للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّهْنَ إذَا حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ، ثُمَّ إنْ جَنَى جِنَايَةً، أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ فَقَطْ بِذَلِكَ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا وَلَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى خَلَاصِهِ مِنْ يَدِ مُرْتَهِنِهِ وَدَفْعِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ نَعَمْ إنْ خَلَصَ مِنْ الدَّيْنِ تَعَلَّقَتْ الْجِنَايَةُ بِرَقَبَتِهِ وَخُيِّرَ سَيِّدُهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ وَفِدَائِهِ فَقَوْلُهُ لَمْ يُصَدَّقْ، أَيْ: عَلَى الْمُرْتَهِنِ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ فَهُوَ مُؤَاخَذٌ بِهِ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إذَا خَلَصَ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الرَّهْنِ الَّذِي تَتَعَلَّقُ الْجِنَايَةُ بِهِ أَمَّا لَوْ كَانَ حَيَوَانًا لَا يَعْقِلُ فَإِنَّهَا لَا تَتَعَلَّقُ بِهِ أَصْلًا بَلْ إمَّا هَدَرٌ وَإِمَّا تَتَعَلَّقُ بِالْغَيْرِ كَالسَّائِقِ، وَالْقَائِدِ، وَالرَّاكِبِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ سَوَاءٌ ادَّعَى جِنَايَتَهُ قَبْلَ الرَّهْنِ، أَوْ بَعْدَهُ وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّ الرَّاهِنَ مُعْدِمٌ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقَانِ فِيمَا إذَا كَانَ الرَّاهِنُ مَلِيئًا كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الشَّارِحِ وَسَيَأْتِي

(ص) ، وَإِلَّا بَقِيَ إنْ فَدَاهُ، وَإِلَّا أَسْلَمَ بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَفَعَ الدَّيْنَ (ش) ، أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الرَّاهِنُ مُعْدِمًا بَلْ كَانَ مَلِيئًا فَإِنَّ الرَّاهِنَ يُخَيَّرُ بَيْنَ فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ بَقِيَ الرَّهْنُ إلَى الْأَجَلِ وَوَفَاءِ الدَّيْنِ وَأُسْلِمَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَقَوْلُهُ، وَإِلَّا بَقِيَ، أَيْ: بَقَاءً مُسْتَمِرًّا غَيْرَ مَحْدُودٍ، وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا أُسْلِمَ، أَيْ: بَقِيَ بَقَاءً مَحْدُودًا إلَى حُلُولِ الْأَجَلِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ بِأَنَّهُ جَنَى بَعْدَ الرَّهْنِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ فَلَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ، ثُمَّ رَهَنَهُ فَإِنْ رَضِيَ بِفِدَائِهِ بَقِيَ رَهْنًا وَإِنْ أَبَى وَقَالَ لَمْ أَرْضَ بِحَمْلِ الْجِنَايَةِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِحَمْلِهَا أُجْبِرَ عَلَى إسْلَامِهِ وَتَعْجِيلِ الدَّيْنِ كَمَنْ أَعْتَقَ وَأَقَرَّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ، وَالدَّيْنُ مِمَّا يُعَجَّلُ وَإِنْ كَانَ عَرَضًا مِنْ بَيْعٍ وَلَمْ يَرْضَ مَنْ هُوَ لَهُ بِتَعْجِيلِهِ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ كَمَا لَوْ كَانَ مُعْسِرًا، وَالدَّيْنُ مِمَّا لَهُ تَعْجِيلُهُ وَيَكُونُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ غَرَّمَهُ قِيمَتَهُ يَوْمَ رَهْنِهِ لِتَعَدِّيهِ وَإِنْ شَاءَ صَبَرَ عَلَيْهِ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ وَيُبَاعَ وَيَتْبَعَهُ بِثَمَنِهِ انْتَهَى وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَقَلَّ فَيُغَرِّمُهُ

