مُشْتَرِيهِ مِنْهُ لَا يُعْتَدُّ بِهَا، وَالشُّفْعَةُ ثَابِتَةٌ، وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي، الثَّالِثَةُ فِي الْمُرَابَحَةِ فَالْإِقَالَةُ فِيهَا حِلُّ بَيْعٍ فَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ ثُمَّ أَقَالَ مِنْهَا لَمْ يَبِعْهَا ثَانِيًا إلَّا عَلَى عَشَرَةٍ.
وَإِنْ بَاعَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ بَيَّنَ ابْنُ عَرَفَةَ الْإِقَالَةَ فِي الْمُرَابَحَةِ بَيْعٌ، وَإِنَّمَا وَجَبَ التَّبْيِينُ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ يَكْرَهُ ذَلِكَ اهـ. ثُمَّ عَطَفَ بَقِيَّةَ الرُّخْصِ الَّتِي سَبِيلُهَا الْمَعْرُوفُ عَلَى الرُّخْصَةِ الْأُولَى مِنْ قَوْلِهِ وَإِقَالَةٌ بِقَوْلِهِ (ص) وَتَوْلِيَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ التَّوْلِيَةَ تَجُوزُ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَالْإِقَالَةِ فِيهِ، ابْنُ عَرَفَةَ هِيَ تَصْيِيرُ مُشْتَرٍ مَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِ بَائِعِهِ بِثَمَنِهِ، وَهِيَ فِي الطَّعَامِ غَيْرُ جُزَافٍ قَبْلَ كَيْلِهِ رُخْصَةٌ، وَشَرْطُهَا كَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا (ص) وَشَرِكَةٌ (ش) أَيْ وَجَازَ شَرِكَةٌ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَهِيَ هُنَا جَعْلُ مُشْتَرٍ قَدْرَ الْغَيْرِ بَائِعَهُ بِاخْتِيَارِهِ مِمَّا اشْتَرَاهُ لِنَفْسِهِ بِمَنَابِهِ مِنْ ثَمَنِهِ فَقَوْلُهُ هُنَا اُحْتُرِزَ بِهِ مِنْ الشَّرِكَةِ الْمُتَرْجَمِ عَنْهَا بِكِتَابِ الشَّرِكَةِ، وَالْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هُنَا إلَى فَصْلِ الْإِقَالَةِ وَالتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ الْمَذْكُورَةِ مَعَهُمَا، وَقَوْلُهُ قَدْرًا أَخْرَجَ بِهِ التَّوْلِيَةَ فَإِنَّهَا فِي جَمِيعِ الْمُشْتَرَى، وَقَوْلُهُ بِاخْتِيَارِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ شِقْصٍ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ مِنْ يَدِهِ، وَأَخَذَ الشَّفِيعُ فَإِنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ جَعْلُ الْمُشْتَرِي قَدْرًا لِغَيْرِهِ لَكِنَّهُ بِغَيْرِ اخْتِيَارِهِ، وَقَوْلُهُ لِنَفْسِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَاهُ لِغَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ فَإِنَّهُ لَا يَفْعَلُ ذَلِكَ إلَّا بِنَصٍّ، وَقَوْلُهُ بِمَنَابِهِ مِنْ ثَمَنِهِ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى سِلْعَةً بِدِينَارٍ ثُمَّ جَعَلَ لِأَجْنَبِيٍّ فِيهَا الرُّبْعَ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ شَرِكَةٌ هُنَا.
