للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ص وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ حَيْثُ قُلْنَا بِضَمَانِ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ وَإِنَّمَا كَانَ يَحْلِفُ مَعَ تَضْمِينِهِ مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ رَغْبَةً فِيهِ فَيَحْلِفُ بِاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ فَإِذَا حَلَفَ ضَمِنَ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مُقَوَّمًا وَمِثْلَهُ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَالدَّلِيلُ عَلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فَيَضْمَنُ وَغَيْرِهِ لَا ضَمَانَ الْعَمَلُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ وَلِأَنَّ الرَّهْنَ لَمْ يُؤْخَذْ لِمَنْفَعَةِ رَبِّهِ فَقَطْ كَالْوَدِيعَةِ فَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْهُ، وَلَا لِمَنْفَعَةِ الْآخِذِ فَقَطْ حَتَّى يَكُونَ ضَمَانُهُ مِنْهُ كَالْقَرْضِ بَلْ أُخِذَ شَبَهًا مِنْ هَذَا وَشَبَهًا مِنْ هَذَا فَتُوُسِّطَ فِيهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ التُّهْمَةَ مُنْتَفِيَةٌ عَنْ الْمُرْتَهِنِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَثَابِتَةٌ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَحَلَفَ إلَخْ مُتَّهَمًا، أَوْ غَيْرَ مُتَّهَمٍ؛ لِأَنَّ هَذَا الْيَمِينَ يَمِينُ اسْتِظْهَارٍ وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَحَلَفَ مُطْلَقًا وَيَسْقُطُ قَوْلُهُ: فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ

(ص) وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ إنْ قَبَضَ الدَّيْنَ أَوْ وَهَبَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الرَّهْنَ إذَا كَانَ مِمَّا يُضْمَنُ بِأَنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَإِنَّ ضَمَانَهُ مِنْ الْمُرْتَهِنِ وَلَوْ قَبَضَ دَيْنَهُ مِنْ الرَّاهِنِ، أَوْ وَهَبَهُ لِلرَّاهِنِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ مَا كَانَ عَلَى مَا كَانَ إلَى أَنْ يُسَلِّمَهُ لِرَبِّهِ وَنَبَّهَ بِهَذَا لِئَلَّا يُتَوَهَّمَ أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ قَبْضِ الدَّيْنِ، أَوْ هِبَتِهِ يَصِيرُ كَالْوَدِيعَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْأَصْلِ قُبِضَتْ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَالنَّفْعُ خَاصٌّ بِرَبِّهَا، وَالرَّهْنُ لَمْ يُقْبَضْ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَالْمَنْفَعَةُ فِيهِ لَهُمَا مَعًا وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَإِنْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ لِيَشْمَلَ مَا ذُكِرَ وَمَا إذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ رَهْنًا بِصَدَاقِهَا وَتَبَيَّنَ فَسَادُهُ وَفُسِخَ قَبْلَ الدُّخُولِ، أَوْ كَانَ فِي نِكَاحِ التَّفْوِيضِ الصَّحِيحِ وَطَلَّقَ قَبْلَ الْوَطْءِ لَكَانَ أَحْسَنَ قَوْلُهُ، أَوْ وَهَبَ، أَيْ: هِبَةً يَبْرَأُ بِهَا الْمَدِينُ بِأَنْ وُهِبَ لَهُ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ، وَإِلَّا فَفِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ عَلَى هِبَتِهِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ قَالَ أَشْهَبُ إذَا ضَمِنَ الْمُرْتَهِنُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الرَّاهِنِ بِمَا وَضَعَ مِنْ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَمْ يَضَعْ لَهُ دَيْنَهُ لِيَتْبَعَ بِقِيمَةِ الثَّوْبِ وَيَتَقَاصَّانِ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الثَّوْبِ أَكْثَرَ غَرِمَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ أَكْثَرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الرَّاهِنِ بِشَيْءٍ يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ

