فَإِذَا لَمْ يُوصِ عَلَيْهِ أَبُوهُ غَيْرَ هَذَا الْوَصِيَّ وَلَمْ يَسْتَثْنِ عَلَيْهِ شَيْئًا وَالسَّبَبُ الَّذِي لِأَجْلِهِ أَوْصَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْحَاجَةُ إلَى النَّظَرِ عَامٌّ وَجَبَ عُمُومُ الْمُسَبَّبِ وَلَا كَذَلِكَ الْوَكَالَةُ فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ قَادِرٌ عَلَى التَّصَرُّفِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِمَّا لَهُ التَّصَرُّفُ فِيهِ وَلَا بُدَّ لَهُ أَنْ يَسْتَبِدَّ بِهِ عَادَةً فَاحْتِيجَ مِنْ ذَلِكَ إلَى تَقْيِيدِ الْوَكَالَةِ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِغَيْرِهِ فَقَوْلُهُ بَلْ حَتَّى يُفَوَّضَ وَقَوْلُهُ بَعْدَ أَوْ يُعَيَّنَ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ إشَارَةٌ إلَى بَيَانِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ.
(ص) فَيَمْضِي النَّظَرُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ نَظَرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْوَكَالَةَ إذَا وَقَعَتْ مُطْلَقَةً مُفَوَّضَةً فَإِنَّهُ يَمْضِي مِنْ فِعْلِ الْوَكِيلِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ السَّدَادِ وَالنَّظَرِ إذْ الْوَكِيلُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ بِمَا فِيهِ الْحَظُّ وَالْمَصْلَحَةُ وَأَمَّا الَّذِي لَا مَصْلَحَةَ فِي فِعْلِهِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ مَعْزُولٌ عَنْهُ شَرْعًا فَلَا يَمْضِي فِعْلُهُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ أَمْضَيْت مَا كَانَ نَظَرًا وَمَا كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يَمْضِي وَالتَّعْبِيرُ بِالْإِمْضَاءِ بِالنِّسْبَةِ لِقَوْلِهِ غَيْرُ النَّظَرِ إذْ النَّظَرُ جَائِزٌ ابْتِدَاءً بِخِلَافِ غَيْرِهِ فَلَا يَحِلُّ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً وَبِعِبَارَةِ مَعْنَى مَضَى غَيْرُ النَّظَرِ أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ رَدُّهُ وَتَضْمِينُهُ وَقَوْلُهُ غَيْرُ مَنْصُوبٍ أَيْ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَأَجَزْت غَيْرَ النَّظَرِ وَالرَّفْعُ عَلَى الْحِكَايَةِ أَيْ هَذَا اللَّفْظُ مِثْلُ يُقَالُ لَهُ إبْرَاهِيمُ وَمَعْنَى كَوْنِهِ غَيْرَ نَظَرٍ أَيْ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ وَهُوَ فِي الْوَاقِعِ وَعِنْدَ الْعُقَلَاءِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ غَيْرَ نَظَرٍ عِنْدَ الْمُوَكِّلِ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ عِنْدَ جَمِيعِ النَّاسِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مُجْتَهِدًا فَأَخْطَأَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ السَّفَهَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِيهِ لِأَنَّهُ مَعْصِيَةٌ وَقَدْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ لَا فِي مَعْصِيَةٍ وَبِعِبَارَةٍ فَهِمَ الْمُؤَلِّفُ أَنَّ الْمُرَادَ بِغَيْرِ النَّظَرِ فِي كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ السَّفَهُ بِأَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ مَثَلًا فَاعْتَرَضَ وَفَهِمَ غَيْرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّظَرِ مَا فِيهِ تَنْمِيَةُ الْمَالِ وَبِغَيْرِ النَّظَرِ مَا لَا تَنْمِيَةَ فِيهِ لِلْمَالِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ أَيْ مَا أُرِيدَ بِهِ ثَوَابُ الْآخِرَةِ وَحِينَئِذٍ فَلَا اعْتِرَاضَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فَمَا قَرَّرَ بِهِ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ يُقَرِّرُ بِهِ كَلَامَهُ هُنَا وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا فَهِمَهُ الْمُؤَلِّفُ (ص) إلَّا الطَّلَاقَ وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ وَبَيْعِ دَارِ سُكْنَاهُ وَعَبْدِهِ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ مُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ وَغَيْرُ نَظَرٍ أَيْ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ نَظَرٍ فَيَمْضِي النَّظَرُ وَغَيْرُهُ إلَّا هَذِهِ الْأَرْبَعُ فَإِنَّ فِعْلَهُ لَا يَمْضِي فِيهَا إلَّا إذَا نَصَّ الْمُوَكِّلُ لِلْوَكِيلِ عَلَيْهَا بِخُصُوصِهَا قَالَ بَعْضٌ وَلَعَلَّ الْمُرَادُ بِالْعَبْدِ الَّذِي لِسَيِّدِهِ نَظَرٌ إلَيْهِ كَالتَّاجِرِ وَنَحْوِهِ أَوْ الَّذِي لَهُ مَزِيدُ خِدْمَةٍ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا يُقَوِّي غَرَضَ السَّيِّدِ فِي بَقَائِهِ عَلَى مِلْكِهِ وَإِلَّا فَمَا الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَمَةِ إنْ كَانَ الْمُرَادُ خُصُوصَ الذِّكْرِ انْتَهَى
(ص) أَوْ يُعَيَّنُ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ (ش) هَذَا قَسِيمُ قَوْلِهِ حَتَّى يُفَوَّضَ فَيُشْتَرَطُ فِي الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالنَّصِّ أَوْ الْقَرِينَةِ أَوْ الْعَادَةِ فَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُك لَمْ يُفِدْ كَمَا مَرَّ حَتَّى يُقَيِّدَهُ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِأَمْرٍ وَفَاعِلٍ (ص) وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ (ش) ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَوْ عَلَى لَفْظِ الْمُوَكِّلِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَفْظُ الْمُوَكِّلِ عَامًا فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ كَمَا إذَا قَالَ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَوَابِّي وَكَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الدَّوَابِّ فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ وَكَذَا إذَا قَالَ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ عَامٌّ فِي بَيْعِهَا فِي كُلِّ مَكَان وَزَمَانٍ فَإِذَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَجَبَ عُمُومُ الْمُسَبِّبِ) وَهُوَ التَّصَرُّفُ فِي كُلِّ شَيْءٍ
(قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَأَجَزْت غَيْرُ النَّظَرِ) أَيْ فِي صُلْبِ الْعَقْدِ (قَوْلُهُ عَلَى الْحِكَايَةِ) أَيْ حِكَايَةِ مَا صَدَرَ مِنْ الْمُوَكِّلِ وَقَوْلُهُ مِثْلُ يُقَالُ لَهُ إبْرَاهِيمُ أَيْ حِكَايَةً لِمَا وَقَعَ فِي النِّدَاءِ لَكِنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُقَالُ لَهُ حِكَايَةً ثُمَّ إنَّ كَوْنَهُ غَيْرَ حِكَايَةٍ إنَّمَا يَتَأَتَّى عَلَى قِرَاءَةِ غَيْرُ بِالرَّفْعِ وَيُلَاحِظُ صُدُورُهَا مِنْ الْمُوَكِّلِ مَرْفُوعَةً كَأَنْ يَقُولُ النَّظَرُ وَغَيْرُ نَظَرٍ قَدْ أَجَزْتهمَا (قَوْلُهُ بِأَنْ يَبِيعَ مَا يُسَاوِي إلَخْ) أَقُولُ مُفَادُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَجَزْت النَّظَرَ وَغَيْرَ النَّظَرِ وَوَقَعَ أَنَّهُ بَاعَ مَا يُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَمْضِي وَالظَّاهِرُ إمْضَاؤُهُ وَأَنَّ مُجَرَّدَ بَيْعِ السِّلْعَةِ الَّتِي تُسَاوِي مِائَةً بِخَمْسِينَ لَا يَكُونُ مَعْصِيَةً لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ إمْضَاءٌ وَالْحَاصِلُ أَنَّ تَفْسِيرَ السَّفَهِ بِذَلِكَ الْمَعْنَى لَا يَمْنَعُ الْإِمْضَاءَ حَيْثُ يَقُولُ الْمُوَكِّلُ أَجَزْت مَا كَانَ نَظَرًا وَمَا كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْهِبَةِ الَّتِي يُرَادُ بِهَا وَجْهُ الْمُعْطِي فَتَدَبَّرْ حَقَّ التَّدَبُّرِ (قَوْلُهُ وَإِنْكَاحِ بِكْرِهِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّكَاحِ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَجَازَ مُجْبِرٌ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ فَوَّضَ لَهُ أُمُورَهُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ فَإِنَّ مَا فِي بَابِ النِّكَاحِ مُخَالِفٌ لِمَا هُنَا وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ هَذَا فِي غَيْرِ الِابْنِ وَالْأَخِ وَالْجَدِّ وَأَمَّا هَؤُلَاءِ فَلَهُمْ جِهَتَانِ جِهَةُ وِلَايَةٍ فِي الْأَصْلِ وَانْضَمَّ لَهَا وَكَالَةٌ فَاغْتَفَرُوا بِخِلَافِ مَنْ عَدَاهُمْ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا نَصَّ) أَيْ وَكَذَا لَوْ أَمْضَاهَا بَعْدَ صُدُورِهَا فَقَوْلُهُ هُنَا لَا يَمْضِي أَيْ ابْتِدَاءً بَلْ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْضَاءٍ (قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ كَالْقَائِمِ بِجَمِيعِ أُمُورِهِ
(قَوْلُهُ مَعْلُومًا بِالنَّصِّ) أَيْ بِأَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُك عَلَى بَيْعِ دَوَابِّي وَقَوْلُهُ أَوْ بِالْقَرِينَةِ كَمَا إذَا قَالَ لَهُ أَتَبِيعُ دَوَابَّك فَيَقُولُ لَهُ وَكَّلْتُك فَالسُّؤَالُ قَرِينَةٌ عَلَى بَيْعِ الدَّوَابِّ فَقَوْلُهُ أَوْ بِأَمْرٍ أَيْ تَصْرِيحًا أَوْ بِالْقَرِينَةِ (قَوْلُهُ وَتَخَصَّصَ إلَخْ) لَعَلَّ هَذَا لَا يَرْجِعُ لِقَوْلِهِ حَتَّى يُفَوَّضَ بَلْ لِمَا بَعْدَهُ أَيْ فَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى الْبَيْعِ وَكَالَةً مُفَوِّضَةً وَجَرَى الْعُرْفُ بِتَخْصِيصِ الْبَيْعِ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ أَوْ بِشَيْءٍ خَاصٍّ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ ذَلِكَ الْعُرْفُ فِي حَقِّ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْعُرْفِ مَا يَشْمَلُ الْقَوْلِيَّ وَالْفِعْلِيَّ وَهَلْ يَتَصَوَّرُ مُعَارَضَةُ الْقَوْلِيِّ وَالْفِعْلِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ وَهُوَ الظَّاهِرُ كَقَوْلِهِ اشْتَرِ لِي خُبْزًا وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ فِيهِ أَنَّهُ مَا يُخْبَزُ عَلَى هَيْئَةٍ مَخْصُوصَةٍ مِنْ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ سُلْتٍ وَعُرْفُهُمْ الْفِعْلِيُّ خُبْزُ الذُّرَةِ مَثَلًا وَعَلَيْهِ فَهَلْ يُقَدَّمُ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ عَلَى الْفِعْلِيِّ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَمْ لَا اهـ.
(قَوْلُهُ بَيْعِ دَوَابِّي) هَذَا إذَا جَعَلَتْ الْإِضَافَةَ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَأَمَّا لَوْ جَعَلْتهَا لِلْجِنْسِ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُطْلَقِ (قَوْلُهُ وَكَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَخْصِيصُ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الدَّوَابِّ) هَذَا عُرْفٌ قَوْلِيٌّ وَقَوْلُهُ وَكَانَ الْعُرْفُ إنَّمَا تُبَاعُ إلَخْ هَذَا عُرْفٌ فِعْلِيٌّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute