بِطَلَبِهِ وَإِنْ أَبَى غَيْرُهُ، وَقَوْلُهُ: وَفُلِّسَ حَضَرَ، أَوْ غَابَ إنْ لَمْ يُعْلَمْ مَلَاؤُهُ ظَاهِرٌ فِي أَنَّ التَّفْلِيسَ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى ثُبُوتِ الْعُسْرِ بِطَرِيقِهِ مِنْ شَهَادَةٍ وَحَلِفِهِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَالٌ ظَاهِرٌ، وَلَا بَاطِنٌ، وَالضَّمِيرُ فِي يُسْأَلُ لِلْمَجْهُولِ وَفِي لَهُ رَاجِعٌ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ فَلَوْ سَأَلَ ذَلِكَ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ فَهَلْ يُجَابُ لِذَلِكَ بِحَمِيلٍ بِالْمَالِ، أَوْ بِالْوَجْهِ قَوْلَانِ
(ص) فَغَرِمَ إنْ لَمْ يَأْتِ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قُبِلَ مِنْهُ الْحَمِيلُ فَغَابَ الْغَرِيمُ عِنْدَ الْأَجَلِ فَإِنَّ الْحَمِيلَ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ فَإِنْ أَحْضَرَهُ عِنْدَ الْأَجَلِ وَلَمْ يَظْهَرْ لَهُ مَالٌ حَلَفَ وَأُطْلِقَ فَإِنْ غَابَ فَأَثْبَتَ الْحَمِيلُ عَدَمَهُ فَهَلْ يَغْرَمُ مَا عَلَيْهِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ بِنَاءً عَلَى أَنَّ يَمِينَ الْمَدِينِ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهَا ثُبُوتُ عَدَمِهِ وَقَدْ تَعَذَّرَتْ مِنْهُ وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ هُنَا وَعِنْدَ اللَّخْمِيِّ لَا ضَمَانَ عَلَى الْحَمِيلِ حَيْثُ أَثْبَتَ عَدَمَ الْمَدِينِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْيَمِينَ بَعْدَ ثُبُوتِ الْفَقْرِ أَنَّهُ لَمْ يَكْتُمْ شَيْئًا اسْتِحْسَانٌ وَاقْتَصَرَ الْمُؤَلِّفُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فِي بَابِ الضَّمَانِ حَيْثُ قَالَ لَا إنْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ، أَوْ مَوْتَهُ فِي غَيْبَتِهِ أَيْ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الضَّامِنِ حِينَئِذٍ وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَظُنُّ بِهِ كِتْمَانَ الْمَالِ، وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ مَا لِلَّخْمِيِّ
(ص) ، أَوْ ظَهَرَ مَلَاؤُهُ إنْ تَفَالَسَ (ش) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ إنْ جُهِلَ حَالُهُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا كَانَ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ إلَّا أَنَّهُ تَفَالَسَ، أَيْ: أَظْهَرَ الْفَلَسَ مِنْ نَفْسِهِ بِأَنْ قَالَ لَا شَيْءَ مَعِي يَفِي بِالدَّيْنِ فَإِنَّهُ يُحْبَسُ وَظَاهِرُ الْمَلَاءِ هُوَ الَّذِي يُظَنُّ أَنَّ لَهُ مَالًا بِأَنْ كَانَ لَابِسَ الثِّيَابِ الْجَمِيلَةِ وَلَهُ خَدَمٌ
(ص) وَإِنْ وَعَدَ بِقَضَاءٍ وَسَأَلَ تَأْخِيرًا كَالْيَوْمِ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ (ش) يَعْنِي أَنَّ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ إذَا وَعَدَ بِأَنْ يَدْفَعَ الْحَقَّ وَيَقْضِيَهُ، وَلَكِنْ قَالَ أَخِّرُونِي الْيَوْمَ، وَالثَّلَاثَةَ، وَالْخَمْسَةَ فَإِنَّهُ يُجَابُ إلَى ذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا بِالْمَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا وَعَدَ ظَهَرَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى الْمَالِ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ إلَّا حَمِيلٌ بِالْمَالِ فَإِنْ لَمْ يُعْطِ حَمِيلًا بِالْمَالِ فَإِنَّهُ يُسْجَنُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ
(ص) ، وَإِلَّا سُجِنَ (ش) حَتَّى يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ، أَوْ يَقْضِيَ مَا عَلَيْهِ وَمَجْهُولُ الْحَالِ إذَا وَعَدَ بِالْقَضَاءِ كَظَاهِرِ الْمَلَاءِ إذَا وَعَدَ بِهِ، ثُمَّ شَبَّهَ فِي قَوْلِهِ، وَإِلَّا سُجِنَ قَوْلَهُ
(ص) كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ (ش) ، أَيْ: فَإِنَّهُ يُسْجَنُ حَتَّى يُوَفِّيَ، وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ حَمِيلٌ.
