للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَلِيَّ إذَا ادَّعَى عَلَى الْجَانِي عَمْدًا أَنَّهُ صَالَحَهُ عَلَى قَدْرٍ مَعْلُومٍ فَأَنْكَرَ الْجَانِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْقَتْلَ يَسْقُطُ وَكَذَا الْمَالُ إنْ حَلَفَ الْجَانِي فَإِنْ نَكَلَ يَحْلِفُ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ وَيَسْتَحِقُّ الْمَالَ وَإِنَّمَا سَقَطَ الْقَتْلُ وَالْمَالُ لِأَنَّ دَعْوَاهُ أَثْبَتَتْ أَمْرَيْنِ إقْرَارَهُ عَلَى نَفْسِهِ بِأَنَّهُ لَا يَقْتَصُّ مِنْهُ وَأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ مَالًا عَلَى الْجَانِي فَيُؤْخَذُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يَعْمَلْ بِدَعْوَاهُ عَلَى الْجَانِي.

(ص) وَإِنْ صَالَحَ مُقِرٌّ بِخَطَأٍ بِمَالِهِ لَزِمَهُ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ مَا دَفَعَ تَأْوِيلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَقَرَّ بِقَتْلِ شَخْصٍ خَطَأً فَصَالَحَ عَنْ ذَلِكَ بِمَالٍ مِنْ عِنْدِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ فَقَوْلُهُ بِخَطَأٍ مُتَعَلِّقٌ بِمُقِرٍّ وَبِمَالِهِ مُتَعَلِّقٌ بِصَالَحَ وَهَلْ يَلْزَمُهُ فِيمَا دَفَعَ وَمَا لَمْ يَدْفَعْ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ حَكَاهُ عِيَاضٌ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُقِرِّ بِقَتْلِ الْخَطَأِ إنَّهُ عَلَى الْمُقِرِّ فِي مَالِهِ فَنُزِّلَ صُلْحُهُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ حَاكِمٍ حَكَمَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ فَلَا يُنْقَضُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ أَوْ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا دَفَعَ دُونَ مَا لَمْ يَدْفَعْ وَهُوَ تَأْوِيلُ ابْنُ مُحْرِزٍ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ تَحْمِلُ الْإِقْرَارَ بِالْقَتْلِ خَطَأً لَكِنْ إنَّمَا لَزِمَهُ مَا دَفَعَ لِأَجْلِ الْقَبْضِ فِيهِ لِأَنَّ لِلْقَبْضِ عَلَى وَجْهِ التَّأْوِيلِ أَثَرًا فِيمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَوْنَ مَا بُنِيَ عَلَيْهِ خِلَافُ الْمَذْهَبِ لَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَبْنِيَّ كَذَلِكَ فَقَدْ يَبْنُونَ مَشْهُورًا عَلَى ضَعِيفٍ.

(ص) لَا إنْ ثَبَتَ وَجَهِلَ لُزُومَهُ وَحَلَفَ وَرُدَّ إنْ طَلَبَ بِهِ مُطْلَقًا أَوْ طَلَبَهُ وَوَجَدَهُ (ش) هَذَا مُخْرَجٌ مِنْ قَوْلِهِ لَزِمَهُ يَعْنِي أَنَّ الْقَتْلَ خَطَأً إذَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ وَجَهِلَ الْقَاتِلُ لُزُومَ الدِّيَةِ لِلْعَاقِلَةِ وَظَنَّ أَنَّهَا تَلْزَمُهُ فَنَجَّمُوهَا عَلَيْهِ وَدَفَعَ لَهُمْ بَعْضَهَا ثُمَّ قَالَ ظَنَنْت أَنَّ الدِّيَةَ تَلْزَمُنِي فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَهَا لَهُ وَحِينَئِذٍ يُنْظَرُ هَلْ كَانَ طَالِبًا لِلصُّلْحِ أَوْ مَطْلُوبًا فَإِنْ كَانَ مَطْلُوبًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا دَفَعَ عَلَى مَنْ أَخَذَ مِنْهُ كَانَ قَائِمًا أَوْ فَائِتًا وَيَرُدُّ قِيمَتَهُ أَوْ مِثْلَهُ لِأَنَّهُ كَالْمَغْلُوبِ عَلَى الصُّلْحِ وَإِنْ كَانَ هُوَ الَّذِي طَلَبَ الصُّلْحَ فَإِنَّهُ يَرُدُّ إلَيْهِ الْمَالَ الْمَوْجُودَ بِأَيْدِي الْأَوْلِيَاءِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا وَمَا تَلِفَ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ كَمَنْ أَثَابَ عَلَى صَدَقَةٍ وَظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا وَجَدَهُ مِمَّا أَثَابَ بِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا فَاتَ مِنْهُ وَقَوْلُهُ وَرُدَّ إنْ طَلَبَ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ يَرُدُّ مَا عَدَا حِصَّتِهِ وَأَمَّا حِصَّتُهُ فَلَا يَرُدُّهَا لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِهَا عَنْ الْعَاقِلَةِ وَلَا يُعْذَرُ بِالْجَهْلِ وَلَا يُقَالُ نَصِيبُهُ هُوَ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا مُنَجَّمًا لِأَنَّا نَقُولُ هُوَ مُتَطَوِّعٌ بِهَا مُعَجَّلَةً.

