للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحَقِّ عِنْدَ أَجَلِهِ بِسُهُولَةٍ فَلَيْسَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ حِينَئِذٍ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ السَّفَرِ الْبَعِيدِ فَالضَّمِيرُ فِي سَفَرِهِ عَائِدٌ عَلَى الْمِدْيَانِ لَا بِقَيْدِ كَوْنِهِ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ وَهَذَا إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَأَمَّا الْمُعْسِرُ فَلَهُ أَنْ يَذْهَبَ كَيْفَ يَشَاءُ

(ص) وَإِعْطَاءُ غَيْرِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ إذَا عَجَّلَ لِأَحَدِ الْغُرَمَاءِ دَيْنَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فَلِبَاقِي الْغُرَمَاءِ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ أَيْ لِبَعْضِ أَرْبَابِ الدَّيْنِ مَنْعُ الْمَدِينِ مِنْ إعْطَاءِ غَيْرِ الْغَرِيمِ الْقَائِمِ

(ص) ، أَوْ كُلِّ مَا بِيَدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمِدْيَانَ إذَا أَعْطَى كُلَّ مَا بِيَدِهِ لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ فَإِنَّ لِلْبَاقِي أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَرُدُّوا فِعْلَهُ جَمِيعًا وَلَوْ كَانَ الْأَجَلُ قَدْ حَلَّ، وَمِثْلُ الْكُلِّ مَا إذَا بَقِيَ بِيَدِهِ فَضْلَةٌ لَا يُعَامِلُهُ النَّاسُ عَلَيْهَا فَكُلٌّ مَنْصُوبٌ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ ثَانٍ لِإِعْطَاءٍ الْمَحْذُوفِ مَعَ مَفْعُولِهِ الْأَوَّلِ، أَوْ إعْطَاءِ غَيْرِهِ كُلَّ مَا بِيَدِهِ، أَوْ مَجْرُورٌ عَلَى جَعْلِ إعْطَاءٍ مُضَافًا لَهُ وَحُذِفَ الْمَفْعُولُ الْأَوَّلُ، أَيْ: أَوْ إعْطَاءُ كُلِّ مَا بِيَدِهِ، وَالنَّصْبُ أَوْلَى

(ص) كَإِقْرَارِهِ لِمُتَّهَمٍ عَلَيْهِ عَلَى الْمُخْتَارِ، وَالْأَصَحِّ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ الْمَنْعُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمِدْيَانَ الَّذِي أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ إذَا أَقَرَّ بِدَيْنٍ لِمَنْ يُتَّهَمُ عَلَيْهِ كَأَخِيهِ وَزَوْجَتِهِ فَإِنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُرَدُّ إقْرَارُهُ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ خِلَافٍ حَكَاهُ، ثُمَّ قَالَ وَأَنْ لَا يَجُوزَ أَحْسَنُ، وَالْأَصَحُّ الَّذِي أَفْتَى بِهِ قَاضِي الْجَمَاعَةِ حِينَ نَزَلْت بِقَفْصَةِ الْمُتَيْطِيِّ وَهُوَ الْمَشْهُورُ، وَأَمَّا إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَسَوَاءٌ أَقَرَّ فِي صِحَّتِهِ، أَوْ فِي مَرَضِهِ وَهُوَ كَذَلِكَ وَظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي عَلَيْهِ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ، أَوْ بِإِقْرَارِهِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا، وَالْمُفْلِسِ أَنَّ هَذَا أَخَفُّ مِنْ ذَاكَ

