَ مِنْهُ بَائِعَهُ) أَيْ إنْ وَقَعَتْ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَإِنْ وَقَعَتْ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ مِنْهُ فَبَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ.
(قَوْلُهُ بَلْ هِيَ بَاطِلَةٌ) وَذَلِكَ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ بَيْعًا لَكَانَ لَهُ الْأَخْذُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ أَوْ الثَّانِي، وَيَكْتُبُ عُهْدَتَهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ بِبَيْعِهِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ بِالْبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَلَوْ كَانَتْ حَلَّ بَيْعٍ لَمْ تَثْبُتْ شُفْعَةٌ، وَفِي عج أَنَّهَا لَيْسَتْ بَيْعًا عَلَى الْإِطْلَاقِ وَلَا حَلًّا عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ هِيَ بَيْعٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute