للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَاتَ مِنْهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَكَلَّمَ فِيهَا عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ مِنْ الْمَرِيضِ عَنْ جُرْحِهِ عَمْدًا وَمَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَا مِنْ الْجُرْحِ أَنَّ الصُّلْحَ جَائِزٌ لَازِمٌ فَلَا يُقَالُ هَذَا صُلْحٌ وَقَعَ مِنْ الْمَرِيضِ فَيُنْظَرُ فِيهِ هَلْ فِيهِ مُحَابَاةٌ أَمْ لَا وَلَا مَفْهُومَ لِرِجْلٍ وَلَا لِجُرْحٍ أَيْ وَإِنْ وَجَبَ عَلَى جَانٍ جِنَايَةٌ عَمْدًا قَوْلُهُ لِمَرِيضٍ كَانَ الْمَرَضُ سَابِقًا عَلَى الْجُرْحِ أَوْ مُتَأَخِّرًا عَنْهُ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مَاتَ مِنْ الْمَرَضِ وَنُسْخَةُ عَمْدًا بِالنَّصْبِ صَحِيحَةٌ إمَّا عَلَى الْحَالِ أَوْ التَّمْيِيزِ وَسَوَّغَ مَجِيءَ الْحَالِ مِنْ النَّكِرَةِ وُقُوعُ النَّكِرَةِ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّفْيَ بِجَامِعِ عَدَمِ التَّحْقِيقِ وَقَوْلُهُ فِي مَرَضِهِ أَيْ فِي زَمَنِ مَرَضِهِ وَقَوْلُهُ ثُمَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ مِنْ سَبَبِيَّةٌ أَيْ بِسَبَبِ مَرَضِهِ أَيْ كَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ مَرَضَهُ لَا الْجُرْحَ فَلَيْسَ فِي كَلَامِهِ إجْمَالٌ وَالْإِجْمَالُ مَبْنِيٌّ عَلَى جَعْلِ مِنْ ظَرْفِيَّةً

(ص) وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلِيَّيْنِ فَلِلْآخَرِ الدُّخُولُ مَعَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ وَلِيَّيْ الْمَقْتُولِ إذَا صَالَحَ الْجَانِيَ بِعَيْنٍ أَوْ بِعَرْضٍ فَإِنَّ لِلْآخَرِ الْخِيَارُ إنْ شَاءَ دَخَلَ مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ فَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فَإِنَّهُ يَأْخُذُ نِصْفَ مَا صَالَحَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُ فَلَهُ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجِرَاحِ وَانْظُرْ إذَا دَخَلَ مَعَهُ صَاحِبُهُ وَأَخَذَ نِصْفَ مَا صَالَحَ بِهِ هَلْ لَهُ أَوْ لِصَاحِبِهِ بَعْدَ ذَلِكَ مُطَالَبَةٌ عَلَى الْجَارِحِ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ أَوْ بِشَيْءٍ بِدَلِيلِ مَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِنْ صَالَحَ عَلَى عَشَرَةٍ مِنْ خَمْسِينِهِ فَلِلْآخَرِ إسْلَامُهَا إلَخْ أَوْ لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا قِبَلَ الْجَارِحِ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجَارِحِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى الْجَارِحِ وَفَرْقٌ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْمُسْتَدِلَّ بِهَا أَصْلُهَا مَالٌ مُعَيَّنٌ بَيْنَهُمَا مِنْ شَرِكَةٍ أَوْ إرْثٍ وَنَحْوِهِمَا فَدُخُولُ أَحَدِهِمَا مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ لَا يَمْنَعُهُ أَنْ يَرْجِعَ بِبَقِيَّةِ حَقِّهِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَصْلُ فِيهَا الْقَوَدُ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُهَا مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ سَقَطَ الْقَوَدُ عَنْ الْجَانِي فَلَا رُجُوعَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ بِشَيْءٍ.