(ص) إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْمُرْتَهِنُ لِرَبِّهِ أَوْ يَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا أَحْضَرَ الرَّهْنَ لِلرَّاهِنِ بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ، أَوْ هِبَتِهِ أَوْ دَعَاهُ لَأَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ عِنْدِهِ فَقَالَ لَهُ الرَّاهِنُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك فَضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ صَارَ أَمَانَةً عِنْدَهُ فَقَوْلُهُ فَيَقُولُ اُتْرُكْهُ عِنْدَك رَاجِعٌ لِلثَّانِيَةِ، وَلَا يُحْتَاجُ إلَى رُجُوعِهِ لِلْأُولَى؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ أَحْضَرَهُ كَفَى

(ص) وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إنْ أَعْدَمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ) فَلَوْ لَمْ يَحْلِفْ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسْجَنُ فَإِنْ طَالَ سِجْنُهُ يُدَيَّنُ (قَوْلُهُ: مَخَافَةَ أَنْ يَكُونَ أَخْفَاهُ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ إذَا شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَلَفِهِ وَلَمْ تَشْهَدْ مَعَ ذَلِكَ أَنَّهُ تَلِفَ بِغَيْرِ سَبَبِهِ لَا يَحْلِفُ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ مَنْ شَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِتَلَفِ الرَّهْنِ سَوَاءٌ كَانَ يَضْمَنُهُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ أَنَّهُ تَلِفَ بِسَبَبِهِ، أَوْ مُجْمَلًا، أَوْ لَا يَضْمَنُهُ وَذَلِكَ فِيمَا إذَا شَهِدَتْ بِتَلَفِهِ بِغَيْرِ سَبَبِهِ، وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا أَتَى بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا وَلَمْ يُعْلَمْ احْتِرَاقُ مَحَلِّهِ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ، وَلَا يَحْلِفُ إذْ لَا يُتَّهَمُ عَلَى أَنَّهُ غَيَّبَهُ، وَأَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ فَيَحْلِفُ فِيمَا يَضْمَنُهُ وَكَذَا فِيمَا لَا يَضْمَنُهُ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ) ، أَيْ: فِي دَعْوَى التَّلَفِ، أَيْ: تَلِفَ بِدُونِ إخْفَائِهِ، أَيْ: لَمْ أُخْفِهِ، وَقَوْلُهُ: لَمْ أُخْفِهِ تَأْكِيدٌ لِقَوْلِهِ تَلِفَ لِقَصْدِ التَّشْدِيدِ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا يُعْلَمُ مَوْضِعُهُ، أَيْ: فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ، وَالْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ، أَيْ: يَحْلِفُ فِي دَعْوَى الضَّيَاعِ أَنَّهُ ضَاعَ، وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ (قَوْلُهُ: الْعَمَلُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ) ، أَيْ: عَمَلُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ، أَيْ: فِي الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ: وَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَحَلَفَ مُطْلَقًا) ، أَيْ: سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ أَمْ لَا مُتَّهَمًا أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ: وَاسْتَمَرَّ إلَخْ) أَتَى بِذَلِكَ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ أَنَّ الرَّهْنَ بَعْدَ قَبْضِ الدَّيْنِ، أَوْ هِبَتِهِ صَارَ كَالْوَدِيعَةِ وَسَبَبُ الدَّفْعِ أَنَّهَا فِي الْأَصْلِ قُبِضَتْ لِمَحْضِ الْأَمَانَةِ وَنَفْعُهَا خَاصٌّ بِرَبِّهَا، وَالرَّهْنُ قَبْضٌ تَوَثُّقًا لَا أَمَانَةٌ، وَالِانْتِفَاعُ بِهِ لَهُمَا مَعًا لِلْمَدِينِ بِأَخْذِ الدَّيْنِ وَلِلْمُرْتَهِنِ بِالتَّوَثُّقِ فِي دَيْنِهِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَصَدَّقُ عَلَى هِبَتِهِ لِغَيْرِ الْمَدِينِ) ، أَيْ: وَأَمَّا إذَا وُهِبَ الدَّيْنُ لِغَيْرِ الْمَدِينِ صَارَ أَمِينًا عَلَى الرَّهْنِ فَلَيْسَ مُرْتَهِنًا بَلْ الْمُرْتَهِنُ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَلَا يَضْمَنُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ (قَوْلُهُ: قَالَ أَشْهَبُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّ كَلَامَ أَشْهَبَ تَقْيِيدٌ وَتَرَدَّدَ الْحَطَّابُ فِي أَنْ يُقَيِّدَ بِهِ الْمُصَنِّفُ أَمْ لَا وَيُوَافِقُ مَا لِأَشْهَبَ مَا فِي نِكَاحِهَا فِيمَنْ بَاعَ سِلْعَةً لِرَجُلٍ فَأَخَذَ ثَمَنَهَا، ثُمَّ وَهَبَهُ لِلْمُشْتَرِي، ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ تِلْكَ السِّلْعَةُ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْبَائِعِ لِحُجَّتِهِ أَنْ يَقُولَ لَمْ أَهَبْك إلَّا ثَمَنَ سِلْعَةٍ مَمْلُوكَةٍ لِي، وَالْآنَ قَدْ ارْتَفَعَ مِلْكِي عَنْهَا فَيَرْتَفِعُ ثَمَنُهَا (تَنْبِيهٌ) إذَا وَهَبَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ لِأَجْنَبِيٍّ تَنَزَّلَ مَنْزِلَةَ الرَّاهِنِ فَيَضْمَنُهُ لَهُ الْمُرْتَهِنُ ضَمَانَ الرِّهَانِ (قَوْلُهُ: وَيَتَقَاصَّانِ إلَخْ) فَهِيَ هِبَةٌ مُعَلَّقَةٌ بِحَسَبِ الْمَعْنَى عَلَى شَرْطٍ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَهَبْتُهُ لَك عَلَى أَنْ لَا غُرْمَ عَلَيَّ فِيهِ وَفِيهِ بُعْدٌ (قَوْلُهُ: يُرِيدُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ) يَحْتَمِلُ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ إنَّمَا وَهَبَ عَلَى فَرْضِ أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الضَّيَاعَ يُسَامِحُهُ وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ وَقَدْ يُبْعِدُ الْأَوَّلَ أَنَّ هَذَا الْمَرْجِعُ فِيهِ لِلْبِسَاطِ.

(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ الْمُرْتَهِنُ لِرَبِّهِ) عِنْدَ الْوَفَاءِ، أَوْ بَعْدَ الْوَفَاءِ، وَمِثْلُهُ مَا إذَا أُشْهِدَتْ بَيِّنَةٌ بِبَقَائِهِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ إلَى حِينِ أَخْذِ دَيْنِهِ وَقَوْلُهُ، أَوْ يَدْعُوهُ لِأَخْذِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْضِرَهُ أَوْ لَمْ يَدْعُهُ لَأَخْذِهِ فَلَا فَرْقَ حَيْثُ قَالَ اُتْرُكْهُ عِنْدَك، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ خُصُوصُ لَفْظِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك بَلْ كُلُّ مَا أَدَّى مُؤَدَّاهُ كَذَلِكَ مِنْ أَبْقِهِ، أَوْ خَلِّهِ، أَوْ دَعْهُ، أَوْ أَمْسِكْهُ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ) بَعْدَ حِيَازَةِ الْمُرْتَهِنِ إيَّاهُ، أَيْ: ادَّعَى شَخْصٌ عَلَى الرَّاهِنِ جِنَايَةَ الرَّهْنِ عَلَى مَالٍ، أَوْ بَدَنٍ وَلَيْسَ الْمُرَادُ ثَبْتَ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: إنْ أَعْدَمَ) ، أَيْ: إنْ كَانَ مُعْدِمًا فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَلَوْ بِالْبَعْضِ، أَيْ: فَإِنْ أَعْدَمَ حَالَ اعْتِرَافِهِ وَاسْتَمَرَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>