(ص) لَا بَعْضَهُ وَرَهَنَهُ وَفِي كِتَابَتِهِ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ لَا يُمْنَعُ مِنْ إعْطَاءِ بَعْضِ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ حَيْثُ كَانَ دَيْنُهُ حَالًّا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ الْبَاقِي يَصْلُحُ لِلْمُعَامَلَةِ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَلِلْغَرِيمِ مَنْعُهُ وَكَذَلِكَ يَجُوزُ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنْ يَرْهَنَ بَعْضَ مَالِهِ لِبَعْضِ غُرَمَائِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الصَّحِيحِ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ الْمَدِينُ فَلَا يُعْطِي بَعْضًا، وَلَا يَرْهَنُ بَعْضًا، أَيْ: لَا يُعْطِي بَعْضًا لِبَعْضِ الْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ الْقَدِيمِ، وَلَا يَرْهَنُ بَعْضًا عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ فِي الدَّيْنِ الْقَدِيمِ، وَأَمَّا فِي دَيْنٍ يَسْتَحْدِثُهُ فَلَهُ أَنْ يُعْطِيَ بَعْضًا وَيَرْهَنَ بَعْضًا مِنْ ذَلِكَ الدَّيْنِ الْمُسْتَحْدَثِ؛ لِأَنَّهَا مُعَامَلَةٌ حَادِثَةٌ، وَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ لِلْأَوَّلِينَ، وَلَا لِلْآخِرِينَ حَتَّى يُقَوِّمُوا عَلَيْهِ، وَأَمَّا الْمَرِيضُ غَيْرُ الْمَدِينِ فَلَهُ أَنْ يَرْهَنَ فِي دَيْنٍ يَسْتَحْدِثُهُ وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ لِمَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ أَنْ يُكَاتِبَ عَبْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْبَيْعِ، أَوْ لَا يَجُوزُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا كَالْعِتْقِ قَوْلَانِ وَمَحَلُّهُمَا إذَا كَاتَبَهُ كِتَابَةَ مِثْلِهِ أَمَّا لَوْ كَاتَبَهُ بِدُونِ كِتَابَةِ مِثْلِهِ مُنِعَتْ اتِّفَاقًا وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ.

(ص) وَلَهُ التَّزَوُّجُ وَفِي تَزَوُّجِهِ أَرْبَعًا وَفِي تَطَوُّعِهِ بِالْحَجِّ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَنْ يُشْبِهُهُ وَيُصْدِقُهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا وَأَوْلَى التَّسَرِّي وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ مَا زَادَ عَلَى وَاحِدَةٍ إلَى أَرْبَعٍ، أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ابْنُ عَرَفَةَ الظَّاهِرُ مَنْعُهُ لِقِلَّتِهِ عَادَةً وَكَذَا إطْلَاقُهُ وَتَكَرَّرَ تَزْوِيجُهُ لِمُطْلَقِ شَهْوَتِهِ اهـ وَاخْتُلِفَ أَيْضًا هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَحُجَّ حَجَّةَ الْفَرِيضَةِ وَيَسْقُطَ عَنْهُ أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَالَهُ الْآنَ لِلْغُرَمَاءِ حَيْثُ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَالضَّمِيرُ فِي سَفَرِهِ إلَخْ) ، أَيْ: فَفِي الْعِبَارَةِ اسْتِخْدَامٌ لَا شِبْهُ اسْتِخْدَامٍ؛ لِأَنَّ شِبْهَ الِاسْتِخْدَامِ أَنْ يَذْكُرَ الشَّيْءَ بِمَعْنَى، ثُمَّ يَذْكُرَهُ بِاسْمِهِ الظَّاهِرِ بِمَعْنًى آخَرَ.

(قَوْلُهُ: وَإِعْطَاءُ غَيْرِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ) ، أَيْ: بَعْضِ مَا بِيَدِهِ إذْ هُوَ سَلَفٌ فَيَرْجِعُ لِلتَّبَرُّعِ وَإِعْطَاءُ كُلِّ مَا بِيَدِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَرُدُّ جَمِيعَهُ شب وَكَذَلِكَ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلَدِهِ أَتَى بِهِ لِلْإِمَامِ لِيَحْجُرَ عَلَيْهِ وَيُشْهِرُ ذَلِكَ فِي الْجَامِعِ، وَالْأَسْوَاقِ وَيُشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ فَمَنْ بَاعَهُ، أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ فَهُوَ مَرْدُودٌ وَكَذَا مَنْ أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ إلَّا عِنْدَ السُّلْطَانِ، أَيْ: يُوقِفَهُ السُّلْطَانُ لِلنَّاسِ وَيَأْمُرَ فَيُطَافَ بِهِ حَتَّى يُعْلَمَ ذَلِكَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ: وَالنَّصْبُ أَوْلَى) ، أَيْ: لِقَوْلِ ابْنِ مَالِكٍ وَرُبَّمَا جَرُّوا الَّذِي أَبْقَوْا إلَخْ، وَالشَّرْطُ مَوْجُودٌ فَالْقِلَّةُ مَعَ الشَّرْطِ (قَوْلُهُ: وَزَوْجَتُهُ) ، أَيْ: الَّتِي عُلِمَ مَيْلُهُ لَهَا، أَوْ جُهِلَ لَا الَّتِي عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ) مَعْطُوفٌ عَلَى مَا اخْتَارَهُ اللَّخْمِيُّ (قَوْلُهُ: قَاضِي الْجَمَاعَةِ) أَيْ قَاضٍ فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ لَا فِي خُصُوصِ بَابٍ كَالْأَنْكِحَةِ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُفَلَّسُ) سَوَاءٌ كَانَ قِيَامُ الْغُرَمَاءِ، أَوْ حُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِدَيْنٍ، أَيْ: إذَا كَانَ الدَّيْنُ الَّذِي فُلِّسَ فِيهِ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ وَأَقَرَّ لَا يُعْتَبَرُ إقْرَارُهُ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي فُلِّسَ بِهِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يَتْبَعُهُ بِهِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.

(قَوْلُهُ: وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الصَّحِيحِ) هُنَاكَ حَلٌّ آخَرُ اسْتَظْهَرَهُ عج وَذَكَرَهُ شب وَنَصُّهُ بَعْدَ قَوْلِهِ، وَلَا يُمْنَعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ مِنْ رَهْنِهِ عِنْدَ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ، أَوْ أَجْنَبِيٍّ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُشْتَرَطًا فِي الْعَقْدِ وَكَوْنِهِ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ لِمَنْ لَا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا فِي الدَّيْنِ الَّذِي عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَكَوْنُ الرَّاهِنِ صَحِيحًا وَأَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ وَكَوْنُ الْمَرْهُونِ بَعْضَ الْمَالِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي مُعَامَلَةٍ حَادِثَةٍ فَمَا وَجْهُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الرَّهْنِ مُشْتَرَطًا فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَتَأَمَّلْ فِي بَقِيَّةِ الْقُيُودِ يَظْهَرُ لَك الْحَالُ (قَوْلُهُ: حَتَّى يُقَوِّمُوا عَلَيْهِ) ، أَيْ: الْآخَرُونَ.

(قَوْلُهُ: وَتَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ ضَعِيفٌ) قَالَ أَرَى أَنْ يُنْظَرَ فِي قِيمَتِهِ مُكَاتَبًا فَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ قِيمَتِهِ رَقِيقًا مَضَتْ، وَسَوَاءٌ كَانَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ، أَوْ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا ضَرَرَ عَلَى الْغُرَمَاءِ إلَّا أَنْ يَتَعَذَّرَ بَيْعُ الْمُكَاتَبِ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مُكَاتَبًا أَبْخَسَ مِنْ قِيمَتِهِ غَيْرَ مُكَاتَبٍ إلَّا أَنَّهَا تُوَفِّي الدَّيْنَ لَمْ تُرَدَّ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُوَفِّي الدَّيْنَ رُدَّتْ إذَا كَانَتْ بَعْدَ الْحَجْرِ وَإِنْ كَانَتْ قَبْلَ الْحَجْرِ وَكَانَ الْبَخْسُ لِتَخْفِيفٍ فِي الْكِتَابَةِ لِمَا يَرْجُو مِنْ الْوَلَاءِ وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ عَلَى أَحْسَنِ النَّظَرِ مِنْ السَّيِّدِ وَمِنْ نَاحِيَةِ التِّجَارَةُ لِكَثْرَةِ النُّجُومِ مَضَتْ.

(قَوْلُهُ: وَأَوْلَى التَّسَرِّي) فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ جَارِيَةً لِلْوَطْءِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا كُلُّ وَطْءٍ يَنْشَأُ

<<  <  ج: ص:  >  >>