وَوَجْهُ الْمَشْهُورِ فِي جَوَازِ الْإِقَالَةِ وَالشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ فِي الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَنَّهَا أَشْبَهَتْ الْقَرْضَ، وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيْرُهُ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْ شَرِكَةٍ وَتَوْلِيَةٍ وَإِقَالَةٍ» ، وَالْأَحْسَنُ أَنَّ قَوْلَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْك) رَاجِعٌ لِلتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ مَعًا أَيْ وَمَحَلُّ الْجَوَازِ فِيهِمَا إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطٍ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ أَنْ يَنْقُدَ الْمَوْلَى أَوْ الْمُشْرِكُ عَنْك جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ حِصَّتَك مِنْ الثَّمَنِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ مِنْهُ لَك أَمَّا رُجُوعُهُ لِلشَّرِكَةِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا رُجُوعُهُ لِلتَّوْلِيَةِ فَلِأَنَّ الْبَائِعَ الْأَوَّلَ قَدْ يَشْتَرِطُ عَلَى الْمُشْتَرِي أَنْ يَنْقُدَهُ الثَّمَنَ فَيُفْلِسَ الْمُشْتَرِي أَوْ بِعَدَمٍ فَيُشْتَرَطُ عَلَى الْمَوْلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْهُ الثَّمَنَ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ لِلشَّرْطِ فِي التَّوْلِيَةِ فَائِدَةً، وَيُشْتَرَطُ فِي إقَالَةِ الطَّعَامِ أَنْ يَكُونَ فِي الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ، وَهَذَا كُلُّهُ مَا لَمْ يَكُنْ الطَّعَامُ الْمَقَالُ مِنْهُ بِغَيْرِ الْبَلَدِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهِ الْإِقَالَةُ، وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي (ص) وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا فِيهِمَا (ش) أَشَارَ إلَى قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ فِي التَّوْلِيَةِ، وَشَرْطُهَا كَوْنُ الثَّمَنِ عَيْنًا، وَحُكْمُ الشَّرِكَةِ كَذَلِكَ، وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا أَيْ عَقْدُ الْمُولِي وَالْمُشْرِكِ بِالْكَسْرِ وَالْمَوْلَى وَالْمُشْرَكُ بِالْفَتْحِ فِيهِمَا أَيْ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَحُكْمُ الْإِقَالَةِ فِي هَذَا حُكْمُهُمَا قَدْرًا، وَأَجَلًا، وَحُلُولًا، وَرَهْنًا، وَحَمِيلًا
ــ
[حاشية العدوي]
فِي الْجُمْلَةِ فَكَانَتْ بَيْعًا فِي الْجُمْلَةِ لِثُبُوتِ الشُّفْعَةِ، وَكَانَتْ حَلَّ بَيْعٍ فِي الْجُمْلَةِ لِكَوْنِ الْعُهْدَةِ فِيهَا عَلَى الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ فَقَطْ (قَوْلُهُ وَعُهْدَةُ الشَّفِيعِ عَلَى الْمُشْتَرِي) أَيْ فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ، وَيَكْتُبُ الْوَثِيقَةَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ الْبَائِعُ لَهُ حِينَئِذٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ قَدْ يَكْرَهُ ذَلِكَ) فَلَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً إلَّا مَعَ الْبَيَانِ، وَلَوْ عَلَى الْبَيْعِ بِعَشَرَةٍ إلَّا أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْبَيَانُ إذَا بَاعَ عَلَى الْعَشَرَةِ لِاحْتِمَالِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ مِنْ كَثْرَةِ الثَّمَنِ (قَوْلُهُ إلَى فَصْلِ الْإِقَالَةِ إلَخْ) أَيْ مَسَائِلِ الْإِقَالَةِ وَالشَّرِكَةِ إلَخْ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَبَّرَ عَنْهَا بِفَصْلٍ (قَوْلُهُ نِصْفُ شِقْصٍ) أَيْ اشْتَرَى نِصْفَ حِصَّةِ زَيْدٍ فِي دَارٍ كَالرُّبُعِ مَثَلًا، وَقَوْلُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ أَيْ نِصْفُ ذَلِكَ النِّصْفِ، وَهُوَ الثُّمْنُ، وَقَوْلُهُ وَأَخَذَ الشَّفِيعُ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّفِيعَ عَلَى هَذَا التَّصْوِيرِ صَاحِبُ النِّصْفِ الثَّانِي وَالْمُسْتَحِقُّ فَلَا يَبْقَى بِيَدِ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ فَلَا يُقَالُ جَعَلَ الْمُشْتَرِي قَدْرًا لِغَيْرِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ تَجْعَلَ الْوَاوَ بِمَعْنَى أَوْ أَيْ ثُمَّ اسْتَحَقَّ أَوْ أَخَذَ الشَّفِيعُ فَيَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ لِلِاسْتِحْقَاقِ أَنَّهُ جَعَلَ قَدْرًا لِغَيْرِهِ عَلَى نَوْعٍ مِنْ التَّسَمُّحِ، وَلَا يَصِحُّ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّفِيعِ، وَهُوَ صَاحِبُ الْحِصَّةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ جَمِيعَ الْمَبِيعِ بِالشُّفْعَةِ ثُمَّ إنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ قَوْلَهُ أَخْرَجَ بِهِ مَا إذَا اشْتَرَى الْمُشْتَرِي نِصْفَ شِقْصٍ إلَخْ لَا يَظْهَرُ ذِكْرُهُ هُنَا لِأَنَّهُ قَالَ فِي صَدْرِ التَّعْرِيفِ، وَهِيَ هُنَا إلَخْ (قَوْلُهُ وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنَّهَا أَشْبَهَتْ الْقَرْضَ لَكِنْ الْوَجْهُ بِاعْتِبَارِهِ بِمَعْنَى الدَّلِيلِ.