(ص) وَإِنْ ثَبَتَتْ، أَوْ اعْتَرَفَا وَأَسْلَمَهُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ أَيْضًا فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ، وَالْمَعْنَى وَإِنْ ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْعَبْدِ الْجَانِي بِالْبَيِّنَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَوْ اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ، وَالْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ فَقَدْ تَعَلَّقَ بِهِ حِينَئِذٍ ثَلَاثَةُ حُقُوقٍ حَقُّ السَّيِّدِ وَحَقُّ الْمُرْتَهِنِ وَحَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَيُخَيَّرُ الرَّاهِنُ أَوَّلًا؛ لِأَنَّهُ الْمَالِكُ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ وَإِنْ أَسْلَمَهُ فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يُخَيَّرُ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فِي فِدَائِهِ وَإِسْلَامِهِ فَإِنْ أَسْلَمَهُ أَيْضًا لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْعَبْدَ مَعَ مَالِهِ يَكُونُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ قَلَّ، أَوْ كَثُرَ وَيَبْقَى دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِلَا رَهْنٍ ابْنُ يُونُسَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ الْجِنَايَةَ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ وَيَبْقَى رَهْنًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ سَيِّدُهُ زَادَ عَبْدُ الْحَقِّ فِي نُكَتِهِ، وَسَوَاءٌ كَانَ مَالُ الْعَبْدِ مُشْتَرَطًا إدْخَالُهُ فِي الرَّهْنِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْمَالَ إذَا قَبَضَهُ أَهْلُ الْجِنَايَةِ فَقَدْ يُسْتَحَقُّ فَيَتَعَلَّقُ عَلَى السَّيِّدِ غُرْمُ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِدَفْعِهِ إلَيْهِمْ كَدَفْعِهِ مِنْ مَالِهِ فَأَمَّا إذَا أَرَادَ ذَلِكَ الرَّاهِنُ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَالُهُ مُشْتَرَطًا إدْخَالُهُ فِي الرَّهْنِ فَلَا كَلَامَ لِلْمُرْتَهِنِ وَإِنْ كَانَ مُشْتَرَطًا إدْخَالُهُ فِي الرَّهْنِ فَإِنْ دَعَا الْمُرْتَهِنَ إلَى أَنْ يَفْدِيَهُ كَانَ ذَلِكَ لَهُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ كَانَ ذَلِكَ لِلرَّاهِنِ قَالَهُ تت وَنَحْوُهُ لِلشَّارِحِ (تَنْبِيهٌ) : كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا جَنَى بَعْدَ رَهْنِهِ أَمَّا لَوْ جَنَى قَبْلَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِي هَذِهِ بِرَهْنٍ ثِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ غَرَّ الْمُرْتَهِنَ وَهَذَا فِيمَا إذَا ثَبَتَتْ، وَأَمَّا لَوْ اعْتَرَفَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى دَيْنُهُ بِلَا رَهْنٍ وَتَقَدَّمَ حُكْمُ مَا إذَا اعْتَرَفَ الرَّاهِنُ فَقَطْ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَ الرَّهْنِ

(ص) وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِدَاؤُهُ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

أَوْ طَرَأَ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ خَلَصَ مِنْ الدَّيْنِ) فَإِنْ بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ (قَوْلُهُ: إذَا خَلَصَ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ) بَلْ نَقُولُ وَلَوْ لَمْ يَخْلُصْ مِنْ الرَّهْنِيَّةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا بِيعَ فِي الدَّيْنِ تَبِعَ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ الرَّاهِنَ بِالْأَقَلِّ مِنْ الثَّمَنِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ.