(ص) وَإِنْ صَالَحَ أَحَدُ وَلَدَيْنِ وَارِثَيْنِ وَإِنْ عَنْ إنْكَارٍ فَلِصَاحِبِهِ الدُّخُولُ (ش) يَعْنِي أَنَّ أَحَدَ الْوَارِثِينَ سَوَاءٌ كَانَا وَلَدَيْنِ أَوْ أَخَوَيْنِ أَوْ عَمَّيْنِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ إذَا صَالَحَ شَخْصًا عَنْ مَالٍ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ خَالَطَ فِيهِ مُورِثَهُ فَأَقَرَّ لَهُ بِهِ أَوْ أَنْكَرَهُ فَإِنَّ لِلْوَارِثِ الْآخَرِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَ صَاحِبِهِ فِيمَا صَالَحَ بِهِ عَنْ نَصِيبِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ عَرْضٍ وَلَهُ أَنْ لَا يَدْخُلَ مَعَهُ وَيُطَالِبَ بِحِصَّتِهِ كُلِّهَا فِي حَالَةِ الْإِقْرَارِ وَلَهُ تَرْكُهُ كُلَّهُ وَلَهُ الْمُصَالَحَةُ بِمَا دُونَ ذَلِكَ وَأَمَّا فِي حَالَةِ الْإِنْكَارِ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَمْ لَا فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا وَأَخَذَ حَقَّهُ أَوْ تَرَكَهُ أَوْ صَالَحَ بِمَا يَرَاهُ صَوَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ إلَّا الْيَمِينُ وَيَرْجِعُ الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا أَخَذَ مِنْهُ إنْ

ــ

[حاشية العدوي]

يَرْجِعَ بِالْبَاقِي وَيَرْجِعَ الْمُصَالِحُ بِاَلَّذِي أُخِذَ مِنْهُ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ نَكَلَ يَحْلِفُ مُسْتَحِقُّ الدَّمِ) فَإِنْ نَكَلَ فَلَا شَيْءَ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ.

