للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِضَّةٍ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَنْ عَدِمَ الْمَالَ يُقَالُ أَفْلَسَ الرَّجُلُ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَاللَّامِ فَهُوَ مُفْلِسٌ، وَالتَّفْلِيسُ فِي الْعُرْفِ أَخَصُّ وَأَعَمُّ ابْنُ عَرَفَةَ الْأَخَصُّ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِخَلْعِ كُلِّ مَالِ الْمَدِينِ لِغُرَمَائِهِ لِعَجْزِهِ عَنْ قَضَاءِ مَا لَزِمَهُ فَيَخْرُجُ بِخَلْعِ إلَخْ خَلْعُ كُلِّ مَالِهِ بِاسْتِحْقَاقِ عَيْنِهِ، مُوجَبُهُ مَنْعُ دُخُولِ دَيْنٍ سَابِقٍ عَلَيْهِ عَلَى لَاحِقٍ بِمُعَامَلَةٍ بَعْدَهُ، وَالْأَعَمُّ قِيَامُ ذِي دَيْنٍ عَلَى مَدِينٍ لَيْسَ لَهُ مَا يَفِي بِهِ فَقَوْلُهُ لِغُرَمَائِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ " خَلْعِ "، وَلِعَجْزِهِ مُتَعَلِّقٌ بِ " حُكْمُ " وَأَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (بَابٌ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ تَبَرُّعِهِ) (ش) أَشَارَ إلَى التَّفْلِيسِ الْأَعَمِّ، وَالْغَرِيمُ يُطْلَقُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ وَعَلَى مَنْ لَهُ الدَّيْنُ، وَالْمُرَادُ هُنَا الثَّانِي، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ، أَيْ: زَادَ عَلَيْهِ، أَوْ سَاوَاهُ فَلِصَاحِبِ الدَّيْنِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ تَبَرُّعَاتِهِ كَالْعِتْقِ، وَالصَّدَقَةِ وَنَحْوِهِمَا، وَسَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُ الدَّيْنِ مُتَعَدِّدًا، أَوْ مُنْفَرِدًا، وَسَوَاءٌ كَانَ دَيْنُهُ حَالًّا، أَوْ مُؤَجَّلًا وَاحْتَرَزَ بِالتَّبَرُّعِ عَنْ الْبَيْعِ وَنَفَقَةِ أَبِيهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا هُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ وَمِمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ بِهِ مِنْ كِسْرَةٍ لِسَائِلٍ وَأُضْحِيَّةٍ وَنَفَقَةِ عَبْدَيْنِ دُونَ سَرَفٍ فِي الْجَمِيعِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: مَنْ أَحَاطَ، أَيْ: عُلِمَتْ إحَاطَتُهُ، وَأَمَّا لَوْ ادَّعَى الْمَلَاء فَلَا يُمْنَعُ إلَّا بَعْدَ كَشْفِ السُّلْطَانِ عَنْهُ وَأَشْعَرَ قَوْلُهُ الدَّيْنَ أَنَّ مَنْ أَحَاطَتْ التَّبِعَاتُ بِمَالِهِ لَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ لِلْغَرِيمِ إلَخْ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حَاكِمٍ وَهُوَ صَرِيحُ الْمُدَوَّنَةِ وَاللَّخْمِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَإِنَّمَا يَحْتَاجُ لِحُكْمٍ فِي التَّفْلِيسِ الْأَخَصِّ

(ص) وَسَفَرُهُ إنْ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ لَهُ أَنْ يَمْنَعَ مَنْ عَلَيْهِ الدَّيْنُ مِنْ السَّفَرِ الْبَعِيدِ الَّذِي يَحِلُّ دَيْنُهُ فِيهِ فِي غَيْبَةِ الْمَدِينِ وَلَوْ لَمْ يُحِطْ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَهَذَا مَا لَمْ يُوَكِّلْ وَكِيلًا مَلِيئًا ضَامِنًا لِلْحَقِّ يَقْضِيهِ عَنْهُ فِي غَيْبَتِهِ وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ، أَوْ يَكُونُ لِلْمِدْيَانِ مَالٌ حَاضِرٌ يُمْكِنُ مِنْهُ قَضَاءُ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ) ، أَيْ: إنَّ

الْمُفَلَّسَ بِحَسَبِ الْأَصْلِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِحُكْمِ الْفَلَسِ، ثُمَّ اُسْتُعْمِلَ فِي كُلِّ مَنْ عَدِمَ الْمَالَ، وَالظَّاهِرُ فِي عُرْفِ النَّاسِ، أَيْ: إنَّهُ يُقَالُ مُفَلَّسٌ بِفَتْحِ الْفَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ فِي عُرْفِ النَّاسِ لِمَنْ عَدِمَ الْمَالَ وَأَنَّهُ طَارِئ، وَهَذَا لَا يُنَافِي أَنْ يَكُونَ فِي الْأَصْلِ مَعْنًى لُغَوِيًّا وَحُرِّرَ. (قَوْلُهُ: يُقَالُ) ، أَيْ: فِي شَأْنِ مَنْ عَدِمَ الْمَالَ، أَيْ: أَيْضًا أَفْلَسَ الرَّجُلُ، أَيْ: صَارَ عَدِيمَ الْمَالِ، وَقَوْلُهُ: فَهُوَ مُفَلَّسٌ بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْفَاءِ عَلَى وَزْنِ مُكَرَّمٍ (قَوْلُهُ: فِي الْعُرْفِ) ، أَيْ: عُرْفِ أَهْلِ الشَّرْعِ

اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مَدْلُولُ الْأَعَمِّ الْقِيَامَ وَمَدْلُولُ الْأَخَصِّ نَفْسَ الْحُكْمِ فَأَيْنَ الْعُمُومُ؟ بَلْ هُمَا مُتَبَايِنَانِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الْعُمُومَ بِاعْتِبَارِ الْوُجُودِ (قَوْلُهُ: مُوجِبُهُ) أَيْ الْخَلْعِ، أَيْ: مُسَبِّبُهُ (قَوْلُهُ: مُنِعَ دُخُولُ إلَخْ) ، أَيْ: فَإِذَا فُلِّسَ الرَّجُلُ لِطَائِفَةٍ، ثُمَّ دَايَنَ غَيْرَهُمْ، ثُمَّ قَامُوا فَفَلَّسُوهُ فَلَا دُخُولَ لِلْأَوَّلِينَ مَعَهُمْ.

(قَوْلُهُ: لَيْسَ لَهُ مَا يَفِي بِهِ) فَإِذَا سَاوَى وَقَامُوا فَلَا يُقَالُ لِقِيَامِهِمْ تَفْلِيسٌ بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ مَا يُخَالِفُهُ (بَابُ الْفَلَسِ) .

(قَوْلُهُ: إلَى التَّفْلِيسِ الْأَعَمِّ) أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْأَعَمَّ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ فَيَقْتَضِي هَذَا الْكَلَامُ أَنَّ الْمَنْعَ الْمَذْكُورَ لَيْسَ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ قِيَامِ الْغُرَمَاءِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمَنْعُ الْمَذْكُورُ بِمُجَرَّدِ الْإِحَاطَةِ، وَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى قِيَامِ الْغُرَمَاءِ كَمَا يُفِيدُهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ:، أَيْ: زَادَ عَلَيْهِ، أَوْ سَاوَاهُ) هَكَذَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّ الْعِلَّةَ وَهِيَ إتْلَافُ مَالِ الْغَرِيمِ حَاصِلَةٌ مَعَ التَّسَاوِي كَحُصُولِهَا فِي الزَّائِدِ إلَّا أَنَّ الْمَنْقُولَ أَنَّ الْمَنْعَ إنَّمَا يَكُونُ إذَا زَادَ عَلَى مَالِهِ لَا إنْ نَقَصَ، أَوْ سَاوَى.

(قَوْلُهُ: أَيْ: عُلِمَتْ إحَاطَتُهُ) ، أَيْ: لَا مَنْ شُكَّ فِي إحَاطَةِ الدَّيْنِ بِمَالِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّكِّ مُطْلَقُ التَّرَدُّدِ فَإِذَا ادَّعَى الْمَلَاءَ لَمْ يُمْنَعْ إلَّا بَعْدَ كَشْفِ السُّلْطَانِ عَنْ مَالِهِ فَإِنْ وُجِدَ وَفَاءٌ لَمْ يُفَلَّسْ، وَإِلَّا فُلِّسَ اللَّخْمِيُّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ.