(ص) وَسَقَطَ الْقَتْلُ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا صَالَحَ أَحَدُ الْوَلِيَّيْنِ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَسْقُطُ عَنْ الْجَانِي وَسَوَاءٌ دَخَلَ مَعَهُ صَاحِبُهُ فِيمَا صَالَحَ بِهِ أَمْ لَا لِأَنَّ صُلْحَ أَحَدِهِمَا كَعَفْوِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي بَابِ الْجِرَاحِ وَسَقَطَ إنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي ثُمَّ شَبَّهَ فِي سُقُوطِ الْقَتْلِ قَوْلَهُ (ص) كَدَعْوَاك صُلْحَهُ فَأَنْكَرَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَا إذَا لَمْ يَقَعْ صُلْحٌ فَيُقْسِمُ الْأَوْلِيَاءُ وَيَقْتُلُونَ.

(قَوْلُهُ أَيْ بِسَبَبِ مَرَضِهِ) وَلِذَا قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ مِنْ مَرَضِهِ أَيْ لَا بِسَبَبِ الْجُرْحِ وَالْأَصْلُ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ الْمَرَضِ عِنْدَ الشَّكِّ فِي عب رَدُّهُ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا تَحَقَّقَ أَنَّ مَوْتَهُ مِنْ مَرَضِهِ لَمْ يَأْتِ قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ أَيْ وَمِنْ بِمَعْنَى فِي وَمَحَلُّ التَّأْوِيلَيْنِ فِي عَمْدٍ فِيهِ قِصَاصٌ وَأَمَّا فِي خَطَأٍ أَوْ عَمْدٍ لَا قِصَاصَ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنْ الْمَتَالِفِ فَيَمْتَنِعُ الصُّلْحُ عَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ حِينَ الْمَرَضِ اتِّفَاقًا فَإِنْ وَقَعَ عَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ دُونَ الْمَوْتِ فَفِي جَوَازِهِ قَوْلَانِ إنْ كَانَ فِيهِ أَيْ الْجُرْحِ شَيْءٌ مُقَدَّرٌ وَإِلَّا لَمْ يُصَالِحْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ بُرْئِهِ ثُمَّ إنَّ ظَاهِرَ تَقْرِيرِ شَارِحِنَا مُشْكِلٌ حَيْثُ أَفَادَ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْأَوَّلِ لَازِمٌ وَلَوْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ وَكَذَا عَلَى الثَّانِي إذَا وَقَعَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ وَالْفَرْضُ أَنَّهُ مَاتَ وَلِذَا قَالَ الْحَطَّابُ وَلَيْسَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مُعَارِضَةً لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لِأَنَّ الْأُولَى وَقَعَ الصُّلْحُ فِيهَا عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ نَزَا وَمَاتَ مِنْهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَكَلَّمَ فِيهَا عَلَى أَنَّ الصُّلْحَ إذَا وَقَعَ مِنْ الْمَرِيضِ فَيُنْظَرُ فِيهِ هَلْ فِيهِ مُحَابَاةٌ أَمْ لَا فَعَلَى التَّأْوِيلِ الْأَوَّلِ يَجُوزُ الصُّلْحُ مُطْلَقًا إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ فَالْحُكْمُ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ إنَّ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَزِمَ الصُّلْحُ وَإِنْ نَزَا فِيهِ وَمَاتَ مِنْهُ فَكَمَا تَقَدَّمَ وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ لَزِمَ الصُّلْحُ وَإِنْ نَزَا مِنْهُ وَمَاتَ فَلَا كَلَامَ لِلْأَوْلِيَاءِ.

وَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا التَّأْوِيلِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ ثُمَّ نَزَا مِنْهُ وَمَاتَ أَنَّ الصُّلْحَ لَازِمٌ لِلْوَرَثَةِ إذْ لَمْ يَقُلْ بِذَلِكَ أَحَدٌ فِيمَا عَلِمْت وَعَلَى التَّأْوِيلِ الثَّانِي إنْ وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ جَازَ وَإِنْ مَاتَ مِنْ مَرَضِهِ لَزِمَ الصُّلْحُ لِلْوَرَثَةِ.