(قَوْلُهُ أَنَّهُ عَلَى الْمُقِرِّ) أَيْ أَنَّ قَتْلَ الْخَطَأِ عَلَى الْمُقِرِّ أَيْ الْوَاجِبُ فِيهِ عَلَى الْمُقِرِّ فِي مَالِهِ (قَوْلُهُ فَنُزِّلَ صُلْحُهُ مَنْزِلَةَ إلَخْ) أَقُولُ أَيُّ بَاعِثٌ عَلَى هَذَا وَهَلَّا قَالَ أَيْ وَهَلْ يَلْزَمُهُ بِنَاءً عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْمُقِرَّ بِقَتْلِ الْخَطَأِ فِي مَالِهِ كَمَا قَالَ فِي الثَّانِي وَبَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت عب ذَكَرَ مَا ظَهَرَ لِي فَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَإِنَّهُ قَالَ وَهَلْ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا أَيْ فِيمَا دَفَعَ وَمَا لَمْ يَدْفَعْ أَوْ الْمَعْنَى سَوَاءٌ دَفَعَ جَمِيعَ مَا صَالَحَ بِهِ أَوْ بَعْضَهُ فَتَكْمُلُ عَلَيْهِ مِنْ عِنْدِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ لَا تَحْمِلُ الِاعْتِرَافَ وَهُوَ الْمَشْهُورُ انْتَهَى (قَوْلُهُ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ نُزِّلَ صُلْحُهُ أَيْ نُزِّلَ صُلْحُهُ مَنْزِلَةَ كَذَا لِكَوْنِ الْمَسْأَلَةِ ذَاتَ خِلَافٍ هَلْ الْإِقْرَارُ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ أَوْ لَا فَلَمَّا نُزِّلَ صُلْحُهُ مَنْزِلَةَ حُكْمِ الْحَاكِمِ صَارَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ دُونَ مَا لَمْ يَدْفَعْ إلَخْ) وَاَلَّذِي لَمْ يَدْفَعْهُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِقَسَامَةٍ مِنْ أَوْلِيَاءِ الْمَقْتُولِ بِنَاءً عَلَى حَمْلِ الْعَاقِلَةِ الِاعْتِرَافَ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الثَّانِيَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ مَا دَفَعَهُ قَدْرَ مَا عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ كَوْنُهُ كَوَاحِدٍ مِنْ الْعَاقِلَةِ أَوْ دُونَهُ لَكِنَّهُ يَلْزَمُهُ تَكْمِيلُهُ وَبِمَا إذَا كَانَ الْأَكْثَرُ وَلَا يُرَدُّ مِنْهُ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ وَجَهِلَ لُزُومَهُ) أَيْ تَصَوَّرَ الْمُصَالِحُ لُزُومَهُ أَيْ الْمَالِ أَيْ تَصَوَّرَ أَنَّهَا لَازِمَةٌ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ أَنَّهُ يَجْهَلُ أَيْ بِالْفِعْلِ أَوْ أَنَّ مِثْلَهُ يَجْهَلُ فَهُمَا صُورَتَانِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ) فَإِنْ نَكَلَ لَا رُجُوعَ لَهُ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ صَالَحَ مَعَ الْعِلْمِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا يَمِينُ تُهْمَةٍ (قَوْلُهُ بِمَا دَفَعَ) أَيْ بِالزَّائِدِ عَلَى حِصَّتِهِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدُ (قَوْلُهُ وَمَا تَلِفَ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْهُ) أَيْ فَلَا يُحْسَبُ لَهُ وَلَا لِلْعَاقِلَةِ مِنْهُ شَيْءٌ وَهُوَ مُقْتَضَى نَقْلِ الْمَوَّاقِ وَقِيلَ إنَّ التَّالِفَ يُحْسَبُ لَهُ وَلِلْعَاقِلَةِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَيْهِمْ بِمَا حُسِبَ لَهُ وَقِيلَ يَرْجِعُ عَلَى الْعَاقِلَةِ بِمَا حُسِبَ لَهَا وَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ فِي قَوْلِهِ أَوْ مِمَّا دَفَعَ أَوْ يَجْرِي فِيهِ الثَّانِي فَقَطْ (قَوْلُهُ كَمَنْ أَثَابَ عَلَى صَدَقَةٍ) أَيْ مَعَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنْ لَا ثَوَابَ فِي الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ هِيَ لَازِمَةٌ لَهُ بِطَرِيقِ الْأَصَالَةِ نَعَمْ هُوَ مُتَبَرِّعٌ بِتَعْجِيلِهَا.

(قَوْلُهُ فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا) الْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْإِقْرَارِ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا بَقِيَ لَهُ مِنْ تَمَامِ حَظِّهِ ثُمَّ رَجَعَ الْمُصَالِحُ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا دَفَعَ لِشَرِيكِهِ وَإِنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي الْإِنْكَارِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْغَرِيمِ بِمَا بَقِيَ إلَّا لِبَيِّنَةٍ وَإِنْ تَرَكَ الدُّخُولَ مَعَهُ فَلَهُ فِي الْإِقْرَارِ أَخْذُ جَمِيعِ حَقِّهِ وَتَرْكُهُ وَالْمُصَالَحَةُ بِمَا دُونَهُ وَأَمَّا فِي الْإِنْكَارِ فَإِنْ كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَقَامَهَا وَلَهُ فِي حَقِّهِ مَا تَقَدَّمَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَيْسَ عَلَى غَرِيمِهِ إلَّا الْيَمِينُ (قَوْلُهُ وَيَرْجِعُ الْمُصَالِحُ) أَيْ لِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الدَّاخِلُ مِنْ الْمُصَالِحِ كَمَا لَوْ اُسْتُحِقَّ شَيْءٌ مِنْ الْمُصَالَحِ بِهِ فَيَرْجِعُ الْمُصَالِحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>