(قَوْلُهُ:، وَلَا يُحْجَرُ عَلَيْهِ) ، أَيْ: بِالْمَعْنَى الْمَذْكُورِ أَقُولُ لَا شَكَّ أَنَّ مَنْ أَحَاطَتْ التَّبِعَاتُ بِمَالِهِ يُحْجَرُ عَلَيْهِ أَيْضًا ذَلِكَ الْحَجْرُ الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ وَغَيْرِهَا مِنْ التَّصَرُّفَاتِ؛ لِأَنَّهُ إذَا مُنِعَ مِنْ غَيْرِ التَّبَرُّعَاتِ فَأَوْلَى أَنْ يُمْنَعَ مِنْ التَّبَرُّعَاتِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ نَصْرٍ الدَّاوُدِيُّ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ مَنْ لَهُ دَيْنٌ عَلَى مَنْ اغْتَرَقَتْ التَّبِعَاتُ مَا بِيَدِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ مُنْتَهَى مَا عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ لِأَحَدٍ أَنْ يَقْتَضِيَ مِنْهُ شَيْئًا عَمَّا لَهُ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْحِصَاصِ فِي مَالِهِ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَخْذُ شَيْءٍ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ لَهُ أَمْ لَا وَقَدْ وَقَعَ الْخِلَافُ هَلْ حُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ حَجَرَ عَلَيْهِ الْقَاضِي فَلَا يَصِحُّ مِنْهُ قَضَاءُ بَعْضِ غُرَمَائِهِ دُونَ بَعْضٍ وَلَوْ بِبَعْضِ مَالِهِ وَلِمَنْ لَمْ يَقْضِهِ الدُّخُولُ مَعَ مَنْ قَضَاهُ كَغُرَمَاءِ الْمُفَلَّسِ، أَوْ حُكْمُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ فَيَصِحُّ قَضَاؤُهُ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ بِبَعْضِ مَالِهِ دُونَ بَعْضٍ قَالَ النَّاصِرُ اللَّقَانِيِّ وَعَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الرَّاجِحَ جَوَازُ مُعَامَلَةِ مُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ؛ لِأَنَّ الرَّاجِحَ فِيمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ جَوَازُ مُعَامَلَتِهِ إنْ لَمْ يَجِبْ وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مَا لَمْ يَكُنْ عَيْنُ الْغَصْبِ، أَوْ السَّرِقَةِ مَوْجُودًا فَإِنْ كَانَ مَوْجُودًا لَمْ تَجُزْ الْمُعَامَلَةُ بِهِ قَطْعًا وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْخِلَافِ مَا إذَا اُسْتُهْلِكَ عَيْنُ ذَلِكَ الْحَرَامِ وَتَعَلَّقَتْ قِيمَتُهُ، أَوْ مِثْلُهُ بِذِمَّتِهِ وَذَلِكَ مُحِيطٌ بِمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِهِ.

(قَوْلُهُ: وَسَفَرُهُ إنْ حَلَّ بِغَيْبَتِهِ) وَمَفْهُومُهُ عَدَمُ مَنْعِهِ إنْ لَمْ يَحِلَّ بِغَيْبَتِهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ الْفِرَارَ مِنْ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ وَأَنَّهُ يَنْوِي الرُّجُوعَ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَلَا يُطْلَبُ بِكَفِيلٍ، وَلَا بِإِشْهَادٍ قَالَ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا إذَا بَقِيَ مِنْ الْأَجَلِ مِقْدَارُ مَا يُرَى أَنَّهُ يَذْهَبُ وَيَجِيءُ قَبْلَ مَحَلِّهِ، وَلَا يُخْشَى لَدَدُهُ وَمَقَامُهُ فَإِنْ خُشِيَ مِنْهُ، أَوْ عُرِفَ بِاللَّدَدِ أَعْطَى حَمِيلًا وَإِنْ كَانَ لَهُ عَقَارٌ وَأَعْطَى حَمِيلًا، أَوْ وَكِيلًا بِالْبَيْعِ وَيَكُونُ النِّدَاءُ عَلَى الْبَيْعِ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمِقْدَارِ مَا يَحِلُّ الْأَجَلُ عِنْدَ الْبَيْعِ وَلَوْ ادَّعَى رَبُّ الدَّيْنِ عَلَيْهِ أَنَّهُ يُرِيدُ سَفَرًا وَأَنْكَرَ حَلَّفَهُ إنْ أَتَى بِشُبْهَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ قَوِيَّةً فَإِنْ نَكَلَ أَتَى بِحَمِيلٍ ثِقَةٍ يَغْرَمُ الْمَالَ، أَيْ: إذَا عَلِمَ وُقُوفَهُ عَلَى الْيَمِينِ، وَأَمَّا إذَا عَلِمَ، أَوْ ظَنَّ عَدَمَ وُقُوفِهِ عِنْدَهَا يُكَلِّفُ حَمِيلًا ثِقَةً يَغْرَمُ الْمَالَ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ) أَيْ وَكِيلِهِ جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَعْزِلُهُ فَأَجَابَ بِأَنَّهُ لَا عَزْلَ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>