(قَوْلُهُ: قَبْلَ الرَّهْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جِنَايَته، وَأَمَّا الدَّعْوَى فَهِيَ بَعْدَ الرَّهْنِ (قَوْلُهُ: أَيْ: بَقَاءً مُسْتَمِرًّا غَيْرَ مَحْدُودٍ) يُنَافِي قَوْله أَوَّلًا بَقِيَ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ بَقِيَ أَوَّلًا بَقِيَ رَهْنًا إلَى الْأَجَلِ، أَيْ: كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي الْبَقَاءِ لِلْأَجَلِ، وَقَوْلُهُ: هُنَا بَقَاءً غَيْرَ مَحْدُودٍ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ إذَا فَدَاهُ لَا يَلْزَمُ بَيْعُهُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَلَوْ تَرَكَاهُ لِبَعْدِ الْأَجَلِ لَا مَانِعَ، وَأَمَّا عَلَى تَقْدِيرِ الْإِسْلَامِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِدَفْعِ الدَّيْنِ عِنْدَ الْأَجَلِ لِأَجْلِ أَنْ يَأْخُذَهُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: قَبْلَ الرَّهْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِجَنَى، أَيْ: أَقَرَّ بَعْدَ الرَّهْنِ أَنَّهُ جَنَى قَبْلَهُ.

(قَوْلُهُ: كَمَنْ أَعْتَقَ) ، أَيْ: فَالْعِتْقُ لَازِمٌ وَيُعَجِّلُ قِيمَتَهُ لِلْمُقَرِّ لَهُ، أَيْ: إنَّ مَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا وَأَقَرَّ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ فَالْعِتْقُ لَازِمٌ؛ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ عَلَى إرْقَاقِ الْعَبْدِ وَيَغْرَمُ قِيمَتَهُ حَالًا لِلْمُقَرِّ لَهُ إنْ قَامَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ أَرْشُ الْجِنَايَةِ أَقَلَّ) ، أَيْ: مِنْ الثَّمَنِ، وَالْقِيمَةِ (قَوْلُهُ: وَأَسْلَمَهُ) ، أَيْ: أَرَادَ إسْلَامَهُ (قَوْلُهُ: فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ) ، أَيْ: رُهِنَ مَعَهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ رِضَاهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَيَتَعَلَّقُ عَلَى السَّيِّدِ غُرْمُ مِثْلِهِ.

(قَوْلُهُ: كَانَ ذَلِكَ لَهُ) ، أَيْ: لِلْمُرْتَهِنِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمَوْضُوعَ أَنَّ الرَّاهِنَ أَرَادَ الْفِدَاءَ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَوْلُهُ فَإِنْ دَعَا الْمُرْتَهِنَ بِمَعْنَى وَافَقَهُ وَظَهَرَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُرْتَهِنِ الِاسْتِقْلَالُ وَأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي ذَلِكَ الْأُسْلُوبِ (قَوْلُهُ: كَانَ ذَلِكَ لِلرَّاهِنِ) ، أَيْ: كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَفْدِيَهُ وَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ وَإِنْ أَسْلَمَ الْمُرْتَهِنُ الْعَبْدَ، أَيْ: وَأَرَادَ الرَّاهِنُ فِدَاءَهُ فَذَلِكَ الْفِدَاءُ لِلرَّاهِنِ وَعِبَارَةُ الْغِرْيَانِيِّ وَإِنْ اشْتَرَطَ أَيْ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَفْدِيَهُ فَلَهُ ذَلِكَ وَإِنْ أَرَادَ إسْلَامَهُ كَانَ لِلرَّاهِنِ ذَلِكَ انْتَهَى، أَيْ: وَإِنْ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ أَنْ يَفْدِيَ الْعَبْدَ بِمَالِهِ الَّذِي بِيَدِهِ فَلَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ أَرَادَ إسْلَامَهُ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَفْدِيَهُ بِمَا بِيَدِهِ مِنْ الْمَالِ وَكَلَامُ الْغِرْيَانِيِّ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَقَعُ مِنْهُ الْفِدَاءُ بِمَالِ الْعَبْدِ نَفْسِهِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ غَرَّ الْمُرْتَهِنَ) هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>