وَإِنْ نَزَا الْجُرْحُ فَمَاتَ فَالْحُكْمُ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ وَعَلَى مَا يَئُولُ إلَيْهِ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ يُعْمَلُ فِيهِ بِمُقْتَضَى الْحُكْمِ لَوْ لَمْ يَكُنْ صُلْحٌ انْتَهَى وَقَالَ مُحَشِّي تت قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَبَ إلَخْ هَذَا لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمَرَضُ هُنَا مِنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ بِخِلَافِ الَّتِي قَبْلَهَا صَالَحَهُ بَعْدَ الْبُرْءِ ثُمَّ نَزَا جُرْحُهُ، خِلَافُ تَقْرِيرِ ح وَس وَج أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ غَيْرِ الْجُرْحِ وَمَا قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَئِمَّةِ وَهُوَ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّ كَلَامَ الْحَطَّابِ يُوَافِقُ شَارِحَنَا مِنْ أَنَّ الْمَوْتَ مِنْ الْمَرَضِ الَّذِي لَمْ يَنْشَأْ مِنْ الْجُرْحِ ثُمَّ قَالَ مُحَشِّي تت ثُمَّ عَلَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقُلْنَا إنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ مِنْ أَنَّ الْمَرَضَ مِنْ الْجُرْحِ وَإِنْ مَاتَ مِنْهُ يَجُوزُ الصُّلْحُ وَيَلْزَمُ كَمَا هُوَ نَصُّهَا وَنَصُّ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ يَشْكُلُ تَأْوِيلُ الْأَكْثَرِ أَنَّ الصُّلْحَ عَلَى الْجُرْحِ فَقَطْ كَيْفَ يَلْزَمُ مَعَ أَنَّهُ آلَ الْأَمْرُ إلَى خِلَافِ مَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَيْهِ وَيُنَاقِضُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَخْيِيرِ الْأَوْلِيَاءِ فِيمَا إذَا نَزَا الْجُرْحُ فَمَاتَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ صَالَحَ إلَخْ) سَوَاءٌ صَالَحَ عَنْ نَصِيبِهِ فَقَطْ أَوْ عَنْ جَمِيعِ الدَّمِ كَانَ الصُّلْحُ عَنْ نَصِيبِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَنُوبُهُ مِنْ الدِّيَةِ أَوْ بِمِثْلِهِ أَوْ بِأَقَلَّ مِنْهُ كَأَنْ صَالَحَ عَنْ جَمِيعِ الدَّمِ بِمِثْلِ الدِّيَةِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَحَدُ وَلِيَّيْنِ أَيْ بِشَرْطِ التَّسَاوِي فِي الْعَدَدِ كَابْنَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ مَثَلًا (قَوْلُهُ كَمَا يَأْتِي فِي بَابِ الْجِرَاحِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْآتِيَ فِي بَابِ الْجِرَاحِ عِنْدَ الْعَفْوِ لَا عِنْدَ الصُّلْحِ أَيْ فَيُجَابُ بِأَنَّهُ جَعَلَ مِثْلَ الْعَفْوِ الصُّلْحَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ عِنْدَ ثُبُوتِ الدَّمِ بِالْإِقْرَارِ أَوْ الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ مُتَعَيِّنٌ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لِوَلِيِّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَنْ يُلْزِمَ الْجَانِيَ شَيْئًا مِنْ الْمَالِ فَإِذَا دَفَعَ شَيْئًا فَهُوَ بِاخْتِيَارِهِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ فَإِذَا دَخَلَ أَحَدُهُمَا سَقَطَ الْقَوَدُ) فِيهِ شَيْءٌ لِأَنَّ سُقُوطَ الْقَوَدِ حَاصِلٌ بِمُجَرَّدِ الصُّلْحِ وَقَدْ يُقَالُ قَدْ قُلْتُمْ إذَا عَفَا الْبَعْضُ سَقَطَ الْقَتْلُ وَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ دِيَةِ عَمْدٍ وَقَدْ قِسْتُمْ الصُّلْحَ عَلَى الْعَفْوِ كَمَا يَتَبَيَّنُ فَيَظْهَرُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ النَّصِيبَ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ صَارَ مُتَقَرِّرًا عِنْدَ الصُّلْحِ أَوْ الْعَفْوِ وَحَيْثُ كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَمْنَعُ الَّذِي لَمْ يُصَالِحْ أَنَّهُ إذَا دَخَلَ مَعَ مَنْ صَالَحَ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>