(ص) وَأُجِّلَ لِبَيْعِ عَرَضِهِ إنْ أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ، وَإِلَّا سُجِنَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَدِينَ غَيْرُ الْمُفَلَّسِ إذَا طَلَبَ التَّأْجِيلَ حَتَّى يَبِيعَ عُرُوضَهُ لِلْغُرَمَاءِ فَإِنَّهُ لَا يُؤَجَّلُ لِذَلِكَ إلَّا إذَا أَعْطَى حَمِيلًا بِالْمَالِ، وَإِلَّا سُجِنَ، وَأَمَّا الْمُفَلَّسُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَبِيعُ عَلَيْهِ عُرُوضَهُ، وَلَا يَحْتَاجُ لِتَأْجِيلٍ وَبِعِبَارَةِ قَوْلِهِ وَأُجِّلَ هُوَ ظَاهِرٌ فِي ظَاهِرِ الْمَلَاءِ وَمَعْلُومُ الْمَلَاءِ لَا فِي مَجْهُولِ الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا عَرَضَ لَهُ
(ص) وَفِي حَلِفِهِ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَاكِمَ إذَا بَاعَ عُرُوضَ الْمُفَلَّسِ وَقَبَضَ أَثْمَانَهَا فَهَلْ يَحْلِفُ عَلَى عَدَمِ النَّاضِّ وَهُوَ النَّقْدُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ دَحُونٍ، أَوْ لَا يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ قَالَهُ أَبُو عَلِيٍّ الْحَدَّادُ تَرَدُّدٌ، وَالضَّمِيرُ فِي حَلِفِهِ يَرْجِعُ لِلْمَدِينِ وَلَوْ مُفَلَّسًا وَبِعِبَارَةٍ هُوَ فِي مَجْهُولِ الْحَالِ وَظَاهِرِ الْمَلَاءِ، وَأَمَّا مَعْلُومُ الْمَلَاءِ فَلَا يَحْلِفُ، وَقَوْلُهُ: وَفِي حَلِفِهِ أَيْ وَفِي جَبْرِهِ وَعَدَمِهِ تَرَدُّدٌ
(ص) وَإِنْ عَلِمَ بِالنَّاضِّ لَمْ يُؤَخَّرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ إذَا عَلِمَ الْحَاكِمُ بِالنَّاضِّ الَّذِي عِنْدَهُ فَإِنَّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
وَرَدَّهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ بِأَنَّهُ بَعْدَ حُكْمِ الْحَاكِمِ يَأْخُذُ مَالَهُ وَقِسْمَهُ، لَا حَبْسَ، وَإِنَّمَا الْحَبْسُ قَبْلُ، فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَحُبِسَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ، أَيْ: مَنْ يَصِيرُ مُفَلَّسًا لَا إنَّهُ فُلِّسَ بِالْفِعْلِ وَرَدَّ مُحَشِّي تت بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّ كَلَامَ الشَّيْخِ صَحِيحٌ وَأَنَّهُ إنْ ثَبَتَ عُسْرُهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ لَا يُحْبَسُ بَعْدُ، وَإِلَّا حُبِسَ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَنَصُّهَا وَيَبِيعُ الْإِمَامُ مَا ظَهَرَ لَهُ مِنْ مَالٍ فَيَتَوَزَّعُهُ غُرَمَاؤُهُ وَيُحْبَسُ فِيمَا بَقِيَ إنْ تَبَيَّنَ لَدَدُهُ، أَوْ اُتُّهِمَ اهـ.
(قَوْلُهُ: بِحَمِيلِ الْمَالِ) ، أَيْ: وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ بِالْوَجْهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَهَلْ قَوْلَاهُمَا خِلَافٌ، أَوْ وِفَاقٌ فَيُحْمَلُ قَوْلُ سَحْنُونَ عَلَى الْمُلِدِّ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَلَى غَيْرِهِ (قَوْلُهُ: أَوْ بِالْوَجْهِ) ، أَيْ: وَيَكْفِي حَمِيلٌ بِالْوَجْهِ (قَوْلُهُ: وَظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ يَظُنُّ إلَخْ) فِيهِ شَيْءٌ بَلْ مَحَلُّ الْقَوْلَيْنِ إذَا لَمْ يَكُنْ الْغَرِيمُ مِمَّنْ يُظَنُّ بِهِ كَتْمُ الْمَالِ كَمَا قَيَّدَ بِهِ اللَّخْمِيُّ، وَإِلَّا غَرِمَ وَلَوْ أَثْبَتَ عَدَمَهُ بِاتِّفَاقِ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ حِينَئِذٍ مِنْ تَمَامِ النِّصَابِ (قَوْلُهُ:، وَالْمَشْهُورُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ إلَخْ) هُوَ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَعَارَضَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ وَاللَّخْمِيِّ يُقَدَّمُ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ (قَوْلُهُ: مَلَاؤُهُ) يَجِبُ قِرَاءَتُهُ بِالْمَدِّ، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ مَعَ الْهَمْزِ فَهُوَ الْجَمَاعَةُ، وَأَمَّا بِالْقَصْرِ بِلَا هَمْزٍ فَالْأَرْضُ الْمُتَّسِعَةُ (قَوْلُهُ: إنْ تَفَالَسَ) ، أَيْ: وَلَمْ يَعُدْ بِالْقَضَاءِ وَلَمْ يَسْأَلْ الصَّبْرَ لِثُبُوتِ عُسْرِهِ بِحَمِيلٍ، وَإِلَّا أُجِيبَ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْخِلَافُ (قَوْلُهُ: وَلَهُ خَدَمٌ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِشَرْطٍ (قَوْلُهُ: وَالثَّلَاثَةُ، وَالْخَمْسَةُ) لَا شَكَّ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ لِمَالِكٍ وَلِسَحْنُونٍ يَوْمَانِ فَقَطْ (أَقُولُ) وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُ تت اعْتِمَادُهُ وَرَجَّحَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ قَوْلَ مَالِكٍ، وَلَكِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِاعْتِمَادِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَّا بِنَصٍّ قَوِيٍّ يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا سُجِنَ) وَأُجْرَةُ السِّجْنِ عَلَى طَالِبِ الْحَقِّ كَمَا فِي شَرْحِ الْعَاصِمِيَّةِ وَلَوْ قِيلَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَعَلَى الطَّالِبِ إلَّا أَنْ يَلَدَّ الْمَطْلُوبُ فَعَلَيْهِ مَا بَعْدُ وَبِنَحْوِهِ فِي أُجْرَةِ الْعَوْنِ، أَيْ: الرَّسُولِ صَرَّحَ ابْنُ عَاصِمٍ (قَوْلُهُ: كَمَعْلُومِ الْمَلَاءِ) مَثَّلُوهُ بِمَنْ يَأْخُذُ أَمْوَالَ النَّاسِ وَيَقْصِدُ بِهَا التِّجَارَةَ، ثُمَّ يَدَّعِي ذَهَابَهَا وَلَمْ يَظْهَرْ مَا يُصَدِّقُهُ مِنْ احْتِرَاقِ الْمَحَلِّ أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ نَحْوِهَا فَيُحْبَسُ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَمْوَالَ النَّاسِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا عَرَضَ لَهُ) ، أَيْ: لَا عَرَضَ لَهُ ثَابِتٌ نَقُولُ: وَمِثْلُهُ ظَاهِرُ الْمَلَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ عَرَضٌ ثَابِتٌ لَكَانَ مَعْلُومَ الْمَلَاءِ فَالْأَحْسَنُ التَّعْمِيمُ فَنَقُولُ لِبَيْعِ عَرَضِهِ، أَيْ: بِحَسَبِ مَا ادَّعَى وَهَذَا لَا يُنَافِي كَوْنَهُ مَجْهُولَ الْحَالِ، أَوْ ظَاهِرَ الْمَلَاءِ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَأَمَّا مَعْلُومُ النَّاضِّ فَلَا يُؤَخَّرُ لِبَيْعِ عَرَضِهِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَحْلِفُ إلَخْ) أَقُولُ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ هَذَا الْخِلَافَ جَارٍ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَيْمَانِ التُّهَمِ كَمَا قَالُوا وَمَحَلُّ هَذَا التَّرَدُّدِ مَا لَمْ يُحَقِّقْ عَلَيْهِ الدَّعْوَى، وَإِلَّا يَحْلِفُ مِنْ غَيْرِ تَرَدُّدٍ وَهُنَا طَرِيقَةٌ ثَالِثَةٌ تَفْصِلُ بَيْنَ التَّاجِرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُفَلَّسًا) الْوَاوُ لِلْحَالِ لِمُوَافَقَتِهِ أَوَّلَ