(قَوْلُهُ رَاجِعٌ لِلتَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ هُوَ خَاصٌّ بِالشَّرِكَةِ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَابْنِ عَرَفَةَ، وَعَلَيْهِ شَرْحُ الشَّارِحِ بَهْرَامَ وَالْمَوَّاقُ، وَحِينَئِذٍ فَمَا قَالَهُ الشَّارِحُ لَا يُسَاعِدُهُ نَقْلٌ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَرْطِ إلَخْ) فَإِذَا أَسْقَطَ مُشْتَرِطُ السَّلَفِ شَرْطَهُ فَيَصِحُّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّعْلِيلَ بِالْبَيْعِ وَالسَّلَفِ يَجْرِي فِي غَيْرِ الطَّعَامِ، وَلَكِنْ الشَّرْطُ الْمَذْكُورُ فِي الْمُصَنِّفِ خَاصٌّ بِالطَّعَامِ (قَوْلُهُ قَدْ يُشْتَرَطُ عَلَى الْمُشْتَرِي إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ (قَوْلُهُ فَيُشْتَرَطُ إلَخْ) أَيْ فَفِيهِ سَلَفُ ابْتِدَاءٍ، وَبَيْعُ انْتِهَاءٍ، وَقَوْلُهُ فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ لِلشَّرْطِ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى أَنْ يَنْقُدَ عَنْك، وَقَوْلُهُ فَائِدَةٌ أَيْ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُوَلِّيَ بِالْكَسْرِ قَدْ يَشْتَرِطُ ذَلِكَ لِعَدَمِهِ أَوْ تَفْلِيسِهِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فِي ضَمَانِ الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ مَالًا، وَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَشَارَ إلَخْ) وَجْهُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا يَئُولُ إلَى الْقِيمَةِ، وَقَدْ تَخْتَلِفُ فَيُؤَدِّي إلَى اخْتِلَافِ الثَّمَنِ فَصَارَ اسْتِوَاءُ الْعَقْدَيْنِ مُسْتَلْزِمًا لِكَوْنِ الثَّمَنِ عَيْنًا، وَقَوْلُهُ وَحُكْمُ الشَّرِكَةِ كَذَلِكَ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مِنْ كَلَامِ شَارِحِنَا لَا مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ، وَقَوْلُهُ: وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا رُجُوعٌ لِكَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَأَنَّهُ قَالَ وَقَوْلُهُ وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا إلَخْ، وَلَوْ كَانَ بِصُورَةِ أَلِفٍ بَعْدَ الْوَاوِ (قَوْلُهُ قَدْرًا إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاسْتَوَى عَقْدَاهُمَا أَيْ اسْتَوَى عَقْدَاهُمَا مِنْ جِهَةِ الْقَدْرِ إلَخْ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ ظَاهِرَةٌ فِي التَّوْلِيَةِ وَالشَّرِكَةِ، وَأَمَّا الْإِقَالَةُ فَالْمُمْكِنُ مِنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا يُعْقَلُ فِي الْإِقَالَةِ إلَّا الْقَدْرُ، وَلَا يُعْقَلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute